تأثير الأنظمة الفاسِدة على الأوضاع الإقتصادية !

المرصاد نت - متابعات

إن الثورات في دول الربيع العربي أثبتت للعالم كله بشاعة وتعاسة الأنظمة السابقة التي في مُجملها تأسّست على الدكتاتورية وامتصاص حقوق الإنسان وتفقيره وتحقيره.Egypt2018.10.20

فسقوط الأنظمة السابقة ورموزها الذليلة يُعدّ نصراً واستحقاقاً للشعوب التي أرادت الحياة فوق حُكم الطغاة والجلاّدين. بالتالي تذكّرنا تلك اللحظات بجلاء العملاء عن أوطان احتلّوها وأكثروا فيها الفساد فصبّ عليهم ربّك أشدّ عذاب وأخرجهم من السلطة بطريقةٍ مُذلّةٍ لا ترضاها حتى الكلاب وذلك مندون عودة للأبد إما في القبور أو في المنفي مدى الحياة.

كما أن أغلب الدول العربية كانت ومازالت إلى يومنا هذا تُعاني من الحُكم الدكتاتوري الإرهابي وأبرز دليل على ذلك عملية اغتيال الصحافي الأميركي المقيم "جمال خاشقجي" في سفارة بلده الأمّ الذي كرّمه أفضل تكريم بدخوله لسفارتها وإخراجه منها مقطّعاً في حقيبة دبلوماسية.

هذا الإجرام المُنظّم لتلك العصابات الإجرامية التي نصّبت أنفسها حكّاماً على شعوبٍ سلبت منهم إرادة الإختيار والحياة أو تم الضغط عليهم أو الكذب عليهم أو أحياناً تم إغراؤهم بالمناصب الإدارية أو الأموال، يمثل خطراً عالمياً كبيراً يجب وقفه واتخاذ موقف حازم تجاهه من قِبَل جميع الدول المُتقدّمة التي تجمعها مصالح مالية وتجارية مع هؤلاء الفاسدين وغير الصالحين للأبد.

اليوم كُشِفت للعالم وللدول المتقدّمة حقيقة تلك الأنظمة التي تحكم البلدان العربية من انتهاكات وتدجيل على الدول المتقدّمة وتغليطها بتزييف الحقائق. كما أن هذه الأنظمة السرطانية لم يتم القضاء عليها تماماً في بعض دول الربيع العربي بالأساس، أو أيضاً في بقيّة الدول العربية بحيث مازال أتباعها المتعفّنون ينشطون في أحزابٍ رجعيةٍ وفاسدةٍ والتي تُعدّ الجذور والامتداد لعودة الأنظمة الدكتاتورية السابقة تحت مظلة الثورات المضادّة أو ولاية العهد الملكي.

لكن لن تمرّ تلك العملية بالسهولة التي يتوقّعونها لأن إرادة الشعب فوق إرادتهم والتي قالت لهم "ديقاج برموز أنصار الحزب السابق للأبد" وأن البعض الآخر أصبح اليوم مُلاحَق من قِبَل الصحافة العالمية ومن قِبَل المنظمات العالمية خاصة منها منظمة الأمم المتحدة. هذه الثورات التي انطلقت من تونس ثم مصر وليبيا وبعد ذلك اليمن لم تنجز أهدافها وجوهرها وهو التخلّص من الجرثومة القاتِلة لطموحات الشعوب من أجل التحرّر والخروج من سجن الحُكم الدكتاتوري.

أيضاً بالعودة إلى حدث الساعة وهو مقتل الصحافي الأميركي المُقيم "جمال خاشقجي" تبرهن تلك العملية الإرهابية المنظّمة من قِبَل نظام حكم وفي مقرّ سيادي للشعوب الحرّة وحكّامها التي تؤمن بمبادئ حقوق الإنسان وحرية التعبير والضمير الوجه الإجرامي الحقيقي  لتلك الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة ومصّاصة الدماء. إن الدكتاتورية الإرهابية الحاكِمة لها تأثيرات سلبية مباشرة على الأوضاع الإقتصادية خاصة منها المعاملات المالية والتجارية وجلب الإستثمارات الأجنبية. فالأنظمة السابقة في دول الربيع العربي على سبيل المثال تأسّست على نهب ثروات الشعوب وتكريس المحسوبية في التعيينات في الوظائف العمومية العليا والمناصب السامية في الدولة.

لم تقدّم تلك الأنظمة الفاشلة والتعيسة للطبقات الفقيرة أي شيء بل حرمتهم من العيش بكرامة وفقّرتهم واقتصر التشغيل على أتباع تلك الأنظمة الفاسدة. بالتالي غابت الحوكمة الرشيدة في مؤسّسات الدولة وتضاعفت المديونية وكاد العجز المالي والتجاري في ميزانية أغلب تلك الدول أن يؤدّي لانهيارٍ الاقتصاد ودخول معظم الدول العربية في أزمة ديون سيادية نتيجة نهب الأموال ووضعها في البنوك الأجنبية.

كما تعكس موجات الهجرة غير الشرعية في البحار نحو أوروبا وانتحار البعض في تدمير الشباب العربي المطالب بالتشغيل وتحسين ظروف العيش وتؤكد للعالم حقيقة تلك الأنظمة الإرهابية السابقة والتي مازالت إلي يومنا هذا جاثمة على صدور تلك الشعوب. إذ لا يتم التغيير ببقاء بعض العناصر الفاسدة التي ترغب في عودة الفاسدين  وتأليه أعمالهم الفاسدة التي نهبت أموال الشعب وفقّرت أغلب المواطنين وكرّست المحسوبية والرشوة في التشغيل وقضت على الصوت الحر وسجنت وقتلت و قطّعت الصحافيين على غِرار الشهيد البار جمال خاشقجي.

كما أنه بالعودة إلي انتحار "البوعزيزي التونسي" الذي كان نتيجة ظلم واضح من قِبَل ذلك الحاكِم الدكتاتوري الفاسِد والذي دمّر حياة ذلك الشاب الراغِب في كَسْبٍ لقمة عيشه لكن تم تعطيله ونهبه ثم التسبّب في مقتله. إن أعمال الحكّام العرب الفاسدين لا تُغتَفر أمام شعوبهم وأمام ربّهم، وعلى هذا الأساس فإنه لا سماح مع مَن قتل البوعزيزي  وغيره من الشهداء من الحركات الإسلامية والحقوقية والصحفية ولا سماح مع مَن قتل الصحافي الأميركي المُقيم جمال خاشقجي.

بالتالي ثبت لنا من خلال الأحداث الأخيرة عبر اغتيال الصحافي الأميركي المقيم "جمال خاشقجي" ترابط الأوضاع السياسية بالأوضاع الاقتصادية والمالية. فبرزت بالنتيجة تلك التأثيرات السلبية الصادرة من الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة على الأسواق المالية التي تدهورت جميع مؤشّراتها بالدم الأحمر الخاشقجي. بالإضافة إلى ذلك التوقّعات الكارثية المُحتمَلة نتيجة للحصار الإقتصادي والتجاري المفترض على الدول المتورّطة في مقتل الصحافي خاشقجي وتحول تلك الأزمة الدبلوماسية إلى أزمة إقتصادية.

كتب : فؤاد صباغ - كاتب تونسي

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية