توافقات إدلب والدستورية في رباعية إسطنبول: رهان على تعويم «أستانا»!

المرصاد نت - متابعات

افتتحت «قمة إسطنبول» الرباعية بهدايا «سيبيرية» حملها فلاديمير بوتين إلى نظرائه لتنتهي بتوافقات خجولة حول «اتفاق إدلب» و«اللجنة الدستورية» وبِرِهانات على تعاون ممكن بين Astanboal2018.10.29«ضامني أستانا» وأعضاء «المجموعة المصغّرة»..

بينما أعاد نشاط «داعش» على الضفة الشرقية لنهر الفرات تسليطَ الضوء على فشل «التحالف الدولي» (المُفتعل أو الطبيعي) في حسم المعركة ضد التنظيم في جيب هجين، كانت الأعين خلال اليومين الماضيين شاخصة نحو القمة الرباعية (ضمت رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا والمستشارة الألمانية) التي استضافتها اسطنبول أول من أمس. ورغم غياب الطرفين السوريين، الحكومي والمعارض عن قائمة المدعوين إلى تلك القمة، فقد شكّلت نقطة جديدة على مسار «التسوية»، يمكنها ــــ إذا ما تمّ البناء عليها لاحقاً ــــ أن تتحول إلى مفتاح مرحلة جديدة من التعاطي الدولي مع الملف السوري.

في الحد الأدنى انتهت القمة ببيان مشترك أكّد فيه قادة الدول الأربع «التزامهم بالسيادة والاستقلال والوحدة والسلامة الإقليمية للجمهورية العربية السورية» معلنين «تصميمهم على مقاومة الخطط الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة سوريا وسلامة أراضيها، وكذلك الأمن القومي للدول المجاورة». أما في ما يمكن أن تصل إليه إن استكملت نقاشاتها لاحقاً بنجاح، فإن توصيف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لها عقب الاجتماعات، قد يشكّل التصوّر الأكثر تفاؤلاً في هذا الشأن إذ اعتبرها «خطوة إلى الأمام» على طريق توحيد جهود «المجموعة المصغّرة» و«ضامني أستانا»؛ وتلاقى ذلك مع حديث مماثل من بوتين.

القمة التي تأخر انعقادها بسبب تردّد أوروبي مثّلت الخطوة الأكثر جدية تجاه الاعتراف بأهمية النتائج التي وصل إليها مسار «أستانا». ونقلت صحيفة «حرييت» التركية عن مصادر ديبلوماسية أوروبية قولها إن الطرفين الفرنسي والألماني كانا حريصين على عدم تظهير القمة كأنها موجهة ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب؛ ولهذا ربما حرص بيان الرئاسة الفرنسية الذي صدر قبل انعقاد القمة على تأكيد تطابق الموقفين الفرنسي والأميركي والإشارة إلى تمثيل ماكرون (بشكل غير مباشر) وجهة النظر الأميركية في الاجتماع.

وبدا لافتاً غياب إيران عن لقاء إسطنبول رغم كونها ضلعاً في مثلث «أستانا»، وذلك بعد استثنائها من التوقيع على «اتفاق سوتشي». ومن المحتمل أن ذلك ساعد على تجنّب تعطيل تعاون الأوروبيين بشكل فاعل بضغط أميركي فيما تتولى روسيا وتركيا لاحقاً إحاطة الجانب الإيراني والتعاون معه على الأرض.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيتم إبلاغ طهران بكل التفاصيل حول «قمة اسطنبول» في وقت قال فيه بوتين إنه «يجب إجراء مشاورات مع الحكومة السورية وإيران لأنه من دون إيران كما تعرفون... لن يتم حل القضية بفعالية». ومن المتوقع أن يصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اليوم إلى تركيا لحضور لقاء ديبلوماسي هناك حيث ستشكل الزيارة فرصة لنقاش مخرجات القمة الرباعية.

وخلال القمة أكد المجتمعون ضرورة التعاون للحفاظ على الهدنة والتفاهم حول مصير إدلب ومحيطها ودفع عملية تأليف «اللجنة الدستورية» على أمل إتمام ذلك قبل نهاية العام الجاري مع تعهد مبهم بضرورة تهيئة ظروف عودة اللاجئين الطوعية إلى سوريا. وتمايزت التصريحات الروسية عن باقي الأقطاب؛ إذ رأى بوتين أن إنشاء «اللجنة الدستورية» يجب أن يكون «شاملاً ومختصاً حتى يعترف بها جميع الأطراف... وتكون فعالة وقادرة على إعداد وتنفيذ الإصلاح الدستوري الذي طال انتظاره والذي من شأنه تقوية الدولة وتوحيد المجتمع السوري».

وشدد على أن «العمل يجب أن يتضمن لهجة هادئة ومحترمة تجاه الحكومة الشرعية». وحول إدلب أكد أن بلاده تحتفظ بحق دعم الحكومة في «استئصال المجموعات الإرهابية» وأن «اتفاق سوتشي» الجاري تنفيذه اليوم هو «إجراء مؤقّت». ومن جانبه صوّب أردوغان نحو شرق الفرات مؤكداً استعداد بلاده لشن عملية جديدة هناك إذا ما لزم الأمر ليترجم ذلك على الأرض بعد أقل من يوم واحد عبر قذائف مدفعية طاولت مواقع في محيط عين العرب (كوباني) الحدودية.

وفي انتظار بيان ما إذا كان الأساس الذي وضعته «قمة إسطنبول» قابلاً للبناء عليه نحو تعاون أكبر بين «المجموعة المصغّرة» و«ضامني أستانا» وهو ما سيحدده بشكل كبير الموقف الأميركي الذي قد يتضح في مخرجات لقاء «المجموعة المصغرة» المنعقد أمس في لندن فإن الواضح حتى الآن أن موسكو تمكنت من استثمار الوقت الذي منحته لأنقرة عبر «اتفاق سوتشي» لتقريب «شركاء محتملين» من محور «أستانا» الذي وُلد ليحتوي الجانب التركي، وتمكّن من استقطاب قبول أممي وتصدير نتائجه إلى «سوتشي» لتترجم عبر «لجنة دستورية» باتت «مساراً شبه إجباري» وأصبح جميع الأطراف يطالبون بسرعة تأليفها.

«داعش» يتقدّم في ريف دير الزور: أنقرة تهاجم «قسد»Hagain2018.10.29

لا تسير الأمور شرق الفرات في الشمال السوري في الأيام الأخيرة وفقاً لما تهواه القوات الأميركية وحليفها الأساسي هناك تنظيم «قسد». إذ تمكّن تنظيم «داعش» بعد سلسلة من الهجمات المكثفة من استعادة السيطرة على المواقع التي سيطرت عليها «قسد» في الأيام السابقة في منطقة هجين في ريف دير الزور الشرقي قرب الحدود مع العراق. كذلك تعرّضت اليوم مواقع تابعة للقوات الكردية شرق الفرات لقصف مدفعي تركي في تصعيد تركي واضح بعد سلسلة تهديدات أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومسؤولون أتراك ضد المجموعات الكردية في سوريا.

استعاد تنظيم «داعش» كافة المناطق التي خسرها على وقع تقدم «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) في آخر جيب يسيطر عليه في محافظة دير الزور. وفي العاشر من أيلول/سبتمبر الماضي، بدأت القوات الكردية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، عملية عسكرية ضد تنظيم «داعش» في منطقة هجين في أقصى ريف دير الزور الشرقي. وتمكنت تلك القوات من التقدم والسيطرة على بلدات وقرى عدة إلا أن «التنظيم»، ومنذ أكثر من أسبوعين «بدأ بشن هجمات مضادّة واسعة مستفيداً من عاصفة رملية في تلك المنطقة الصحراوية» .

 وخلال هجمات واسعة استمرت منذ يوم الجمعة وحتى فجر الأحد تمكن التنظيم من استعادة كافة المناطق التي تقدمت فيها قوات سوريا الديموقراطية». كما أكد قيادي في «قسد»، رفض الكشف عن اسمه للوكالة «استعادة التنظيم كافة المناطق التي خسرها خلال الأسابيع السبعة الماضية». وأعاد القيادي الأمر إلى «العاصفة الرملية ومعرفته في المنطقة أكثر من قواتنا». وأوضح القيادي أنه «تم إرسال تعزيزات عسكرية وأسلحة ثقيلة إلى الجبهة، وسيتم تبديل بعض الوحدات بأخرى أكثر خبرة وأكثر قدرة على القيام بالمهمة» مؤكّداً أن «حملة عسكرية جديدة ستنطلق فور وصول تلك التعزيزات». وأسفرت هجمات تنظيم «داعش» منذ يوم الجمعة عن مقتل 72 عنصراً من قوات «قسد».

من جهة أخرى قصف الجيش التركي بالمدفعية اليوم مواقع تابعة للقوات الكردية المدعومة أميركياً في شمال سوريا وفق ما أفادت وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية واستهدف القصف «ملاجئ» تابعة لقوات حماية الشعب الكردية شرق الفرات في مدينة عين العرب (كوباني) في شمال سوريا بحسب الوكالة وأفادت وكالة «الأناضول» بأن «القصف التركي استهدف مواقع وخنادق تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية على تلة في بلدة زور مغار الواقعة على الضفة الشرقية للفرات مقابل مدينة جرابلس».

وأكدت الوكالة أن «القصف التركي جاء رداً على إطلاق نيران من هذه المنطقة». وجاء الهجوم غداة قمة جمعت قادة تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا، عُقدت في إسطنبول، وتناولت الأزمة السورية حيث تبنى المشاركون بياناً أكدوا فيه التزامهم بـ«العمل معاً لخلق الظروف الملائمة لضمان السلام والأمن في سوريا». كذلك يأتي القصف بعدما هدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرات عدة خلال الأيام الأخيرة بشن هجوم في سوريا شرق الفرات بعد عمليتين سابقتين نفذتهما تركيا غرب النهر. ووجّه أردوغان يوم الجمعة «تحذيراً أخيراً» لوحدات حماية الشعب الكردية.

ويشكل دعم واشنطن للقوات الكردية نقطة خلاف رئيسية بين الولايات المتحدة وتركيا الشريكتين في «حلف شمال الأطلسي» حيث شهدت علاقتهما تراجعاً كبيراً خلال العامين الماضيين. وفي الأشهر الأخيرة هدّدت تركيا مرات عدة بشنّ هجوم على مدينة منبج التي تسيطر عليها الوحدات الكردية وحيث ينتشر أيضاً هناك جنود أميركيون. كذلك تجدر الإشارة إلى أن تركيا والولايات المتحدة تجريان في الوقت الراهن دوريات مشتركة لتهدئة التوتّرات هناك. وأعلنت هيئة الأركان التركية في بيان أن إحدى هذه الدوريات المشتركة أجريت نهار اليوم.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية