الاتفاق النووي يحتضر .. كيف موّلت الإمارات والسعودية "لوبي الحرب" على إيران؟

المرصاد نت - متابعات

تدخل طهران اليوم منعطفاً جديداً في إطار ضغوطها المقابلة للحملة الأميركية مع تخفيفها التزاماتها بالاتفاق النووي. وإذ جددت طهران رفضها التفاوض على لسان المرشد علي خامنئي الذيIranaban2019.6.27 تجاهل أمس عقوبات ترامب بحقه أعاد الأخير المخاوف بشأن إمكانية حدوث صدام عسكري وإن «محدود»..

ربما عن قصد اختارت طهران الـ27 من الشهر الجاري موعداً لمزيد من التخفّف من التزاماتها بموجب الاتفاق النووي عبر تجاوز حدود تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق على توقيت انعقاد قمة «العشرين» في اليابان حيث سيفرض الملف الإيراني نفسه بقوة على المجتمعين لا سيما لقاء الرئيسين الأميركي والروسي.

لا شيء في الأفق يلوح مرجحاً إمكانية أن يبقى الاتفاق النووي على حاله مع الخطوة الإيرانية بعد فشل وساطات واتصالات ربع الساعة الأخير التي أجراها الأوروبيون مع الإيرانيين حتى ليل أمس بقي المسؤولون الإيرانيون متمسكين بعدم تمديد مهلهم، وترك الاتفاق يتعثر تلقائياً جراء عرقلة العقوبات الأميركية بيع اليورانيوم فيما واصل الأوروبيون نداءاتهم لطهران لتتراجع عن موقفها من دون القدرة على تقديم حل عملي.

وأمس وجه مندوبو الدول الأوروبية في مجلس الأمن نداءات جديدة للحفاظ على الاتفاق وقال مندوب الاتحاد لدى الأمم المتحدة جواو فالي دي ألميدا إنه «لا يوجد له (الاتفاق) بديل سلمي يُعتدّ به». وحذر المندوب الفرنسي فرانسوا ديلاتر من أن إنهاء الاتفاق «سيعني اتخاذ خطوة خطيرة إلى الوراء تجلب معها غموضاً وعواقب وخيمة محتملة على المنطقة وعلى نظام منع الانتشار النووي وأمننا الجماعي». وعزت منسقة الأمم المتحدة للشؤون السياسية لمجلس الأمن روزماري دي كارلو عرقلة الاتفاق إلى قرارات الولايات المتحدة عدم التمديد الكامل للإعفاءات على العقوبات ضد النفط الإيراني ورأت أن الخطوات التي ستتخذها طهران اليوم «ربما لا تساعد في الحفاظ» على الاتفاق. مع ذلك تبدأ من الغد مهلة جديدة حتى السابع من تموز وهي مهلة الـ60 يوماً التي أعلنتها طهران للبقاء في الاتفاق حال استمرار عدم الالتزام الأوروبي بتيسير العوائد الاقتصادية.

وما استحقاق الاتفاق النووي سوى حلقة في المشهد الساخن الذي تثبت التطورات أن التكهنات بانتهائه لا يمكن الجزم بها. هذا على الأقل ما يؤكده الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي وإن طمأن ناخبيه إلى أنه لن يرسل «قوات برية» إلى المنطقة لكنه أشار إلى عدم استحالة مواجهة عسكرية محدودة عبر القول: «أتمنى ألا نخوض حرباً لكننا في وضع قوي جداً إذا حدث شيء... لا أتحدث عن قوات برية. أقول فقط إنه إذا حدث شيء فلن يدوم طويلاً».

الفصل الجديد من التصريحات عالية النبرة والمليئة بالتهديدات بين الطرفين كانت السبب في افتتاحه العقوبات على المرشد الأعلى السيد علي خامنئي والتي انتقدها بشدة وزير الخارجية جواد ظريف ورأى أنها تعود إلى فشل «الإرهاب الاقتصادي». واعتبر أن شمول السيد خامنئي بالعقوبات دليل على أن «الساسة الأميركيين يجهلون الإسلام وروابط المرجعية بأتباعها وهم بذلك لا يراعون حرية المذهب لدى المسلمين من المواطنين الأميركيين».

السيد خامنئي من جهته تجاهل في خطاب أمس قرارات الرئيس الأميركي بحقه، وقال: «كل يوم تقوم أخبث وأكره حكومة في العالم تسببت بإشعال الحروب وبث الفرقة ونهب وسرقة ثروات البلاد والشعوب بتوجيه إهانات واتهامات للشعب الإيراني الشريف لكنه لا يهاب ممارسات أميركا القبيحة ولا يتراجع أبداً». وجدد رفض التفاوض مع واشنطن، معتبراً أن الهدف الرئيس لهذا المطلب هو نزع أسباب القوة: «يسعون لسلب إيران هذه الأسلحة وأسباب القوة هذه من خلال التفاوض لكي يستطيعوا إلحاق أيّ أذى بهذا الشعب» في إشارة إلى البرنامج الصاروخي. وأضاف: «إذا ما وافقت على اقتراح أميركا (التفاوض) فسوف يتمّ التنكيل بالشعب وإذا رفضته فسوف تستمرّ إثارة الضجيج السياسي والإعلامي والضغوط». وتطرق الزعيم الإيراني إلى حديث الخبراء في الإعلام العالمي عن قوة إيران العسكرية ولفت إلى أن ذلك ليس سببه الأحداث الأخيرة «بل هو نتيجة لصمود» على مدى 40 عاماً مشيداً بعملية «الدمج بين الهوية الإيرانية والخصائص الإسلامية» في العقود الأربعة الماضية من عمر الثورة.

كيف موّلت الإمارات والسعودية "لوبي الحرب" على إيران؟
نشر الكاتبتان الأميركيتان كساندرا ستيمبسون ونيا هاريس تقريراً في موقع "إنك ستيك" تناول العلاقة بين عدد من السياسيين الأميركيين والمراكز البحثية التي تضغط باتجاه شن حرب على إيران وكل من السعودية والإمارات.

ويستعرض التقارير المبالغ المالية التي يحصل عليها هؤلاء من السعوديين والإماراتيين الذين هم فعلياً من يكتبون خطاب الحرب المتشدد ضد إيران. ومن بين النماذج التي يستعرضها التقرير:

ـ إنفاق السعودية والإمارات 30 مليون دولار خلال عام 2018 على جماعات الضغط وشركات العلاقات العامة وعقد آلاف الاجتماعات مع سياسيين ووسائل إعلام وخبراء في مراكز الأبحاث للتأثير على الرواية الأميركية.

-بالنسبة للعديد من "الصقور" تجاه إيران هناك قناة مالية مباشرة بينهم وبين الإماراتيين والسعوديين وفق تقرير مبادرة الشفافية في التأثير الأجنبي التابعة لمركز السياسة الدولية. ومن الأمثلة على ذلك:

زعيم الأقلية في مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي الذي قال أخيراً إن الإيرانيين لا يفهمون إلا لغة القوة كان على قائمة الذين تلقوا أموالاً من شركات تمثل السعودية في عام 2018 حيث حصل على 50 ألف دولار وعلى هبات أصغر من دولة الإمارات.

السيناتور الجمهوري توم كوتون الذي قال إن الهجمات على ناقلات النفط تستدعي توجيه ضربة عسكرية انتقامية لإيران تلقى 7250 دولاراً من شركات ضغط تمثل الإمارات وتم التواصل معه 3 مرات حول تطورات المنطقة وخصوصاً موضوع إيران وفرض عقوبات عليها بشأن برنامجها الصاروخي الباليستي.

السيناتور الجمهوري جون كينيدي وهو من يصف إيران بأنها سرطان وأنه يجب خنقها تلقى في عام 2018 ما لا يقل عن 5 آلاف دولار من شركة "akin gump" التي تمثل الإمارات كما جرى التواصل مع مكتبه مرات عدة من قبل جماعات ضغط تمثل السعودية.

بدوره تلقى السيناتور الجمهوري جيم انهوف 1000 دولار في اليوم نفسه الذي تواصلت مع فريقه مجموعة "ماكيون" McKeon . وبعد أسبوعين فقط صوّت ضد قرار إنهاء الدور الأميركي في حرب التحالف السعودي في اليمن.

خلال هذا الشهر عرقل انهوف صدور قانون مقترح يمنع تمويل العمليات العسكرية الهجومية على إيران. وهو كان تلقى أكثر من 7550 دولاراً من شركات سعودية مسجلة في الولايات المتحدة.

بالإضافة إلى أعضاء الكونغرس هؤلاء، بذخ السعوديون والإماراتيون على العديد من مراكز الأبحاث التي يروج خبراؤها للحرب على إيران. على سبيل المثال حصل معهد الشرق الأوسط الذي لديه برنامج خاص بإيران على 20 مليون دولار من الإمارات ما بين عامي 2016 و2017. كما تلقى الملايين من السعودية.

كان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى من أكثر المؤسسات البحثية التي تم التواصل معها من قبل الإمارات في العام الماضي، من خلال مايكل نايتس الذي كتب مقالات عدة من بينها ما يدعو إلى الاستمرار في حرب اليمن وتزويد السعودية والإمارات بالمزيد من الأسلحة.

يقول التقرير إن هناك أدلة متزايدة على أن التأثير الأجنبي على مراكز الأبحاث قد يكون له تأثير مباشر على وزارة الخارجية، مورداً تقارير حديثة حول قيام وزارة الخارجية الأميركية بالتعاون مع "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" الأميركية بحملة على موقع "تويتر" ضد المجموعات والصحافيين والناشطين الأميركيين الذين يعارضون العقوبات والحرب على إيران. ويشير التقرير الى أن المستشار في المؤسسة سعيد قاسمي نجاد هو الذي روّج للحملة من خلال حساب وهمي "irandisinfo" قبل أن يتوقف نشاطه منذ وقف الخارجية تمويل "مركز المشاركة العالمي" الذي كان من المفترض أن يواجه البروباغندا وعمليات التضليل. لكنه بدلاً من ذلك اعتاد تخويف الأميركيين الذين لم يتبنوا نهجاً متشدداً ضد إيران.

التقرير يذهب الى ما هو أبعد من ذلك من خلال الإشارة الى التماثل الواضح بين خطابات المسؤولين الأميركيين من جهة والسعوديين والإماراتيين من جهة ثانية، لا بل استخدام العبارات نفسها، كما حصل مع المبعوث الخاص الى إيران برايان هوك خلال شهادته أمام مجلس الشيوخ الأميركي حول سياسة الإدارة الحالية تجاه إيران الذي استخدم العبارات نفسها التي صدرت في بيان عن الحكومة السعودية بما يتعلق بـ"أنصار الله" (الحوثيين) وتشبيههم بحزب الله .. الخ

ويقول التقرير إن هذه لم تكن المرة الأولى مشيراً الى ما كان سبق أن نشره موقع "انترسبت" من أن خطاب السيناتور الجمهوري ايد رويس حول ضرورة استمرار مشاركة الولايات المتحدة في حرب اليمن كتبه له أشخاص ينتمون إلى اللوبي السعودي.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية