المنظمات الدولية ودورها السلبي في اليمن

المرصاد نت - متابعات

أشار ميثاق الأمم المتحدة في المادة 57 إلى إمكانية إنشاء وكالات متخصصة بمقتضى اتفاق بين الدول. إنها منظمات دولية متخصصة تعمل تحت إشراف المجلس الاقتصادي yemen2017.8.15والاجتماعي الذي يُعتبر فرعاً رئيسياً من فروع الأمم المتحدة وهي تحقق التعاون الدولي في مجالات اقتصادية وثقافية واجتماعية فنية وإنسانية.


وقد أنشأت منظمات جديدة في القرن العشرين قبل تاريخ قيام الأمم المتحدة وبعده. نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: المعهد الدولي للزراعة (190)، والمكتب الدولي للصحة العامة (1907)، ومنظمة العمل الدولية (1919)، ومنظمة الصحة لعالمية (1947)، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (1966).
بعض المنظمات الدولية المتخصصة تتبع في أعمالها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعضها الآخر يتبع المجلس الاقتصادي والاجتماعي. وهي تتمتع بالصفة الدولية لأن عضويتها مفتوحة أمام كافة الدول، وتتخطى في نشاطاتها الأقاليم الجغرافية المحدّدة.
إلى جانب المنظمات الدولية المتخصصة، برزت المنظمات الدولية غير الحكومية، أو المنظمات الدولية ذات الطابع الأهلي، أو المنظمات الدولية التي تعمل في إطار المجتمع المدني العالمي الذي يتجاوز حدود الدول ليطاول جغرافية العالم. إنها منظمات لا تنشأ بموجب اتفاق بين الحكومات، وإنما تنشأ باتفاق بين جماعات وأفراد وهيئات من دول عدّة، بهدف زيادة التعاون الدولي والدفاع عن قيم ومباديء إنسانية. نذكر على سبيل المثال: الصليب الأحمر الدولي، الاتحاد البرلماني الدولي، الغرفة الدولية للتجارة، الاتحاد الدولي لنقابات العمال... إنها منظمات لا ترتبط بجنسية واحدة، أو إقليم واحد، لذلك تكتسب صفة العالمية .
على ذلك، لم تعد فكرة التنظيم الدولي مجسّدة بمنظمة الأمم المتحدة وحدها على رغم مركزيتها وصدارتها في هذا التنظيم. وإنما توسّعت الفكرة وصارت تشمل المنظمات الدولية المتخصصة والمنظمات الدولية غير الحكومية، هذا بالإضافة إلى المنظمات الاقليمية التي تتكامل في أعمالها على المستوى العالمي.

صعود الإقليمية
تحدّث ميثاق الأمم المتحدة في الفصل الثامن عن المنظمات الاقليمية ودورها في مساعدة الأمم المتحدة على تحقيق أهدافها. وسمح بقيام التنظيم الاقليمي شرط ألاّ يتعارض في أهدافه وأنشطته مع المنظمة الدولية الأم. وقد اضطلع هذا التنظيم في القرن العشرين بالمهمات الآتية:
1- المساهمة بتسوية النزاعات داخل الدولة، أو الإقليم، بالطرق السلمية وذلك قبل أن تُعرض هذه النزاعات على مجلس الأمن الدولي.
2- لا يستطيع التنظيم الإقليمي أن يتدخّل بالقوة لفرض حل معيّن دون إذن مسبق من مجلس الأمن.
3- هناك تكاملية بين التنظيم الدولي والتنظيم الإقليمي في كافة ميادين التعاون الدولي وعلى مختلف الأصعدة.

من أبرز التنظيمات الإقليمية الناشئة بعد الحرب العالمية الثانية: منظمة الدول الأميركية، إتحاد دول البحر الكاريبي، منظمة الوحدة الافريقية، الاتحاد الأوروبي، رابطة الدول المستقلة المكوّنة من روسيا و11 جمهورية مستقلة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، منظمة المؤتمر الإسلامي، جامعة الدول العربية، مجموعة آسيان في جنوب شرق آسيا... وقد تطوّر دور هذه المنظمات بعد الحرب الباردة نتيجة عاملين أساسيين هما:
1.    تفشّي النزاعات العرقية والقومية والحدودية  الإقليمية في غير منطقة من العالم، وبروز الحاجة الدولية لمعالجتها وتسويتها بالطرق السلمية من خلال الأدوار الممكنة التي تقوم بها المنظمات الإقليمية.
2.    مع ثورة المعلوماتية، وازدياد التنافس الاقتصادي، راحت الدول تتكتّل إقليمياً بغية مواجهة التحديات الجديدة حفاظاً على معدّلات التنمية، وتوخياً لمزيد من النمو الاقتصادي والاجتماعي.

المنظمة الدولية وتاريخها السلبي
لم تخفِ الإدارة الأميركية سياستها بعد الحرب الباردة والهادفة إلى التأثير في قرارات الأمم المتحدة. ولقد اتسمت إدارة الأزمات الدولية في مرحلة صعود القوة الأميركية إلى مستوى قيادة النظام العالمي باحتواء تحرّك الأمم المتحدة إلى حدٍ بعيد. يمكن ملاحظة الضغوط الأميركية على مجلس الأمن الدولي في قضايا حسّاسة على صعيد السلم والأمن الدوليين مثل: حرب الخليج الثانية في شباط 1991 والموقف من حصار العراق. أزمة الشرق الأوسط لجهة عدم تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بانسحاب اسرائيل من الأراضي العربية المحتلة. حصار ليبيا بعد نشوء أزمة لوكربي. التدخّل الأميركي في هايتي تحت شعار حماية النظام الديمقراطي...تدمير سوريا في تحالف دولي لما يقارب الست سنوات، ويمكن ملاحظة ضغط فرنسي آخر على الأمم المتحدة في قضية رواندا (منطقة البحيرات) وأيضا العدوان الفرنسي والتدخل في ليبيا والذي عكس أجواء محمومة من التنافس الفرنسي  الأميركي في القارة الأفريقية ومؤخرا الصمت الدولي المريب في اليمن والخنوع لماكينة البترودولار السعودي والخليجي.

من المؤكد أن التصرفات الدولية الحالية للدول الكبرى الأعضاء في الأمم المتحدة ما هي إلا انعكاسا للتطورات الدولية الراهنة التي يمر بها المجتمع الدولي في الوقت الراهن والتي تدل دلالة واضحة على انفراط العقد الدولي وجنوح الأعضاء في التنظيم الدولي الحالي إلى التحلل من القيم والمبادئ الدولية الراسخة التي أرساها ميثاق الأمم المتحدة والأعراف والأخلاق الدولية والتي حضت على السلام بدلا من الحرب وعملت جاهدة على إنماء العلاقات الودية بين الأمم وتحقيق التعاون الدولي في مختلف المجالات وصولا إلى تحقيق غايتين أولهما حماية الأمن القومي الدولي وثانيهما تحقيق الرفاهية لجميع شعوب في العالم.
وتجلى المسلك الدولي الخاطئ والرافض للقيم والمبادئ الدولية في انتشار جرائم الإرهاب الدولي والتدخل في الشؤون الداخلية لكثير من الدول بالمخالفة لنص المادة 712 من الميثاق والتي حرمت التدخل حتى على المنظمة الدولية في الشؤون الداخلية للدول، وكذلك جرائم العدوان والاحتلال الحربي غير المشروع والمخالف لقواعد القانون الدولي وللمواثيق والأعراف الدولية مما كان له أكبر الأثر في أداء المنظمة الدولية على المستوى الدولي في عرقلتها وإعاقتها عن أداء مهامها وتحقيق أهدافها ومبادئها التي قامت من أجل تحقيقها، مما كان له عظيم الأثر في إلغاء الأمم المتحدة وذلك لعدم فاعليتها على المستوى الدولي ولعجزها عن حفظ السلم والأمن الدوليين وتحقيق رفاهية الشعوب، وسوف نعمل على تبين أثر التطورات الراهنة على الأمم المتحدة ودورها في حفظ السلم الدولي، ثم مدى نجاحها أو فشلها في تحقيق السلم والأمن الدولي

السياق اليمني
وفي الحالة اليمنية نجد ان هنالك تحيز واضح وجلي لأغلب المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية وتحملها أجندات سياسية، وتأديتها أدوارا سلبية في المنطقة.
الامر الذي زعزعة ثقة المجتمع اليمني والعالم بالمنظمات الدولية ومنظمات الامم المتحدة، بسبب الدور السلبي للأمم المتحدة بخصوص الأزمة اليمنية، وتحولت المنظمة الدولية إلى أداة لتكريس العدوان، بغرض جعله أمراً واقعاً، بسبب عدم اتخاذ أي قرار حاسم لوقف الحرب وإنقاذ الانسانية في اليمن من جور العدوان، مما أفقد الأمم المتحدة مصداقيتها في التعاطي الإيجابي مع قضايا الشعوب ومطالبها المشروعة.

وفي أكثر من مناسبة.. تداولت الصحف والمواقع الإخبارية، انتقادات لاذعة لمنظمات حقوقية دولية تحمل أجندات سياسية وتؤدي أدوارا سلبية، تحدث فيها حقوقيون وناشطون في مجال حقوق الإنسان عن قيام بعض المنظمات الحقوقية والمراقبة لحقوق الإنسان بأدوار سلبية وغير مهنية في المنطقة كونها تتبع أجندة سياسية تراعي مصالح الدول الكبرى وتتبنى وجهتها في التدخل في القضايا المشتعلة في العالم بشكل عام وفي اليمن خصوصا، هو مثال صارخ لتحيز هذه المنظمات الدولية – وهنا لا ننسى ما قام به الأمين العام للأمم المتحدة السابق  بان كي مون عندما شطب اسم التحالف السعودي من قائمة العار لقتل الأطفال مقابل شيك مقبول الدفع  في يونيو ٢٠١٦م. وفي بعض الأحيان نسمع بعض الأصوات الخافتة المطالبة بإدراج التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في قائمة منتهكي حقوق الأطفال او حقوق الانسان في مناطق الصراع ولكنها سرعان ما تتلاشى.

وما البيانات التي يطلقها رؤساء منظمات الامم المتحدة في اليمن الا لهدف واحد وهو تعزيز حملة جمع التبرعات للأمم المتحدة والتي تبلغ 2.1 مليار دولار كما أعلن عنها في فبراير ٢٠١٧م بحجة توفير الغذاء والمساعدات الإنسانية العاجلة لنحو 12 مليون يمني مهددين بالمجاعة، وسط تحذيرات من أن البلد على شفا المجاعة، والمضحك في الامر انهم يستجدون التحالف السعودي بتزويد طائراتهم بالوقود.. بدلا عن إلزامه بإيقاف العدوان.  
 
والخلاصة وبعد ما يقارب ثلاث سنوات من العدوان انه من الغباء بمكان الانتظار الى ان يحن قلب الامم المتحدة على اليمن وهو مالا نتوقعه بالعكس لها دور واضح وجلي في دعم العدوان وتأييده.

قراءة: عبد الغني جغمان

المزيد في هذا القسم: