عدن : إنفلات أمني وصراع وسفك الدماء .. من يتحمل المسؤولية ؟

المرصاد نت - متابعات

سلطت احداث أمنية وقعت بمدينة عدن مؤخرا ووصلت حد اندلاع اشتباكات مسلحة بين قوات موالية لهادي و قوات مواليه للإمارات الضوء على حالة الانقسام التي باتت تطبع AAdenaa2017.11.7المشهد السياسي والامني والعكسري في المدينة.


وطوال فترة  العدوان والحرب علي اليمن بدأ ان المواقف السياسية والعسكرية للقوات التابعة لهادي والامارات والمقاومة الجنوبية منسجمة إلى حد كبير قبل تتبدل المواقف لاحقا  .ورغم ان دول التحالف وبينها الإمارات أعلنت اتفاقا كاملا وتوافقا للاهداف مع حكومة هادي إلا ان التنافس الأخير الذي ظهرت ملامحه عقب العدوان والحرب بدأ يطفو على على السطح مع تملك كل طرف لعدد من المعسكرات الأمنية والعسكرية وبدأ التنافس بين الطرفين بخصوص عدد من القضايا العادية لكنه تطور لاحقا إلى صراع سياسي حاول كل طرف عزل القوى السياسية والامنية والعسكرية الخاصة بالطرف الثانية وتصاعد الخلاف بين الطرفين ليصل إلى قرار اتخذه هادي وقضى باقالة عدد من المحافظين المقربين من دولة الإمارات العربية المتحدة ليصل الصراع إلى مستوى عال من الخطورة .

وردت الإمارات على خطوات الاقالة التي اصدرها هادي بتعزيز القوات العسكرية التابعة لها على الأرض والتي تسيطر على مناطق واسعة من محافظات جنوبية وازاحة قوات تابعة لهادي من عدد من المواقع الهامة كان اخرها ميناء الزيت بمديرية البريقة بعدن وتسبب الصراع بين الطرفين بتأزيم الوضع الأمني والعسكري في عدن مؤخرا وهي المدينة التي عانت ظروفا بالغة الصعوبة بسبب العدوان والحرب وأنتشار للجماعات المسلحة والمليشيات التي تمولها قوي العدوان.

 ويقول مواطنون من أهالي المدينة ان هذا الصراع انعكس سلبا على حياتهم حيث باتت غالبية المؤسسات الحكومية غير قادرة على اداء مهامها وقبل أيام منع جنود قوة أمنية تابعة لتحالف العدوان تسيطر على مبنى إدارة المحافظة بالمعلا وكيل المحافظة احمد سالمين من الدخول إلى المبنى عقب منع سابق للمحافظ عبدالعزيز المفلحي من دخول مبنى المحافظة أو العمل بعدن .

ورغم ان مدينة عدن مرت بظروف صعبة إلا ان الظروف الحالية التي تعيشها عدن وبسبب حالة الانقسامات باتت اصعب واسوأ وحتى اليوم لاتملك مدينة كعدن قدرة إدارة شئونها فالمدينة تعاني شحا في الوقود وانقطاعات متواصلة للتيار الكهربائي وضعفا شاملا لقطاع الخدمات وان الصراع الحاصل في المدينة بين المليشيات والجماعات المسلحة الموالية للإمارات ولحكومة هادي تسبب بعجز شامل لكل الادارات ومنع المؤسسات والدوائر من اداء مهامها وخدمة المواطنيين الذي يعانون من أزمات مفتعله بسبب صراع الغزاة المحتليين والعملاء المحليين ويبدي الأهالي في عدن تخوفهم من توسع حالة الصراع والخلافات وتعمقها وصولا إلى مصادمات عسكرية قد لايمكن السيطرة عليها مستقبلا .

ويوم أمس أصيب نائب مدير أمن محافظة عدن جنوب البلاد بتفجير انتحاري استهدف موكبه في أحد شوارع المدينة ما أسفر أيضاً عن مقتل مرافقه وقال مصدر أمني إن انتحاريا بحزام ناسف "هاجم أمس الاثنين العقيد أبو مشعل الكازمي نائب مدير أمن عدن ومجموعة من العسكريين ممن قادهم لاقتحام المبنى مساء الأحد وفجر نفسه فيهم ما أسفر عن إصابة الكازمي ومقتل مرافقه وإصابة جنديين ورجح المصدر أن يكون الانتحاري تابعا لتنظيم "داعش" وكان مختبئا وتحين الفرصة فور ظهور المسؤول الأمني ليفجر نفسه وسطهم.

الي ذلك عززت القوات الأمنية االتي تتولى حماية مطار عدن الدولي اجراءاتها الأمنية وانتشرت قوات أمنية في محيط المطار فيما تم تعزيز السواتر والحواجز الأمنية وأغلقت عدد من الطرقات في محيط مطار عدن الدولي فيما قال مجندون في قوة حماية المطار أن تلك الاجراءات تأتي لمواجهة أي خطر من قبل الجماعات الإرهابية بعد العملية التي استهدفت مبنى البحث الجنائي.

وكانت جماعة إرهابية هاجمت مبنى البحث الجنائي بخورمكسر بسيارة مفخخة قبل أعقبها هجوما شنه مسلحون وسيطروا من خلاله على المبنى وادت العملية الى استشهاد 46 شخصا من رجال الأمن والمواطنين فيما أصيب 47 آخرين وتعيش عدن والمحافظات الجنوبية فوضى أمنية عارمة منذ احتلالها من قبل قوات الغزو والعدوان السعودي الإماراتي منذ أكثر من عامين ونصف.

وأثار الهجوم الدموي الذي نفذه مسلحو تنظيم «الدولة الإسلامية» على مبنى البحث الجنائي في مديرية خورمكسر بمدينة عدن الأحد الماضي وأدى إلى سقوط أكثر من ثلاثين قتيلاً وأربعين جريحاً قراءات متفاوتة في الوسطين السياسي والإعلامي الجنوبي واختلفت الآراء في من يتحمل مسؤولية تمكن العناصر الإرهابية من اقتحام المبنى بثلاث سيارات محملة بعشرات المقاتلين المدججين بالسلاح. بعضها ألقى باللوم على حكومة الرياض فيما حمل بعضها الآخر التشكيلات الأمنية التي تدعمها الإمارات مسؤولية التقصير في اتخاذ إجراءات أمنية احترازية من أجل إحباط العملية قبل وقوعها.

حكومة هادي سارعت عقب اليوم الدامي إلى تسريب برقية صادرة عن مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة فحواها تعميم إلى كل الدوائر العسكرية والأمنية في عدن بتشديد الحراسات بعد توافر معلومات عن احتمال وقوع اعتداء بسيارات مفخخة في المدينة تسريب وصفته أطراف مؤيدة لـ« المجلس الانتقالي» بـ«المفبرك» قائلة إن هكذا برقية لم تصل إلى إدارة أمن عدن فيما لم تؤكد الأخيرة ولم تنفِ بشكل رسمي وصول هذه البرقية إليها.Adennn207.11.7

واعتبر الصحافي فتحي بن لزرق في منشور على صفحته في «فيس بوك»، أن «المصيبة ليست في وقوع الهجوم الانتحاري المصيبة أن القائمين على الجهاز وكافة المؤسسات الأمنية كان لديهم علم كامل بالهجوم وطريقته وأسلوبه وحتى توقيته وهنا الكارثة التي نقف أمامها مذهولين كل الانذهال». وأضاف: «ماذا سيقول البسطاء حينما يعلمون أن دائرة الاستخبارات العسكرية بصفتها دائرة استخباراتية أصدرت بلاغاً عاجلاً حذرت فيه كل المؤسسات الأمنية بعدن وعلى رأسها إدارة أمن عدن من وقوع هجوم انتحاري وشيك وكان ذلك بتاريخ 23 أكتوبر وكررت التحذير مرة أخرى قبل 4 أيام من الهجوم».

لكن صحافيين آخرين تساءلوا كيف لبرقية عسكرية أمنية أن تُسرّب إلى الصحافة ولا تصل إلى المؤسسات الأمنية وشككوا في مصداقيتها. وفي هذا الإطار كتب الصحافي أمين قنان، قائلاً: «إيش يثبت أن هذا التحذير أرسل إلى إدارة أمن عدن خصوصاً وأنه لا يحتوي على مرجع استلام موقع عليه من إدارة أمن عدن» متابعاً: «الحقيقة أن هذا التحذير من قيادة العمليات المقيمة في الرياض تم تحريره أمس في غرفة فندق بمكتب رئاسة الجمهورية وتم إرساله إلى إعلاميين موالين لبن دغر بقصد التهويل على إدارة أمن عدن فقط لا غير».
ورأى الإعلامي صلاح بن لغبر بدوره أن البرقية «موضع شك» متسائلاً: «ألا يدل علم هذه الجهة بكل تفاصيل العملية - إن صحت الورقة - أنها تعلم بباقي التفاصيل مثل توقيت العملية ومكانها ومنفذيها». وزاد: «يعني اللي بلغ بكل هذا التفاصيل معقول يكون نسي يبلغ بمكان التحضير ووقت العملية والمنفذين».

وعلى الرغم من اختلاف القراءات والتحليلات إلا أن جميعها يتفق على أن جهة لها نفوذها في مدينة عدن متورطة في الاعتداء وهو ما عبر عنه السياسي اليمني والسفير في لندن ياسين سعيد نعمان الذي وصف العملية بأنها «إرهاب بالمقاولة» لافتاً إلى أن «ما حدث يوم أمس في عدن يثير كثيراً من الأسئلة حول القوى التي تقف وراء هذه الأحداث وما إذا كانت تعمل ضمن رؤيا سياسية في إطار معادلة الصراع السياسي الذي يجتاح اليمن بأكمله أم أنها تقتحم هذا الصراع بمشروعها الخاص كقوة إرهابية مستفيدة من تداعيات الحرب».

وخلال السنوات الثلاث الماضية نفذت الجماعات الإرهابية العديد من العمليات في مدن جنوبية وأثارت تلك العمليات تساؤلات عن الجهات التي تقف خلف المنفذين. ففي أواخر مارس الماضي نفذ العشرات هجوماً مسلحاً استهدف مقر محافظة لحج في الحوطة. وطالب عقبه قائد «الحزام الأمني» في لحج هدار الشوطحي بتشكيل لجنة للتحقيق وتساءل: «كيف تم سحب العناصر الإرهابية من لحج قبل شهر وهم متورطون في عمليات اغتيالات بالمدينة وتم تدريبهم وتجهيزهم في المخا وباب المندب وعادوا لينفذوا العملية في المحافظة التي انطلقوا منها محملين بصواريخ لو الحرارية وأحزمة ناسفة».

وأبدت قيادات في عدن مراراً استغرابها من قيام «التحالف» بإطلاق سراح قيادات في تنظيم «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» من سجونه وفي حديث سابق لنائب مدير أمن عدن علي الذيب (أبو مشعل) كشف أنه «اعتقل قيادات وعناصر متورطة في اغتيالات وسلمها للتحالف وتفاجأ بإطلاق سراحهم» فيما أكد القيادي الشيخ هاني اليزيدي هو الآخر أن «التحالف» أفرج عن «قيادات لداعش وسجن أبرياء».

ويرى مراقبون أن الفشل في كشف العملية قبل وقوعها على الرغم من حالة الاستنفار السائدة في عدن وعلى الرغم كذلك من إطلاق «التحالف» والقوات الموالية له غير عملية ضد التنظيمات الإرهابية في المحافظات المجاورة لعدن إنما هو نتيجة لتعدد الأجهزة والمليشيات المسلحة المدعومة من دولة الإمارات من جهة وتلك المدعومة من حكومة هادي ومن السعودية من جهة أخرى إضافة إلى الفساد والتلاعب بالمخصصات وبيع السلاح وبحسب معلومات  فإن عدد المسجلين ضمن قوات حماية إدارة البحث يبلغ أكثر من ستة مائة عنصر فيما العدد الحقيقي لا يتجاوز ستين عنصراً.

المزيد في هذا القسم: