الفشل الإماراتي في استغلال ساحل القرن الإفريقي !

المرصاد نت - متابعات

قبل عقد وعامين وفي 2006 تم توقيع عقد امتياز (مرفأ دوارلية) في جيبوتي مع الإمارات بحيث تمتلك موانئ دبي (33%) منها و(67%) لجيبوتي ويصل طول الرصيف إلى 1050 UAE Africia2018.9.17متراً وتضمّ 3 مراسٍ وتبلغ طاقتها الاستيعابية السنوية 1.2 مليون حاوية نمطية. ومرّت السنوات وفي بيانٍ واضحٍ في العاشر من أيلول/ سبتمبر قرّرت جمهورية جيبوتي التأميم مع السرَيان الفوري لجميع الأسهم والحقوق الاجتماعية لميناء جيبوتي في شركة مرفأ دوراليه للحاويات لحماية المصالح الأساسية للبلاد والمصالح المشروعة لشركائها. وتؤكّد جمهورية جيبوتي بشكلٍ واضحٍ "إن شركة مرفأ دوراليه للحاويات لا يمكنها تحت أيّ ظرف من الظروف أن ترجع تحت سيطرة موانئ دبي العالمية.

ولذا فإن موانئ دبي العالمية أمامها دولة جيبوتي كمحاورٍ وحيدٍ في جميع المناقشات المتعلّقة بتداعيات إنهاء عقد الامتياز ولذا فإن تعويضاً عادلاً هو الخيار المُمكن الوحيد أمام موانئ دبي العالمية تمشّياً مع قواعد القانون الدولي".

نبدأ من حيث انتهى هذا المسلسل الطويل نحو الفشل ففي أحدث تطوّر في نزاعٍ يمتد إلى ست سنوات مع موانئ دبي العالمية. أعلنت جيبوتي إنها أمّمت حصّة الميناء، كما في البيان السابق التي تبلغ الثلثين في مرفأ دوراليه للحاويات. نعم في شباط/ فبراير الماضي ألغت جيبوتي عقداً مع موانئ دبي العالمية لإدارة ذات المرفأ وسيطرت عليه. فالخارجية الجيبوتية وعلى لسان محمود علي يوسف، وزير الشؤون الخارجية في بيانٍ نشره موقع الرئاسة أنه وفقاً لأمر من رئيس الجمهورية إسماعيل عمر قرّرت الحكومة تأميم حصّة ميناء جيبوتي في "مرفأ دورالية للحاويات"، المشروع محل النزاع مع دبي العالمية.

نعم تُعدّ محطة "دوراليه للحاويات" التي قامت موانئ دبي العالمية بتصميمها وبنائها وتشغيلها الأكثر حداثة على الساحل الشرقي لإفريقيا، حيث تُتيح دخول وخروج البضائع من جيبوتي، وإن ساهمت المحطة بـ(12%) في الناتج المحلي الإجمالي للبلد، ورفعت أحجام بضائع المنشأ والمقصد بنسبة (380%) خلال الـ14 سنة الماضية، وبلغت نسبة الإشغال بها (70%) العام الماضي، وكان من المتوقّع أن تصل إلى (80%) خلال العام الحالي. رغم كل ذلك، يبقى أنه يجب التحقّق من الأمر، فهل حقاً ما حدث لسنواتٍ خلت، كان بدافع الاستثمار، وتنمية بلاد فقيرة مثل جيبوتي والصومال وساحل القرن الإفريقي؟ أم أن التوجّه الإماراتي نحو السيطرة على القرن الإفريقي، هدف بالأساس إلى إبقاء دبي في المحيط؟. خاصة وأن الأزمة الراهنة بين الإمارات وبين (جيبوتي والصومال وأرض الصومال) دخلت في إطار سلسلة كبيرة من العلاقات والصراعات المُتشابكة داخل القرن الإفريقي والمنطقة ككل. خاصة بعد أن قرّرت المحكمة العليا في إنكلترا وويلز، منع شركتي ميناء جيبوتي وبورت دي جيبوتي إس.إيه (PSDA) من تعديل اتفاقيتهما المشتركة مع موانئ دبي العالمية، وأصدرت المحكمة أمراً قضائياً يمنع عزل ممثلي موانئ دبي العالمية، في مجلس إدارة الشركة المشتركة، محطة "دوراليه للحاويات" في جيبوتي. وأن عقد موانئ دبي العالمية لإدارة المرفأ لا يزال سارياً. وميناء جيبوتي المملوك بنسبة الأغلبية لدولة جيبوتي، يمتلك حصّة بنحو الثلثين في مرفأ دوراليه للحاويات، بينما تمتلك موانئ دبي العالمية حصّة الثلث المُتبقية.

رغم ذلك، قالت جيبوتي الكلمة الفصل، إن المرفأ أصبح "من الناحية الفعلية" تحت سيطرة موانئ دبي العالمية، رغم أنها تحوز فيه حصّة الأقليّة فقط. وقالت رئاسة الدولة في بيانٍ إنه بالتأميم المباشر لحصّة ميناء جيبوتي، ستضمن البلاد سيطرة الحكومة على المرفأ.

لمعرفة النوايا الإماراتية السابقة خاصة مع تطوّر الصراع نحو اليمن والتنقّل من سقطري وغيرها نجد أنه في تموز/ يوليو الماضي ونقلاً عن (R-T) الروسية فقد أجبر التحالف (الإماراتي- السعودي) طائرة تابعة لمنظمة الصليب الأحمر الدولي بعد إقلاعها من مطار صنعاء متّجهة إلى جيبوتي على الهبوط في المطار الاقليمي في جازان. نعم هي علامات على مدى الخوف الإماراتي والحرص الشديد على جعل أقدام في جيبوتي والقرن الإفريقي عموماً فالصراع القائم في القرن الإفريقي ما هو إلا جزء من سلسلة التفاعلات الداخلة في إطار صراع المحاور القائم بالأساس ضمن مُعسكر (السعودية - الإمارات) خاصةً في منطقة ذات موقع استراتيجي هام لكلاهما سواء على المستوى الاقتصادي أو الأمني.

كل هذا يُنبئ بتصاعُد التوتّر بين الإمارات ودول القرن الإفريقي التي كانت الإمارات تستغلّها اقتصادياً بالاستثمار في موانئها، وأمنياُ بمُحاصرة اليمن. فهل يتم ذلك؟ أم أن الإمارات تواجه فشلاً ذريعاً هناك وبدأ الحصاد في جيبوتي وقبلها الصومال؟. خاصة وأن الموقف سبق أن تكرّر في آذار/ مارس الماضي، حيث قالت موانئ دبي العالمية إنها ملتزمة مشروع الميناء في أرض الصومال على الرغم من قيام الصومال بحظر عمل الشركة في البلاد. وصرّح حينها سلطان بن سليم رئيس مجلس إدارة موانئ دبي إن قرار جيبوتي إنهاء عقد مع الشركة لتشغيل محطة دوراليه للحاويات سيجعل من الصعب على إفريقيا جذب الاستثمار. حيث قال إن الشركة لا تعلم الدوافع وراء ما وصفته باستيلاء جيبوتي على مرفأ الحاويات.

يبقى أن ما حدث من الجانب الجيبوتي تم تصنيفه على أنه صفعة قوية وجِّهت للإمارات وإنذار شديد اللهجة لكل مَن يفكّر في الذهاب لعموم القرن الإفريقي بخلفيّة ونوايا سيّئة السمعة منها حصار الجوار واستغلال الأشقاء واللعب على حاجة الشعوب الضعيفة والدول الفقيرة.. لذلك فإن (موانئ دبي العالمية) في جيبوتي.. وصلت إليها الرسالة مُعلنة أن الفشل الإماراتي في احتلال ساحل القرن الإفريقي قد بلغ حداً اقترب من النهاية والسقوط.. بداية من الصومال وصولاً إلى جيبوتي.

قراءة : محمد عبد الرحمن عريف - كاتب وباحث في تاريخ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية