المرصاد نت - متابعات
روسيا حددت أن معركة شرق الفرات ستكون آخر المعارك في الحرب من أجل سوريا وقبل أن يأتي موعدها لا بد من إنجاز الكثير المتمثل بحسم معركة إدلب عسكرياً بعد أن حسمت سياسياً ووضع قواعد جديدة للاشتباك مع "إسرائيل".
ما تريده روسيا لسوريا هو الأمن والاستقرار لأنهما يضمنان مصالحها ليس في هذا البلد فحسب وإنما في المنطقة برمتها، ولهذه المصالح فروع وتشعبات سواء اقتصادية أم جيوسياسية أم عسكرية.
روسيا جاءت إلى سوريا قبل أكثر من نصف قرن وتريد البقاء فيها نصف قرن آخر على أقل تقدير لأنها استأجرت قاعدتي حميميم وطرطوس من سوريا لهذه المدة. وبالمناسبة، القابلة للتمديد لمدة مماثلة تلقائياً.
وعلى هذا الأساس فإن كل ما تفعله روسيا سواء في ميادين القتال أم على موائد المفاوضات، يصب في نهاية المطاف في تحقيق هذا الهدف.
بالأمس تركيا أسقطت طائرة السوخوي الروسية، واليوم بوتين وإردوغان يتفقان على التهدئة ويسيران دوريات عسكرية مشتركة في إدلب.
قبل أيّام كانت موسكو تغض الطرف عن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على محور المقاومة في سوريا، واليوم تغلق الأجواء السورية أمام "إسرائيل" وتتهم تل أبيب بالعدوانية.
أما بالنسبة للكباش الروسي الأميركي فحدث ولا حرج.
روسيا حددت أن معركة شرق الفرات ستكون آخر المعارك في الحرب من أجل سوريا وقبل أن يأتي موعدها لا بد من إنجاز الكثير.
- الحسم في إدلب أولاً: الاتفاق الروسي التركي على الرغم من أنه ليس مثالياً إلا أنه وضع أطراً للنفوذ التركي في سوريا جغرافياً وزمنياً، ومن هذا المنطلق فإن موسكو أصبحت الحَكَمَ على مدى مصداقية أنقرة.
الشريط الحدودي العازل الذي تريده أنقرة على أجزاء من حدودها مع سوريا سيؤدي وقتياً، في الاتجاه من تركيا إلى سوريا وظيفة الممر لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وفي الاتجاه المعاكس وظيفة المرشح (فلتر) لمنع تسلل الإرهابيين.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تركيا من جهة ومن الجهة الأخرى روسيا التي لا تمثل نفسها فحسب وإنما سوريا وإيران معاً، لم يتفقا بشكل نهائي على "من هم الإرهابيون ومن هم المعتدلون". في النهاية، الأتراك أنفسهم لا يريدون التورط مع متشددين في خاصرتهم الجنوبية، ومصلحة أمنهم القومي تملي عليهم أن يبدوا ليونة أكبر في هذه المسألة ولا سيما أن الرئيس رجب طيب إردوغان لم يطهّر جيشه بالكامل من أنصار غولن زِد على ذلك أن الأمزجة الأميركية في القوات المسلحة التركية ما زالت قوية.
على أي حال شاء إردوغان أم أبى، إلا أنه مرغم على إيجادِ حلٍّ للمجموعات المسلحة التي دعمها خلال سنوات الأزمة السورية والتي تقترب من الثماني. ثمة معطيات بأنه سينقل المقاتلين الأكثر تشدداً إلى معسكرات في جنوب شرق تركيا، ربما لاستخدامهم في معاركه مع الكرد. ووفق بعض التسريبات فإن الاتفاق الروسي التركي يقضي أيضاً بإتاحة الفرصة للمسلحين الأجانب العودة إلى بلدانهم إذا وافقت على ذلك حكوماتها.
أما القسم الأكبر من المسلحين فإما سيلقون السلاح أو ينخرطون في مراحل متقدمة من العملية السياسية في البنى العسكرية والأمنية والشرطية، لكنهم ملزمون حاليا بمحاربة الإرهابيين.
على أي حال الكل يفهمون سواء الروس أم الأتراك، أم السوريون أم المسلحون أنفسهم أن الوقت المتاح ضيق للغاية وأن العمل العسكري آتٍ لا مُحالَ، وأن الدولة السورية ستنشر مؤسساتها في إدلب قبل نهاية العام الجاري على الأرجح.
- قواعد جديدة للاشتباك ثانياً: "إسرائيل" هي التي عقّدت المشهد على نفسها جراء عربدتها وصلفها وظنها أنها تستطيع أن تتصرف في الملعب كما تشاء. ولكن ليس في هذا الشوط المصيري من مباراة سوريا ضد أعدائها.
تاريخياً يعرف عن الروس باعهم الطويل وصبرهم الجميل وردهم البطيء؛ صبروا كثيراً على الحماقات الإسرائيلية وعملوا كثيرا لتجنب شرهم، وقدموا لهم الخدمة بوضع قواعد اشتباك بينهم وبين محور المقاومة، ومع ذلك نكر الإسرائيليون الجميل وخرقوا هذه القواعد بل حتى آليات عدم الاحتكاك مع الروس أنفسهم.
إفتعال حادثة طائرة الاستطلاع الروسية "ايل 20" هي تلك القشة التي قصمت ظهر البعير.
في المظهر الإسرائيليون لم يسقطوا الطائرة، وفي المضمون أرادوا ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد؛ إظهار أن يدهم طويلة وتصل إلى أي مكان في سوريا، حتى في مناطق مسؤولية القوات الروسية إرباك الاتفاق الروسي التركي حول إدلب بتحريض أميركي وإعطاء إشارة خاطئة للمسلحين للقيام بأعمال استفزازية، إرسال رسالة إلى محور المقاومة بأن تل أبيب غير ملزمة باتباع قواعد الاشتباك.
لكن ماذا ستجني "إسرائيل" من مغامرتها الجديدة؟ روسيا التي قلنا إنها تريد الأمن والاستقرار لسوريا ستفوت على "إسرائيل" كل فرص الاستفادة من عدوانها الجديد: موسكو ستفرض شروطاً جديدة على آليات عدم الاحتكاك ليس مع "إسرائيل" فحسب بل ومع كل من يحاول العربدة في الأجواء السورية.
إغلاق الأجواء فوق المياه الإقليمية السورية أصبح أمراً واقعاً نظراً للمناورات التي تجريها البحرية الروسية على مساحات واسعة شرقي البحر الأبيض المتوسط. لم يبق سوى أن يعلن الجيش الروسي رسمياً إغلاق هذه الأجواء حتى بعد انتهاء المناورات.
عملياً روسيا رفضت التوضيحات الإسرائيلية لحادثة الطائرة. أما المسألة الأهم فإن روسيا ستضطر لإعادة النظر في تفاهماتها مع "إسرائيل" ومحور المقاومة حول قواعد الاشتباك بينهما، تلك التفاهمات التي أنتجت التهدئة في الجولان السوري وعودة المراقبين الدوليين إليه. إعادة النظر في هذه القواعد لن تكون في مصلحة "إسرائيل" بالتأكيد.
وردة الفعل الروسية الغاضبة على العدوان الإسرائيلي واتهام موسكو لتل أبيب بالطعن في الظهر ونكران الجميل خير دليل على ذلك. وعندما يعزّي فلاديمير بوتين نظيره الإيراني بالاعتداء الاٍرهابي في الأهواز ويؤكد أن روسيا تقف مع الشريك الإيراني في هذه اللحظة المأساوية ومستعدة لتعزيز التعاون معها في محاربة الاٍرهاب بعد أن اتهم حسن روحاني واشنطن وتل أبيب بالمسؤولية عن هذه الجريمة عندما يقال كل ذلك فإن لهذا الكلام دلالات واضحة.
روسيا باتفاقاتها وتحركاتها ومواقفها الأخيرة تنفض عن نفسها غبار معارك السنوات الثلاث الأخيرة، لأنها تستعد للتهديد الحقيقي لوحدة سوريا المتمثل كما قال عميد الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف في التواجد الأميركي في مناطق شرق الفرات حيث وجدت ملاذاً لها فلول داعش وحيث ينتشر حلفاؤها من قوات سوريا الديمقراطية.
سوريا وحلفاؤها انتصروا في معارك كثيرة لكن الانتصار التام في الحرب سيتوج بمعركة شرق الفرات التي سوف تستكمل بها السيادة السورية.
قراءة : سلام العبيدي - مدير مكتب الميادين في موسكو
المزيد في هذا القسم:
- تغييرات فى قواعد التعامل مع كورونا فى بريطانيا بسببب زيادة الإصابة المرصاد-متابعات قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن هناك سلسلة من التغييرات في التعامل مع فيروس كورونا، حيث يتطلع إلى وقف الاصابة بالفيروس الذي يتسبب في...
- بعد 960 ساعة جوع: إرادة الأسرى تنتصر على السجاّن المرصاد نت - متابعات في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك وبعد 40 يوماً من الإضراب عن الطعام إنتصر الأسرى المضربون اليوم السبت في معركتهم ضد السجان الصهيوني ...
- حداد ملكي ووطني.. الملك تشارلز يخاطب البريطانيين للمرة الأولى بعد وفاة والدته المرصاد-متابعات ينتظر أن يخاطب ملك بريطانيا تشارلز الثالث في وقت لاحق اليوم الجمعة مواطنيه، بعد يوم من وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية عن 96 عاما، كما أعلن...
- الجيش السوري يستعيد وادي عين ترما ويؤمن محيط معامل الدفاع فرضَ الجيشُ السوري سيطرتَهُ الكاملة على وادي عين ترما شرقَ دمشق.واكدت مصادرُ ميدانيةٌ للمنار اَنَ وِحداتِ الجيش تقدمت باتجاهِ عينِ ترما من جهةِ الدخانية بعمقِ خ...
- الجزائريون يرفضون دعوة الرئيس الانتقالي إلى الحوار ويطالبون برحيل رموز النظام! المرصاد نت - متابعات أكد الحراك الشعبي الجزائري في الجمعة السادس عشر رفضه الحوار وإجراء انتخابات في ظل بقاء رموز النظام في السلطة وجدد الحراك رفضه دعوة الرئيس...
- الأسد للفياض: تعزيز العلاقات بين سوريا والعراق يساعد في القضاء على بؤر الإرهاب! المرصاد نت - متابعات أكد الرئيس بشار الأسد ومستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض على ضرورة تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات بما يخدم م...
- السعودية والقومية العربية ... من العداء إلى محاولة الامتطاء ! المرصاد نت - متابعات وثيقة المؤتمر المخابراتي الذي انعقد في القاهرة بتاريخ ٢٣ مارس/آذار ١٩١٨م، والتي أفرج عنها في الستينيات تقول بوضوح أن بريطانيا كانت مست...
- «هوليغانز» في أروقة صنع القرار: دبلوماسية الغلمان تعمل بلا أرشيف المرصاد نت - فؤاد إبراهيم لكي نفهم الدبلوماسية السعودية التي أخذت في عهد سلمان شكل «الهوليغانيسم» فإن لزاماً على أي مراقب العودة إلى التاريخ من أجل...
- بوتين: إذا أرادت كلينتون التخلص مني فسأتجاوز هذه المحنة! المرصاد نت - متابعات كشف الرئيس الروسي عما ينتظره من الرئيس الأميركي الجديد وقلل من أهمية ما يقال عن سعي أحد المرشحين للرئاسة في الولايات المتحدة للتخلص منه ...
- إستهداف آليات لـ"داعش" وإنضمام البشمركة للمقاومة بكوباني دمرت طائرات التحالف الدولي اليات تابعة لتنظيم "داعش" في شمال سوريا كانت في طريقها الى مدينة عين العرب، في وقت تقوم قوات البشمركة بقصف تجمعات التنظيم في اطار مسا...