المرصاد نت - متابعات
دوما ما يحاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان استرضاء الدول الغربية ومحاولة تحسين صورة المملكة تارة بالزيارات وأخرى بالتصريحات التي يدّعي فيها إجراء إصلاحات بالمملكة إلا أن خططه سريعا ما تفشل حين تصطدم بالواقع لأنه يعطي وعودا لا يستطيع الوفاء بها وهذا ما حدث تحديدا بشأن تنفيذ الإعدامات التي ارتفع معدل تنفيذها في المملكة وسط طوابير من المهددين بتطبيق تلك العقوبات عليهم رغم إعلانه بأنه سيقلل من استخدامها.
ووصف مراقبون وحقوقيون أحكام الإعدام التي تصدرها المملكة السعودية بأنها عملية قتل مجردة ولا يوجد بها اعتبار للقضاء أو للمحامين في بلد هو الوحيد الذي يصدر حكما بالقتل بسبب تغريدة عبر “تويتر” مشيرين إلى أن التنديدات شديدة اللهجة بعقوبة الإعدام التي يتمسك بها النظام السعودي لا تتوقف رغم أن النظام يصم الآذان عن المطالبات بإلغائها.
يبدو أن “بن سلمان” نقض وعوده التي أعلنها العام الماضي عبر مجلة “التايم” الأمريكية التي تصدر بنسخة أوربية وآسيوية وكندية بأنه سيتم التقليل من عقوبة الإعدام إلى حد كبير وفقا لمبادرة يتم العمل عليها لتعلن مجلة “إنسايدر” بعدها، أن السعودية ستحطّم رقما قياسيا جديدا خلال العام 2019 في تنفيذ عقوبة الإعدام استنادا إلى إحصاءات لمنظمات حقوقية.
وبحسب المجلة فإن السعودية نفذت 43 حكما بالإعدام منذ الأول من يناير/كانون الثاني وحتى منتصف الشهر الجاري وهو ما يعد ارتفاعا ملحوظا في تنفيذ أحكام الإعدام في المملكة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما دفع المسؤولين خلال العام 2015 إلى فتح باب التوظيف أمام الراغبين في الالتحاق بفريق الجلادين. ولم يشترط الإعلان استيفاء المترشحين أي مؤهلات أو مهارات، واكتفى بالقول إن من سيوظف “سينفذ أحكام الإعدام”.
وفي بيان مشترك قدمته المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومنظمتي “ADHRB” و”سلام”، في مجلس حقوق الإنسان، أكدوا أن الحكومة السعودية تستغل عقوبة الإعدام بشكل سياسي، مشيرة إلى أن المملكة تستغل مجلس حقوق الإنسان وعضويتها فيه لتبرير انتهاكاتها وتزوير الحقائق، فيما يشهد الواقع تدهورا غير مسبوق.
وقالت الباحثة في المنظمة الأوروبية السعودية دعاء دهيني إنه منذ بداية 2019م أعدمت السعودية 44 شخصاً نصفهم لم يواجهوا تهما من التي تصنف ضمن الأشد خطورة في القانون الدولي، فيما لا يزال أكثر من 60 شخصا يواجهون خطر الإعدام على الرغم من إفتقار محاكمتهم لشروط العدالة وبينهم 8 أطفال على الأقل.
وأفاد التقرير السنوي للمنظمة الأوربية بشأن عقوبة الإعدام، بأن السعودية استخدمت خلال السنوات الأخيرة أحكام الإعدام السياسية ضد نشطاء من المنطقة الشرقية في البلاد، وذلك من خلال تلفيق تهم بالعنف ووسعت نطاق العقوبة حتى من دون تلفيق تهم عنف، لتجعل من الإعدام أداة ترهيب سياسي. وبالتالي تم إستهداف قطاعات جديدة من المجتمع المدني من خلال عقوبة الإعدام بمن في ذلك المدافعات عن حقوق الإنسان ورجال الدين والنقاد.
وتأتي هذه التقارير في وقت تشهد فيه المملكة اضطرابات داخلية حادة على خلفية حملات الاعتقالات التي تشنها السلطات السعودية ضد المعارضين والنشطاء لسياسة ولي العهد محمد بن سلمان والتي أتبعها محاكمات صورية طالبت فيها النيابة العامة في المملكة بالإعدام لمعارضين ودعاة والتي كانت محل انتقادات وتحذيرات حقوقية دولية.
وعلى خليفية الأحكام التعسفية المتمثلة في التوظيف السياسي لعقوبة الإعدام ضد النشطاء والمفكرين في السعودية عُقد مؤتمرا صحفيا في جنيف السويسرية منتصف الشهر الجاري، قالت دهيني إن “هذه الأرقام تأتي على الرغم من وعود ولي العهد محمد بن سلمان في أبريل/نيسان 2018 بتقليصها إلى الحد الأدنى ما يثبت أن تصريحه لم يكن سوى جزءا من حملته الترويجية لما أطلق عليه مسمى (إصلاحات)”، مشيرة إلى تزايد الإستخدام السياسي لعقوبة الإعدام.
ومن جانبه، فوّض عبد الله العودة، ابن الداعية السعودي سلمان العودة المحامي الدولي “فرانسويز زيمراي” خلال المؤتمر، للعمل القانوني دفاعا عن والده بعد أن كشف ما تعرض له والده في المعتقل وطلب النيابة العامة بإعدامه من بعدما اعتقل في سبتمبر/أيلول 2017م وقارن بين ما حصل لصديقه الصحفي جمال خاشقجي وما تريد السلطات السعودية أن تقوم به ضد والده.
العودة وفي مداخلة مسجلة، انتقد الاتهامات التي يواجهها والده في السجن مؤكدا أن كل ما قام به هو أنه طالب بالإصلاحات الحقيقية عبر “تويتر” وأشاد بأهمية أن تشمل “المساعي الدولية حماية جميع المعتقلين والمعتقلات وبينهم لجين الهذلول وعزيزة اليوسف اللواتي حولن أخيراً إلى المحاكمة”.
وعقب حصوله على توكيل للدفاع عن العودة، أفصح المحامي الدولي “فرانسويز زيمراي” عن توجهه لطلب زيارة لموكله سلمان العودة للدفاع عنه بشكل قانوني ولضمان حصوله على كامل حقوقه، لافتا إلى أن ما يحدث في “السعودية ليست إنتهاكات عادية وعليه يرى أهمية مواجهة النظام لا الدولة، لأن هذا النظام هو الذي يسمح لأفراد ليسوا مؤهلين حقا ليكونوا قضاة، ليحكموا على الناس بالقتل”.
السلطات السعودية أوقفت العودة في 10 سبتمبر/أيلول 2017م ضمن حملة توقيفات شملت عددا من العلماء والكتاب وذلك عقب وقت قصير من تدوينة دعا الله فيها أن “يؤلف القلوب” على خلفية تقارير عن مصالحة محتملة بين دول الأزمة الخليجية.
وفي سبتمبر/أيلول 2018م انطلقت محاكمة العودة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض وطالبت النيابة السعودية باستصدار حكم بالإعدام ضده بتهم تتعلق بـ”الإرهاب”، وفق ما ذكر نجله عبد الله وتقارير صحفية آنذاك.
وقد أصدر محامو العودة الفرنسيون بيانا سابقا في باريس أكدوا فيه أن محاكمته “تندرج في إطار سياسة اضطهاد قضائي تقوم بها السعودية ضد مثقفين يمارسون حقهم في حرية التعبير والرأي”وفي 6 مارس/آذار الجاري أعلن عبد الله نجل الداعية السعودي سلمان العودة أن الجلسة السرية التي كانت مقررة لمحاكمة والده -والتي تأجلت ثلاث مرات- انعقدت دون حضور والده.
وقال في تغريدة له على حسابه في “تويتر” إن النائب العام أكد خلال الجلسة طلبه السابق بقتل والده تعزيراً بناء على تهم وصفها بـ”الفضفاضة” تتعلق بتغريدات وبنشاط والده العلمي والثقافي.
قال رئيس منظمة “القسط” لحقوق الإنسان الناشط الحقوقي يحيى عسيري، إن الإعدامات زادت في السعودية بشكل ملحوظ منذ وصول الملك سلمان إلى الحكم وزاد الاستهتار في تنفيذ تلك العقوبة، مشيرا إلى أن السلطات السعودية تعتمد في كثير من الاعدامات على سياسة الإعدام تعزيزاً وهو ما يعني أنه لا يوجد حكم قضائي ولا شرعي ولا قانوني لتنفيذ العقوبة وإنما هو باجتهاد القاضي.
وأضاف في حديثه لـ”الاستقلال” أن “السعودية لا يوجد بها قضاة لديهم التأهيل والصلاحية ليحكموا في رقاب الناس وحياتهم ولذلك يستخدم القضاء سياسيا داخل السعودية، وتستخدمه السلطات كيفما تريد لأنه مجرد أداة سياسية تتلاعب بها السلطات”.
وتابع عسيري: “لذلك نحن نرفض عقوبة الإعدام في السعودية ونريد إيقافها لأنها في يد من لا يؤتمن على رقاب الناس” مستطردا: “أما الإعدام القصاص، فهناك تفريط أيضا في تطبيق هذه العقوبة، وكثير من الأشخاص لم يواجهوا محاكمة عادلة رغم أن البعض قالوا إن الحكم شرعي بينما لم يكن هناك محام أو مترجم في عدد من حالات العمالة الأجنبية وغيرها”.
وأكد أن السعودية يطبق فيها حكم الإعدام على الضعفاء بينما أبناء القبائل الكبيرة تكون هناك حالة من الاستنفار في حال صدر حكم مثل هذا ويتم التوسط له لإخراجه بالأموال، متابعا: “الأسوأ من هذا كله أن لو ارتكب الجريمة أحد من أبناء الأسرة الحاكمة فسوف ينجو ويطبق الإعدام بحق شخص آخر في عملية تلاعب بالقصاص، ولذلك لا يمكن القول إنها عقوبة شرعية”.
وأكد الناشط الحقوقي السعودي، أن “المشكلة في عقوبة الإعدام أنها الغلطة الحقوقية التي لا يمكن التراجع عنها، لأنه عندما يفقد الشخص حياته بسبب ظلم من القاضي أو تقارير كاذبة أو أقوال منتزعة تحت التهديد لا يمكن التراجع عنها”.
وأضاف: “إذا قال أحد إنه مع الإعدام لأنه أمر شرعي، فعليه أولا أن يطالب بإعدام من أصدروا أوامر بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي” مشيرا إلى أن “إبقاء الإعدام بيد سلطات غير مستأمنة على أموال الناس، فكيف تستأمن على دمائهم”.
وفيما يخص قضية خاشقجي، نشرت “الجارديان” موضوعا لمارتن شولوف – محرر شؤون الشرق الأوسط- في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عنوانه “السعوديون يسعون لحماية ولي العهد بالسعي لإصدار حكم الإعدام في قتل خاشقجي”.
وقال شولوف، إن الادعاء العام في السعودية أعلن نيته المطالبة بإعدام 5 من المتهمين بارتكاب جريمة اغتيال خاشقجي، سواء عبر إصدار الأوامر أو التنفيذ، معتبرا أن هذه الخطوة هي الأحدث في مسلسل تسعى من خلاله السلطات السعودية إلى إبعاد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد والحاكم الفعلي للبلاد عن الجريمة البشعة.
وأضاف أن “المتحدث باسم المدعي العام السعودي قال إن الأمير محمد بن سلمان ليس متورطا في الجريمة مطالبا تركيا بتسليم الأشرطة والتسجيلات التي تمتلكها وتوثق عملية الاغتيال”.
ولم تسلم نساء السعودية من تطبيق عقوبة الإعدام فقد أكد قبل أيام حساب “معتقلي الرأي” المتخصص بنقل أخبار المعتقلين السعوديين أن السلطات السعودية تستعد لإصدار حكم الإعدام على الناشطة السعودية إسراء الغمغام، المعتقلة مع زوجها موسى الهاشم بعد دهم منزلهما في القطيف ذات الغالبية الشيعية في المملكة.
وكانت النيابة العامة السعودية قد طالبت في أغسطس/آب الماضي، بإعدام “الغمام”، حيث تتعلق التهمة الموجهة لها بالتوثيق والمشاركة منذ عام 2011 م في مظاهرات تطالب برفع “الإجحاف” عن المنطقة الشرقية التي تعتبر القطيف أكبر مدنها. وهذا مطلب تعتبره السلطات “خيانة”.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن “التهم الموجهة إليها هي: المشاركة في المسيرات والمظاهرات في منطقة القطيف، والتحريض على التظاهر وترديد عبارات مناوئة للدولة ومحاولة التأثير في الرأي العام وضد السلطة، وتصوير المسيرات ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي وتوفير الدعم المعنوي للمشاركين في التجمعات”.
وفي سياق متصل أجبرت سلطات النظام السعودي المعتقلات المفرج عنهن من سجونها على التوقيع على تعهدات تجبرهن على عدم الحديث عما جرى لهن في المعتقل.
وقال حساب «العهد الجديد» في «تغريدة» له على حسابه في «تويتر»: السلطات السعودية اشترطت على المعتقلات المفرج عنهن: رقية المحارب، عزيزة اليوسف، إيمان النجفان عدم الحديث عما جرى لهن في المعتقل ومن أجل ذلك تم توقيعهن على تعهدات. وأضاف «العهد الجديد»: قالوا لهن إن إعادة سجنهن واردة إن تحدثن عن وقائع وأهوال ما تعرضن له.
وكانت السلطات السعودية أفرجت الخميس الماضي عن ثلاث ناشطات في مجال حقوق النساء من أصل 11 اعتقلن العام الماضي في حملة استهدفت ناشطين حقوقيين وقد أفرج عنهن بعد شهور من المعاناة والتعذيب والتحرش الجنسي.
قراءة : شذزوى الصلاح - صحيفة الاستقلال
المزيد في هذا القسم:
- نيويورك تايمز: ترامب جلب لنفسه الأزمة مع إيران! المرصاد نت - متابعات نشر الكاتب الشهير في صحيفة "نيويورك تايمز" نيكولاس كريستوف مقالة رفض فيها تورط الولايات المتحدة الأميركية في حرب مع إيران من أجل السعودية...
- لماذا منعت واشنطن قراراً دولياً يدين "حفتر" بمجزرة المهاجرين؟ المرصاد نت - متابعات عرقلت الولايات المتحدة إصدار بيان عن مجلس الأمن الدولي يدين ضربة جوية استهدفت مركزاً لاحتجاز المهاجرين في ليبيا وأوقعت أربعة واربعين قتيل...
- فورين بوليسي: واشنطن خدعت الرياض وباعتها صواريخ باتريوت فاشلة المرصاد نت كشفت مجلة فورين بوليسي أن واشنطن قامت بخداع السعودية وباعتها صواريخ باتريوت فاشلة لم تتمكن من اعتراض الصواريخ اليمنية. وشككت المجلة بمصداقية تأك...
- مركز "كير" الاسلامي: الإمارات تمول 33 مؤسسة معادية للإسلام المرصاد نت - متابعات كشف مدير عام مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" نهاد عوض اليوم الخميس عن قيام دول عربية بدعم مؤسسات تهاجم المسلمين وتروج للإسلاموفوب...
- الجيش يواصل عملياته العسكرية ويفتح ممرّ آمن للمدنيين في ريف حماة! المرصاد نت - متابعات وصلت وحدات الجيش العربي السوري صباح اليوم الجمعة إلى محيط النقطة التركية بعد سيطرتها على كامل الجيب المحاصر وهروب المسلحين منها قبل سيطرة...
- الغارديان: الاضطرابات والفوضى تعصف بالداخل السعودي المرصاد نت - متابعات استعرضت صحيفة الغارديان البريطانية اليوم الثلاثاء في مقالها الافتتاحي الذي جاء تحت عنوان "الأمير السعودي الشاب يسعى لكسب المزيد من ...
- واشنطن : تبرئة ترامب أمام مجلس الشيوخ! المرصاد نت - متابعات عندما مزّقت نانسي بيلوسي قبل يومين خطاب الرئيس دونالد ترامب عن حال الاتحاد أمام الكونغرس، كانت تفصح بذلك عن حنق مكتوم من المرحلة السابقة:...
- جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات غير مسبوقة في غوانتانامو الإمارات المرصاد نت - متابعات دعا حقوقيون وناشطون بريطانيون إلى إجراء تحقيق دولي شامل في ملف الانتهاكات داخل السجون الإماراتية مؤكدين أن هذه السجون تغصّ بمعتقلي الرأي ...
- عشرات الضحايا في انفجار انتحاري استهدف مسجداً في باكستان المرصاد نت - متابعات هزّ انفجار عنيف اليوم الجمعة 31 مارس/ آذار مدينة باراتشينار في المنطقة القبلية بأقصى شمال غربي باكستان مما أسفر عن سقوط 15 قتيل على الأقل...
- الصومال تطرد القوات الإماراتية وتقضي على نفوذها العسكري المرصاد نت - متابعات خسرت الإمارات سباق النفوذ بمواجهة تركيا وقطر واضطرت للخروج من الصومال من “الباب الخلفي” بعدما تعرضت لما يشبه الطرد من قبل الح...