المرصاد نت - حسني محلي
تترقب الأسواق المالية التركية بقلق ردّ فعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على التهديدات الأخيرة لنظيره التركي رجب طيب أردوغان. تهديدات تترافق مع محاولات لطمأنة المستثمرين الأجانب واستعادة ثقتهم بوزارة المالية والخزانة
تستمرّ فصول الأزمة المتصاعدة بين تركيا والولايات المتحدة في التتابع وآخر تجلياتها تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأميركيين بمقاطعة منتجاتهم وبضائعهم بما فيها الإلكترونيات إذ قال إن لديه «بدائل من الهواتف النقالة الأميركية كسامسونغ الكورية الجنوبية وفاستال التركية». تهديدات أرخت بثقلها على الأسواق المالية التي سادتها حالة قلق وترقب رغم أن تدخل البنك المركزي لدعم السيولة النقدية أسهم في تراجع قيمة صرف الدولار.
وأشار أردوغان إلى أن بلاده تتخذ الإجراءات الضرورية في ما يتعلق بالاقتصاد مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة التمسك بموقف سياسي قوي مشيراً إلى أن تحويل الليرة إلى عملة أجنبية «يعني الاستسلام للعدو». وترافقت تصريحات الرئيس التركي مع تحسن في سعر صرف الليرة التي جرى تداولها أمس عند 6.60 ليرة للدولار بعدما تهاوت إلى أدنى مستوى على الإطلاق أول من أمس (7.24 ليرة للدولار). وعوّضت العملة التركية بعض خسائرها متأثرة إيجاباً بأنباء عن مؤتمر هاتفي سيعقده وزير المالية التركي سعياً لطمأنة المستثمرين القلقين من سيطرة أردوغان على الاقتصاد.
وهو ما حدث فعلاً إذ ألقى وزير الخزانة، براءت ألبيراق، كلمة في ندوة اقتصادية في أنقرة أكد فيها أن بلاده ستبقى ملتزمة قواعد السوق الحرة لتفعيل جميع الآليات اللازمة لمواجهة تقلبات أسعار الصرف. ورأى ألبيراق أن تركيا تتعرض لهجوم مباشر من قِبل أكبر اللاعبين في النظام المالي العالمي (في إشارة إلى الولايات المتحدة)، مضيفاً: «(إننا) سنستمر في اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الليرة في التجارة الدولية عندما يتحول الدولار إلى أداة للعقاب السياسي... وسنلحظ زيادة في قوة الليرة». وطمأن إلى أن «الإصلاحات الملموسة والفعالة لتطوير الاقتصاد التركي في الفترة القادمة ستكون أهم جزء» في إطار سياسة وزارته.
من جهته رأى وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن «زمن البلطجة يجب أن ينتهي» متابعاً أنه «إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تبقى دولة معتبرة، فلا يمكن أن يكون ذلك عبر الإملاءات». وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في أنقرة تطرق أوغلو إلى قضية القس الأميركي أندرو برانسون الذي يحاكم في تركيا بتهم من بينها «الإرهاب والتجسس» قائلاً إن القائم بأعمال السفارة الأميركية في أنقرة جيفيري هوفينير سيزور اليوم (أمس) القس برانسون الذي يخضع للإقامة الجبرية. وشدد هوفينير عقب الزيارة على ضرورة إخلاء سبيل برانسون «بأسرع ما يمكن».
وتُعَدّ قضية برانسون الفتيل الذي أشعل الأزمة بين أنقرة وواشنطن، وقد بدأت قبل نحو شهر مع تهديد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بإجراءات اقتصادية صارمة ضد تركيا، سرعان ما بدأ بتطبيقها برفع الضرائب الجمركية على صادرات الفولاذ والألومنيوم التركيين إلى الولايات المتحدة، وسط توقعات بعقوبات على الشركات والبنوك التركية التي تعاملت وتتعامل مع إيران.
وكانت العلاقات الأميركية - التركية قد بدأت تسلك مساراً متوتراً منذ تولي ترامب السلطة نهاية عام 2016، حيث أعلن «وحدات الحماية الشعبية الكردية» في سوريا حليفاً استراتيجياً لبلاده واستمرّ في تقديم كافة أنواع المساعدات العسكرية لها الأمر الذي دفع أردوغان إلى إبداء «قلقه» من موقف واشنطن التي لم تخفِ بدورها انزعاجها من التقارب التركي مع إيران وروسيا.
كذلك استنكر الجانب الأميركي الصفقة التي أبرمتها أنقرة مع موسكو لشراء منظومة الدفاعات الجوية «إس 400» الروسية ومساعيها إلى شراء طائرات «سو 57» الروسية أيضاً. وعدّت واشنطن الموقف التركي الرافض لتطبيق العقوبات الأميركية على إيران «تصرفاً يتناقض وعلاقات التحالف الاستراتيجي بين الدولتين». وعلى خط موازٍ استمر الرفض الأميركي للمطالب التركية بتسليم الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة لأنقرة، التي تحمّل أتباعه وانصاره المسؤولية عن محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/ يوليو 2016.
ورغم ما سبّبه التوتر مع الولايات المتحدة من تبعات اقتصادية إلا أن للأزمة التي تعصف بتركيا اليوم أسباباً أخرى، تتقدمها الديون التي زادت على 460 مليار دولار بعدما تهربت الأوساط الأجنبية من منح أنقرة أي قروض جديدة رغم قرار الحكومة رفع أسعار الفائدة المصرفية. يُضاف إلى ذلك قلق المستثمرين الأجانب من مستقبل تركيا بعدما أصبح أردوغان الحاكم المطلق للبلاد وعيّن صهره وزيراً للمالية.
إذ اعتبرت الأوساط المالية تلك الإجراءات إشارة مهمة إلى تدخل أردوغان المحتمل الدائم في قرارات البنك المركزي وهو ما أدى إلى انعدام ثقة الأوساط المالية الأجنبية بإجراءات وزير المالية، في ظل غياب الثقة أيضاً بالقضاء في حال نشوب أي خلاف محتمل مع الدولة.
المزيد في هذا القسم:
- وثيقة سرية سعودية : الصلح مع إسرائيل والغاء حق العودة وتدويل القدس المرصاد نت - متابعات قالت صحيفة «الاخبار» أنها حصلت من مصادر خاصة على وثيقة سرية صادرة عن وزارة الخارجية السعودية هي عبارة عن رسالة موجهة من...
- الميزانية الأكبر في تاريخ السعودية على مهب الريح... المرصاد نت - متابعات على الرغم من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها المملكة مع انخفاض أسعار البترول التي وصلت إلى ما يُقارب الـ 60 دولاراً للبرميل وإرهاصا...
- ماهو مضمون الرسائل السعودية السرية الى اسرائيل ؟ المرصاد نت - العهد كشفت القناة العاشرة في تلفزيون العدو النقاب عن مبادرة سعودية وخليجية تمثلت ببعث رسائل إلى “تل أبيب” عبر وسطاء دوليين منهم رئ...
- مصادرة ٢٠٠٠ دونما من الأراضي الزراعية جنوب الخليل أبلغت سلطات الاحتلال الصهيونية فلسطينيين في شرق بلدة يطا قضاء الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، بمصادرة أراضيهم الزراعية ومنعهم من الدخول إليها، والتي تت...
- أردوغان شاهراً الـ«أس 400» مجدداً: يستخدمون «سلاح الاقتصاد» ضدنا المرصاد نت - متابعات خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس ليُقدّم مواقف أكدت «التحدي» الذي دأب عليه منذ اندلاع الأزمة مع الولايات المتحدة. وعلى ت...
- مهمة صعبة ومعقدة لمحمد بن سلمان في امريكا المرصاد نت - رآي اليوم لماذا تخلت السعودية عن لهجتها 'التصادمية' وتهديداتها بسحب الاستثمارات؟ اليكم بعض الاجابات : تختلف الآراء وتتقاطع حول الزيارة التي ...
- "حوار الاستانة" .. هل انتهت الحرب في سوريا؟ المرصاد نت - متابعات لم تفلح كافّة المؤتمرات الدوليّة السابقة في وقف النزيف السوري القائم منذ أكثر من خمس سنوات لكن التبدّلات الدوليّة والإقليمية والميدانية ا...
- بيونغ يانغ تردّ على ترامب: إطلاق صاروخ باليستي جديد المرصاد نت - متابعات أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً فجر اليوم (وفق التوقيت المحلي لشبه الجزيرة الكورية) وذلك طبقاً لما أعلنه رئيس أركان الجيش الكوري ا...
- جيريمي كوربن رئيساً لحزب العمال البريطاني من جديد المرصاد نت - متابعات أعاد حزب العمال البريطاني المعارض انتخاب جيرمي كوربين زعيما له في مؤتمر الحزب في مدينة ليفربول يوم السبت منهياً محاولة "انقلاب" قام بها ب...
- مشاريع النفط العراقية ـــ الأردنية : مخطّط أميركي لعزل سوريا ! المرصاد نت - أسماء عواد بعد بضعة أشهر من توقيعها بدأ سريان مفعول مذكرة التفاهم النفطية بين العراق والأردن والتي يحصل الأخير بموجبها على نفط خام كركوك وذلك بمع...