المرصاد نت - متابعات
فشلت أذرع إسرائيل العملياتية في الجنوب السوري خلال سنوات الحرب الأولى في تحقيق حلم تل أبيب في رسم حزام أمني عازل داخل الأراضي السورية تحرسه فصائل المسلحين المتعاونين مع العدو. ولأن ثمن المزيد من الدفع باتجاه دعم هؤلاء لم يأت بنتيجة سوى هزيمتهم وتقدم الجيش السوري وحلفائه نحو الحدود مع الجولان المحتل وجدت حكومة الاحتلال مصلحتها في تسوية تَضْمن الحد الأدنى من أمن حدودها مع الرضوخ لحقيقة أن لا أمل من الإبقاء على الفصائل الجنوبية التي سرعان ما تهاوى أغلبها.
هكذا تقاطعت مصالح كلّ من إسرائيل التي ألفت نفسها عالقة أمام خيارين: التصعيد وما يحمله من مخاطر أمنية استراتيجية أو التسوية المشار إليها، وروسيا التي كانت بدأت الإعداد للتسويات مع الفصائل الجنوبية ونجحت في تحييد بعضها، والأردن الذي بات قلقاً من تمدّد «داعش» في حوض اليرموك ونحو حدوده. ولكي تكتمل «الصفقة» التي باركتها الولايات المتحدة بدت ضرورية الاستعانة بنفود السعودية والإمارات، التي يملك ضباطها ورجال استخباراتها الموجودون في الأردن نفوذاً كبيراً لدى المسلحين.
ضابط رفيع في الجيش السوري من المتابعين لمجريات الجبهة الجنوبية طوال سنوات الحرب يشرح الظروف التي أحاطت بتسوية الجنوب قائلاً إن «الجبهة الجنوبية لم تكن بالنسبة إلى المسلحين جبهة هشّة أو بسيطة بل كانت جبهة قوية يديرها ضباط أجانب ويدعمها أطراف عديدون أبرزهم إسرائيل. لذا كان الأمر الأهم بالنسبة إلى الجانب الروسي هو البحث عن التسويات التي برع فيها تجنّباً لمعارك طويلة ومنهكة، مستغلاً علاقته الطيبة بالعدو الإسرائيلي، المعني الأول بالجبهة الجنوبية. لكن تفكيك جبهة كالجنوب لن يكون مجّانياً طبعاً».
ويستذكر الضابط في حديثه سرعة انهيار الفصائل المسلحة وتفكّكها وانخراطها في التسويات مبيّناً أنه «عقب عقد اتفاق خفض التصعيد في الجنوب السوري في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 بين روسيا والولايات المتحدة والأردن بدأت شخصيات معروفة في الجنوب بالعمل على ترجمة التوجه الإماراتي ميدانياً بالتنسيق مع الجانب الروسي إذ بعد أقل من شهر على توقيع الاتفاق بدأ نائب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات المشكّلة في مؤتمر الرياض خالد علوان المحاميد وبتنسيق مع استخبارات دولة الإمارات ــــ حيث يقيم ويعمل ــــ توفير الاتصال بين أحمد العودة قائد قوات شباب السنّة (فصيل مسلح وازن يسيطر على جزء كبير من ريف درعا الشرقي)، وهو شقيق زوجة المحاميد، وبين الضبّاط الروس الذين تسلموا ملف التسويات هناك. استمرت هذه الاتصالات وفُعّلت إلى حدها الأقصى بشكل سرّي، إلى أن جاء الوقت المناسب للاستفادة منها بشكل قاطع».
وبالعودة إلى بداية معركة استعادة السيطرة على الجنوب السوري يبدو لافتاً أنه وبشكل مفاجئ وُقِّع اتفاق «منفرد» بين فصيل «شباب السنّة» التابع للعودة والجانب الروسي. وقضى الاتفاق حينها بتسليم هؤلاء سلاحهم الثقيل إلى الشرطة العسكرية الروسية، والانخراط في تسويات مع الحكومة السورية، الأمر الذي أحدث خلافات بين فصائل الجنوب، أدّت إلى سقوطها بعد ذلك بفترة وجيزة.
كذلك تكرّرت التجربة في بعض القرى الحدودية في ريفَي القنيطرة ودرعا الشمالي الغربي حيث دفع الإسرائيليون بشكل غير مباشر فصائل المسلحين المتعاونين معهم إلى عقد تسوية مع الجانب الروسي تقضي بتسليم سلاحهم وعودة سلطة الدولة السورية إلى مناطق سيطرتهم. في خلاصة المشهد بدا كأن اتفاقاً كاملاً قد عقد بين الأطراف المذكورين برعاية موسكو التي حرصت من جهة على تنفيذ الاتفاق الضمني مع تل أبيب القاضي بانسحاب «المستشارين العسكريين الإيرانيين» من الجنوب السوري ـــ وهو مطلب مشترك بين إسرائيل والإمارات والسعودية والأميركيين ـــ مقابل انتشار الجيش السوري على الحدود مع الجولان المحتل وإعادة فتح معبر نصيب مع الأردن. ومن جهة أخرى عزّزت نفسها كشريك أساسي مقرّر في الملف السوري يلجأ إليه الأطراف للحلّ والربط كما عملت على منع التصعيد مع العدو الإسرائيلي على الحدود مع الجولان عبر منحه تطمينات وضمانات.
اليوم ومع مرور قرابة عام على استعادة الجنوب السوري يبدو المشهد أكثر تعقيداً. لكن الواضح والثابت أن الهدوء التام هو ما يجهد عناصر الشرطة العسكرية الروسية في تحقيقه على طول الحدود مع الجولان المحتل. هم بحسب مصادر محليين يسيّرون الدوريات على طول الشريط الحدودي ويقومون بمهام مشابهة ومرادفة لمهام القوات الدولية (UNDOF) المعنية بمراقبة تطبيق اتفاقية فضّ الاشتباك (1974). مصدر محلي موجود في القرى الحدودية في محافظة القنيطرة لا يستبعد قيام «القوات الروسية المنتشرة بنقل المعلومات إلى العدو الإسرائيلي (...)» مضيفاً أن «أغلب ما يقومون به يدعو إلى الريبة وهم لا يتحرّكون إلا استجابة لاحتجاجات الإسرائيليين إن رأى الأخيرون ما لا يعجبهم على الحدود».
وتذكر التقارير الدورية التي ترفعها القوات الدولية المنتشرة على الحدود إلى مجلس الأمن أن القوات الإسرائيلية قامت بعدة عمليات خطف لمدنيين سوريين كانوا يقومون برعي المواشي في المنطقة الفاصلة وهو ما يعدّ انتهاكاً لاتفاقية فضّ الاشتباك. عمليات تدلّل إلى جانب معطيات أخرى على عمق مخاوف العدو الإسرائيلي من تشكّل «جبهة مقاومة» جديدة ضده هناك كونه يعتقد أن حزب الله يقوم بتجنيد الرعاة والمدنيين لجمع المعلومات. وهذا ما يذكره قائد فرقة الجولان في جيش العدو العميد عميت فيشر في مقابلة قبل أيام مع صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية، حيث يقول إنه «يوجد حالياً عناصر من حزب الله على مرتفعات الجولان (...) العشرات من اللبنانيين ومئات السوريين» وهم ـــ بحسب فيشر ـــ «يقومون بجمع المعلومات الاستخبارية كمرحلة أولى (...) وفي المرحلة الثانية سيحاولون بناء القدرات العملياتية».
«لا أمن ولا أمان»!
لا يكاد يمرّ يوم على قرى المنطقة الجنوبية ومدنها من دون أن يشهد الناس هناك عملية اغتيال أو اختطاف أو اشتباكات على حواجز وأمام المراكز الأمنية. «لم يعد الأمن ولا الأمان» يعلّق أحد سكّان مدينة درعا الذين تأملوا خيراً باستعادة السيطرة على الجنوب السوري و«عودة سلطة الدولة». يضيف ابن المدينة التي شهدت أعنف المعارك طوال سنوات الحرب: «المسلحون حلقوا لحاهم وبدّلوا ثيابهم منهم من ترك السلاح وعاد إلى بيته ومنهم من ارتدى زي الجيش السوري والتحق بالفيلق الخامس وأصبح يخدم على حاجز تحت علم الدولة السورية (...) نعم لم يعد هناك خطر قصف ولا معارك كبيرة إلا أنه في مناطق التسويات ما زال المسلحون هم من يتحكّمون في الناس ويتسلّطون عليهم ولكنهم اليوم يمتلكون صفة شرعية!».
في الفترة الأخيرة تزايد التوتر الأمني في المنطقة الجنوبية. اغتيالات شبه يومية تستهدف في أغلبها قادة سابقين للفصائل المسلحة كانوا قد انخرطوا في التسويات مع الجانب الروسي وهو ما يدلّ على أعمال انتقامية قد يكون بعض المجموعات التي لم تقبل بالتسوية إلا مرغمة وراءها. وفي السياق ذاته يتعرض العسكريون في الجيش السوري وبعض ضباط الشعب الأمنية التابعة لدمشق لاستهداف دائم سواء على الحواجز أو في الثكنات والمراكز.
منذ عشرة أيام تقريباً على سبيل المثال دارت اشتباكات عنيفة في مدينة الصنمين بين مسلحين وعناصر الجيش السوري قام المسلحون خلالها بضرب حاجز قيطة وحاجز السوق والأمن الجنائي. وبداية الشهر الفائت تعرّضت مجموعة من عناصر الأمن العسكري السوري لكمين على الطريق الواصل بين بلدة المزيريب ومساكن جلين حيث قام مجهولون بإطلاق النار بكثافة على السيارة التي تقلّ تلك المجموعة المؤلفة من خمسة عناصر قضوا بين قتيل وجريح. وعلى الرغم من أن الدولة السورية أوفت بالتزاماتها في ما يخص التسويات وبنودها إلا أن الأمور لا تجري كما كان متوقعاً؛ إذ لا تنعم المنطقة بالهدوء والأمن اللازمين. وللمفارقة فإن الوحيدين الذين لا يتعرّضون لمشاكل أمنية ولا لأي نوع من الاعتداءات ويتنقّلون بحرية كاملة هم عناصر الشرطة العسكرية الروسية.
هاجس تحول الجولان إلى «جنوب لبنان 2» يؤرّق العدو
فشلت إسرائيل في نقل المعادلة التي استطاعت ـــ حتى الآن ـــ فرضها على الساحة السورية، إلى الساحة اللبنانية. ومع أنها هدّدت وتوثّبت وحاولت توسيع نطاق الاعتداءات العسكرية باتجاه لبنان، إلا أن الردّ العملاني، ورسائل الردع المضادّ حالت دون تحقق هذا السيناريو خلال السنوات الماضية بل إن قادة إسرائيل لم يعودوا يخفون مخاوفهم من انتقال معادلة الردع التي أرساها حزب الله على الساحة اللبنانية إلى الساحة السورية. قلق يضاعفه لديهم إدراكهم حقيقة توجّهات الرئيس السوري، بشار الأسد، الاستراتيجية في الصراع مع العدو.
في ضوء هذه الحقائق أجمل قائد فرقة الجولان في الجيش الإسرائيلي العميد عميت فيشر في مقابلة مع صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية قبل أيام التحدي الرئيس الذي يواجهه العدو هناك، والمتمثّل بحسب تعبيره في «منع تحول الجولان السوري إلى جنوب لبنان 2». الهاجس نفسه حضر، أيضاً، في نص استراتيجية الجيش الإسرائيلي المُحدَّثة لعام 2018م والتي اعتبرت أن سوريا «على الرغم من ضعفها الجوهري، لا تزال لديها القدرات على تهديد دولة إسرائيل». وأنها كجزء أساسي في محور المقاومة «تشكّل التهديد الأساسي لدولة إسرائيل الآخذ في التزايد» في تعبير يمثل تحولاً في التقدير في غضون ثلاث سنوات بعدما وصفت الصيغة السابقة لاستراتيجية الجيش الصادرة عام 2015م سوريا بأنها «دولة فاشلة في حالة تفكّك».
ورغم أن إسرائيل تحاول في كثير من الأحيان لأسباب مفهومة على رأسها ضرورة تعزيز الصورة الردعية في ضوء تطورات البيئتين السياسية والعملانية المبالغة في «الإنجازات» التكتيكية التي تحقّقها من خلال اعتداءاتها على الساحة السورية إلا أن مقاربة تلك «الإنجازات» بعيداً من التوظيف الدعائي تبدو كفيلة بإيضاح حقيقة ما يفكر فيه العدو. نموذج من ذلك ما يرد على ألسنة كبار الخبراء في إسرائيل من أن «المعركة بين الحروب» لم تحقّق أهدافها الاستراتيجية، مستشهدين على صحة تقييمهم بأن إيران مصمّمة على بناء قدرات سوريا ودعمها ومنبهين إلى حجم التهديد المتصاعد الذي تشكّله الجبهة الشمالية على الأمن القومي الإسرائيلي.
في هذا السياق يأتي كلام قائد فرقة الجولان عن التعقيدات التي يتّسم بها الوضع في سوريا، كجزء من رده على سؤال حول حدود الاستعدادات في المستقبل إذ يقرّ بأن رهانات إسرائيل لا تقتصر فقط على ما تقوم به بنفسها بل إن الأمر «مرتبط أيضاً بالجانب الاستراتيجي: هل ستنجح إسرائيل بواسطة الروس أو الأميركيين أو مباشرة مقابل السوريين في منع نشاط إيران وحزب الله في سوريا؟». وفي تساؤله تكرار للغة التي يستخدمها المسؤولون السياسيون والقادة العسكريون في مواقفهم إزاء الوضع المتشكّل في سوريا.
وفي محاولة للفصل ما بين سوريا وحلفائها في محور المقاومة، وتجلية في الوقت نفسه لسعي إسرائيل إلى الاستفراد بالجيش السوري الخارج من معركة استنزاف استمرّت نحو ثماني سنوات، في مقابل جيش متطوّر بأحدث الأسلحة ومدعوم من قِبَل المعسكر الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة يقول العميد فيشر: «ليس لدي مشكلة في أن يكون هناك جيش، على العكس هو السيناريو الأفضل بالنسبة إليّ». لكنه في المقابل لا يخفي حجم الخطر الذي يمثله التحالف بين أطراف محور المقاومة، فيعتبر أن السيناريو الأسوأ هو «ألّا ننجح استراتيجياً أو تكتيكياً على الأرض ويواصل حزب الله خطّته ويزيد من عدد مواقع مراقبته، وعدد المجموعات المضادّة للدبابات وفي المرحلة المقبلة التي لم تحصل حتى الآن يُحضِر إلى هنا قواعد صواريخ، وقوات مناورة، وقوات كوماندوس».
ومن أجل منع ذلك والحيلولة دون «تحوّل الجولان السوري إلى حزب اللهستان أو حماستان» بحسب تعبيره الذي ينطوي على الكثير من الدلالات الكاشفة عن حقيقة الصراع في سوريا ومعها ينبغي «العمل ضدّ حزب الله ومهاجمته حيث ما أمكن، مباشرة أو غير مباشرة، وتفعيل جهات أخرى كسوريا وروسيا والأمم المتحدة»، في مراهنة متجددة على إمكانية الفصل بين دمشق وحلفائها. وإذ يشدد على ضرورة أن «يبقى الجولان حدوداً هادئة وآمنة تفصل بين دولتين وليس خط مواجهة» فهو يؤكد «(أننا) لن نمتنع عن أي نشاط هجومي» في إشارة إلى أن ما ينشده العدو في سوريا يتجاوز حدود الوضع في جنوب لبنان، بما يبقي يد إسرائيل هي العليا، بحيث تقرّر بنفسها متى وكيف وأين تهاجم.
وعلى الرغم من حجم الاعتداءات الإسرائيلية الجوية والصاروخية التي شهدتها الساحة السورية خلال السنوات الماضية إلا أن فيشر يقرّ بأن «كميات السلاح في سوريا جنونية» مشيراً بذلك إلى توافر أحد المقوّمات الأساسية لبلورة تشكيلات قتالية للدفاع عن سوريا في مواجهة التهديد الإسرائيلي. وفي موقف يعكس رؤية جيش العدو لخيارات الرئيس الأسد ويكشف عن خلفية التركيز على شخصه يعتبر فيشر أنه «عندما يسأل بشار نفسه: ماذا يفعل مع مشكلة الجولان؟ فإن جوابه هو أن القوة الوحيدة في هذه المنطقة التي تجيد خلق مقاومة هي حزب الله».
عشائر الشرق تقاطع «عين عيسى»: فشل ملتقى «قسد» الانفصالي
لم تكن أجواء «ملتقى العشائر السورية» في بلدة عين عيسى شمال الرقة على مستوى الجهد الذي بذلته أوساط «الإدارة الذاتية» بدعم أميركي لحشد وجهاء العشائر العربية تحت راية «مجلس سوريا الديموقراطية». الخطوة التي تأتي في سياق تنافس إقليمي ودولي على كسب ود العشائر لما يُقدَّر لها من دور مهم في ترجيح كفة الصراع على مستقبل شمال شرق سوريا لقيت رفضاً في أوساط عشائرية واسعة حتى قبل موعد الملتقى.
وهو ما فرض غياب وجوه بارزة عنه بينها متحالفون مع «قوات سوريا الديموقراطية» كشيخ قبيلة شمّر و«حاكم مقاطعة الجزيرة في الإدارة الذاتية» حميدي دهام الجربا. ولم يمنع انخفاض مستوى التفاعل «الإدارة الذاتية»، من التسويق للملتقى الذي انعقد أمس على أنه «أكبر منصة عشائرية» باعتباره جمع 5 آلاف شخصية من 67 عشيرة وقبيلة (وفق أرقام منظِّميه)، وإن كان معظم حاضريه من الصف الثاني والثالث بين زعامات العشائر.
الموقف السلبي من المؤتمر بُني على نقاط عدّة وتُرجم عبر جملة بيانات صدرت عن شيوخ عدة قبائل وعشائر اعتبر بعضها من يحضر ملتقى عين عيسى «خائناً ومساهماً في المشروع الانفصالي الأميركي». وأوحت تلك البيانات بأن نفوذ الدولة السورية لا يزال حاضراً في صفوف غالبية العشائر برغم الانقسامات الداخلية التي تعاني منها الأخيرة في المواقف السياسية. وإلى جانب الرفض المسبق للملتقى اتهمت بعض الوجوه العشائرية منظميه بإقحام أسمائهم في البيان الختامي من دون العودة إليهم. إذ أكد الشيخ محمّد الحلو أحد شيوخ قبيلة عدوان أنه رفض حضور «اجتماع لا يرفع العلم السوري الرسمي» مشيراً إلى أنه تفاجأ بوضع اسمه في البيان الختامي رغم عدم حضوره.
وبرزت في كلمات منظّمي ملتقى عين عيسى نقاط قد لا تجد ترحيباً في أجواء العشائر ولا سيما الزجّ بفكرة «الإدارة اللامركزية» إلى جانب تخوف البعض مما أشيع عن رعاية دولية وإقليمية للاجتماع. وفي هذا السياق نفى عضو اللجنة التحضيرية للملتقى وعضو «الهيئة الرئاسية في مجلس سوريا الديموقراطية» سيهانوك ديبو وجود أي رعاية أو دعم عربي أو إقليمي أو دولي للملتقى معتبراً أنه «نتاج جهود وطنية برعاية وإشراف كامل من مجلس سوريا الديموقراطية».
وأكد ديبو أن «الملتقى حمل رسائل إلى السلطة السورية، برفض محاولاتها إعادة إنتاج نظام شديد المركزية، وإلى تركيا بأن المنجز الحاصل في الشرق والشمال السوري عصيّ على التمزيق». كذلك، رفض عضو اللجنة التحضيرية للملتقى الاتهامات بأنه «خطوة لتكريس الانفصال في مناطق سيطرة قسد» معتبراً أن «اعتماد نظام الإدارة الذاتية هو حفظ لاستقلال ووحدة سوريا، وتكريس لرفض الاحتلال التركي للأراضي السورية».
وكانت لافتةً «لهجةُ التطمين» في كلمات منظّمي المؤتمر والتي وُجّهت إلى الداخل والخارج على حدّ سواء. إذ امتدح قائد «قسد» مظلوم عبدي قوات «التحالف» والقوات الروسية وأكد دورها المستقبلي «المطلوب». وشدّد على التزام «الحوار السوري ــ السوري» من دون «العودة إلى ما قبل عام 2011» موضحاً في الوقت نفسه أن هناك «مفاوضات غير مباشرة مع الجانب التركي». هذا التوجّه «الودّي» نحو اللاعبين الأساسيين على الساحة السورية يستهدف عدم تظهير الملتقى محسوباً على جانب دون آخر، بما يؤثر بحجم التجاوب معه.
غير أن التحفّظ العشائري جاء مدفوعاً بتفاصيل كثيرة بينها اجتماعات ضمّت طيفاً عشائرياً برعاية الحكومة السورية. إذ استضافت مدينة الحسكة وبلدة جرمز في ريف القامشلي «الملتقى الوطني لمناهضة المشروع الأميركي الانفصالي» خلال اليومين الماضيين. وبرغم أن هذه الاجتماعات ليست الأولى من نوعها إلا أن بياناتها حملت لهجة تصعيدية ضد الاحتلال الأميركي و«قسد» من دون إغفال دعوة الأخيرة إلى الحوار. وأكد بيان الملتقى أن «إصرار أصحاب الأوهام الانفصالية على الاحتماء بالأميركي سيواجَه شعبياً بكل الوسائل التي تكفل حماية مستقبل أبناء الحسكة»، مضيفاً أن «الطريق إلى الحل السوري ـــ السوري لا يمر إلا عبر دمشق». ودعا أبناء العشائر المجندين في «قسد» إلى تركها والانضمام إلى الجيش السوري.
ورأى شيخ قبيلة الجبور حسن المسلط الذي شارك في ملتقى الحسكة أن «أي مؤتمرات تعقد تحت وصاية أميركية لا تمثل العشائر مطلقاً» مضيفاً أن «أبناء العشائر سيبقون تحت راية العلم السوري وحاضنة أساسية للجيش السوري، حتى استعادة السيادة على كامل التراب الوطني». وهو ما أكده أيضاً شيخ قبيلة الشرابيين سعيد فهد العبيد الذي أشار إلى «صمود أبناء العشائر حتى عودة السيادة السورية إلى كامل الشرق السوري».
موسكو تهاجم الملتقى: خطوة انفصالية
على رغم إشادة قائد «قوات سوريا الديموقراطية» بالدور الروسي من على منصّة «ملتقى عين عيسى»، خرج بيان حاد اللهجة من وزارة الخارجية الروسية إزاء الملتقى. إذ أشار بيان الخارجية الروسية إلى أن «بعض القادة الأكراد بمساعدة منسّقين غربيين، حاولوا عقد مؤتمر للقبائل والجماعات العرقية السورية... ولكنه لم يلقَ حضوراً عربياً واسع النطاق ما اضطرهم إلى تخفيض مستواه إلى ملتقى».
واتهمت موسكو واشنطن بتخصيص «مبالغ مالية كبيرة لرشوة مندوبين بغية تجنيد مشاركين في المؤتمر بمن فيهم قاطنو مخيمات اللاجئين» معتبرة أن «هذا الحدث الذي يبدو أنه يهدف إلى تقسيم البلاد يعد انتهاكاً صارخاً للمبادئ التي أعلنتها الأمم المتحدة للحفاظ على سلامة الجمهورية العربية السورية وسيادتها». ورأى البيان أن «هدف الإجراء تقويض جهود المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الضامنة لصيغة أستانا، لحل الأزمة السورية في أسرع وقت ممكن»، مضيفاً أن «جزءاً من التشكيلات العسكرية الكردية ذات التفكير الانفصالي والتي أدت في وقت ما دوراً معيناً في الحرب ضد داعش، تسعى الآن بدعم من الولايات المتحدة إلى إنشاء كيان انفصالي شرقيّ الفرات».
قراءة : حسين الأمين - علي حيدر - من ملف : الجنوب السوري: الضمانات الروسية لا تُطمئن إسرائيل - الأخبار
المزيد في هذا القسم:
- الاردن.. فضيحة مدوية للمخابرات وبيع اسلحة للمعارضة المسلحة السورية! المرصاد نت - رآي اليوم ما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز″ فجر اليوم عن تورط مسؤولين في المخابرات الاردنية في الاستيلاء على اسلحة ارسلتها وكالة المخابر...
- النظام السعودي يلبّي طلب ترامب .. زيادة الإنتاج مقابل الحماية؟ المرصاد نت - متابعات يوم أمس أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وافق على طلبه زيادة إنتاج النفط. وقال في تغريدة عبر موقع ...
- امتلاك حزب الله الصواريخ الدقيقة استجرار عدوان أم ردعه وطي صفحته؟ المرصاد نت - متابعات ماذا يعني إعلان الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله إنجاز الحزب مهمة امتلاك الصواريخ الدقيقة؟ استجرار عدوان إسرائيلي أم ردعه و...
- إمارات الخليج من نقاوة البداوة إلى همجية الجشع"1/2" ! المرصاد نت - متابعات تتناول هذه المقالة أثر الثروة المالية والثورة النفطية في المجتمع الخليجي والتطورات والتغييرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي واكبت...
- الوسيط بين الإمارات وإسرائيل: بن سلمان مستعد للتطبيع لكنه يخشى الفوضى في بلاد الحرمين المرصاد-متابعات نقل الملياردير اليهودي الأميركي حاييم سابان عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قوله إنه يخشى من مهاجمة القطريين والإيرانيين في حال أقام...
- رويترز: حرب اليمن اختبار للطموحات العسكرية السعودية التي تنفق ببذخ المرصاد نت - رويترز قبل ثماني سنوات اتفق مسؤولون سعوديون وأمريكيون على صفقة أسلحة بقيمة قياسية بلغت 60 مليار دولار تبيع الولايات المتحدة بموجبها عشرات من مق...
- «مؤتمر روما» يخفف عجز «الأونروا»... وواشنطن «تبكي» على غزة المرصاد نت - متابعات بينما قدّم مؤتمرٌ للمانحين عُقد في روما 100 مليون دولار من أصل عجز قدره 446 مليوناً تعاني منه «الأونروا» كانت واشنطن تجمع عشر...
- تظاهرة في بيروت احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية ! المرصاد نت - متابعات خلف شعار "كلّنا متضررين يعني كلّن مسؤولين" نظمّت مجموعات من الحراك المدني اللبناني وقوى يسارية تظاهرة شعبية من وزارة العمل إلى وزارة الصح...
- طوق إسرائيلي ـــ خليجي ــــ إفريقي... والهدف فلسطين ! المرصاد نت - علي حيدر تواصل إسرائيل «فتوحاتها» السياسية التي تستند فيها إلى دعم أميركي وغربي واسع واحتضان سعودي فتح لها أبواباً بقيت مسدودة لعقود ...
- عداء غير مسبوق بين أبو ظبي والدوحة المرصاد نت - متابعات في سابقة هي الأولى من نوعها تقدّم اليوم الاربعاء ثلاثة قطريين بشكوى أمام القضاء البريطاني ضد مسؤولين إماراتيين قاموا بتعذيبهم واعتقالهم ت...