المرصاد نت - مي علي
في تصعيدٍ لافت انتقلت الاحتجاجات المستمرة منذ أربعة أشهر في السودان من التظاهر في شوارع العاصمة إلى الاعتصام والتمترس في محيط مقرّات القيادة العامة للقوات المسلحة، شرق الخرطوم على مقربةٍ من بيت الضيافة المجاور، حيث يقيم الرئيس عمر البشير.
وقضى الآلاف ليلتهم الثانية أمس أمام المجمع الذي يضم مقر القيادة العامة حيث التأم المجلس الأعلى للدفاع والأمن الوطني برئاسة البشير وبحضور عدد من الوزراء، على رأسهم وزيرا الدفاع والداخلية. وإثر هتافات المعتصمين أكد مجلس الدفاع والأمن أن المحتجين يمثلون شريحة من شرائح المجتمع وأنه يجب الاستماع إلى مطالبهم قبل يوم من استماع البرلمان في جلسة ظهر اليوم إلى بيان وزارتي الدفاع والداخلية بشأن الأوضاع الأمنية في البلاد.
وتَتوّج الاعتصام المستمر في محيط مقار القيادة العامة تظاهرة مليونية كانت الأكبر منذ بدء الاحتجاجات أول من أمس بدعوة من «قوى الحرية والتغيير» بقيادة «تجمع المهنيين السودانيين»، بالتزامن مع ذكرى انتفاضة 6 نيسان/أبريل 1985م التي أطاحت حكومة الرئيس الراحل جعفر نميري. وكما كان للجيش الدور الأهم في إطاحة النظام السابق إثر انحيازه التام لمطالب الشارع دعا المتظاهرون والمعتصمون المؤسسة العسكرية إلى دعمهم في معارضتهم وردّدوا هتافات من سبيل «السودان يتحرّر الجيش يتحرّر» في دعوة جديدة بدأت تحملها التظاهرات في السودان ليكون موقف الجيش على غرار نظيره الجزائري الذي وقف إلى جانب الشعب في مطلب عزل الرئيس.
ورغم ضبابية موقف المؤسسة العسكرية في السودان من المعتصمين إلا أنها اتخذت موقفاً شبه محايد أمس حين شكلت قواتها المتمركزة خارج مقار القيادة حائط صدّ بين حشود المعتصمين وقوات الأمن والدعم السريع (قوات خاصة تابعة للجيش)، التي سعت إلى فضّ الاعتصام بالقوة بعد إعلان حظر التجول أمس إذ استخدمت الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية ما أدى إلى سقوط خمسة قتلى بالرصاص، وعشرات الإصابات المتفرقة بحسب ما أعلنت لجنة الأطباء المركزية ما دفع الجيش إلى التدخل لوقف القمع باستخدام العنف المفرط الذي يؤكد المراقبون أنه بات رهاناً خاسراً للبشير في سعيه إلى إنقاذ نظامه وهو ما يفسّر مسارعة حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم أول من أمس إلى عقد اجتماع برئاسة رئيسه المفوض أحمد هارون أشاد خلاله بالأجهزة الأمنية على تعاملهم بحكمة وعالية إزاء الحشد الجماهيري مؤكداً أن التغيير المحتكم لإرادة الشعب هو الطريق الوحيد للحفاظ على الوطن.
وفي ضوء دعوات المعتصمين و«تجمع المهنيين» للجيش بالانحياز لإرادة الشعب تشي تسريبات عديدة ومتقاطعة بأن الساعات المقبلة قد تحمل تطورات حاسمة لموقف المؤسسة العسكرية على الأرض في حين يعاني الجيش من انقساماتٍ حادةٍ في صفوفه، بين قيادات عليا تُدين بالولاء للرئيس البشير وأخرى ذات رُتب أقل ومن صغار الضباط، أبدى بعضهم ميلاً لمطالب الشعب وشاركوا في تظاهرات ضده.
ويبدو موقف المؤسسة العسكرية في الوقت الحالي أكثر ما يتحسّب له البشير، الذي تولى السلطة عبر انقلاب عام 1989م خشية من انقلاب يطيحه بدعم من الجيش على غرار حسمه المواقف في ثورتي 1964 و1985م ولذلك اتجه الرئيس في مرحلة سابقة إلى عسكرة السلطة لتطويق نفسه بمؤيدين له من الجيش، من خلال تعيين حكام الولايات وتعيينات في الحكومة عكست قلقاً عميقاً لديه من انشقاقات داخل المؤسسة العسكرية.
الاعتصام الذي انتهت إليه تظاهرة السبت أعاد الزخم إلى الحراك الشعبي، بعد تراجع نسبي للتعبئة في الأسابيع الأخيرة. ومن المنتظر أن يتواصل أمام مقار القيادة العامة في العاصمة في ظل استمرار توافد المواطنين الذين يزودون المعتصمين بالمؤن الغذائية والمياه، متخطّين المتاريس التي وضعها الجيش في كل الشوارع المؤدية إلى المقار.
كذلك يعتزم المحتجون ابتداءً من اليوم تنفيذ اعتصامات أمام فروع القيادة العامة للجيش في مختلف أقاليم السودان إلى حين إعلان البشير التنحي وتسليم السلطة إلى مدنيين وفق ترتيبات «قوى الحرية والتغيير» كما طالب «تجمع المهنيين» الذي بدأت دعواته إلى الاعتصام تلقى استجابة أمس وذلك عبر إغلاق معظم المحال التجارية والشركات الخاصة في العاصمة، في حين أغلقت السلطات الأمنية عدداً من الشوارع الرئيسية في العاصمة.
كذلك أغلقت السلطات الجسور التي تربط الخرطوم بمدينتي بحري (شمال) وأم درمان (غرب) بالإضافة إلى إجراءات اتخذتها الجهات المختصة من شأنها الضغط على المحتجين كقطع خدمة مواقع التواصل الاجتماعي، وشبه توقف خدمة الانترنت بشكل عام، ودخول أنحاء البلاد كافة في حالة ظلام تام استمر لأكثر من ساعة قبل أن يعود التيار الكهربائي تدريجياً إلى المدن.
المزيد في هذا القسم:
- التفاهم الروسي ــ الأميركي: دمشق صاحبة اليد العليا في الجنوب المرصاد نت - فراس الشوفي لم يكن الاتفاق الروسي الأميركي سوى انعكاس لموازين القوى في الجنوب السوري التي ثبّتها الجيش بقوّة الميدان على مدى السنوات الماضية. ...
- ماي «تُعاند» الأوروبيين: سأحصل على تنازلات ! المرصاد نت - متابعات على رغم الموقف المتصلّب للاتحاد الأوروبي في شأن عدم إعادة التفاوض على اتفاق خروج بريطانيا من التكتلّ ــ «بريكست» ــ أكدت رئيس...
- من هم اليهود "الحريديم" وما دورهم في السياسة الصهيونية؟ المرصاد نت - متابعات الحريديم (haredim) طائفة من اليهود الأرثوذكس تعيش في وسط منغلق على نفسه في الكيان الإسرائيلي واشتقت كلمة "حريدي" من فعل "حرد" بمعنى أعتزل...
- 30 أسبوعاً على «مسيرات العودة»: غزة تجتاز الاختبار المرصاد نت - متابعات لم تجدِ التهديدات الإسرائيلية في دفع الفلسطينيين خلف «منطقة عازلة» مداها 300 متر كما أعلن العدو بل زادت كثافة المتظاهرين وحال...
- هآرتس: لا تقلقوا ..ستقع الحرب وستكون اكثر اصرارا ونارا وقتلى المرصاد نت - متابعات جزم المحلل السياسي في صحيفة هآرتس كوبي نيف بوقوع حرب اسرائيلية هذا العام بغض النظر عن وجود اليميني الصهيوني المتطرف افيغدور ليبر...
- هنية و«الصابرين» على «قائمة العقوبات»... ودعم مالي أوروبي لغزة المرصاد نت - متابعات أدرجت وزارة الخزانة الأميركية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في قائمتها «للإرهاب» قائلة في بيان نش...
- الرئيس روحاني يرفض عرض ترامب: للتفاوض «أصول» المرصاد نت - متابعات خرج الرئيس الأميركي حاملاً بيد حزمة أولى من العقوبات على إيران وباليد الأخرى دعوة إلى «تغيير السلوك» والتفاوض. وضْعُ إيران بي...
- في ظل تصاعد التوتر بين الغرب وموسكو.. القوى العالمية الكبرى تتعهد بتجنيب البشرية صراعا نوو... المرصاد-متابعات اتفقت كل من الصين وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا على ضرورة تفادي زيادة انتشار الأسلحة النووية وحدوث حرب نووية, جاء ذلك في ...
- أوباما فى 11 سبتمبر وآخر خطاب له في الذكرى : داعش والقاعدة عاجزان عن التغلب علينا المرصاد نت - وكالات وقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأحد 11 سبتمبر/أيلول دقيقة صمت قرب البيت الأبيض في واشنطن إحياء لذكرى 3000 شخص قتلوا في مثل هذا اليوم في...
- غارات على غزة.. واستشهاد طفل برصاص الاحتلال! المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر أمني فلسطيني بأن طائرات الاحتلال الاسرائيلي شنّت فجر اليوم عدة غارات على شمال القطاع. وأضاف أن الغارات استهدفت مرصداً للمقاومة ...