السودان بين متاهات التناوب ... وفشل الإخوان!

المرصاد نت - متابعات

متاهات التناوب، عنوان حول المغرب للباحثة رقية المصدق رصدت فيه الحركة السياسية المغربية وتجربة ما يُعرَف بدولة المخزن في هذه الحركة وقد وجدت العنوان ملائماً للحالة السودانية ALsoudan2019.4.25التي تراوح مكانها بين العسكر وأحزاب اليمين كما في إطار الشعارات والمطالب نفسها منذ عقود.
كانت السودان قد خضعت لحُكم ثنائي بريطاني مصري في نهاية القرن التاسع عشر وذلك تحت تأثيرات متعدّدة، كبوابة لإفريقيا الإستوائية من جهة كما بسبب الصراع على القطن وغيره.
ومع تفاعُل الأهالي مع الحراك السياسي المصري وانتفاضة 1919م وكذلك بسبب تقاليد الكفاح السودانية ضد الإستعمار البريطاني شهدت السودان سلسلة من الانتفاضات الشعبية الوطنية والطبقية وكان ملاحظاً في كل مرة عدم انخداع الأهالي بالوعود والمشاريع البريطانية المزعومة للإصلاح الدستوري واتّساع قاعدة العمل السياسي الحزبي بكل تياراته.
وكما وفّرت انتفاضة 1919 المصرية بيئة إقليمية لكل ذلك ساعدت حركة الضباط الأحرار بزعامة جمال عبد الناصر واحترامها لإرادة السودانيين على استقلال السودان وإعلانه جمهورية مستقلّة عام 1956.
منذ ذلك الحين دخل السودانيون في تناوبات موضوعية بين الأحزاب والعسكر، تكاد تكون سِمة خاصة بهذه التجربة بما يشبه التناوب الدائري بين الأحزاب نفسها كما بينها وبين العسكر كما في شعاراتها ومطالبها كما لو أن السودان يدور في فراغ.
ولا بد قبل مقاربة هذه التجربة من الوقوف عند موضوعين:
1- أبرز التيارات السياسية والنقابية التي تُدير هذا التناوب أو تخضع له.
2- الخاصرة الجنوبية.

أحزاب السودان
بين الأعوام 1945 و1950م شهدت السودان ميلاد أهم القوى الحزبية التي لاتزال تتحكّم به ويمكن تقسيمها إلى قوى تختلط فيها أنماط مذهبية بعائلات نافِذة قبلياً واجتماعياً واقتصادياً، مثل حزبي الأمّة والإتحاد الديمقراطي وقوى ذات بُعد آيديولوجي مثل الشيوعيين والإسلاميين بالإضافة إلى تجربة نقابية مُبكرة وحيوية:
1- ولِدَ حزب الأمّة من رحم طائفة الأنصار وبقيادة عائلة المهدي (الهادي ثم الصادق) وهي عائلة ثرية من ملاّك الأراضي والكومبرادور مما يفسّر مرونتها في العلاقة مع الإنكليز والأميركان والسعودية.
وقد تولّى الحزب الحكومة أكثر من مرة عبر عبدالله خليل والصادق المهدي نفسه وكان الحزب مُصنّفاً ضمن ما يُعرَف بخط الإستقلال عن مصر حتى أن حكومته خلال العدوان الثلاثي تردّدت في إدانة العدوان.
2- أما الإتحاد الديمقراطي، فهو مُحصّلة اندماج قوى عديدة، وقد ولِدَ من رحم طائفة الختمية بقيادة عائلة الميرغني، وكان يضمّ فئات اجتماعية متنوّعة بين البرجوازية المتوسّطة والكبيرة.
وقد تولّى الحزب رئاسة الحكومة أكثر من مرة عبر إسماعيل الأزهري، وكان مُصنّفاً ضمن ما يُعرَف بالخط الإتحادي مع مصر، إذ كان يطالب حتى لحظة الإستقلال بدولة فدرالية مصرية سودانية.
3- القوى اليسارية والقومية (شيوعيون، ناصريون، بعثيون) وقد ظلّ الحزب الشيوعي لفترةٍ طويلةٍ أكثرها تنظيماً وفعالية، فالحزب الذي تأسّس عام 1946م لفت الإنتباه إلى الموارد الكبيرة للسودان وضرورة استثمارها وطنياً، بالإضافة لاهتماماته بالحركة العمالية وخاصة عمال السكك الحديد وكذلك الطلبة والجيش، بل إنه اتّهم بتدبير محاولة الانقلاب العسكري عام 1971 التي استولت على الحُكم لعدّة أيام قبل نجاح النميري بالعودة إلى السلطة بدعم من السادات والقذافي وإعدام الضباط الذين قادوا المحاولة (هاشم العطا وبابكر النور وآخرون)، بالإضافة لأمين عام الحزب عبد الخالق محجوب وآخرين من رفاقه.
4- الإسلاميون بكل تياراتهم، من الجماعات الصوفية إلى السلفيين إلى الإخوان والتحرير إلى الإخوان الجمهوريين، ولعلّ أبرز هذه التعبيرات هي: أولاً، الأوساط الإخوانية، وتعود إلى نهاية الأربعينات قبل أن تتبلور تحت عناوين جبهوية في محطّاتها المُتعاقِبة من الجبهة الإسلامية عام 1955م إلى جبهة الميثاق الإسلامي عام 1965م إلى الجبهة الإسلامية القومية عام 1988 (القومية بالمعنى المحلي).
ورغم أن صعود الجبهة الإسلامية ظهر بعد سقوط النميري وفترتي سوار الذهب وحكومة المهدي، إلا أن هذا الصعود بدأ عملياً خلال السنوات الأخيرة للنميري الذي استعان بالإخوان على طريقة السادات في مصر، لمواجهة الشارع واليسار، فضلاً عن تزامُن تعاون الإخوان مع النميري مع انفتاحه على تل أبيب (صفقة الفلاشا اليهود) وعلى بريطانيا والولايات المتحدة، كما شكّل الإخوان غطاء أيديولوجياً للنميري في مُلاحقة (الإخوان الجمهوريين) وإعدام قادتهم.
بالمُحصّلة، تمكّن الإخوان من الإستيلاء على السلطة نفسها عبر انقلاب عسكري طالما ندّدوا به، وقد نظّمه حسن الترابي ونفّذه العميد عمر البشير سنة 1989م قبل أن يختلف الرجلان ويؤسّس كل منهما إطاراً خاصاً به.
ثانياً، المجموعة الإسلامية الثانية التي تركت بصمات فكرية أكثر منها سياسية، هي مجموعة (الإخوان الجمهوريون) بزعامة الشيخ محمود طه الذي أعدمه النميري بغطاء من الترابي بتهمة الردّة.
وقد عُرِفَ الشيخ طه بانفتاحه على خليط من الأفكار الإشتراكية والليبرالية والواقعية والعقلانية التي ترفض تعدّد الزوجات وتطالب بالمساواة في الإرث بين الجنسين، وبتأميم المصالح الكبرى وبالتوسّع في إعمال العقل حتى لو اصطدم مع الشرع.
5- الأوساط النقابية، وخاصة التجمّع المهني، وتعود بدايات هذه الأوساط إلى نشاط العديد من النقابات العمالية المبكرة، كما إلى مؤتمر الخرّيجين 1936م وما تلاه من جبهات واتحادات نقابية موسّعة لعبت على الدوام دوراً مهماً في كفاح الشعب السوداني.

الخاصرة الجنوبية
كان جنوب السودان قبل انفصاله يشكّل ربع المساحة وربع السكان، ويحتوي على موارد كبرى بينها النفط ومساحات واسعة من الزراعات المختلفة مثل القطن.
وهو ديموغرافياً يتكوّن من قبائل نيلية وسودانية مختلفة، أشهرها الدينكا والنوير والشلوك، ويشمل ثلاث مديريات كبرى هي بحر غزال وأعالي النيل والمديرية الإستوائية.
أيضاً، وبالرغم من حملات التبشير المعروفة وبخلاف تصويره من قِبَل أحزاب اليمين السوداني كمنطقة تمرّد مسيحية، إلا أن نسبة المسيحيين لا تزيد عن نسبة المسلمين، وإنهما مجتمعتان لا تزيدان عن 40% مناصفة، مقابل أغلبية من الأرواحيين.
وتعود جذور الجماعات المسلّحة في الجنوب والبيئة القبلية الخاصة بكل منها إلى عوامل متعدّدة، منها التحريض والتمويل الخارجي المتعدّد المصالح (أميركا، بريطانيا، فرنسا)، ومنها السياسات التمييزية والطائفية لقوى اليمين في الشمال، إذ نعرف أن النزعات الإتحادية المحدودة عند الجنوبيين كانت تتلاشى في كل المرات التي استولى فيها غُلاة اليمين على السلطة في الخرطوم، سواء كانوا من العسكر مثل عبود والبشير، أم كانوا من الأحزاب، وهو الأمر الذي أدّى إلى انفصال الجنوب خلال الحُكم الإخواني كما هو معروف.

ما أشبه يوم السودان بأمسه
بعد سلسلة من التناوبات الحكومية بين الإتحاد الديمقراطي برئاسة الأزهري، وبين حزب الأمّة برئاسة عبد الله خليل ممثّل المهدي أطاح انقلاب عبود العسكري بالحُكم المدني 1958 وأطلق العنان لحيتان السوق والضرائب، وردّ على التبشير المسيحي في الجنوب بخطاب من الكراهية الطائفية المُضادّة في الشمال.
بالمقابل كان ردّ الشارع واسعاً على ديكتاتورية عبود، وخاصة الجبهة الوطنية للنقابات بالإضافة لإضراب عمال السكة وتمرّدات عسكرية هنا وهناك، انتهت جميعها عام 1964 بعزل عبود وتشكيل حكومة مدنية برئاسة سر الختم خليفة وبمشاركة كل الأحزاب بما فيها الحزب الشيوعي وقامت بإلغاء الطوارىء والإفراج عن المُعتقلين وتصفية العناصر المحسوبة على عبود من الجهاز الحكومي ووضع خطط باستثمار الموارد الكبرى في البلاد بتعاون مع الإتحاد السوفياتي.
وقبل أن تكرّس الحكومة نفسها وسياساتها الجبهوية أعلن الإخوان المسلمون وحزبا الأمّة والإتحاد الانسحاب منها وطالبوا بانتخابات نيابية أسفرت عن أغلبية لحزب الأمّة ثم الإتحاد مقابل 11 نائباً للحزب الشيوعي، وكلّف الصادق المهدي بتشكيل الحكومة، وسط اتهامات له بالتواطؤ أصلاً مع انقلاب عبود.
وقبل أن يُعلن المهدي بالتوافق مع الحزب الإتحادي وعواصم الحلف الإسلامي بقيادة السعودية تحويل السودان إلى جمهورية إسلامية ما يساهم في تفجير المسألة الجنوبية أطاح الجيش بقيادة النميري بالحكومة سنة 1968 ولكن هذه المرة بأصابع ناصرية.
ويشار هنا إلى أن مصر عبد الناصر وفي إطار الردّ على العدوان الذي نفّذه الكيان الصهيوني في حزيران 1967م لعبت دوراً في انقلاب النميري في السودان كما في انقلاب القذافي في ليبيا.
وقد ظلّ النميري وفيّاً للقاهرة طيلة سنوات الرئيس عبد الناصر فأعلن السودان جمهورية ديمقراطية وسنّ قانون للضرائب يطال الشرائح العليا بالإضافة لسلسة من الإجراءات الشعبية، منها تأميم العديد من المصالح الكبرى وتوسيع التعليم ومظلّة التأمين الصحي والإجتماعي، وتعرّض بسبب ذلك لتمرّد مسلّح في جزيرة أبّا مقرّ الإمام الهادي زعيم الأنصار الذي قُتِل في قصف الجزيرة وإخماد التمرّد.
ومن المؤسف أن ما فشل الأميركان والرجعية في تحقيقه خلال زعامة عبد الناصر انتهى مع الانقلاب الساداتي بعد وفاته وتحوّل النميري إلى ظلّ سوداني لهذا الانقلاب ومن ذلك فتح النظام والمؤسّسة العسكرية أمام الإخوان وتحالفاتهم ما أسّس لاحقاً وبعد عهدين قصيرين لسوار الذهب والصادق المهدي للانقلاب العسكري الإخواني سنة 1989 برعاية حسن الترابي وقيادة عمر البشير.

الإخوان في السلطة ، الفشل الكامل
بعد سنوات قليلة من الخطاب الإخواني الذي ذاع خلال سنوات ما يُعرَف بالربيع العربي والذي هاجم الجمهوريات العربية وانقلاباتها العسكرية هاهي تجربتهم في السودان تقدّم أسوأ مثال على حُكم سياسي عرفه العرب في تاريخهم الحديث (الفساد ، ارتفاع الأسعار، البطالة، نفوذ الشركات، التبعية، الذرائعية، والبراغماتية ، واللعب على الحبال، وتفسّخ الدولة من دارفور إلى انفصال الجنوب).
والأسوأ من ذلك كله أن كل هذا الجوع والقهر الطبقي والإجتماعي الذي تركه الإخوان وحُكمهم في السودان كان في بلد غنّي بالموارد بل أن تقارير الفساد حول حُكمهم تشير إلى أنهم لم يكتفوا بإطلاق يد الشركات لتنهب وتستغلّ عمال وفقراء السودان بل وضعوا يدهم على قطاعات واسعة من القطاع العام بإسم إعادة الهيكلة والخصخصة.
وبالمُجمل وحتى يغادر السودانيون متاهات التناوب بين العسكر وأحزاب اليمين لا بديل عن مواصلة الضغط الشعبي من أجل ضمانات جبهوية وقانونية واجتماعية وسياسية تستعيد مناخات الحكومة الأولى لسر الختم خليفة وتستفيد من تجاربها وتمنع قوى اليمين والرجعية والليبراليين وجماعات الربيع المشبوهة من إعادة السودان إلى تلك المتاهات.

المصالح الدولية في السودان.. كيف تتحرّك وما هي مآلاتها؟
هو السودان المختلف في نظر الغرب قبل إقليمه، فعلى غير العادة تجاه التدخّلات العسكرية، جاء الترحيب الغربي، فلم تحذّر القوى الغربية ولم تتحدّث بقوّة صارِمة وما اعترضت عليه بسبب مدّة السنتين في حُكم المجلس العسكري الرئاسي كان بسبب طول المدّة، كذلك لم تدعو إلى تشكيل حكومة مدنية على الفور للمرحلة الانتقالية كما درجت العادة. فالبداية مع مستجدات الاتحاد الأفريقي الذي حضر سريعاً بإمكانية تعليق عضوية السودان، إذا لم يسلّم مجلسه العسكري السلطة للمدنيين في غضون 15يوماً. وجاء في بيانه أنه "إذا لم يسلّم المجلس العسكري الذي عزل البشير السلطة للمدنيين ضمن المهلة المحدّدة، فسيعلّق الاتحاد الأفريقي مشاركة السودان في كافة أنشطته إلى حين عودة النظام الدستوري، فقيادة الجيش للمرحلة الانتقالية تتناقض تماماً مع تطلّعات الشعب السوداني".

"الشعب السوداني قال بوضوح إنه يُريد انتقالاً يقوده مدنيون، وهذا الأمر يجب أن يحصل في وقت أسرع بكثير من عامين" هكذا صرّحت الخارجية الأميركية. وفي المقابل عبّرت روسيا أنه يجب "إيجاد تسوية سلمية ديمقراطية للوضع في البلاد، مع تسوية المشاكل الداخلية بالوسائل السلمية والديمقراطية من خلال حوار وطني واسع النطاق"، فموسكو "تأمل أن تتصرّف جميع القوى السياسية السودانية، وكذلك الهيئات المسؤولة عن تنفيذ القانون، بمسؤولية كبيرة من أجل استقرار الوضع في أقرب وقت ممكن ومنع تصعيده".

تركيا أدلت بموقفها المُتحفّظ على رحيل البشير على لسان أردوغان، قائلاً "إن بلاده لديها علاقات مُتجذّرة مع السودان، وتريد مواصلتها، متمنياً للسودان الخروج من هذا الوضع بأجواء أخوية، وتفعيل المرحلة الديمقراطية بأسرع ما يمكن". وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني التي دعت إلى "نقل السلطة سريعاً إلى المدنيين، وحدها عملية سياسية موثوق بها وشاملة بإمكانها أن تلبّي تطلّعات الشعب وأن تؤدّي إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يحتاج إليها البلد".

الخارجية البريطانية دعت إلى "انتقال سريع لقيادة مدنية شاملة وممثلة للجميع، فمجلس عسكري يحكم لمدة عامين ليس الحل". كذلك المفوضية الأوروبية لم تشر إلى الحكم العسكري في مطالبتها الأطراف السودانية بتجنّب اللجوء إلى العنف، ودعت إلى "إطلاق سلسلة إصلاحات سياسية واقتصادية في البلاد من دون الإشارة إلى الحكم الذي سيقوم بهذه الإصلاحات التي تتطلب فترة طويلة في الحكم".

رغم ذلك فواقع السودان مرّ به ثلاثة رؤساء في أيام، فقد تولّى "البرهان" رئاسة المجلس العسكري الحاكم بعد أن تنازل "عوف"، الذي أطاح بـ"البشير"، بعد ثلاثة عقود في السلطة إثر احتجاجات حاشدة ضد ارتفاع أسعار الغذاء وارتفاع معدّل البطالة وقمع الحريات. في الوسط فإن ما تكشفه شبكة "سي أن إن" الأميركية عن اللقاء الأخير بين البشير وقادة الأجهزة الأمنية، يدلّ على ما وصفه تجمّع المهنيين بأنه انقلاب على الانقلاب رضخ له البشير بقوله "على بركة الله" إذ لم يعد أمامه خيار آخر تحت ضغط تصاعد الاحتجاجات الشعبية من جهة وضغط قياداته العسكرية والأمنية وربما أيضاً بعض السفارات الغربية والخليجية من جهة أخرى.

الواقع أن المُتغيّرات في السودان لا تقتصر على انتظار ردود الفعل من المتظاهرين والقوى السياسية وتجمّع المهنيين والتحالفات الأخرى، إنما تتعدّى ذلك إلى انتظار بروز التباينات الكبيرة بين كل من صغار الضباط وقيادات الجيش العسكرية وقيادة المخابرات والأمن. ففي مسعاه للحصول على تأييد داخلي واعتراف دولي، يمضي المجلس العسكري بإصدار قرارات تمسّ مجالات حيوية داخل البلاد. ويوفِد شخصيات إلى الخارج في مسعى لتوضيح خلفيات تحرّكاته، خطوات قوبِلت في الخرطوم وباقي الولايات بإعلان تجمّع المهنيين وباقي قوى إعلان الحرية والتغيير التمسّك بالاعتصام والتظاهر حتى رحيل هذا المجلس، وإن شدّدت بذلك عديد العواصم العالمية على ضرورة تسريع نقل السلطة إلى حكومة مدنية تقود البلاد عبر المرحلة الانتقالية.

هنا تبقى جملة الأسئلة التي تطرح نفسها، هل حقّقت الديمقراطية آمال وطموحات السودانيين؟!، فالسودان يُعدّ من أكثر الشعوب الذي خاض تجارب الانتخابات الحرّة، وفي كل مرة صعد فيها نجم قادة الأحزاب السياسية التقليدية انتهى الأمر بنفس المرارات التي مهّدت الطريق للسطو على الديمقراطية وتولّي مقاليد السلطة!. فهل حقاً سيكون هناك مَن هو ملتزم بوعده بتسليم السلطة للشعب؟. هل هناك جهود تُبذَل لاختيار رئيس وزراء تمهيداً لتشكيل حكومة مدنية؟. هل الجيش لن يقوم بفضّ الاعتصامات بالقوّة في محيط وزارته؟. هل سيتم التفكيك الكامل لـ"الدولة العميقة" التي خلّفها البشير؟. هل ستتمّ محاكمة قادة النظام السابق؟.

حتى تأتي الإجابة على كل هذه الأسئلة، المشروعة وغيرها من وجهة نظر عديد الوجهات الدولية والإقليمية. نظل في فلك ضيّق، ما هي فُرَص التجاوب مع مطالب المعارضة؟، وما أهمية المواقف والضغوط الدولية في الدفع نحو تشكيل حكومة مدنية؟، وما هي الصيغ المُرجّحة للحوار والحل؟. عليه ستستمر المصالح الدولية في السودان.. فكيف ستتحرّك وما هي مآلاتها؟.. لننتظر قادم الأيام.

قراءة : موفق محادين , محمد عبد الرحمن عريف

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية