المرصاد نت - متابعات
جميع العالم الحديث يتغنّى بالديمقراطية ويحاول إلباس نفسه ثوبها البّراق الذي يغوي جميع دول العالم ولاسيما الغرب الأكثر مناداة بها، ولطالما أخفت هذه الكلمة "الديمقراطية" الكثير من الظلم خلفها والأفعال التي لا تتناسب مع مبادئها إلا أن العالم لا يزال يمضي نحوها لكونها تشكل "الأنموذج" الأفضل لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة وهذه الكلمات الثلاث أكثر ما يدغدغ شعوب العالم أجمع خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تجري فيها اليوم انتخابات برلمانية تحتضنها دولة البحرين ساعيةً لتسويق المشهد على أنه عرس ديمقراطي قد يبرئ النظام البحريني من انتهاكاته السابقة بحق المعارضة البحرينية، فهل ستنقذ هذه الانتخابات النظام البحريني وتبيض صفحته أم ستكون عبئاً جديداً ونقطة سوداء في تاريخه لكونها تتم دون السماح للمعارضة بالمشاركة في هذه الانتخابات؟.
توجّه جزء من الشعب البحريني يوم أمس 24 تشرين الثاني-نوفمبر 2018 لانتخاب مجلس نواب جديد ونقول جزء من الشعب لأن السلطات البحرينية حرمت شريحة واسعة من الشعب البحريني "وتكاد تشكل هذه الشريحة الأغلبية البحرينية" من أن يكون لها ممثل في البرلمان حيث إن حاكم البحرين حمد بن عيسى آل خليفة أصدر أمراً ملكياً في يونيو/حزيران الماضي بمنع أعضاء الجمعيات السياسية المنحلّة من الترشّح وبينها "الوفاق" و"وعد" اللتين تعتبران من أبرز تجمعات المعارضة في المملكة.
الانتخابات الحالية تضم 293 مرشحاً يتنافسون على 40 مقعداً لا نستغرب أن يحظى بأحد هذه المقاعد المرشح مشعي بريكان مسفر آل ظافر الدوسري المرشح عن ثامنة الشمالية والذي كانت السفارة السعودية قد انتدبته كاختصاصي في مناهج التعليم وفشل في انتخابات البلدية في السعودية عام 2005 والملفت أنه لم يعلن متى حصل على الجنسية البحرينية.
ولكون المنافسة معدومة أصلاً في هذه الانتخابات لن يكون هناك حل لأزمات البحرين المتفاقمة منذ انطلاقات الاحتجاجات في العام 2011 خاصة وأن آلية القمع لا تزال نفسها حتى عشية الانتخابات البرلمانية التي غايتها وضع البلاد على سكة "الديمقراطية" وتلبية حاجة مواطني البحرين فعلى سبيل المثال اعتقلت السلطات البحرينية النائب السابق علي العشيري بسبب تغريدة له بشأن مقاطعة الانتخابات، هو أحدث مثال على قمع المعارضة السلمية ناهيك عن أن وضْع حقوق الإنسان في أسوأ مراحله الآن، ولا تتسامح السلطات حتى مع المعارضين السلميين لها، وقامت بسجن العديد منهم وبينهم الناشط البارز نبيل رجب.
السلطات البحرينية تعلم في قرارة نفسها أن الانتخابات البرلمانية صورية وليس لها فعالية حقيقية على الأرض لكنها تريد إيصال رسالة للعالم أجمع بأنها تتبنى فكرة الديمقراطية وتعمل عليها وها نحن نقيم "انتخابات برلمانية" والشعب يأتي إلى صناديق الاقتراع التفاصيل بالنسبة لهم غير مهمة المهم "شكل الديمقراطية" فكيف سيكون لمثل هذه الانتخابات معنى بعد إبعاد أحزاب ومنظمات دينية وعلمانية تضم أشخاصاً من مختلف مكونات الشعب.
لا شكّ بأن الغرب بمجمله يعلم ما يجري داخل أسوار البحرين لكننا نجده صامتاً في الوقت الحالي تجاه تطور الأحداث، ويمكن اعتبار ذلك نوعاً من "الرضا" إلا أن هذا الرضا ليس كاملاً، فالغرب يريد حقيقةً أن تشارك فئات مختلفة ضمن الانتخابات البرلمانية، خاصة من قبل المنظمات والأحزاب التي تتبنى فكراً معتدلاً ويضغط الغرب على حكومة آل خليفة للشروع بذلك لكن آل خليفة يقنعون الغرب بأن هؤلاء لديهم علاقات مع إيران وأنهم يسعون إلى إحداث اضطرابات داخل البلاد وبهذا يجعلون الغرب يصمت عن انتهاكات آل خليفة بحق المواطنين، لكن أن تمارس السلطات البحرينية أساليب القمع الدائمة بينها الإعدام والسجن المؤبد وتجريدهم من الجنسية وتتعامل بقسوة مع أي احتجاجات ضدها في عمليات القمع التي قتل فيها عشرات المتظاهرين، يجعل الغرب بحدّ ذاته معرّضاً للإدانة بالصمت عن هذه الانتهاكات، خاصة وأن تقارير المنظمات الدولية واضحة في هذا الشأن.
بالرغم من التقارير الدائمة عمّا يجري في البحرين إلا أن المجتمع الدولي لا يحرّك ساكناً حيال ما يجري هنا فقد أعربت منظمة العفو الدولية الجمعة عن "قلقها الشديد" من قمع السلطات البحرينية للمعارضة السياسية قبل يوم من إجراء الانتخابات التشريعية، وقال ديفين كيني، وهو باحث في المنظمة في بيان: إنه خلال العامين الماضيين تم "احتجاز وتخويف وإسكات المعارضة السياسية"، وأكد البيان "ندعو السلطات لوقف هذا القمع المستمر والمتصاعد والسماح بحرية التعبير للأصوات المعارضة بما ذلك أولئك الذين يعارضون النظام الملكي"، وتابع كيني: إنه "لا يمكن لشركاء وحلفاء البحرين الدوليين البقاء صامتين وعليهم استخدام نفوذهم للضغط على السلطات البحرينية للالتزام بالمعايير الدولية".
أما منظمة هيومن رايتس ووتش فقد قالت: إن الانتخابات البرلمانية القادمة المقررة مطلع الأسبوع المقبل في البحرين ستجري في بيئة سياسية قمعية لن تفضي إلى انتخابات حرة وحثّت المنظمة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني امس حلفاء البحرين على "تشجيع الحكومة البحرينية على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لإصلاح القوانين التي تقوّض حرية التعبير والتجمع وللإفراج عن رموز المعارضة المعتقلين".
المزيد في هذا القسم:
- السفيرة الأميركية تغادر قطر وحمد بن جاسم ينعي مجلس التعاون الخليجي المرصاد نت - متابعات أعلنت السفيرة الأميركية في قطر أمس الثلاثاء أنها ستغادر منصبها في الدوحة في خضّم أسوأ أزمة دبلوماسية تعصف بحلفاء الولايات المتحدة ف...
- المدرسة الوهّابية في تقطيع الأوصال من داعش إلى خاشقجي ! المرصاد نت - متابعات ربما لا يخلو تاريخنا العربي والإسلامي من قاموس جَدْعِ الأنوف وصَلْمِ الآذان وقَطْعِ اللسان والأصابع وإطعامها لأصحابها وهم أحياء كما حدث م...
- ماذا وراء الإخفاء القسري للفلسطينيين في السعودية؟ المرصاد نت - متابعات أن تعتقل “إسرائيل” قادة فلسطينيين أو مقاومين أو حتى مواطنين عاديين قد يكون أمراً مستهجناً لكنه ليس مستغرباً على اعتبار أننا أمام كيان معت...
- السلطات السعودية تعتقل شقيق عبدالرحيم الحويطي المرصاد-متابعات فادت حسابات حقوقية بقيام الأمن السعودي باعتقال “عبدالناصر أبوطقيقة”، شقيق الراحل “عبدالرحيم الحويطي”، الذي قتلته السلطات في المملكة قبل أشهر؛...
- واشنطن توحّد الإيرانيين: استهداف الحرس الثوري له عواقب ! المرصاد نت - متابعات وسط انقسام في المؤسسات الأميركية حول القرار المرتقب اليوم بشأن تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية والتشكيك في جدوى الخطوة توحّدت المؤسسات ا...
- إقالة تيليرسون وصراع الأجنحة الأمريكي .. القصة الكاملة! المرصاد نت - متابعات توقف العالم قبل أيام أمام خبر إقالة الرئيس الأمريكي لوزير خارجيته ريكس تيليرسون. قد لا يكون مُستغرباً سلوك ترامب بمستوى استغراب قراره فيما...
- انطلاق أعمال قمة ال20 اليوم ودول البريكس تعقد اجتماعاً خلال القمة المرصاد نت - متابعات انطلقت أعمال قمة مجموعة العشرين في هانغتشو شرق الصين الأحد 4 سبتمبر/أيلول واستهل رؤساء وفود الدول المشاركة في القمة بفعالية التقاط الصور ...
- بريطانيا خشيت الكرملين ووقفت ضد الناتو المرصاد نت - متابعات رفضت بريطانيا تنفيذ خطط الناتو بنشر أنظمة الصواريخ في إستونيا وتحدثت الصحيفة البريطانية The Sunday Times عن الأسباب التي قد تكون سبب هذا ...
- فرنسا : إضراب وتظاهرات جديدة ضدّ ماكرون المرصاد نت - متابعات تظاهر موظفو القطاع العام في فرنسا أمس للاحتجاج على إصلاحات مقترحة لماكرون الذين يرون أنه يشنّ «هجوماً» على الخدمات المدنية وأ...
- واشنطن وموسكو ومركزيّة الشرق الأوسط! المرصاد نت - متابعات كثيرون شكَّكوا بأن واشنطن لن تُقدِم على الانسحاب من سوريا، انطلاقاً من نظريةٍ ثابتةٍ تتمثّل بأهمية الشرق الأوسط ومركزيّته السياسية والعسك...