هل يتجاوز لبنان نفق التأليف بعد التكليف؟

المرصاد نت - متابعات

تنفس كثير من اللبنانيين الصعداء بعد اعلان رئيس الجمهورية ميشال عون تسمية وزير التربية والتعليم الاسبق حسان دياب لتشكيل الحكومة الجديدة. لكن الجميع يعرف ان المشكلة لم تجد حلاًDiab2019.12.22 لها وان اقصى ما يمكن توقع به هو بداية للحل لن تكون سهلة وذلك لاسباب عديدة. وجاءت تسمية دياب بعد أسابيع من الفراغ الناتج عن مواقف لاطراف داخلية ومساع لتدخلات اجنبية. ومن خلال نظرة على ما شهده لبنان في الاسابيع الاخيرة يمكن تصور ما حصل بالفعل.

اولاً : اعلن رئيس الحكومة حينها سعد الحريري استقالته بما يشبه المسعى لاظهار نفسه وكأنه خضع لمطالب الشارع لكن ما اعقب ذلك كشف محاولة لاحراج الاطراف الاخرى في السلطة.

ثانياً: بدأت عملية حرق الأسماء (السنية) المطروحة لترؤس الحكومة بما يخدم رؤية الحريري وشروطه للعودة الى السراي بحكومة (تكنوقراط) كما اعلن هو.

ثالثاً : بدأت التدخلات الخارجية تطفو على سطح الأحداث في لبنان وصولا الى زيارة ديفيد هيل مساعد وزير الخارجية الأميركي إلى بيروت تزامنا مع الإستشارات النيابية الملزمة التي سمت دياب.

وعليه يمكن استنتاج الاتي من هذه الأحداث..

ما قام به الحريري لإظهار نفسه في نفس الخندق مع المتظاهرين لم ينجح بسبب ربط الحريري خطواته لاحقا بدار الإفتاء ونظرية الغطاء الطائفي له وهو ما يتعارض مع مطالب الشارع الداعية للمجيء بسلطة بعيدة عن الأطر الطائفية. وما قضى على استراتيجية الحريري تمنعه عن تسمية شخص لترؤس الحكومة ما كشف الموقف الذي يتبناه من الأزمة وهو (أنا أو لا أحد) وهو ما يعتبر غير مقبول لدى القوى السياسية اللبنانية (مع وجود شخصيات وأسماء وقوى سنية غير تيار المستقبل).

الى جانب ذلك كان واضحا المسعى الأميركي لتوجيه الأزمة لصالح مشروع واشنطن. حيث تكشف التقارير ان ديفد هيل وصل بيروت للترويج للسفير اللبناني في الأمم المتحدة نواف سلام كرئيس للحكومة. وهو ما سيعتبر استفزازا واستهدافا لحزب الله وحلفائه بسبب مواقف سلام المعروفة من الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي. وهنا يبرز السؤال التالي.. هل كانت استقالة الحريري ورفضه ترؤس الحكومة لاحقا خطوة معدة مسبقا لعدم إحراجه داخليا من جهة الخطة الأميركية ولإفساح المجال لوصول نواف سلام بما يحمله من أجندة مرتبطة بواشنطن؟

الأمر المهم الآخر يتمثل بردة فعل الشارع المحسوب على الحريري بعد تسمية دياب. ردة فعل وجهت ضربة شبه قاضية للحراك حيث برز تمسك بعض هذا الشارع بالإطار الطائفي لاختيار رئيس الحكومة عكس ما يريده معظم اللبنانيين ومن كل الطوائف. وعليه أتت دعوة الحريري الوجدانية لشارعه بالعودة الى المنازل تجنبا لما قد يضعه في خانة التخندق المذهبي وهو ما لا يريده لنفسه و لتاريخه وتاريخ والده السياسي، في ظل وجود قوى اخرى تحاول استغلال الحراك لتمرير اجندتها.

في المقابل تبدو القوى السياسية مصرة على إنجاح مهمة حسان دياب رغم إعلان الحزب التقدمي الإشتراكي بزعامة وليد جنبلاط عدم المشاركة في الحكومة لا لموقف عام متماه مع الحراك بل لغاية في نفس يعقوب تتمثل بالخصومة العميقة مع رئيس الجمهورية وفريقه.

وعليه يمكن القول ان البلاد أصبحت أمام مسارين. مسار يريد إخراج المشهد من الفراغ والسعي لتحقيق ما يريده الشارع ومسار يريد إحراج الطرف الآخر ووضعه في مواجهة مع الشارع كما يحصل في اليومين الأخيرين من استهداف للجيش والقوى الامنية بما ينذر بنتائج غير محمودة,,

ويمر لبنان بمنعطف دقيق وحساس بعد انتهت مشاورات التأليف غير الملزمة مع الكتل النيابية التي صرحت بمواقف عدة عقب لقائها برئيس الحكومة المكلف حسان دياب الذي اكد اكثر من مرة ان الحكومة المقبلة ستكون حكومة اختصاصيين مستقلين. وبحسب مراقبين فان الشعب اللبناني يأمل ان تكون الحكومة المقبلة حكومة اختصاصيين مستقلين حسب ما اعلن عنها الرئيس المكلف الجديد حسان دياب، غير ان هناك تصريحات خرجت من بعض الكتل النيابية عقب جلسة الاستشارات ومنها كتلة نبيه بري اعلنت صراحة انها طالبت بحكومة تكنوسياسية.

فيما قال محللون آخرون للشأن اللبناني ان هناك قراراً كبيراً بالاسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية تؤمن الثقة الداخلية والخارجية، وذلك باعتبار ان الوضع في لبنان لا يتحمل المزيد من التأجيل وقد وصل الى حافة الانهيار، مشيرين الى ان معظم الاطراف السياسية في لبنان اصبح لديها تخوف كبير من ذهاب الوضع الى الانهيار، ولذا يريدون اعطاء فرصة حتى ولو لحكومة انتقالية لمدة ستة اشهر من اجل انقاذ البلد.

واشاروا، الى ان من الملفت في الامر هو تزامن زيارة مساعد وزير الخارجية الامريكي للشؤون السياسية ديفيد هيل مع مشاورات دياب، رغم ان الادارة الامريكية اعلنت ظاهرياً انها لن تكون معرقلة لمهمة دياب لتشكيل الحكومة مهما كان لونها.

واكدوا ان دعوة الحريري لتشكيل حكومة تكنوقراط كي تتمكن من تلقي المساعدات الخارجية، كما اكدوا بوجود اطراف لاعبة في المشهد اللبناني اقليمية ودولية كالمصري والفرنسي غير ان الجديد في الامر هو اللاعب الامريكي الذي يدعو الى ترك البلد حتى ينهار، الذي يمارس كل أنواع الكذب والتّضليل عندما يدعي أن بلاده تريد استقرار لبنان، وينفي أي تدخل في الشؤون الداخلية، لكن المحللين ذكروا ان الاوروبيين استطاعوا اقناع الامريكيين بان هذا البلد فيما اذا انهار فان الكل سوف يخسر ولن يكون مختصراً على الوضع الداخلي.

على خط آخر اعتبر سياسيون، ان المطلوب من الرئيس المكلف دياب، اختيار شخصيات قريبة من الحراك الشعبي كي تعطي ثقة للشعب والتي بدورها تؤدي الى الشعور للاطمئنان داخلياً وخارجياً.

رئيس الوزراء اللبناني المكلّف: لن أعتذر عن تشكيل الحكومة
أكد رئيس الوزراء اللبناني المكلّف حسان دياب إنه لن يعتذر عن تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أنّه "يسعى لتشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين والمستقلين بأسرع وقت"، لافتاً إلى "اتفاق القوى السياسية معه حول ذلك، بما فيها حزب الله". دياب أشار في مؤتمر صحفي اليوم السبت على هامش الاستشارات غير الملزمة حول تشكيل الحكومة، أنّ لقاءاته مع القوى السياسية كانت جيدة وإيجابية"، مشدداً على أنّ "لبنان في العناية الفائقة ويحتاج إلى كل جهد".

وقال دياب: "من يشكل الحكومة هو رئيس الحكومة، ولن أعتذر ولم يشترط أحد عليّ شيئاً"، موضحاً أنّ لبنان "بحاجة إلى حكومة وإدارة من مستقلين واختصاصيين".من جهته قال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إنه أكد لدياب "ضرورة محاربة الفساد في الحكومة المقبلة"، مشدداً على "ضرورة أن يكون تأليف الحكومة مناسبة للمّ الشمل والإصرار على تمثيل الجميع في لبنان".

ويشارك رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في المشاورات النيابية لرئيس الحكومة المكلف، حيث نفى في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي ما انتشر حول "إبرام تسوية كاملة بين الحريري والثنائي الشيعي انتهت إلى تكليف دياب، وعدم تسمية كتلة المستقبل السفير نواف سلام ".

يذكر أنّه تمّ تكليف حسّان دياب برئاسة الحكومة بعد حصوله على 69 صوتاً من أصل 128 نائباً خلال الاستشارات النيابية الإلزامية لاختيار رئيس لتشكيل الحكومة بعد شهرين على استقالة حكومة الحريري نتيجة الاحتجاجات التي عاشتها مختلف المدن اللبنانية منذ 17 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية