المرصاد نت - متابعات
الإعلام السعودي الذي أطنب محمد بن سلمان في مقابلته مع "ذي اتلانتيك" الأميركية تبجّح في حديث بن سلمان بشأن حق "الشعب اليهودي" في دولة كما قال على الأراضي الفلسطينية.
ومبرر الاطناب والتبجّح بحسب تعليقات "خبراء وأكاديميين" أن ابن سلمان يتمتع بجرأة الإعلان جهاراً من دون مواربة ما يضمره الزعماء العرب فيما تبنّته الجامعة العربية باسم"المبادرة العربية للسلام".
وفي أغلب الظن أن هؤلاء "الخبراء والأكاديميين" يعقدون المقاربة مع زعيم الجبهة الوطنية الفرنسية العنصرية جان ماري لوبان، حين تعرّض لانتقادات لاذعة بسبب تسليط لسانه ضدّ المهاجرين والمسلمين فأجاب "أعبّر بصوت مرتفع ما يهدس به الآخرون في باطنهم". ولم يمحو الاعلان جهاراً الدلالة على عنصرية لوبان ضدّ حقوق المهاجرين، كما لم يمحو اعتراف محمد بن سلمان بدولة "للشعب اليهودي" في فلسطين انحيازه ضدّ حقوق الشعب الفلسطيني. فحكمة المرء في قدرته على أن يكظم غرائزه المقيتة في أحشائه وعدم إطلاق روائحها الكريهة على الملأ.
في مسعاه لدغدغة إسرائيل في ترداد عبارة "الشعب اليهودي" يظن محمد بن سلمان أنه يتقرّب من "الرأي العام الغربي" على ما يروجه بعض الجهابذة العرب ومتنفّعي بيوتات الاستشارة والخبرة في الغرب التي باتت على خطى ترامب في ابتزاز أموال النفط في السعودية والإمارات وقطر وتعطيهم من طرف اللسان حلاوة.
الرأي العام في الدول الغربية يتأثر في انحيازه إلى إسرائيل بوسائل الإعلام الغربية وبالثقافة السياسية البيضاء التي تزعم الرقي والتحضّر. لكنه لا يتقرّب ممّن يراهم عبيداً ينصاعون لأسيادهم في الاعتراف بما يستحقه الأسياد. فعلى الرغم من التسويق الدعائي في الدول الغربية "لعقلانية محمد بن سلمان" ومن بينها انحيازه لإسرائيل تبقى السعودية من أكثر دول العالم التي يمقتها الرأي العام الغربي ولا يرى فيها شبه دولة تخفّف عنها وطأة الكراهية.
اللوبي الصهيوني في أميركا لم يتلهّف لحديث محمد بن سلمان ولم يأخذه بالأحضان كما لم تتلهّف إسرائيل. فما يقدّمه بشكل مجّاني يتوجّب عليه بهدف الاقتراب من الإدارة الأميركية. وفي سرّ اللوبي واسرائيل ينبغي الاعتراف بالجميل إذ تتنازل في سماحها قبول الهدايا المجانية لعلها تضفي بعض الصدقية على بؤرة موبوءة. وقد تكون خلفية مشاعر ترامب تجاه السعودية ودول الخليج، غير بعيدة عن مشاعر اللوبي وإسرائيل في هذا الشأن.
العلاقة التي كانت قائمة بين أميركا والسعودية كانت علاقة امبراطورية بمحميتها بحسب اتفاقية روزفيلت ــ عبد العزيز "النفط مقابل الحماية". لكن ترامب قلب هذه العلاقة رأساً على عقب في نظرته للسعودية التي يراها خيمة يمكن أن تذهب هباءً منثوراً إذا اندثر منها الذهب والدنانير. ففي كتابه "نار وغضب أسرار بيت ترامب"يقول مايكل وولف أن ترامب الذي اعتمد على جاريد كوشنير في تغيير العلاقة بالسعودية "لقد هندسنا انقلاباً ووضعنا رجلنا في القمة". وتعليقاً على انقلاب العلاقة الأميركية مع المحمية السعودية يقول ديفيد هيرست "إن ترامب يدمّر الكثيرين معه".
ولا يترك ترامب مناسبة من دون الإفصاح عن سعيه لتدمير الخيمة السعودية في إفراغها من الذهب والدنانير. ففي لقائه الأخير مع محمد بن سلمان تهكّم على صفقة 525 مليون دولار من المبيعات في قوله "هذا المبلغ هو فتات بالنسبة لكم". فترامب يتطلع إلى أكثر من صفقة "خطة الاستثمار" بمبلغ 200 مليار دولار ولعله يستهين بحجم أموال السعودية لخلق 40 ألف فرصة عمل في أميركا كما أعلن إثر رقصة السيوف في الرياض.
في اتصاله مع الملك سلمان أرجأ ترامب قرار الانسحاب من سوريا، ربما بناء على تفاهم بشأن التكاليف التي تدفعها السعودية مقابل أن تشملها الإدارة الأميركية برعايتها في الوصاية على جماعات السعودية في سوريا. فترامب يتجاوز التطلع إلى النفط السعودي الذي يضعه محمد بن سلمان على طريق بورصة نيويورك. وعلى الأرجح يأمل ترامب أن تقع السعودية في الحضيض وخضوعها إلى وصايا البنك الدولي في الديون وما يسمى الإصلاحات الهيكلية.
لكن ما تتحمس له السعودية في تدمير اليمن وتبذير حوالي 1800 دولار على القتل وما تسعى إليه السعودية في هدر الثروات لشفاء الغليل ضدّ إيران والمنطقة يدل على أن السعودية تنتحر وأن ترامب يساعدها على الانتحار.
قاسم عزالدين - كاتب لبناني وباحث في الشؤون الدولية والإقليمية
المزيد في هذا القسم:
- انطلاق أعمال قمَّة مجموعة العشرين في مدينة بيونس آيرس الأرجنتينية المرصاد نت - متابعات انطقلت في بيونس آيرس اليوم أعمال قمَّة مجموعة العشرين تحت شعار «التوافق على تنمية منصفة ومستدامة» ولكن وسط أزمات وانقسامات سي...
- كولومبيا: المصادقة على اتفاق السّلام بين الحكومة وفارك المرصاد نت - متابعات صادق مجلس النواب الكولومبي مساء أمس الأربعاء على اتفاق السلام الجديد الذي وقعته حكومة الرئيس خوان مانويل سانتوس مع حركة القوات المسلحة ال...
- أنورعشقي والتطبيع السعودي الاسرئيلي : قراءة تحليلية في الخلفيات ومراحل التهيئة المرصاد نت - متابعات كشف رجل السعودية البارز في ملف العلاقات مع إسرائيل منذ وقت طويل أنور عشقي وهو مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية السعودي في حوا...
- تركة اوباما التي يرثها ترامب .. فشل في مكافحة الإرهاب وإخفاق في الشراكة المرصاد نت - متابعات عندما أتى اوباما الى البيت الأبيض في عام 2009 ظن الكثيرون بأن هناك استدارة ستشهدها السياسات الأمريكية على الصعيد الخارجي بعد ان شهد عهد ج...
- ديموقراطية إردوغان.. نهاية عسكر أتاتورك والسلطة للسُلطان! المرصاد نت - حسني مجلي عام 1997م عندما كان رئيساً لبلدية اسطنبول، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن "الديمقراطية وسيلة وليس هدفاً" بالنسبة إليه مُشبّهاً ...
- ميدانيات مصر: ما بين الصمود و الإنهاك المرصاد نت - متابعات تشهد سيناء منذ الشهر الماضي تصاعداً ملحوظاً في وتيرة العمليات الكبيرة التي عاد تنظيم داعش لتنفيذها ضد القوات الأمنية والعسكرية بعد شهور م...
- مجلس الأمن يصوّت في اقتراع سري الخميس لتعيين خلف لبان كي مون المرصاد نت - متابعات يعقد الأعضاء الـ 15 دائمو العضوية في مجلس الأمن الدولي اجتماعاً مغلقاً الخميس، لتصويت أولي بالاقتراع السري من أجل انتخاب خلف للأمين العام...
- المقاومة تدك مواقع وخط دفاع «جبهة النصرة» في عرسال المرصاد نت - متابعات واصلت قوات المقاومة "حزب الله" القصف المدفعي في تلال عرسال الواقعة في الجانب اللبناني من الحدود مع سوريا اليوم السبت مستهدفةً مواقع الاره...
- دراسة: تعاون إسرائيلي سعودي إماراتي مصري لمواجهة إيران ! المرصاد نت - متابعات قالت دراسة إسرائيلية نشرت نتائجها اليوم الخميس إن إسرائيل ترتبط بمستويات تعاون أمني واستخباري وسياسي مباشر مع كل من السعودية ومصر والأردن...
- كوريا الشمالية… سنتعامل مع واشنطن وفقا لقوانين الحرب المرصاد نت - متابعات اتهم هان سون رول رئيس قسم الشؤون الأمريكية التابع لوزارة الخارجية الكورية الشمالية الولايات المتحدة بأنها تجاوزت “الخطوط الحمراء&rd...