السودان : «العسكري» يرفض تسليم السلطة و«قوى التغيير» إلى العصيان المدني!

المرصاد نت - متابعات

يناور «المجلس العسكري» على طاولة المفاوضات حتى تتحول جميع الصلاحيات المعطاة بموجب «الوثيقة الدستورية» لقوى «الحرية والتغيير» إليه مع الكلمة الفصل في «المجلس السيادي» ALsoudananai2019.5.9الأعلى في هرم السلطة فيما لا يخفي علاقاته الخارجية مع الرياض وأبو ظبي حتى في مخاض المرحلة التي يفترض أن تكون انتقالية..

 كما كان متوقعاً رفض «المجلس العسكري» الوثيقة الدستورية التي طرحها تحالف «إعلان الحرية والتغيير» على طاولة المفاوضات في شأن المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة للمدنيين لكن ما كان مفاجئاً هو تبريره الرفض بأن الوثيقة أغفلت مصادر التشريع، وأنه متمسِّك بأن تكون الشريعة والأعراف والتقاليد مصدراً للتشريع في البلاد.

فالحديث عن التشريع وصفه القيادي في الاحتجاجات خالد عمر يوسف بالأمر «المحزن والمضحك» مشيراً إلى أن «هذه الوثيقة (الدستورية) لا علاقة لها بالدستور» فيما رأى عضو اللجنة المركزية في «الحزب الشيوعي السوداني» صدقي كبلو أن «الزجّ بمصدر التشريع محاولة خبيثة لطرح مسألة الهوية والدولة وهي نقاط يجب أن تُثار في المؤتمر الدستوري القومي» لافتاً إلى أن «كل الدساتير التي مرَّت على البلد لا تحتوي على نصّ حول مصادر التشريع في محاولة للتنكر لالتزامات السودان الدولية والإقليمية خاصة في ملف حقوق الإنسان».

ويبدو أن الحديث عن «التشريع» لم يكن سوى غطاء لتحفظات المجلس والتي بدت في رده المكتوب عليها، كما نشره عضو وفد التحالف المعارض المفاوض محمد ناجي الأصم في «فايسبوك» مساء أمس مشيراً إلى أن المجلس «يريد أن تكون له الأغلبية في القرار والكلمة في المجلس السيادي مع صلاحيات تُركّز كل السلطة في هذا المجلس» فصّلها «العسكري» بأن يكون له تعيين رئيس مجلس الوزراء وأعضاء حكومته وتعيين وإعفاء أعضاء المجلس التشريعي وتعيين رئيس القضاء والمستشارين وأعضاء النيابة العامة وإبرام الاتفاقيات والتحالفات العسكرية مع الدول الصديقة وإعلان الحرب وحالة الطوارئ وتعيين السفراء وتشكيل مجلس القضاء الأعلى وتعيين حكام الأقاليم.

وكشف الأصم عن خطة تصعيدية «ستُطبّق خلال الأيام المقبلة» سيستخدمون فيها «كل الخيارات السلمية الجماهيرية المتاحة، حتى يتراجع المجلس» عمّا وصفها بـ«المواقف الخطيرة على الثورة السودانية».

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الرد المتأخر على الوثيقة جاء وسط أنباء عن وصول المستشار الأمني لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، القيادي المفصول من «حركة فتح» محمد دحلان برفقة وزير دولة إماراتي إلى الخرطوم على متن طائرة إماراتية أول من أمس، للقاء قيادات في المجلس العسكري.

من جهته اتهم القيادي في قوى «إعلان الحرية والتغيير» ساطع الحاج «المجلس العسكري» بـ«محاولة الالتفاف وتطويل أمد انتقال السلطة إلى المدنيين». وأعلن أن «الخطوات التصعيدية قد تصل إلى العصيان المدني حتى يتم انتزاع السلطة». وفي الإطار نفسه رأى المتحدث باسم التحالف المعارض خالد عمر أن «المجلس لا يريد الاستجابة لمطالب الشارع لذلك هو يسعى إلى التأخير في اتخاذ القرارات لعله يكسب نقاطاً تجعله في موقع يسمح له بتشكيل سلطة انتقالية تكون له اليد العليا فيها» منبهاً إلى أن «هناك أزمات كثيرة تمر بها البلاد الآن (وقود وكهرباء ومياه وسيولة وخبز) ومن مصلحة البلد أن يتفرغ الجميع لحل المشكلات المعيشية التي تواجه الناس». وحول مصير المفاوضات المباشرة بين الجانبين، أشار عمر إلى أنهم كانوا يتوقعون «بعد دراسة الوثيقة استئناف المفاوضات المباشرة مرة أخرى لكن المجلس العسكري اتجه إلى أجهزة الإعلام ما يُصعب عملية التفاوض».

لكن كبلو رأى أن «المجلس العسكري» يريد من المفاوضات «كسب الوقت وإجراء اتصالات مع جهات سياسية أخرى» محذراً من أن «محاولة المجلس مسك العصا من النصف في الصراع بين الثوار ومؤيدي النظام السابق سيؤدي إلى حرب جماهيرية وقد تؤدي إلى فتح الطريق أمام بقايا النظام السابق لعملٍ مسلحٍ تكون الخسارة فيه للجانبين». وعما إذا كانت قوى «الحرية والتغيير» جاهزة لتسلّم السلطة من المجلس في ظلّ خلافات ظهرت بين مكوناتها في الآونة الأخيرة، اعتبر كبلو أن تباين المواقف بينها «مسألة عادية في ممارسة الديموقراطية واختلاف الآراء وهي لا تُفقرهم لأن ما يجمع بينهم أكبر من أي نقاط خلاف».

ويبدو في ظل التحركات التي يقودها «العسكري» من سبيل اجتماعه مع القوى السياسية الأخرى اليوم على اعتبار أن «الاختلافات بينها وبين رؤية قوى إعلان الحرية والتغيير قليلة» كما قال المتحدث باسمه أمس أن المجلس ماضٍ في «المماطلة والتسويف» في تسليم السلطة كما ترى قوى «الحرية والتغيير»، التي أملت ألا تكون خطوة تسلمه 177 رؤية مكتوبة للفترة الانتقالية «محاولة تلاعب أخرى»، في إشارة إلى المحاولة الأولى المتمثلة في إشراك أحزاب كانت جزءاً من السلطة في عهد الرئيس المعزول عمر البشير في المفاوضات القائمة في محاولة للتهرب من الاعتراف بتمثيل تحالف «الحرية والتغيير» للحراك الشعبي.

وكما ردّ التحالف المعارض في حينها بالشارع بمليونية سُلّمت على إثرها الوثيقة الدستورية يبدو أنه يتجه اليوم إلى إعلان العصيان المدني كما أكد المتحدث باسم «قوى الحرية والتغيير»  بالقول إن «الثورة لا تزال مستمرة لأنها لم تبلغ أهدافها بعد واستخدمنا وسائل مختلفة من وسائل الاحتجاجات السلمية بدءاً من التظاهرات والمواكب الكبيرة وليس انتهاءً بالاعتصام». و«حتى تبلغ كامل أهدافها يجب استخدام كافة أشكال الضغط الجماهيري الممكنة ومنها الإضراب السياسي والعصيان المدني» يقول. أما في شأن التوقيت فأكد أنهم لن يلجأوا إلى الخطوة «حتى نضمن نجاحها وقياس ذلك يكون عبر حساب النسبة المئوية للقطاعات التي يحدد فيها الإضراب».

تقرير : مي علي، فاطمة المبارك - الأخبار

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية