أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد السوري!

المرصاد نت - متابعات

وسط تحذيرات غربية من التصعيد العسكري في منطقة إدلب تبدو التحضيرات الميدانية مقدّمة لمعارك أوسع على طول جبهات «منطقة خفض التصعيد» بما يعيد الحال إلى ما قبل «اتفاق Syriaaa209.5.24سوتشي» الروسي ــــ التركي، حين كانت الكلمة العليا للميدان «لا يمكن الحديث عن أي تعايش سلمي معهم». هذه الجملة التي قالتها المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا في حديثها عن الفصائل الإرهابية في «جيب إدلب» قد تكون مفتاحاً لاستقراء ما قد تفضي إليه جولة المعارك الأخيرة التي اقتصرت على ريفَي حماة واللاذقية.

إذ ترسم المعطيات المتوفرة من الميدان والغائبة من أروقة التفاوض الروسية ــــ التركية مشهداً بعيداً عن التهدئة التي سادت منطقة «خفض التصعيد» منذ توقيع «اتفاق سوتشي». ولا يبدو أن الاتصالات المكثّفة بين أنقرة وموسكو قد تمكّنت حتى الآن من اجتراح صيغة «مقنعة» تتيح تنفيذ «مذكرة التفاهم» الخاصة بإدلب بين الطرفين، خارج الإطار العسكري. وساهمت مجريات المعارك في الأيام الأخيرة في تعزيز احتمال المواجهة الواسعة إذ شكّل اجتماع الفصائل تحت قيادة «هيئة تحرير الشام» وبمشاركة وحدات «الجيش الوطني» وسيطرتها على بلدة كفرنبودة محطّة جديدة قد تعيد أحلام «معركة وقُلِ اعْملوا» التي أطلقتها «تحرير الشام» في آذار عام 2017م واضعة هدفاً لها «الوصول إلى مدينة حماة». هذا الائتلاف الميداني الجديد بين الفصائل يشي بوجود إرادة تركية لإظهار بعض أوراق الضغط الميداني القابل للاستثمار على طاولة التفاوض لكنه في المقابل يجعل من كل تلك الفصائل عرضة للاستهداف العسكري من قِبَل دمشق وحلفائها وهو فعلياً ما يجري عبر عشرات الضربات الجوية والمدفعية التي تستهدف مواقع في أرياف اللاذقية وحماة وإدلب.

وعلى رغم أن حدّة الاشتباكات على خطوط التماس انخفضت أمس بالمقارنة مع معارك الأيام السابقة إلا أن التحركات الميدانية تبدو مقدمة لعودة التصعيد من أوسع أبوابه. فإلى جانب تكثيف الغارات الجوية، يجري الحديث عن الإعداد لفتح معبرين للمدنيين الراغبين في مغادرة «جيب إدلب» نحو مناطق سيطرة الحكومة السورية، في محيط بلدة صوران في ريف حماة، وقرب بلدة أبو الضهور في ريف إدلب الشرقي. وستكون المعابر مستعدة لتقديم الخدمات الطبية والمساعدات من قِبَل الجانبين الحكومي والروسي.

ويذكّر هذا الإجراء بما جرى في عدد كبير من مناطق «خفض التصعيد» قبل انطلاق عملية عسكرية واسعة فيها. وتشير مصادر ميدانية إلى أن الجيش السوري دفع بتعزيزات إلى ريف حماة الشمالي استعداداً لتوسيع رقعة الاشتباكات هناك. وقد تختلف طبيعة المعارك المحتملة عما جرى خلال الأسابيع الفائتة إذ يُتوقّع أن يسخّن الجيش عدداً أكبر من المحاور، وهو ما قد يحفّز هجمات من جانب الفصائل على جبهات لا تزال مضبوطة حتى الآن، مثل محيط مدينة حلب.

واللافت أن تلك الجبهة التي تشهد وجوداً عسكرياً إيرانياً لم تنزلق إلى التصعيد الأخير، على رغم كثافة القذائف التي سقطت على أحياء حلب. وأتى ذلك وسط غياب شبه تام لأي تعليق بارز من جانب طهران على تطورات الميدان الأخيرة. وبينما غابت أيضاً بيانات وزارة الدفاع السورية حول مجريات العمليات الأخيرة، تولت وزارة الدفاع الروسية مهمة إحصاء خسائر المسلحين فيها. وبرز أول من أمس تطوّر لافت عبر توسيع رقعة استخدام الطائرات المُسيّرة من قبل الفصائل، فبعدما تركّزت هجماتها على قاعدة حميميم لمدّة طويلة، تعرّض كل من مطار حماة ومحطة الزارة لتوليد الكهرباء لاعتداء نُفّذ بطائرات مسيّرة. وتمكنت وسائط الدفاع الجوي من إسقاط طائرة في محيط المطار العسكري، وبيّنت الصور أنها تماثل ما تم إسقاطه سابقاً من أجواء قاعدة حميميم الجوية.

وبدا لافتاً أمس في موازاة التطورات الميدانية، تصريح المتحدّث باسم حزب «العدالة والتنمية» التركي، عمر جليك، الذي اعتبر فيه أن اللقاء بين مسؤولين أمنيين أتراك وسوريين سيكون طبيعياً «في ضوء بعض الاحتياجات». ولم يؤكد جليك حدوث أي لقاء على هذا المستوى لكنه قال أمس إن «وكالات المخابرات التابعة لنا وعناصرنا في الميدان (ضمن سوريا) بإمكانها عقد أي اجتماع تريده في الوقت الذي تراه مناسباً لتجنّب وقوع أي مأساة إنسانية أو في ضوء بعض الاحتياجات». وجاء التعليق رداً على تقرير نشرته إحدى وسائل الإعلام التركية أفاد بوجود اتصالات رفيعة المستوى بين ممثلين كبار عن تركيا وسوريا. إذ كانت صحيفة «آيدينليك» التركية قد نقلت عن صحافيين «التقوا الرئيس السوري بشار الأسد» قولهم إن «لجنة سورية التقت مع رئيس المخابرات التركية حقان فيدان». وحينها خرج بيان عن الرئاسة السورية أكد أن أي تصريحات للرئيس تصدر عبر القنوات الرسمية فقط.

إلى ذلك أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف اليوم الجمعة أن القوات السورية أوقفت في 18 أيار/ مايو الجاري إطلاق النار من جانب واحد تماماً، ولم تستسلم لاستفزازات الإرهابيين في منطقة خفض التصعيد إدلب. وقال كوناشينكوف في مؤتمر صحافي "نود أيضاً أن نذكّر وزارة الخارجية الأميركية أن القوات الحكومية السورية في 18 أيار/ مايو كانت أول من أوقف إطلاق النار بشكل كامل من جانب واحد ولم تستسلم للعديد من الاستفزازات لعدة أيام".

وتابع "لذلك لم تكن هناك أي هجمات في 19 أيار/ مايو في منطقه خفض التصعيد إدلب وبشكل عام".

وفي سياق متصل نفى كوناشينكوف وجود تقارير عن هجمات كيميائية في إدلب معلقاً على الأمر بالقول "كذب يدعو إلى السخرية". ولفت إلى أن إرهابيي جبهة النصرة هم المصدر الوحيد وشاهد عيان الهجمات الكيميائية المزعومة في إدلب.

ضغوط أميركية لتجميد الجبهات: معارك كفرنبودة تنذر بجولة تصعيد طويلة

على وقع تحذيرات غربية من «التصعيد» في جيب إدلب ووعيدٍ بـ«ردّ مناسب» على أي استخدام مفترض لسلاح كيميائي تشير معطيات الميدان إلى أن الجبهات ستشهد مزيداً من المعارك العنيفة خلال الفترة المقبلة. فلا التهدئة المُصوغة بين أنقرة وروسيا دخلت موضع التنفيذ ولا القصف المتبادل توقّف بل على العكس حشدت الفصائل بقيادة «هيئة تحرير الشام» قواتها وهاجمت نقاط الجيش السوري في ريف حماة الشمالي.

وبعد معارك كرّ وفرّ طويلة انسحبت قوات الجيش من بلدة كفرنبودة عقب اشتباكات عنيفة داخل أحيائها سبّبت خسائر في صفوف الطرفين. غير أن الانسحاب من البلدة لم يُخرجها من دائرة الاشتباك إذ تحوّلت إلى مركز لاستهداف الفصائل بسلاحَي الجو والمدفعية وهو ما سبّب مقتل عدد كبير من عناصرها. وساهمت الألغام التي زرعتها وحدات الجيش داخل البلدة، قبل انسحابها في قتل وإصابة عدد إضافي من المهاجمين وفق ما نقلت أوساط معارضة.

وإذا ما استمر القصف الجوي والمدفعي على كفرنبودة بالكثافة التي كان عليها أمس فلن تتمكن الفصائل المسلحة من تثبيت نقاط في داخلها وقد يفضي أي هجوم منظّم ومدروس لقوات الجيش حينها إلى استعادة السيطرة على البلدة. ومن المؤكد أن «تحرير الشام»، التي بدا دخولها إلى جانب وحدات «الجيش الوطني» معدِّلاً لتوازنات الميدان ستبذل جهداً كبيراً للثبات في البلدة ومحاولة التوسع في محيطها، خاصة أن ذلك يعزز حضورها في منطقة لم تكن سابقاً ضمن إطار هيمنتها. وفي موازاة معارك كفرنبودة لم تتوقف الاشتباكات على محور كباني في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي وسط تعزيز الاستهداف الجوي لنقاط المسلحين، وصولاً إلى جسر الشغور في ريف إدلب.

تعاظم التصعيد يدفع بسؤالين رئيسين إلى الواجهة أولهما عن طبيعة ما قد تفضي إليه الاتصالات الروسية ـــ التركية وثانيهما عن الاستثمار المحتمل لموجة الضغط الغربي التي تقودها واشنطن ضد دمشق وحلفائها لوقف المعارك في إدلب. وحضرت بعض التفاصيل المرتبطة بسياق المحادثات الروسية ـــ التركية أمس، من دون أن تعطي تصوراً واضحاً عن فحواها. إذ تداولت أوساط معارضة أنباء عن أن موسكو أبلغت أنقرة بأنها لن تستطيع ضمان أمن نقاط المراقبة التركية في منطقة «خفض التصعيد» في ظلّ تطورات الميدان الأخيرة قبل أن يخرج وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ويؤكد أن بلاده لم ـــ ولن ـــ تخلِ أياً من تلك النقاط. وعادت أوساط معارضة إلى الحديث في ساعات مساء أمس عن إبلاغ تركيا قادةَ الفصائل في إدلب أن اتفاقات التهدئة بموجب صيغتَي «أستانا/ سوتشي» لم تعد سارية في ظلّ استمرار المعارك من دون أن يخرج تصريح رسمي عن أي طرف يؤكّد ذلك أو ينفيه. وسواء أصحّ الأمر أم لا تؤكد المعلومات الميدانية من طرف الجيش السوري أن هناك استعداداً لمعارك «غير محدودة» من حيث المدّة والجغرافيا في محيط إدلب.

أما الضغط الغربي الذي افتتحته واشنطن عبر بيان من وزارة الخارجية فيحذّر من «التصعيد» في إدلب ومن «استخدام لسلاح الكيميائي» فقد استمر أمس عبر تصريحات مماثلة خرجت عن وزارة الدفاع الأميركية ليتردد صدى تلك التحذيرات في لندن وباريس. الجبهة الثلاثية المشتركة الأميركية ـــ البريطانية ـــ الفرنسية أرادت تأكيد حضور الحلف الذي نسجه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لشنّ الاعتداء على سوريا بحجّة «الكيميائي» نفسها. وهي تصبّ في الوقت عينه في سياق دعم مقاربة إدارة ترامب حول «الملف السوري» والتي عبّر عنها الممثل الخاص لوزير الخارجية لشؤون سوريا، جايمس جيفري خلال جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي أمس. إذ رأى جيفري أن هناك ضرورة لوقف إطلاق النار في إدلب كما في كل سوريا لافتاً إلى أن بلاده تسعى إلى ضمان تجميد الجبهات لحين إحراز تقدّم في المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة في جنيف، على أن تجري رعاية الهدنة لاحقاً ضمن إطار القرار الأممي 2254.

«الإدارة الذاتية» تخطب ودّ العشائر: إخراج محتجزين من الهول
أعلنت «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» أنها بدأت ترتيبات لإخراج النساء والأطفال من عوائل عناصر «داعش» المحتجزين في مخيم الهول وإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية. وزار وفد من «الإدارة الذاتية» المخيم أمس لبحث إخراج هؤلاء قبل عيد الفطر المقبل «استجابة لمطالب العشائر» وفق ما أفاد به بيان رسمي.

وأشار البيان إلى أن «اللجنة حددت آلية لإخراج مجموعة من نساء وأطفال داعش مِمَّن لديهم وثائق ثبوتية مع وجود كفيل من نفس المنطقة». وأضاف أنه «تم التأكيد على عدم إجبار أي شخص على الخروج إن لم تكن لديه الرغبة في ذلك لافتاً إلى أن «ما يقارب 66 % من القاطنين (في المخيم) لا يملكون ثبوتيات شخصية». وجاء هذا الإجراء في محاولة لخطب ودّ العشائر العربية وتخفيف حدة التوتر الذي شهدته أرياف دير الزور. وأتى بالتوازي مع مطالبات بإنشاء «محكمة دولية» مختصّة بمحاكمة عناصر «داعش» الأجانب.
وفي مسودة التشريع الخاص بميزانية الدفاع الأميركية للعام 2020، والتي كشفت عنها لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، برز مقترح بتعيين مبعوث أميركي خاص للتعامل مع ملف المقاتلين السابقين في «داعش» وأنصاره الذين يعيشون الآن في معسكرات احتجاز في سوريا.

عفو جنائي وسط توتر أمني في درعا
وسط توتر أمني تشهده عدة مناطق في محافظة درعا، تم الإفراج أمس عن 15 موقوفاً، وإعفاء ما يزيد على 1000 مطلوب من قِبَل السلطات الحكومية. ووفق ما نقلت وسائل إعلام محلية، فقد شمل العفو أكثر من 2000 شخص، صدرت سابقاً بحقّهم بلاغات توقيف. واعتبرت أوساط إعلامية هذه الخطوة «تلبية لمطالب أهالي درعا»، فيما لم يصدر أي تصريح رسمي حول الموضوع.

ويأتي هذا العفو في وقت يرتفع فيه منسوب التوتر الأمني، ولا سيما في بلدة الصنمين، بعد استشهاد عناصر من الأمن الجنائي في اشتباك مع مسلحين داخل البلدة. وزادت القوات الحكومية التدقيق في عملية الدخول والخروج من الصنمين التي بقيت لمدة طويلة ضمن إطار مصالحة محلية.
وبالتوازي هاجم عدد من المسلحين نقاطاً أمنية في بلدة جلين في ريف درعا بعد توتر سبّبه توقيف قيادي سابق في فصيل «جيش المعتز بالله»، وفق أوساط معارضة.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية