بن سلمان يدافع عن قمع المسلمين في الصين !

المرصاد نت - متابعات

دافع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن الإجراءات القمعية ضد مسلمي الأويغور في الصين مانحاً لها الحق بالاستمرار في ذلك بذريعة أمنها القومى بعد ما ناشدوه الطلب من Bn salman2019.2.23الصين وقف اضطهادهم. فيما تؤكد تقارير احتجاز نحو مليون مسلم أويغوري في مراكز غير قانونية.

بن سلمان اشاد بما اعتبره خطوات "إعادة تثقيف السكان المسلمين في معسكرات "مكافحة الإرهاب" متجاهلا موقف الامم المتحدة التي اعربت عن قلقها من الاعتقالات الجماعية للأويغور داعية لإطلاق سراح سراحهم فورا دون قيد او شرط.

وقال تقرير لمجلة «نيوزويك» الأمريكية إن بن سلمان الذي يواجه انتقادات الدول الغربية نتيجة علاقته باغتيال الصحافي جمال خاشقجي وصل إلى الصين أمس الجمعة للقاء مسؤولين هناك وخلال زيارته تلك أدلى بتصريح يفهم منه أنه تأييد لإجراءات الصين المتعسفة بحق المسلمين فيها بقوله إن «للصين الحق باتخاذ إجراءات لمكافحة الإرهاب ومنع التطرف حفاظا على أمنها القومي» وهو ما سارع الصينيون إلى الاحتفاء به واعتباره تصديقا من السعودية للسياسات المتبعة ضد أقلية الإيغور.

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أكدت تلقيها تقارير موثقة تتحدث عن احتجاز نحو مليون من أقلية الأويغور المسلمة في الصين في مراكز غير قانونية معتبرة ذلك ينذر بالخطر. مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية وفي تقرير حقوقي اكدت أن المحتجزين الأويغور يرغمون في مراكز الاحتجاز على حفظ نشيد الحزب الشيوعي وإنكار الإسلام واجبارهم على أكل لحم الخنزير وشرب الكحول.

واتهمت مؤسسة "مشروع حقوق الإنسان للأويغور" السلطات بسجن واخفاء ثلاثمئة وثمانية وثلاثين مثقفاً على الأقل قسرياً منذ العام الفين وسبعة، مؤكدة بان السلطات تمارس ضدهم تمييزاً دينياً، وتتخذ إجراءات لمنعهم من أداء شعائرهم الدينية؛ من بينها منع الطلاب والمعلمين والموظفين من الصيام في شهر رمضان.

منظمة "هيومن رايتس ووتش" اتهمت الصين بإطلاق حملة انتهاك جماعية ممنهجة ضد المسلمين الأويغور، وقالت إن لديها أدلة جديدة على الاعتقال التعسفي الجماعي ضدهم، والتعذيب وسوء المعاملة والقيود المتزايدة على الحياة اليومية.

لماذا بارك بن سلمان معسكرات اعتقال مسلمي الصين؟

غيّر بن سلمان خطّ رحلته الخارجية التي يقوم بها حاليّاً ملغياً كلا من ماليزيا وإندونيسيا مكتفياً بباكستان التي تعاني أزمة سياسيّة وماليّة وجارها الخصم الهند التي لم تحاول تخفيف غضبها المستشيط من إسلام أباد بعد عمليّة مسلحة في كشمير أودت بعشرات العناصر الأمنية الهندية وجارها الثالث العملاق الصين التي لم تراع أيضاً بن سلمان معلنة أنها لن تتخلى عن علاقتها الاستراتيجية مع إيران.

ورغم سياسة الشيكات وإعلانات الصفقات بالمليارات في البلدان الثلاثة التي مرّ بها بن سلمان فإن هذه الأوضاع الجيوستراتيجية العاصفة معطوفة على الأوضاع المأزومة لبن سلمان نفسه وبلاده منذ تكشّف علاقته والدائرة الضيّقة المحيطة به باغتيال الصحافي جمال خاشقجي جعلت المحصول الحقيقيّ لتلك الجولة ضعيفاً.

 مواقف جولة بن سلمان كانت في الصين فقد توقّع البعض من السعودية وهي البلاد التي خرج منها الإسلام وموقع أهم أقداس المسلمين التي يحجّون إليها كل عام أن تقوم بالضغط على حكومة بكّين لإقفال معسكرات الاعتقال المشينة لأكثر من مليون مسلم وزيارة الأقاليم التي انتشر فيها الإسلام (لم تحصل بين المسلمين وبلاد الصين غير معركة واحدة خلال الحقبة العباسية وكانت أول وآخر صدام بين الطرفين).

غير أن ما حصل كان غريباً جداً بكافة المقاييس وهو أن بن سلمان أعلن تأييده لعمليات الاضطهاد الجماعي الممنهج للمسلمين الصينيين قائلا خلال لقاء مع الرئيس الصيني تشي جيبينغ إن «للصين الحق بإجراءات مضادة للإرهاب ومنع التطرف حفاظا على أمنها القومي» وهو ما تداوله الصينيون باعتباره مباركة من النظام السعودي وزعيمه لما يقوم به زبانيتهم في معسكرات الاعتقال الجماعي للمسلمين.

يعاني الموجودون في تلك المعسكرات من ظروف مريرة أوّلها أن لا أحد يعلم متى يُطلق سراحه والازدحام شديد وفي المعسكرات أشخاص عجائز أو يعانون من أمراض كما أن هناك أطفالا ومراهقين ونساء حوامل ومرضعات وأصحاب إعاقات وقد ذكر أشخاص نجوا من تلك المعتقلات أن الكثيرين يحاولون الانتحار كما يعاني الكثيرون من العقوبات الجسدية بتهم عدم إطاعة الأوامر.

ما الذي جعل السعودية التي كانت رمز الإسلام في العالم والمدافع الكبير عن حقوق المسلمين تتعامل بهذه الركاكة مع معاناة ملايين المسلمين الصينيين؟
كان مفهوماً بالطبع أن يقوم بن سلمان بتسويق نفسه باعتباره الحاكم الذي سيدخل بلاده عالم الحداثة وأنه سيغيّر صورة السعودية التي ارتبطت على مدى عقود طويلة بالقسوة العنيفة والترف المبتذل والاستبداد المهول والتقاليد الرجعية التي تسيء للمرأة وقد استجاب السعوديون وقطاعات واسعة في العالم والشرق الأوسط لهذه الفكرة قبل أن يكتشفوا أن داعي «الحداثة» المتنوّر وبطانته الشابة كانت اقسى بكثير من سابقاتها وأن دعاوى التنمية والخير الفائض والحداثة وتحرير النساء ليست غير مزاعم فارغة تخفي إرادة استبداد مطلقة وهو أمر أدّى عند اكتشافه إلى هبوط حادّ جداً في أسهم وليّ العهد ومطالبات غير مسبوقة بتنحّيه وتحميله مسؤوليات الفساد المستجد والجرائم الفظيعة والانتهاكات الشائنة.

رغم أن تصريح وليّ العهد في الصين يؤكد المؤكد وهو أن المستبدّين أولياء بعض لكنّ هذا الاسترخاص الفظيع لحياة المسلمين الصينيين يشير أيضاً إلى ضعف بن سلمان السياسيّ فهو ليس زائراً كندّ لمن يزورهم، ولكنّه يبحث ببساطة عن شرعيّة افتقدها لدى شعبه، وجاء يبحث عنها في الخارج.

بن سلمان وجدوى جولته الآسيوية

 لا زال شبح جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي التي ارتكبت داخل مبنى القنصلية السعودية في اسطنبول من قبل رجال مخابرات مأمورين من قبل اقرب المقربين الى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تلاحق الأمير الذي عرف نفسه كقيادة اصلاحية.

هذا الامير يريد نقل مملكة النفط الحاضنة للفكر التكفيري وسلطتها القبلية الى دولة يمكن القبول بها في الالفية الثالثة كدولة تراعي الحد الادنى من الحريات الاساسية وحقوق الانسان بعد ان كانت سلطة آل سعود فازت بشرف الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع المرأة حتى من حق قيادة السيارات.

فالامير الشاب الذي بذخ اموال طائلة في تسويق نفسه كاصلاحي في الراي العام الغربي عامة والاميركي خاصة وعقد آمال كبيرة على ملياراته التي اغدقها على رجل العقار في البيت الابيض دونالد ترامب وصهره في فرضه ليس ملكا جديدا في الجزيرة العربية بل قائدا عربيا يكون رجل الغرب في الشرق الاوسط، وقد اخذه بسبب هذه الآمال، الغرور حتى تجبر على من يعول عليهم في بناء تحالفاته الاقليمية مثل الاردن والمغرب فخسر البلدين وهو في خصام مع المحور التركي القطري بسبب حصار قطر.

وبما ان الرياح تاتي بما لا تشتهيه السفن فان فضاىح الحرب الشاملة على اليمن وما سببته من ويلات وكوارث وفضاعات ومن ثم اعلان الحرب السياسية على قطر وتبعا على حليفتها تركية، ومن ثم تتويج التخبط السعودي تحت سلطة بن سلمان بارتكاب اغبى جريمة اغتيال واكثرها بشاعة ضد خاشقجي، وضع بن سلمان في وضع لا يحسد عليه وانقلب عليه الراي العام الغربي وخاصة الاميركي فاصبحت الدول الاوربية تراجع سياسات تصدير السلاح الى الرياض والكونغرس الاميركي يريد مراجعة سياسة واشنطن تجاه السعودية ووقف صادرات الاسلحة ومحاسبة الشاب المهووس بالسلطة.

وفي ظل كل المآزق التي حاصر بن سلمان نفسه بها حاول تببيض صورته باي شكل من الاشكال، فقام بجولات عربية لكنها فشلت لانه دخل هذه الدول متخفيا وخرج منها متخفيا بسبب الغضبات الشعبية من تراكم السياست التكفيرية ودعم الطواغيت وقمع الثورات الشعبية، وحتى في قمة العشرين كان شبه معزول من قبل قادة اكبر عشرين اقتصاد عالمي، ولذلك لجأ هذه المرة الى الشرق والى دول آسيوية بعينها ليكون اعلان اتفاقيات بمليارات الدولارات محاولة تلميع صورته بعد فشل تببيضها.

فباكستان والهند والصين سياساتها واضحة من الشرق الاوسط وهي اقتصادية بحتة لا ترقى الى التحالفات السياسية او بناء قواعد عسكرية يمكن ان تراهن عليها الرياض لاثارة الاوربيين او الاميركيين في حال شددوا من لهجتهم الناقدة لبن سلمان وما يسببه من فوضى واحراجات لا يمكن السكوت عليها. وبذلك تكون جولة بن سلمان الآسيوية هي جولة علاقات عامة لانه يعلم كما اعلن حليفه ترامب ان السعودية لن تصمد لاسبوعين كدولة بدون الحماية الاميركية.

فهروب بن سلمان الى آسيا لن يغير من صورته في الراي العام العالمي شيئا رغم ما يحاوله من الايحاء بانه غير مكترث لتداعيات جريمة خاشقجي ولردود الافعال تجاه حربه المسعورة على اليمن ولا لهزيمة اساطيله الاعلامية امام امبراطورية قطر الاعلامية، وانه الرجل القوي في مملكة النفط وانها الدولة العربية الاقوى التي يمكن الرهان عليها في التحالفات الاقليمية والدولية.

وفق الحسابات السياسية السوية فان ما ارتكبه بن سلمان من اخطاء وما سببه من فوضى وكوارث، لا تجعل له مستقبلا في قيادة السعودية وتفترض ان على بيت آل سعود ان يتحرك لانقاذ مملكته من الزوال والافول اذا بقيت تحت امرة بن سلمان ولعلهم يجتهدون في ايجاد بديل عنه اما برضاه داخل هيئة البيعة وباي سيناريو، او التخلص منه بالطرق التي عرف بها بيت ال سعود عندما يدب بينهم الخلاف ويصبح حكمهم في مهب الريح.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية