المرصاد نت - متابعات
بعد خيبة عسكرية في اليمن وتعثّر في المشاريع الاستثمارية تعود السعودية إلى منطقة البحر الأحمر بمشروعين سياسي واقتصادي وذلك في محاولة لتثبيت موطئ قدم لها عند هذا الممر الحيوي ومع انطلاق العام الجديد وفي ظلّ التحولات العسكرية والسياسية التي رافقت العام المنصرم في منطقة البحر الأحمر تعتزم السعودية البدء بمشروع جديد في المنطقة الاستراتيجية وذات الأهمية الحيوية للملاحة العالمية بمشاركة الدول المطلة على البحر الأحمر وهي إلى جانب المملكة: الأردن ومصر والسودان وجيبوتي وحكومة هادي في عدن بالإضافة إلى مراقبين من الصومال. تتحرّك الرياض في سبيل البحث عن موطئ قدم في البحر الأحمر على مستويين: الأول سياسي يتمثل في إنشاء كيان للدول العربية والأفريقية المشاطئة له ولخليج عدن بدأت أمس أولى خطواته العملية بانطلاق تمرين «الموج الأحمر 1» البحري المشترك في المملكة والذي يستمرّ حتى الخميس المقبل. والثاني اقتصادي يتمثل في إطلاق مشروع «شركة البحر الأحمر للتطوير» وهو مشروع سياحي عملاق يستهدف جذب نحو مليون سائح سنوياً وتتوقّع السعودية أن يضيف 22 مليار ريال إلى الناتج المحلي للبلاد على أن ينتهي العمل به في عام 2022.
العودة السعودية إلى البحر الأحمر الذي بات ساحة تنافس القوى الإقليمية والدولية تأتي أولاً بعد فشل محاولات المملكة السيطرة على الساحل الغربي لليمن المطل على البحر الأحمر خلال ما يقارب أربع سنوات من العدوان المستمر. وثانياً بعد تعثر أحد أهم مشاريعها الاقتصادية «نيوم» الذي كانت تعتزم تنفيذه بنصف تريليون دولار بالاشتراك مع مصر والأردن بسبب هروب الاستثمارات الأجنبية على خلفية جريمة اغتيال جمال خاشقجي كما أعلن ولي العهد محمد بن سلمان، بنفسه في تصريحات نقلتها صحيفة «فاينانشيال تايمز» أخيراً في ظل مقاطعة جهات دولية عديدة لمؤتمر «مستقبل مبادرة الاستثمار» الذي كان من أهم أهدافه استقطاب المستثمرين الدوليين لإنجاز المشروع.
وبعيداً عن المشروع الاقتصادي الذي لا يجد عوامل نجاح على الأرض في المرحلة الحالية استعجلت الرياض في مشروعها السياسي إعلان إنشاء كيان للدول العربية والأفريقية خلال اجتماع عُقد في العاصمة الرياض في الـ11 من كانون الأول/ديسمبر على أنه استكمال للاجتماع الأول الذي استضافته مصر في الشهر نفسه من العام الماضي. وعلى رغم أنه لا اتفاق نهائياً بعد إلا أن وزير الخارجية السابق ووزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير اعتبر أن إنشاء تجمّع يسهم «في منع أي قوى خارجية من أن تلعب دوراً سلبياً في هذه المنطقة الحساسة» في حين أصبحت المنطقة محل تنافس إقليمي كبير في السنوات الأخيرة من دون أن تتمكن المملكة من تثبيت موطئ قدم لها فيها، طوال سنوات العدوان على اليمن بخلاف الإمارات الشريك الثاني في الحرب والتي باتت تدير عدداً من أكبر وأهم الموانئ في القرن الأفريقي.
إقليمياً فضلاً عن التنافس المبطن مع الإمارات على استقطاب الدول ذات الموقع الاستراتيجي في البحر الأحمر يدخل المشروع السعودي في مواجهة منافسين تاريخيين كتركيا التي امتدّت إلى المنطقة عبر جزيرة سواكن في السودان أخيراً بعد تمدّدها في قاعدتين عسكريتين في كلّ من الصومال وقطر. وإلى جانب تركيا، إيران، ذات الحضور القوي عبر كلّ من اليمن وجيبوتي. وفيما يصعب على المملكة التحكم في القوى الموجودة في المنطقة الصديقة وغير الصديقة حيث توجد نحو 11 قاعدة عسكرية (تتوزع بين عدة دول أبرزها أميركا والصين وروسيا وفرنسا واليابان وتركيا وإيران والاحتلال الإسرائيلي والإمارات) يعتمد المشروع السياسي على ركنين أساسيين هما مصر والسعودية أما باقي الدول المنضوية فيه فهي ضعيفة وليس مضموناً أن تغلق أبوابها أمام الدول المنافسة للرياض كتركيا وقطر وإيران وحتى الإمارات علماً بأن إعلان الاتفاق شهد غياب دولتين مؤثرتين في أمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي وهما إريتريا المطلة مباشرة على البحر الأحمر وإثيوبيا التي لا تطل على أي منافذ بحرية، لكنها الأكبر من حيث عدد السكان إذ يمكن للدول ذات المصالح في البحر الأحمر والمنافسة للرياض اللجوء إلى إثيوبيا وإريتريا أو إنشاء كيان مواز يضمّها إليهما خصوصاً أن السياسة الخارجية الإريترية وفق مراقبين تميل إلى الاتفاقيات الثنائية وغير المعلنة.
دولياً في اتجاه آخر تذهب تحليلات إلى أن المبادرة السعودية تأتي أولاً كردّ فعل على المبادرة التي قدمتها ألمانيا (ستدخل مجلس الأمن في كانون الثاني/يناير المقبل) لإنشاء تجمع لأمن البحر الأحمر وتبنّاها الاتحاد الأوروبي في أيلول/سبتمبر الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة حين اعتبرت الرياض والقاهرة أن أمن البحر الأحمر «شأن إقليمي» ولا علاقة للاتحاد الأوروبي به. وثانياً كرسالة إلى أطراف مناهضة لها داخل الولايات المتحدة لا سيما الكونغرس بأن لديها خيارات كثيرة لفك العزلة السعودية وهنا ربما تسعى الرياض إلى تقوية موقفها في التفاوض مع الأطراف الدولية المهتمة بالمنطقة بما فيها الصين التي تسعى إلى إحياء طريق الحرير التاريخي.
المزيد في هذا القسم:
- ليبيا : قرع طبول الحرب حول «سرت ـــ الجفرة» تقترب! المرصاد نت - متابعات يتَواصل الحشد العسكري في سرت، حيث تبدو المعركة في المدينة الساحلية ومنطقة الجفرة الواقعة جنوبها، قريبة. يعزّز ذلك الاحتمال تشبّث طرفَي ال...
- النفط السوري المسروق بين الإنفصاليين الكرد وحكومة الاحتلال ! المرصاد نت - متابعات عميل للاحتلال الإسرائيلي في سوريا يشتري النفط من الميليشات الإنفصالية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة ولكن بالرغم من العداء الكبير ب...
- المعركة بين ترامب والديمقراطيين تنتقل إلى القضاء! المرصاد نت - متابعات يواجه الديمقراطيون عراقيل عدّة في إطار متابعة إجراءات التحقيق لعزل دونالد ترامب، الأمر الذي يتمثل في عدم امتثال الشهود الأساسيين أمام مجل...
- الغارديان: ترامب حقق المستحيل.. توحيد إيران! المرصاد نت - متابعات كتبت الباحثة في مركز "سنتشوري فونديشن" للدراسات دينا اسفندياري مقالة في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية قالت فيها إنه بالنسبة للإيرانيين، ك...
- سلسلة حرائق تضرب لبنان والساحل السوري! المرصاد نت - متابعات يشهد لبنان لليوم الثاني سلسلة حرائق أتت على مساحات هائلة من الأحراج ولامست البيوت، أكبرها اندلع صباح أمس في منطقة المشرف (قضاء الشوف) وام...
- كيف تصنع أميركا إرهاب العنصرية البيضاء الجديدة لمصلحة "إسرائيل"؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين إرهاب التفوق العنصري الأبيض معروف منذ انحدار الشرق وصعود الدول الغربية في العبودية والاستعمار للسيطرة على مقدرات الشعوب الملوّنة. ل...
- الجزائر : الحراك يردّ على دعوة الجيش للحوار .. رحيل بن صالح وبدوي أولاً! المرصاد نت - محمد العيد لم تشذّ جمعة أمس عن سابقاتها في التعبئة الواسعة في المسيرات التي عمت كعادتها كل محافظات الجزائر، ووجهت رسائل إلى أصحاب القرار في البلا...
- المعارضة تختبر الإضراب الشامل: تحدٍّ لـ«الطوارئ» قبل إقرار البرلمان! المرصاد نت - متابعات نفذت قطاعات مهنية وشركات خاصة في السودان إضراباً عن العمل ليوم واحد أمس استجابة لدعوة من «تجمع المهنيين» وتحالفات المعارضة تم...
- الأشواط النهائية لـ«تصفية القضية الفلسطينية» المرصاد نت - متابعات لم يعد لقاء بنيامين تنياهو – محمد بن سلمان في الأردن كما نقلت صحيفة «معاريف» حدثاً مفاجئاً بل لم يعد عدم لقائهما في الأ...
- رغم اعتذار جونسون.. الحفل المخالف يحاصره ومطالبة باستقالة المرصاد-متابعات رئيس الوزراء البريطاني يواجه غضبا من الشعب والسياسيين يبدو أن حضور رئيس الوزراء البريطاني حفلاً في حديقة أثناء فرض البلاد إغلاقا لم...