المرصاد نت - متابعات
عندما تأسست منظمة الأمم المتحدة وما تفرّع عنها من مؤسسات أمنية وإنسانية واقتصادية وما إلى ذلك كانت الفكرة الأساس من ذلك هي حماية المجتمع الدولي والإنسان والحق في الدول الفقيرة والضعيفة من تسلط واستبداد وجرائم الدول الكبرى القوية وكان ميثاق هذه المؤسسات هو المُوَجِّه (مبدئيا) لإدارة عملها في معالجة النزاعات في العالم بشكل عام.
ترتكب في اليمن اليوم مجازر لا توصف بحق المدنيين العزل من أطفال ونساء وبأسلحة فتاكة من المُحرّمة دوليا وفي جميع الأمكنة القريبة من ميادين المواجهات العسكرية أو البعيدة عنها ويمكن اعتبارها جرائم مقصودة ومتعمدة ضد الإنسانية بكل ما للكلمة من معنى ينفذها تحالف عربي – إقليمي – دولي (حيث هناك دور إسرائيلي أساسي فيه بالإضافة لدور دول غربية وعربية وإسلامية معروفة) بكل ثقة وراحة ومن دون أي ضغط أو تأثير سلبي أو قيود من تلك المؤسسات الدولية والتي هي أما متواطئة في ارتكاب تلك المجازر أو عاجزة عن إيقافها أو الاثنان معا وهذا الأرجح وفي الحالين تُعتبر في المفهوم القانوني وفي المفهوم الإنساني شريكة أساسية فيها.
أمام هذا الواقع الغريب الذي تقف فيه منظمة الأمم المتحدة مُتفرجة على تلك المجازر من جهة ومستسلمة للتحالف المعتدي على اليمن من جهة أخرى تمضي راعية هذا التحالف وقائدته (المملكة السعودية) قُدماً في تنفيذ هذه المجازر وكأنها (المجازر بحق المدنيين) أصبحت عنصراً أساسياً من مناورتها في هذه الحرب فهي تنفذها بطريقة تتواكب مع المواجهات الميدانية وكأنها عامل مُكمِّل لها، تناور مثلا بوحداتها العسكرية في جبهة نهم وأرحب شرق صنعاء وفي نفس الوقت تنفذ بقاذفاتها الاستراتيجية وبصواريخها الموجهة مجزرة على سوق مدني في صعدة أو مثلا تناور في جبهة الساحل الغربي في يختل والمخا، وفي نفس الوقت تستهدف تجمعا شعبيا في الحديدة أو مجلس عزاء في حجة أو احتفال عرس في تعز … الخ وهكذا تتنقل في زرع الدمار والقتل في كل مكان من دون أي رادع أنساني أو أخلاقي داخلي وبنفس الوقت من دون أي رادع قانوني دولي ومن دون أن يظهر لهذه الاستهدافات أي رابط يخدم الميدان مباشرة لناحية الدعم الجوي أو الصاروخي لمصلحة المعركة على تلك الجبهات.
التحالف يقتل المدنيين بأبشع الطرق وأكثرها وحشية والأمم المتحدة تستوعب الرأي العام وتُضيّع تأثير انتقادات بعض الجمعيات أو الأصوات الخجولة المعترضة، وذلك من خلال الوعود الكاذبة بفتح تحقيق أو الوعود الفارغة بعرض موضوع الجرائم على مؤسساتها.
من هنا يمكن الاستنتاج أن هناك مناورة مشتركة بين المجتمع الدولي ورعاته الأمريكيين من جهة وبين التحالف العسكري ضد اليمن بقيادة السعوديين من جهة أخرى بحيث أصبحت تتوزع وتتمدد وتتكاثر المجازر والجرائم ضد الإنسانية في اليمن بالتواكب مع عجز المجتمع الدولي عن وقفها وأصبحت الوقاحة الدولية في مكان نرى من خلالها أن مؤسساتها تعمل قصدا على إظهار هذا العجز والسبب هو إفهام اليمنيين أن صمودهم في الميدان لا قيمة له وأن تضحياتهم بأبنائهم وبأطفالهم وبنسائهم ستذهب هدرا وأنه لا مفر لهم من الاستسلام، لأنه حتى المجتمع الدولي هو عاجز عن مساعدتهم لوقف هذه الحرب عليهم وما عليهم إلى الإسراع لطلب التفاوض المُذلّ مع اعتراف مسبق بالشروط التي سوف تفرض عليهم.
هكذا وبعد أن أوجدت الدول الكبرى والفاجرة مخرجا لتفشيل عمل المنظمة الدولية من خلال استنباط فكرة تجمّع عدة دول يقودها رأس مدبّر تحت اسم: “تحالف” إذ رأينا نموذجا منه مثلا في سوريا: “التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب” أو مثلا آخر: “التحالف العربي لإعادة الشرعية إلى اليمن”، بحيث تجاوزت هذه الدول بذلك منظومة عمل مؤسسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن خاصة، لتفادي الاصطدام بحق النقض (الفيتو) من دول فاعلة ومعارضة لتدخلهم ولتشريع هذا التدخل في أي دولة وشنّ الحرب عليها وبعد أن أثبتت الأمم المتحدة تواطؤَها وعجزها المقصود كمناورة للضغط على الدول التي تقاوم في سبيل حقها وسيادتها، وبعد أن أصبح دور المنظمات الدولية الرسمية يتنافى بالكامل مع أسباب نشأتها ووجودها يمكننا القول وبكل وضوح، انه لم يعد من حاجة لهذه المؤسسات الدولية وإن وجودها أصبح يشكل خطرا على الشعوب الفقيرة وعلى الدول الضعيفة وإن عملها أصبح يؤثر سلبا على إحقاق الحق وعلى حماية سيادة الدول والمجتمعات بشكل عام.
شارل أبي نادر - كاتب ومحلل سياسي لبناني
المزيد في هذا القسم:
- 30 شهيداً حصيلة الغارات العدائية على سوق شعبي في نهم المرصاد نت - متابعات ارتفعت حصيلة غارات العدوان السعودي على سوق شعبي ومنازل المواطنين بقرية العذري في مديرية نهم بمحافظة صنعاء إلى ثلاثين شهيداً وجريحا. وق...
- عامان على مجزرة زفاف المخا المرصاد نت - متابعات في مثل هذا اليوم قبل عامين تحوّل حفل زفاف في مدينة المخا إلى مجزرة مروعة دفعت الرأي العام الدولي إلى رفع الصوت في وجه السعودية للمرة الأو...
- ما دلالات الحديث عن سحب آلاف الجنود السودانيين من اليمن؟ المرصاد نت - متابعات عندما أذاع المتحدث باسم الجيش السوداني بيان مشاركة بلاده في تحالف حرب اليمن مارس/آذار 2015م كان الموقف جلياً للحد الذي دفع البعض لاعتبار ...
- اليمن.. ما الذي يعنيه سيطرة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا على شبوة؟ المرصاد-متابعات بدت المعارك الأخيرة التي حسم فيها المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا سيطرته على محافظة شبوة، جنوبي شرق اليمن، معركة مؤجلة منذ أغسطس/آب 2019 بعد ...
- محمد عبدالسلام : التفاهمات مع الجانب السعودي كانت قبل مشاورات الكويت بهدف وقف الحرب بشكل ... المرصاد نت - سبأ قال الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبدالسلام إن التفاهمات التي تمت مع الجانب السعودي كانت قبل مشاورات الكويت وهذا معلوم للجميع وهدفها الدخول ...
- العدوان يواصل قصف صعدة بالقنابل العنقودية ومجلس الأمن يعقد اجتماعاً اليوم الجمعة المرصاد نت - متابعات رغم التحذيرات والمناشدات الدولية يستمر تحالف العدوان باستخدام القنابل العنقودية المحرمة دولياً مستهدفاً المدنيين في مختلف محافظات اليمن خ...
- تقرير عن "WPR" يكشف: استعدادات إماراتية لتقسيم جنوب اليمن! المرصاد نت - متابعات نشر موقع " World Politics review" (WPR) مقالاً بعنوان "هجوم الإمارات على اليمن مهّد طريق انفصال الجنوب" جاء فيه: منذ ولادة اليمن المُتحدة ...
- المؤتمر الدولي لدعم اليمن يختتم أعماله بالمطالبة باحترام سيادة وإرادة الشعب اليمني المرصاد نت - متابعات اختتم المؤتمر الدولي الأول لدعم اليمن أعماله اليوم في العاصمة البريطانية لندن بالمطالبة باحترام سيادة وإرادة الشعب اليمني وإيقاف العدو...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد اليمني المرصاد نت - متابعات شن طيران العدوان الأمريكي السعودي اليوم الاربعاء عشرات الغارات الهستيرية الجوية على عدة محافظات . حيث أكد مصدر أمني أكد أن طيران العدوان...
- بالأسماء والأرقام خسائر النظام السعودي جراء العدوان علی اليمن المرصاد نت - متابعات ذكر مصدر أن خسائر الجيش السعودي خلال الشهر الماضي بلغت اثنين وثمانين قتيلا وواحدا وأربعين جريحا ليصل بذلك إجمالي خسائره في شهري مارس وأبر...