المرصاد نت - متابعات
مع استمرار الحرب علي اليمن ازدادت الخلافات داخل مجلس التعاون الخليجي. ولم يكن هناك ما يبرر حملة القصف المستمرة والعشوائية ولم تقدم الحملة شيئا يذكر لتحسين أمن الدول المشاركة ومصداقيتها وصورتها.
وعلى نحو متزايد كان الجهد المبذول هدراً للموارد في الوقت الذي تحتاج فيه البلدان المعنية إلى التقشف فضلا عن عدد القتلى العائدين إلى بلادهم في التوابيت.
بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي رحلته الخارجية الأولى التي بدأها بالرياض. وهناك أرسلت الإدارة الأمريكية والمسؤولون السعوديون رسالة واضحة مفادها أن إيران قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة ويجب على الأمم التي تحظى بالضمير مواجهتها.
وتعرضت أجزاء من الرحلة لانتقادات شديدة في المنطقة وخارجها كما أشار بعض المراقبين إلى أن الرحلة أثارت انقساما بين الخليجيين العرب. ولا يمكن توجيه اللوم إلى ترامب بسبب هذا الانقسام فالخليجيون العرب ليسوا متحدين وكانت الاختلافات منتشرة بينهم، لكنه شجع الفصائل المتشددة في الخليج ما يفاقم التوترات الإقليمية.
وكان التعامل مع إيران دائما موضع نقاش داخل مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من أن جميع الدول في المجموعة تهدف إلى الوقوف أمام جارتهم القوية إلا أن الكل يختلف حول الكيفية. وقد دفعت المفاوضات النووية بين مجموعة الخمسة زائد واحد وإيران هذه الانقسامات إلى المقدمة.
وأدت الحرب علي اليمن إلى تعقيد الأمور. وقادت الرياض حملة تفجير في اليمن للوقوف أمام النفوذ الإيراني المتصوَّر والمتمثل في دعم الحوثيين. وكانت الرياض مقتنعة بتدخل إيران في الصراع. لكن البعض الآخر كان أقل تأكدا وذلك لأن دور إيران في الصراع ليس واضحا، والمعلومات حول الدعم الذي تقدمه للحوثيين مبالغ فيها.
ورفضت عمان الانضمام إلى التحالف الذي تقوده السعودية. فيما سعت بقية دول الخليج التي شاركت السعودية في تحالفها العسكري إثبات قدرتها على ضمان أمنها الخاص أمام تراجع الدور الأمريكي في ظل إدارة باراك أوباما في المنطقة.
لكن مع استمرار الحرب علي اليمن ازدادت الخلافات داخل مجلس التعاون الخليجي. ولم يكن هناك ما يبرر حملة القصف العسكرية المستمرة والعشوائية ولم تقدم الحملة شيئا يذكر لتحسين أمن الدول المشاركة ومصداقيتها وصورتها. وعلى نحو متزايد، كان الجهد المبذول هدراً للموارد في الوقت الذي تحتاج فيه البلدان المعنية إلى التقشف، فضلاً عن عدد القتلى العائدين إلى بلادهم في التوابيت. وقد بدأ البعض في التشكيك في هذا الجهد خاصة عندما تم تجاهل مصالحهم أو اعتبارها ثانوية بالنسبة للرياض.
وعلى سبيل المثال كانت أبوظبي مهتمة بشكل رئيس باحتواء انتشار الإسلاموية في جنوب اليمن لكن في بعض الأحيان كان هذا الهدف يتعارض مع معركة الرياض ضد الحوثيين. وفي الوقت نفسه أصبحت الإمارات على وعي متزايد بقوتها العسكرية والسياسية. وأبرز مسؤولو الإمارات مساهمتها العسكرية التي لا غنى عنها في الحملة العسكرية ضد اليمن وأصبحت دبلوماسيتها العامة أكثر نشاطًا ووضوحا.
لكن النقاش والخلافات بقيت خلف الأبواب المغلقة. ومن المفارقات أنه مع تزايد الخلافات نمت العلاقة بين الإمارات والسعودية بشكل علني حيث أشار المسؤولون السعوديون إلى أن الإماراتيين هم أقرب حلفاء لهم في المنطقة.
وفي يناير من هذا العام وخلال زيارة إلى طهران قدم أمير الكويت رسالة تحدد الشروط المسبقة للحوار مع إيران والتي أقرتها دول مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك المملكة السعودية. وطالب العرض الكويتي طهران بالانسحاب من الشؤون العربية. وقد ردت طهران بشكل إيجابي على فكرة المحادثات لكنها قالت إن الشروط المسبقة غير مقبولة. وظهر أن المبادرة الكويتية إلى جانب نجاح المفاوضات بين طهران والرياض حول الحج في وقتٍ سابق من هذا العام تمهد الطريق لسياسة موحدة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي تشجع الحوار مع إيران.
وجاءت زيارة ترامب الأولى للمنطقة مع نمو هذه المناقشات. ومن جانبهم أعاد الإيرانيون انتخاب الرئيس المعتدل حسن روحاني الذي دفع إلى الحوار مع جيران إيران العرب في الخليج. لكن ترامب عقد الأمور. فمع احتضانه المفتوح للفصائل الأكثر تشددا في المملكة أرسل إشارة إلى طهران بأن الولايات المتحدة لن تستجيب للتغييرات في إيران بغض النظر عن سياساتها، وستواصل سياستها المعتادة في عزل البلاد.
وقد أثار الموقف المناهض لإيران انتقادات من بعض الجهات داخل مجلس التعاون الخليجي ونسب بعضها إلى أمير قطر. وبينما نفى مسؤولون من قطر هذه التصريحات التي عزوها إلى قرصنة الوكالة الرسمية فإنها أثارت أزمة دبلوماسية بدا أنه تم الإعداد لها مسبقا.
واليوم تصل الأزمة داخل المجلس ذروتها. وفي الأسبوع الماضي قامت خمس دول عربية منها البحرين والسعودية والإمارات بقطع العلاقات مع قطر علنا متهمين إياها بـ”احتضان مختلف الجماعات الإرهابية والطائفية التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة”. وهي آخر الخطوات المبذولة في جهد طويل لعزل القطريين بما في ذلك اتهامهم بالعلاقة الودية مع إيران.
ولكي يستطيع ترامب العمل بفعالية مع حلفائه في مجلس التعاون الخليجي وإدارة التوترات مع إيران يجب على إدارته أن تفهم أن الخليجيين العرب ليسوا متحدين. وتوجد التوترات وستظل قائمة دائما حيث يعالج كل بلد مشاكله الأمنية بشكل منفرد.
وبدلا من إثارة التوترات الإقليمية واحتضان المتشددين في الرياض وعواصم الخليج الأخرى بحجة أولوية مواجهة إيران كان يجب على إدارة ترامب الاستفادة من نفوذها لتشجيع الحوار الإقليمي الذي يمكن أن يعالج بشكل أفضل الانقسامات القائمة لا أن يفاقمها.
المصدر: مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية
المزيد في هذا القسم:
- المهرة تدخـل «العصـر السعـودي»: بعـد المراكـز السلفيـة… مينـاء وثكنـات! المرصاد نت - متابعات تحت ذريعة مكافحة تهريب السلاح الى اليمن من سواحل محافظة المهرة دفعت السعودية في ديسمبر الماضي بقوات عسكرية الى مدينة الغيضة واليوم تكش...
- حملة 11 فبراير تحضيرات عالية من الثوار ,, وميثاق شرف بين المكونات المشاركة يوماً عن أخر تتزايد التحضيرات والاستعدادات للخروج الشعبي في الــ11 من فبراير القادم " الأنطلاقة الأولى لثورة الشباب اليمنية السلمية وسط هلع ورعب ي...
- تقرير : مواسم الأعياد للتكبيد لا للإستغلال .. وظروف المعارك مدرسة عسكرية متكاملة المرصاد نت - خاص مواسم الأعياد وحيل ومكر الحديث عن الهدنة لم تعد تنطلي على قيادة وشعب عرفوا مواطن التقصير التي يستغلها العدو والمرتزقة في تحقيق مكاسب على الأر...
- سيناتور أميركي: نحن مشتركون بقتل كل مدني في اليمن المرصاد نت - متابعات أعاد السيناتور الأميركي الديمقراطي ‘"كريس ميرفي’" نشر تغريدة تتحدث عن استشهاد ما لا يقل عن 20 يمنيا في قصف لتحالف العدوان الس...
- ضحايا مدنيون وتدمير منازل في غارات هيسترية لطيران العدوان على عدد من المحافظات المرصاد نت - متابعات استمر طيران العدوان السعودي الامريكي اليوم بشن غاراته الهستيرية على الأحياء والقرى والمدن اليمنية مخلفا ضجايا مدنيينن فضلا عن تسببة بتدمي...
- صراع اماراتي قطري في عدن المرصاد نت - متابعات صراع خفي يعتمل في مدينة عدن بين قطر والأجنحة المحسوبة عليها من جهة وبين الإمارات والفصائل الموالية لها من جهة أخرى. صراع يبدو أنّه سيخ...
- 3 سنوات من «العبث» في اليمن.. متى تفهم السعودية الدرس؟ المرصاد نت - متابعات عند الثانية من فجر الـ26 من آذار/ مارس الجاري ينهي العدوان على اليمن عامه الثالث فاتِحاً باباً رابعاً من الحرب والحصار و«اللا نتيجة...
- المباحثات اليمنية إلى الأردن ... وهدنة ثامنة على الطريق المرصاد نت - الأخبار تطورات سياسية تسبق الميدان في الأيام الأخيرة لإدارة باراك أوباما التي شهدت إعلان الحرب مع استمرار الضغوط الدولية الفضفاضة بشأن جرائم العد...
- ضرائب جديدة بالسعودية والخليج لتعويض خسائرهم في اليمن المرصاد نت - متابعات قالت دول مجلس التعاون الخليجي التي تشن أنظمتها عدوانا على اليمن في إشعار نشرته منظمة التجارة العالمية اليوم الاثنين إنها ستفرض رسوم...
- تحضيرات سعودية أمريكية للتصعيد وخطة جديدية من مراحل العدوان المرصاد نت - خاص يهتم العدوان السعودي الامريكي حاليا بمحاولة السيطرة على باب المندب والساحل الغربي لليمن كأولوية له كهدية قبل وصول الرئيس الامريكي المنتخب ترا...