المرصاد نت - رشيد الحداد
بعد عشرة أشهر من الجمود عقب تعرقل مشاورات السلام اليمنية في الكويت العام الماضي عاد ملف الأسرى والمعتقلين إلى الواجهة في الأسابيع القليلة الماضية وذلك في ظل انتشار تقارير عن «التعذيب الوحشي» في سجون تحالف العدوان والقوات الموالية له في اليمن
تتزاحم الملفات الإنسانية في اليمن بعد سنتين ونصف سنة من القصف والحصار تضاف إليها موجة الكوليرا الثانية التي لا تزال تتفشى وتحصد الأرواح لكنّ ملف الأسرى (الحرب) يبقى ضمن سلّم أولويات جميع اليمنيين، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية ومعتقداتهم. فلا يمر أسبوع من دون أن تشهد المحافظات مسيرات تضامنية مع الأسرى القابعين في معتقلات مختلف الأطراف المتقاتلة، المحلية منها والخارجية، فنرى النساء والأطفال في الشوارع يناشدون المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية التدخل والضغط، مدفوعين بتقارير متفرقة تؤكد تعرّض الأسرى للظلم والتعذيب، خاصة لدى الميليشيات المحلية الموالية لتحالف العدوان.
في هذا السياق قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية (الخميس) إن عدن وحضرموت الواقعتين جنوبي البلاد، والخاضعتين لسيطرة قوات الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، تشهدان حالات «احتجاز تعسفي وإخفاء قسري»، مشيرة إلى أنها وثّقت «49 حالة». كذلك أكّدت المنظمة وجود «سجون سرية، من بينها اثنان تديرهما الإمارات، وأخرى تديرها قوات أمنية يمنية مدعومة من الإمارات».
تزامن ذلك مع نشر وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية تحقيقاً استقصائياً كشفت فيه وجود شبكة سجون سرية في جنوب اليمن تديرها القوات الإماراتية، مشيرة إلى اختفاء مئات الأشخاص في تلك السجون بعد اعتقالهم تعسفاً. ونقل التقرير عن سجناء سابقين تعرضهم لـ«التعذيب الوحشي»، مشيرين إلى أنّهم كانوا يُحاصرون معصوبي الأعين بأعداد مكتظة في حاويات شحن تم تلطيخ جدرانها بالبراز على مدى أسابيع وذلك في إعادة لما كان ينقل عن أحداث معتقل غوانتنامو الأميركي الشهير.
كذلك أكّد الأسرى ممن خرجوا أنهم تعرّضوا للضرب والاعتداء الجنسي والتعذيب وصولاً إلى حد «ربط الأسير على ما يشبه آلة الشواء» وقال أحد أفراد «قوات النخبة» في حضرموت وهي قوة أمن يمنية استحدثتها الإمارات إنّ القوات الأميركية كانت على بعد «بضعة أمتار فقط»، من هذه السجون.
تأتي هذه التقارير بعد شهر واحد من إعلان وزير الخارجية في «حكومة الانقاذ»، هشام شرف، اعتزام صنعاء تقديم شكوى رسمية لدى الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والدولية بشأن «الانتهاكات الإنسانية التي يتعرض لها الأسرى على أيدي دول العدوان والميليشيات الموالية لها»، مشيراً إلى أن الأخيرة «لا تراعي أي عهود أو مواثيق دولية في هذا الشأن... ولا ترغب حتى في التوصل إلى حل».
كذلك اتهم رئيس «اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى» في صنعاء عبد القادر المرتضى «حزب الإصلاح» الإخواني بـ«ارتكاب انتهاكات جسيمة في حق الأسرى تفوق بوحشيتها تلك التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة» مؤكداً «تعرّض 95% من الأسرى المحررين من سجون الإصلاح للتعذيب النفسي والجسدي».
لم تفلح المبادرات الإنسانية التي أطلقتها حركة أنصار الله في تحريك الجمود الذي أصاب ملف الأسرى، في ظل إصرار دول العدوان على عرقلة وإجهاض عمل اللجنة المعنية بهذا الملف ورفضهم حتى فكرة إعادة فتح باب المفاوضات الذي أغلقته العام الماضي بعدما رأت في نجاحاته تهديداً حقيقياً لمشروعها التقسيمي وبادرة تقارب بين الأطراف اليمنية المتنازعة.
ومنذ بدء العدوان حتى شباط 2016، تكللت جهود المعنيين بهذا الملف بالنجاح، إذ تمّ الإفراج عن أكثر من 1066 أسيراً، لتبدأ بعد ذلك الجهود التخريبية من الرياض وأبو ظبي، وصولاً إلى حد مقاطعة الملف كلياً وتهميشه بعد توقف محادثات الكويت مطلع آب الماضي.
الموقف الخليجي في المفاوضات انعكس في النتيجة على حلفاء الداخل اليمني وأثّر في عمليات التبادل التي شهدت تراجعاً حاداً، إذ بلغ عدد الأسرى المفرج عنهم بين شباط 2016 وأيار 2017 400 فقط.
ويتّهم مصدر في «أنصار الله» السعودية بعرقلة المساعي الهادفة إلى تخفيف معاناة الآلاف من اليمنيين الأسرى مشيراً إلى إصدار المملكة في أيلول الماضي توجيهات تقضي بوقف أي تفاوض يمني ــ يمني في محافظتي مأرب والجوف الخاضعتين لسيطرة «الإصلاح».
يقول المصدر نفسه إن هذه التوجيهات «حالت دون الإفراج عن أسرى الجبهات المشتعلة في البيضاء والضالع وشبوة جنوب اليمن، باستثناء بعض الحالات النادرة»، مؤكداً أن «المقاومة الجنوبية» كانت «متجاوبة ومتعاونة في هذا الملف قبل أن تُمارس الضغوط عليها». فخلال العام الأول للعدوان أثمرت المفاوضات بين «أنصار الله» و«الحراك الجنوبي» الإفراج عن أكثر من 500 أسير في 17 كانون الأول 2015، وذلك في أكبر صفقة تبادل للأسرى في اليمن. هذه «المرونة» في التعاطي سرعان ما تبدلت عقب تدخل أبو ظبي في الملف وفرضها «الفيتو» نفسه في عدن ولحج والضالع، ليمتد بعد ذلك إلى جبهات شبوة والضالع والمخا وغيرها.
ووفق مصادر في القوات الموالية للعدوان ضغطت الإمارات على حلفائها في الداخل لعرقلة عملية تبادل شملت أكثر من 200 أسير كانت مقررة في 14 تشرين الأول الماضي، وهددت باستهداف موكب الأسرى الذي تعرض بالفعل لهجوم من جماعة «أبو العباس» السلفية المسلحة الموالية لأبو ظبي في تعز.
وفي ظل تعنّت الطرف الآخر ولا سيما بعد إطلاق قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي عشية الذكرى الثانية للعدوان في آذار مبادرة إنسانية شاملة لتحرير جميع الأسرى نتج منها تحرير قرابة 500 أسير «غرّر بهم للمشاركة في الأعمال العدائية إلى جانب التحالف» عادت الحركة إلى الخيار العسكري وهو «الأقل تحبيذاً» نظراً إلى خطورته. ففي الرابع من الشهر الجاري، نجحت نخبة من القوات الخاصة التابعة للحركة في اختراق مدينة لودر في محافظة أبين والإفراج عن عشرة من عناصرها كانوا قد أسروا قبل عامين.
المزيد في هذا القسم:
- الخارجية الأمريكية تمنع الوفد الوطني من العودة إلى صنعاء المرصاد نت - متابعات اتهم عضو الوفد الوطني مهدي المشاط الخارجية الأمريكية بمنع عودة الوفد الوطني إلى صنعاء. وقال المشاط في تصريح خاص أن الولايات المتحدة ال...
- «البنتاجون»: اليمن «مأساة» ونزع مخالبه «ضرورة» المرصاد نت - صلاح السقلدي موقف أمريكي لافت بدأ يتشكل بغية إيقاف الحرب في اليمن خرج هذه المرة من أروقة وزارة الدفاع الأمريكية على لسان الوزير جيمس ماتيس بعدما ا...
- تفاصيل محاولة اغتيال موظف الهلال التركي في عدن المرصاد-متابعات كشفت مصادر مطلعة اليوم الأربعاء، عن تفاصيل جديدة في محولة اغتيال موظف الهلال التركي في عدن جنوب اليمن. وقال الصحفي الجنوبي “انيس م...
- الجنوب .. ضحية الصراع الإماراتي السعودي المرصاد نت - محمد محسن الحمزي ما زالت محافظة عدن تعيش في أجواء التوتر العسكري والأمني, فالمواطنون في المحافظات الجنوبية يعيشون أياماً سوداء من قبل تحالف العدوا...
- السفير اليمني بدمشق : الحرب على اليمن من أجل تحقيق الأهداف الامريكية وحماية العدو الإسرا... المرصاد نت - متابعات قال سفير الجمهورية اليمنية بسوريا د . نايف القانص أن المبادرة الخليجية هي أساس العلة والأزمة في اليمن كونها شرعت للتدخل الخارجي وال...
- «الغزل» السعودي ــ الإماراتي: تنويم الخلافات حتى إشعار آخر المرصاد نت - لقمان عبدالله تواصل السعودية والإمارات مساعيهما للملمة ذيول أحداث عدن الأخيرة وإعادة ترتيب صفوف حلفائهما بمواجهة الجيش واللجان الشعبية مساعٍ يتهد...
- «صرخة» أممية لفك الحصار: حياة 400 ألف طفل مهددة المرصاد نت - متابعات لم تلق الآذان السعودية الصمّاء أي بال لمناشدات وبيانات ومؤتمرات المؤسسات الدولية والأممية كافة تريد «مملكة الرمال» مجزرة جماع...
- صور لمظاهرة الجمعه الموافق 2015/2/28 صور جوية لمئات الآلاف من المتظاهرين يملأون شارع الزبيري في صنعاء دعماً لمقررات الإعلان الدستوري ورفضاً لتدخلات الخارج...
- مدفعية العدو السعودي تقصف نجران المرصاد نت - متابعات قصفت مدفعية العدو السعودي السبت 2 يوليو/ تموز 2016 مناطق تابعة لنجران الواقعة على الحدود اليمنية السعودية في الوقت الذي يستمر تقدم الجيش ...
- ثوار العاصمة يدشنون مرحلة التصعيد الاخيرة والسلطة تواصل تجاهلها غضب المواطنين.. احتشد أبناء العاصمة صنعاء ومديريات المحافظة صباح اليوم الاثنين متجهين الى ساحة التغيير بالعاصمة التي انطلقت منها 3 مسيرات متفرقة في 3 اتجاهات مختلفة ...