طهران تنفي قبول التفاوض على الصواريخ: جرعة دعم أميركية للمبادرة الفرنسية !

المرصاد نت - متابعات

فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مفاجأة كبيرة أمس بإعلانه إحراز تقدم مع إيران. جرت عملية ربط سريعة لدى المتابعين بين تصريح ترامب وكلام وزير خارجيته مايك بومبيو حول قبول Iran Usa2019.7.17طهران بالتفاوض على البرنامج الصاروخي من جهة وحديث وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف عن توقف أميركا عن بيع الأسلحة لحلفائها في المنطقة قبل التحدث عن الصواريخ الإيرانية.

وفي التفاصيل قال ترامب خلال اجتماع حكومته في البيت الأبيض إن «هناك تقدماً كبيراً مع طهران» مضيفاً: «إيران تريد التحدث معنا وسنرى ما سيحدث». وأكد أن بلاده لا تسعى إلى تغيير النظام في طهران: «لا نسعى إلى ذلك على الإطلاق» وشدد في الوقت عينه على أن الإيرانيين «لا يمكنهم امتلاك السلاح النووي» مبدياً رغبة واشنطن في «خروج» إيران من اليمن.

وفي حين لم يوضح ترامب تفاصيل أكثر حول «التقدم» وأسبابه أوضح بومبيو بعبارة مقتضبة أن إيران أعلنت استعدادها «للتفاوض في شأن برنامجها للصواريخ الباليستية». كلام بومبيو يأتي بعدما قال ظريف، في مقابلة مع شبكة «إن بي سي نيوز» إن «الأسلحة الأميركية تتجه إلى منطقتنا ما يجعل منطقتنا جاهزة للانفجار. لذا إذا أرادوا التحدث عن صواريخنا، فعليهم أولاً التوقف عن بيع كل هذه الأسلحة». ومن الواضح أن تصريح ظريف الذي لم تهتم به وكالات الأنباء الإيرانية لم يكن مبادرة رسمية أو عرضاً بالمقايضة، وإنما محاججة في عدم أحقية واشنطن بفتح هذا الملف أو طلب التفاوض عليه. ما يؤكد هذا المنحى مسارعة المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، علي رضا مير يوسف إلى التعليق على كلام بومبيو بالقول إن صواريخ إيران «غير قابلة مطلقاً وتحت أي ظرف للتفاوض مع أي أحد أو أي دولة».

لكن بالعودة إلى مقابلة ظريف فإن الإشارات «الإيجابية» لم تغب عن تصريحات الرجل إذ قال من مكان وجوده في نيويورك إن خيار بلاده «هو المقاومة أمام أي ضغط، ولكن لو كانت أميركا تبحث عن سبيل للخروج بماء الوجه من الأوضاع الراهنة فهو متاح لها». ولفت إلى أن الولايات المتحدة هي التي «حرمت نفسها من السوق الإيرانية إلا أن هذه السوق مفتوحة أمام الشركات الأميركية».

هذه المواقف تأتي بعد التفاعل الإيراني «الإيجابي» أيضاً ولو بحذر جلي مع المبادرة الفرنسية التي ستستكمل هذا الأسبوع. وهو ما يحتمل أن يفسر مواقف ترامب الجديدة على أنها ملاقاة للتجاوب الإيراني ودعم لمبادرة باريس ولا سيما من خلال تخفيف لهجة الشروط والتشديد على عدم السعي لقلب النظام. وطالب نائب الرئيس الإيراني حسن روحاني إسحاق جهانغيري الأوروبيين بـ«الضغط على الولايات المتحدة لإنهاء العقوبات وليس على إيران» في وقت يستعد فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لاستكمال مبادرته عبر إجراء مباحثات مع كل من رؤساء إيران وروسيا والولايات المتحدة.

جميع هذه المؤشرات تقود إلى القول بأن المبادرة الفرنسية لم تفشل بعد، وهي مرشحة للتقدم أكثر في الأيام المقبلة ولا سيما بعد مواقف ترامب وظريف وقبلهما قول روحاني بعد زيارة الوسيط الفرنسي إلى طهران: «إذا رفعوا العقوبات وأنهوا الضغوط الاقتصادية المفروضة وعادوا إلى الاتفاق، فنحن مستعدون لإجراء محادثات مع أميركا اليوم والآن وفي أي مكان». إذاً، تقول طهران بصراحة إن التراجع عن العقوبات هو الخطوة الأميركية المطلوبة أو بادرة حسن النية التي ستقابَل من قبلها بالتراجع عن قرار رفض التفاوض.

لكن في المقابل يحاول الأميركيون على ما يبدو أخذ أكثر من قرار مبدئي بالقبول بالتفاوض أي القبول بمفاوضات تشمل ملف اليمن والبرنامج الصاروخي إضافة إلى السلاح النووي كما توحي تصريحات ترامب وبومبيو وهو ما من شأنه أن يزيد فرص المبادرة الفرنسية تعقيداً. وأمس، بدت تعليقات المرشد الإيراني، علي خامنئي، التصعيدية تجاه السياسة الأوروبية، والبريطانية خصوصاً والتشديد على سياسة التخفف من قيود الاتفاق النووي مؤشراً إضافياً إلى عدم الثقة بقدرة الحراك الدبلوماسي الفرنسي على تقديم ما يقنع طهران. لكن مع ذلك لا تتعارض تحذيرات خامنئي مع كونها وسيلة ضغط إضافية لتسريع التحرك الأوروبي نحو الالتزام بالتعهدات تجاه إيران.

وفي وقت سابق أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيتحدث إلى الرؤساء الأميركي والروسي والإيراني هذا الأسبوع في إطار المبادرة الفرنسية لتفادي التصعيد. وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الصربي إن الزخم الذي بني في الأسابيع الماضية حال دون وقوع الأسوأ وأكد العزم على مواصلة الوساطة والعمل التفاوضي.

في الأثناء كشفت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني أن أولى المعاملات عبر الآلية المالية الجديدة مع إيران تتم حالياً وهي متاحة لدول أخرى اذا أرادت ذلك.

وفي وقتٍ دعت فيه طهران إلى الالتزام الكامل بالاتفاق النووي رأت موغيريني خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أن "كل الخطوات التي اتخذتها ايران خارج الاتفاق النووي يمكن العودة عنها مستقبلاً" وأشارت موغيريني إلى أنه "لا يوجد طرف من الدول الموقعة على الاتفاق النووي يرى الخروقات الإيرانية انتهاكاً كبيراً للاتفاق".

وكشفت أوساط في الخارجية الفرنسية عن مبادرة فرنسية لإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران وعودة الولايات المتحدة وايران إلى طاولة المفاوضات.وأكدت مصادر الخارجية الفرنسية أن المبادرة تتضمن خطوطاً عريضة مرحلية يمكن أن تتطور الى حل شامل في حال نجحت الخطوة الأولى التي تتمثل في العودة الى ما قبل الثاني من أيار/مايو الماضي، أي قبل فرض اميركا العقوبات بشكل كامل على 8 دول كانت قد استثنتها من القرار وفق ما أوضحت المصادر لموفد الميادين الى بروكسل.

وتقضي المبادرة أيضاً بعودة ايران فوراً عن كل اجراءاتها المتعلقة بتقليص التزاماتها بالاتفاق النووي وتقديم بعض التنازلات بشأن دورها في الشرق الاوسط. وفي التفاصيل تطلب المبادرة من ايران الضغط على القوى التي تدعمها طهران في العراق لوقف "تحريضها" على القوات الاميركية هناك كما تدعوها لتقليص الانتشار العسكري لكل من قواتها وقوات حزب الله في الميدان السوري والضغط على أنصار الله في اليمن لوقف استهداف السعودية عبر الطائرات المسيرة أو الصواريخ.

في هذه الأثناء لم يقدّم اجتماع بروكسل أي جديد لإنقاذ الاتفاق النووي من السقوط وزراء الخارجية الأوروبيون لم يروا في الإجراءات الإيرانية الأخيرة خرقا للاتفاق الذي يمر بحالة حرجة جداً، بحسب فدريكا موغريني.

وكانت الخارجية الإيرانية قد أكدت أن توقعات الدول الأوروبية من طهران بالتراجع عن قرار خفض التزاماتها النووية "غير واقعية" وتتعارض مع نص الاتفاق النووي.

وكان الرئيس الإيراني ​حسن روحاني​ أعلن استعداد بلاده لإجراء محادثات مع واشنطن إذا رفعت العقوبات وأوقفت الضغوط الاقتصادية وعادت إلى الاتفاق النووي. وفي كلمة له خلال تدشينه مشاريع في محافظة خراسان الشمالية أشار روحاني إلى أن الأوضاع المعيشية في إيران لن تجعلها تستسلم أو تركع أمام الأعداء طارحاً معادلة طهران الجديدة بعد صبرها الاستراتيجي "وهي الانتهاك أمام الانتهاك والتنفيذ أمام التنفيذ والتراجع عن القرارات أمام التراجع عن القرارات".

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية