المرصاد نت - متابعات
أمام الانحدار الأميركي غير المحسوب نحو شفير الهاوية سرعان ما تبددت لهجة الوعيد ونذر الويل والثبور لتضع إدارة ترامب نفسها في سياق تراجعي لم تحسن إخراجه في إلقاء لائمة مأزقها التصعيدي غير المبرر على "الإعلام المزيف" وأتضح ارتباك المؤسسة الحاكمة في واشنطن بالتظاهر أنها تمنح المسار الديبلوماسي فرصة بعد تخلّي معظم حلفائها الرئيسيين في حلف الناتو لا سيما بريطانيا وسحب ألمانيا وإسبانيا وهولندا لجزء من تواجدها العسكري ضمن قوات الناتو في الخليج.
وباشرت التراجع والاستدارة بعد موجة الاعتراض والتنديد الداخلية في الكونغرس على خطواتها في التصعيد العسكري أحدثها بعض ما جرى من مشاورات في مجلس الأمن القومي يوم الأربعاء 15 أيار/ مايو الجاري ومناقشة ".. عدة خطط .. من بينها الدعوة لنشر 120،000 جندي" بالقرب من إيران وواكبها طلعات طيران "تحذيرية" للقاذفات الاستراتيجية "ب-52" في سماء الخليج.
عززت واشنطن سعيها على الجبهتين الديبلوماسية والعسكرية فواكبها لقاء رفيع المستوى بين وزير الخارجية الأميركي وكل من نظيره الروسي لافروف والرئيس بوتين ".. تمهيداً للقاء القمة بين ترامب وبوتين" أثناء القمة الصناعية في اليابان نهاية الشهر المقبل واستقبال الرئيس ترامب نظيره السويسري معلناً أنه يود وساطته مع إيران.
في المقابل شدّد المرشد الأعلى علي خامنئي على تصميم بلاده على عدم التفاوض بشأن ترسانتها من الصواريخ الباليستية، 24 آذار/ مارس 2019م وتكرار الموقف عينه قبل عام بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إلى طهران لاستشفاف توجهها بشأن مصير الاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن منه.
بعض المقربين من صنّاع القرار في واشنطن أعربوا عن اعتقادهم بأن التصريحات العلنية المتبادلة، بين واشنطن وطهران، بشأن"شروط" التفاوض تشير إلى قنوات اتصال غير مباشرة تجري بعيداً عن الأضواء محورها إعادة النظر في الاتفاق النووي "بشروط معلنة" تمنح ترامب تعديلات يمكنه تسويقها داخلياً، وتغطي تراجعه عن ذروة التصعيد العسكري، ما يتيح لإيران القول أنها حققت انجازاً ملموساً، أي معادلة الربح للطرفين.
لكن هذه المحاولات لا تبدو قابلة لإحداث اختراق طالما العقوبات الأميركية مستمرة، وهي حالة مشابهة عملياً لمأزق ترامب في مسألة استئناف التفاوض مع كوريا الشمالية.
تبدّل المواقف الأميركية من التصعيد إلى المهادنة وبعض التوسل يشير إلى بعض الجوانب التي دأب استراتيجيو البنتاغون على التحذير منها منذ زمن بعيد، من دون أن تحظى بالتغطية الإعلامية التي تستحقها بسبب أهمية صلتها بالتطور وتقدم تقنيات الحروب التي لم تعد حصراً على ما تنتجه مراكز الابتكارات العلمية الأميركية لا سيما وأن محور توجهها لا يزال يكمن في عقلية الحرب الباردة – مواجهة قوى عظمى صاعدة.
اهتمام اقطاب التقنية الحربية الأميركية بما أقدمت عليه إيران من "السعي لاكتفاء ذاتي" في المجالات العسكرية هي حديثة العهد نسبياً مع بداية العشرية الثانية من القرن الحالي في مجالات الصواريخ الباليستية التي أضحت عناوين الساعة وتقنية بحرية مضادة للغواصات تستند إلى قاعدة "التكيف الخامل لأجهزة السونار – Passive Sonar" وما رافقها من بناء زوارق حربية سريعة لتدعيم الترسانة البحرية الدفاعية. (اسبوعية ذي ناشيونال انترست، 9 حزيران/ يونيو 2017).
في هذا الشأن حذرت مجلة أميركية تعنى بالشؤون العسكرية من تراجع تقنية "الشبح" الأميركية والتي "تسبق كافة دول العالم الأخرى بعدة أجيال أمام خصم يسعى للتماثل التقني مثل الصين وروسيا أو إيران لخاصية استثمارها في تقنيات مضادة زهيدة الثمن." (مجلة ميليتاري آند ايروسبيس الكترونيكس 8 شباط/ فبراير 2016).
هذه النتيجة التحذيرية تشاطرها دراسة أعدتها جامعة الدفاع الوطنية تشرين الأول/ أكتوبر 2009م جاء فيها ".. نظام التكيف الخامل للرادار (والسونار) لا يصدر طاقة أشعة الراديو (التي يمكن استشعارها وتعقبها) وبالإمكان تمويه مصدرها (بفعالية) كما أنها لا تصدر أي مؤشرات لأجهزة إنذار رادار صديقة وتعسّر مهام اكتشافها واستهدافها".
مراكز أبحاث التقنية العسكرية الأميركية أشارت أيضاً إلى الكم الهائل من الدراسات العلمية الإيرانية في مجال "استشعار السونار" في مياه الخليج، كدليل على مدى الأهمية التي توليها إيران لتعزيز قدراتها الذاتية والتقدم الذي أحرزته في هذا المجال المتخصص حيث استطاعت فيه إحراز تقدم بنسبة 24% لاستشعار السونار – دراسة لعام 2017 تأليف حامد علائي وحسن فارسي.
التسريبات العسكرية والتقنية تشير إلى أن إيران نجحت في تطوير وتجهيز غواصاتها البحرية المسماة "غدير" بتقنية "الشبح" التي تتمتع بالقدرة على تفادي أنظمة الرادار بالسونار (قيل أنها 7 غواصات).
تعتبر الغواصات أكثر فاعلية في استخدام محطة البحث الصوتي من سفن السطح حيث يمكنها تغيير عمق الغطس وفقاً لدرجات الحرارة ولا يؤثر عليها الطقس العاصف. كما أن الصوت الصادر عنها هو أقل ارتفاعاً من سفن السطح بالإضافة إلى أنها تعتبر هدفاً بعيد المنال بالنسبة للغواصة التي تهاجمها الطوربيدات. (أدبيات عسكرية متعددة).
في مجال الحرب المضادة للغواصات في المياه الضحلة بالتركيز على أشعة السونار النشط تشير دراسة أميركية أخرى بأن أربع دول إقليمية لديها غواصات من تلك الفئة هي مصر وإيران و"إسرائيل" والجزائر بينما لاتزال مصر وإيران والجزائر تعتمد على غواصات تعود إلى فترة الحرب الباردة من إنتاج شرقي من فئتي ( روميو ROMEO ) و ( كيلو KILO ) بينما تمتلك "إسرائيل" ثلاث غواصات من فئة ( دولفين Dolphin ) وهي بإنتظار إثنتين أخريين.
الغواصات الموجودة لدى بلدان الشرق الأوسط، تتميز عن غواصات القوى العظمى في فترة الحرب الباردة ببصمات صوتية منخفضة جداً بحيث أضحى السونار الخامد الذي صمم للمياه الزرقاء عديم الفائدة في البيئة الساحلية لاكتشاف هذه الغواصات. وقد تمكن الباحثون من إيجاد وتطوير نظام ( سونار الصفيف ) النشط المقطور ذي الترددات المنخفضة جداً ما وفّر حلاً جديداً لكشف الأجسام البحرية في المياه الضحلة على مديات بعيدة. (المجلة العسكرية سالفة الذكر، نقلاً عن الخبير الأميركي في تقنية السونار البحرية ستيف جاكوبز).
تطبيقاً لمقولة فيلسوف الحرب الصيني سان تسو، بأن "المعرفة تسبق النصر والجهل يسبق الهزيمة" ليس من المستبعد توصل دوائر صنع القرار الأميركي، لا سيما المؤسسات العسكرية والاستخباراتية إلى نتائج تفيد بأن إيران أحرزت تقدماً نوعياً لا يمكن تجاهله في مجال التقنية الحربية في عرض البحر وما قد ينجم عن أي مواجهة محتملة من أضرار تلحق بهيبة الترسانة الأميركية. إذ أن ".. الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى" وفق الاستراتيجي العسكري كلاوزفيتز.
بعض المراقبين والخبراء العسكريين في واشنطن ألمحوا لنشرة "المونيتور" باللغة الإنكليزية في محادثات استقصائية خاصة أن هناك من يوجه أصابع الاتهام لإيران بمسؤوليتها عن الانفجارات التي تعرضت لها حاملات النفط قبالة ميناء الفجيرة. وتسود التكهنات أن العملية تمت بواسطة مجموعات تسللت عبر الغواصات الإيرانية مستخدمة التقنية التي تخفيها عن رادارات الاكتشاف. وإذا صحّت هذه التكهنات تكون طهران قد أرسلت رسالة استباقية تحذيرية رادعة إلى معسكر التحريض على شنّ الحرب عليها.
المزيد في هذا القسم:
- حقوق الإنسان في السعودية .. انتهاكات فظيعة دون رادع! المرصاد نت - متابعات ازدادت في الآونة الأخيرة الاعتقالات والمضايقات من قبل السلطات السعودية، حيث تبلغ المنظمات الحقوقية عن ممارسة التعذيب بحق معت...
- لماذا تضع التنظيمات الإرهابية أستهداف أوروبا نصب أعينها؟ المرصاد نت - متابعات ان السبب الرئيسي لنمو الارهاب في اوروبا والخروقات الامنية في الاماكن العامة لدول الاتحاد الاوروبي هو نتيجة الازدواجية في سياسات الدول الغ...
- القوات العراقية تقتحم كركوك بمئات الدبابات وهروب جماعي للقوات الكردية المرصاد نت - متابعات فاجأت القوات العراقية الولايات المتحدة وحكومة كردستان العراق وأطلقت عملية عسكرية واسعة بمشاركة مئات الدبابات والآليات العسكرية واقتحمت مح...
- إقالة وزير الشؤون الدينية في تونس بعد هجومه على الوهابية السعودية المرصاد نت أعلن رئيس الحكومة التونسية عن إقالة وزير الشؤون الدينية بعد يوم من تصريحات له هاجم فيها الوهابية السعودية واصفا إياها بمصدر الارهاب الذي يعاني منه ...
- بعد سقوطه المدوي في مارس.. كيف نهض الروبل الروسي مجددا وعاد إلى مستوى ما قبل العقوبات؟ المرصاد-متابعات موسكو- انتعش بشكل مفاجئ وسريع، ووصل إلى مستوى ما قبل العقوبات الغربية الأخيرة بمعدل 75 روبلا مقابل الدولار و81 مقابل اليورو، بعد أن انخفض...
- تهديد سعودي بتجميد عضوية لبنان في الجامعة العربية المرصاد نت - متابعات الاتفاق الفرنسي مع السعودية على إطلاق رئيس الحكومة سعد الحريري لم يلجم الرياض عن اتخاذ خطوات تصعيدية إضافية تجاه لبنان فحرّكت مدّاحيها في...
- إعلام الاحتلال .. مليارات لبنان الأربعة إلى السيسي.. ثمنا لحجب المنار؟ متابعات : لم تُخفِ "إسرائيل" فرحتها بعد قرار الشركة المصرية للأقمار الاصطناعية، إنزال بث قناة المنار على قمرها "النايل سات". وأشارت إلى أن القرار جزء من...
- ترامب يصعّد الصراع مع إيران وطهران تردّ بالمثل وترحيب خليجي وإسرائيلي! المرصاد نت - متابعات حاول الرئيس الأميركي ربط قراره تصنيف الحرس الثوري «إرهابياً» باستراتيجية «العقوبات القصوى» عبر إشارته في تصريحاته...
- قرصنة إلكترونية تتسبب بانقطاع التيار الكهربائيِّ في فنزويلا! المرصاد نت - متابعات أكد الرئيس الفنزويليّ نيكولاس مادورو أن انقطاع التيار الكهربائي في غالبية مناطق البلاد جاء نتيجة هجمات قرصنة إلكترونية محذراً من أن الهدف...
- أميركا تمهد لـ"داعش" بدير الزور والاحتلال يساعد "النصرة" بالقنيطرة المرصاد نت - متابعات اعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في بيان ان “طيران التحالف الأمريكي أقدم عند الساعة الخامسة مساء اليوم على قصف أح...