القمة الخليجيّة بالرياض .. الخلافات مستمرة بين الأعضاء!

المرصاد نت - متابعات

اختتمت القمة الخليجيّة التي عقدت في قصر الدرعية في الرياض أعمالها اليوم بدعوة قادتها للحفاظ على وحدة مجلس التعاون الخليجي وتفعيل قيادة عسكرية خليجيّة موحّدة متجنّبين التطرّق Golf arab2018.12.9مباشرة إلى الأزمة مع قطر في ظلّ غياب أميرها تميم بن حمد آل ثاني.

«إعلان الرياض» الذي صدر في ختام الدورة الـ 39 لقمة دول مجلس التعاون الخليجي الستّ أكّد «حرض أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس للحفاظ على قوّة وتماسك ومنعة مجلس التعاون ووحدة الصف بين أعضائه» مشدداً على ضرورة تأسيس قيادة عسكرية خليجية موحّدة وسرعة إنجاز جميع الإجراءات الخاصة بتفعيلها.

وفق البيان الذي تلاه الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني فإنّ «المخاطر تثبت أهمية التمسّك بمجلس التعاون الخليجي لمواجهة التحديات» مشيراً إلى وضع خريطة طريق لتحقيق رؤية التكامل بين أعضاء المجلس مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على مسيرة المجلس وبلورة سياسة خارجية موحّدة وفاعلة لـ«التعاون الخليجي».

وفي الجلسة الافتتاحية قال الملك السعودي إن مجلس التعاون قام «من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والنماء والازدهار والرفاه لمواطني دول المجلس» مضيفاً: «واثق أننا جميعاً حريصون على المحافظة على هذا الكيان وتعزيز دوره في المستقبل» بدوره دعا أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى «وقف الحملات الإعلامية التي زرعت بذور الفتنة والشقاق في صفوف أبنائنا ليكون ذلك مقدمة لتهيئة الأجواء لحلّ الخلاف بيننا».

أمير قطر الذي حضَر القمّة السابقة التي عقدت العام الماضي في الكويت لم يشارك في قمّة الرياض إذ ترأّس وفد قطر إلى القمّة وزير الدولة للشؤون الخارجية سلطان المريخي. المشاركة القطرية على مستوى وزير دولة أزعجت وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة الذي كتب في تغريدة عبر «تويتر»: «كان الأجدر بأمير قطر أن يقبل بالمطالب العادلة ويتواجد في القمة»، في إشارة إلى مطالب الدول التي قاطعت الدوحة وهو ما كرّره وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قائلاً: «الأشقاء في قطر يعلمون ما هو المطلوب منهم للعودة كعضو فعّال في مجلس التعاون».

وكرّست القمة الخليجية في دورتها الـ39 أمس حال مجلس التعاون الخليجي الذي ازداد تصدعاً منذ تولي سلمان بن عبدالعزيز الحكم قبل أربع سنوات. لعل الأزمة مع قطر على رغم غيابها عن كلمات قادة الخليج كانت الأبرز في القمة المنعقدة في الرياض إثر غياب الأمير تميم بن حمد آل ثاني على رغم الدعوة التي وجهها إليه الملك سلمان في ردّ من الدوحة بالمثل على غياب قادة دول الخليج المقاطعة لها السعودية والإمارات والبحرين عن قمة العام الماضي في الكويت الأولى بعد الأزمة الخليجية.

الرسالة القطرية في خفض مستوى التمثيل بترؤس وزير الدولة للشؤون الخارجية سلطان المريخي الوفد في القمة جرت بصراحة أكثر على لسان مدير المكتب الإعلامي في وزارة الخارجية أحمد بن سعيد الرميحي بأن «قطر تملك قرارها وحضرت قمة الكويت في حين غاب حكام دول الحصار عن الحضور» في رد على وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة الذي اعتبر في تغريدة في «تويتر» أنه «كان الأجدر بأمير قطر أن يقبل بالمطالب العادلة ويتواجد في القمة» ربما في إشارة إلى أن قدومه مرتبط بمطالب الدول المقاطعة على رغم أن أمير قطر، لم يكن وحده الغائب عن القمة إذ غاب سلطان عمان ورئيس الإمارات من دون أن يُحدثا جدلاً يغطي على محادثات القمة. حضور الأزمة الخليجية تجلّى أيضاً في الحديث عن «الخلاف» و«الاهتزاز» و«الفتنة والشقاق» بين دول مجلس التعاون في قصر الدرعية في الرياض.

 البحث عن «إجراءات بناء ثقة» الذي مثلته دعوة الصباح يأتي هذه المرة بعد ما يقارب العام ونصف العام وسط ضغوط أميركية على الرياض لإيجاد مخرج للأزمة التي تمثل حجر عثرة لكثير من المشاريع الأميركية في المنطقة وفق المسار الذي أرساه باكراً الرئيس دونالد ترامب في جولته الخارجية الأولى من الرياض إلى إسرائيل في أيار/ مايو عام 2017. فبالتزامن مع القمة حثّ نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الخليج، تيموثي ليندركينج على تسوية الخلافات في سبيل تشكيل تحالف «الناتو العربي» الذي تسعى واشنطن إلى أن يضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن.

الرغبة الأميركية بالحفاظ على مجلس التعاون وسرعة تفعيل قيادة عسكرية موحدة، على رغم الخلافات بدت أوضح في البيان الختامي الذي ألقاه الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني، الذي شدد على «سرعة إنجاز جميع الإجراءات الخاصة بتفعيل القيادة العسكرية الخليجية الموحدة» والتشديد على «الأهمية القصوى لبلورة سياسة خارجية موحدة لدول المجلس تجنبه الصراعات الإقليمية والدولية».

ترى واشنطن أن لقطر التي تستضيف أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط دوراً أساسياً في مشاريعها مع تخوف، عبّرت عنه أكثر من مرة من أن تستفيد إيران من النزاع الخليجي القائم. وعلى رغم المجاراة التي دأب ترامب عليها في علاقته بمحمد بن سلمان في سياساته الداخلية والخارجية منذ صعوده ولياً للعهد (بعد أسبوعين من قطع العلاقات مع قطر) إلا أن الضغوط لحل النزاع تزايدت في الآونة الأخيرة بعد جريمة اغتيال جمال خاشقجي مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي التي ركزت الأضواء على السياسة الخارجية للمملكة خصوصاً أن سياسات ابن سلمان وترت أيضاً العلاقة مع الكويت وعمان اللتين لم تحسما حتى الآن أمر مشاركتهما في تحالف «الناتو العربي» المزمع الإعلان عنه مطلع العام المقبل.

الرياض التي تقول إن الخلاف مع قطر ليس ضمن أولوياتها تريد أن تبيّن لحليفها الإستراتيجي أنها تفعل «ما يلزم» لرأب الصدع مع قطر من دون أن تقدم أي تنازلات أو ترفع الحصار عن الإمارة الجارة بل هي تتخذ مجرد خطوات بسيطة بهدف الحفاظ على أرضية قابلة لتشكيل جبهة عسكرية موحدة من دون تصعيد أو حل للحفاظ على وجود قطر ضمن المنظومة الأمنية الموحدة كمشاركتها في المناورات المشتركة مع الرياض والإمارات كمناورات «تمرين درع الخليج 1» التي أجريت بين 21 آذار/ مارس و16 نيسان/ أبريل الماضيين في المنطقة الشرقية من السعودية وحضورها الاجتماعات الخليجية الأميركية الأمنية.

 القمة جاءت بينما تتعرّض السعودية ووليّ عهدها محمد بن سلمان لضغوط دوليّة فرضتها واقعة اغتيال جمال خاشقجي. إذ أكّد الجبير أنّ الرياض ترفض تسليم متورّطين في جريمة قتل خاشقجي لتركيا بناءً على مطالبة الرئيس رجب طيب إردوغان متّهماً أنقرة بعدم الإفصاح عن معلومات حول هذه القضية في طريقة قانونية. وقال في مؤتمر صحافي في ختام القمة الخليجية متحدثاً بالإنكليزية: «نحن لا نسلّم مواطنينا» مضيفاً: «من المستغرب أن دولة لا تقدّم لنا المعلومات في طريقة قانونية... تصدر أوامر اعتقال».

وكان القضاء التركي قد أصدر يوم الأربعاء الماضي مذكرتَي توقيف بحقّ النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودية أحمد عسيري والمستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني بموجب طلب من المدعي العام في اسطنبول للاشتباه بتورطهما في جريمة قتل خاشقجي.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية