المرصاد نت - فاطمة المبارك
ورثت الحكومة الانتقالية في السودان تحدّيات داخلية مرتبطة بحالة استقطاب إقليمي ودولي حادّة كان من أدواتها تقديم الدعم المادي إلى منسوبي النظام السابق من رأسه حتى وكلاء الوزارات وأحياناً مَن دونهم وفتح علاقات مباشرة معهم. ولذلك بدا أن التحدّي الأبرز أمام الحكم الجديد هو تفكيك تلك التركة التي يُصطلح عليها بـ«الدولة العميقة» بعدما تجذّرت خلال الأعوام الثلاثين الماضية في مفاصل الدولة كافة. لكن هذه الحقيقة لا تمنع من تشكيك البعض في دوافع قرار رئيس «المجلس السيادي» عبد الفتاح البرهان إحالة عدد من الضباط على التقاعد وترقية آخرين، في حين يصرّ البعض الآخر على أن القرار أتى في إطار تصفية قيادات النظام السابق في المؤسسة العسكرية وأنه اتُخذ تحت ضغط «قوى الحرية والتغيير».
من جهته شرع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي توضع عليه رهانات حزبية وشعبية كبيرة سريعاً في إعادة ترتيب السلطة التنفيذية باتخاذ قرارات أعفى بموجبها وكلاء وزارات مهمة، مثل الخارجية والتعليم العالي إضافة إلى مدير الإذاعة والتلفزيون ومدير ديوان الضرائب. وتتوقع قيادات في «الحرية والتغيير» قرارات شبيهة بعد عودة حمدوك من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وطالب ممثلو التحالف في «السيادي» أول من أمس بسحب الولاة المكلّفين وتعيين ولاة جدد، خاصة مع تزايد التظاهرات في ولايتَي القضارف (شرق) ودارفور (غرب) وتحديداً مدينة نيالا التي طالبت بإقالة الولاة وتصفية أركان «دولة الإنقاذ».
ويصف القيادي في «الحرية والتغيير» محمد ضياء الدين الإقالات الأخيرة بـ«القرار الطبيعي» قائلاً إن «للثورة برامجها، ومن الطبيعي إحداث تغيير في المناصب العليا للدولة حتى تتمكن قوى الحرية والتغيير التي تدير هذه المرحلة من تطبيق سياساتها». ويذهب ضياء الدين إلى المطالبة بمزيد من الإجراءات «حتى تتحقق أهداف الثورة ويُبعَد أي شخص وصل إلى الوظيفة عن طريق الولاءات... أما الذين تقلدوا الوظيفة بالطرق المتبعة فلا حرج عليهم».
وكان «الحرية والتغيير» ممثلاً بـ«تجمع أساتذة الجامعات والكليات» أحد المكونات الرئيسة في «تجمع المهنيين السودانيين» الذي يقود الاحتجاجات منذ أواخر العام الماضي أعلن دعمه وزيرة التعليم العالي انتصار الزين صغيرون بعدما تسببت إقالة وكيل التعليم العالي مصطفى محمد علي الأسبوع الماضي باستقالات جماعية لكلّ مديري الجامعات الحكومية (36 مديراً). ورأى التجمع في بيان أن خطاب صغيرون «أقلق مضاجع أنصار نظام البشير بالتزامها مبادئ الثورة وإقالة... الموالين للنظام السابق الذين تم تعيينهم بالولاء السياسي» معتبراً أن تقديم أولئك الاستقالات الجماعية «مجرد خطوة استباقية لقرار الإقالة، ولا تقدم ولا تؤخر».
إزاء ذلك يلفت رئيس تحرير صحيفة «إيلاف» السودانية خالد التيجاني إلى أن «نظام الإنقاذ أتى بقيادات الخدمة المدنية بطريقة طغت عليها المحسوبية على حساب الكفاءة والخبرة» ولذلك ما فعله حمدوك «أمر متبع في كل الدول» فضلاً عن أن أي رئيس يتسلم السلطة يغيّر طاقم القيادات التنفيذية. لكن التيجاني ينفي وجود «دولة عميقة» موضحاً أن «الهدف من الإقالات هو استبدال قيادات النظام السابق بأشخاص يتفهمون السياسات الجديدة... يجب أن ينظر بموضوعية في الإقالات بعيداً عن الصراعات السياسية». أما المحلل السياسي عبد اللطيف البوني فيقلّل من حجم الإقالات المعلَنة حتى الآن معيباً على النظام السابق تحويل وكيل الوزارة الذي هو منصب مدني إلى سياسي. ويقول البوني: «يُحسب لحمدوك أنه اختار البدائل من المؤسسات نفسها وهذه الخطوة أبعدت شبهة الانتقام عن رئيس الوزراء».
وتأتي الإقالات والتعيينات الأخيرة في وقت يدور فيه جدل كبير حول «الدولة العميقة» التي طالب الحراك الشعبي مبكراً بتفكيكها مُسيِّراً تظاهرات إلى مؤسسات الخدمة المدنية حيث طُلب من قيادات النظام السابق مغادرة مواقعهم فيما بادر آخرون إلى المغادرة قبل إقالتهم. وفي هذا الإطار اتهم مسؤول في وزارة الطاقة والتعدين عناصر من النظام السابق بالتسبب في أزمة الوقود الحالية، بتكسيرهم «مواعين التوزيع» بين إدارة الإمداد وشركات التوزيع. وتشهد البلاد منذ أيام تفاقماً في أزمة الوقود تجلّى في عودة صفوف السيارات أمام المحطات.
المزيد في هذا القسم:
- ترامب يستقبل إردوغان وسط توتر وسجالات في مسائل عدة! المرصاد نت - متابعات قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب سنبحث العديد من الملفات ومن ضمنها منظومة S400 وF35. وأضاف ترامب خلال استقباله الرئيس التركي رجب طيب إردو...
- معاناة أهالي الدراز تتواصل.. حصار وتضييق وتوقيف مواطنين المرصاد نت - متابعات تتواصل معاناة أهالي منطقة الدراز البحرينية المحاصرة من الازدحامات الحادة حيث تتعطل حركة دخول المنطقة إلى الوقوف لساعات بسبب إجراءات العبو...
- بعد توقف إمدادت السعودية...مليوني برميل نفط كويتي لمصر شهريا المرصاد نت - متابعات كشف رئيس الهيئة العامة للبترول المصرية، طارق الحديدي، أن "بلاده وقعت عقودا طويلة الأجل مع الكويت، لإمدادها بنحو 2 مليون برميل شهريا لمدة ...
- حرب أميركا النفطية ... ملاحقة إيران إلى الهند المرصاد نت - متابعات تستمر الإدارة الأميركية في إعداد كل التحضيرات اللازمة لدعم برنامج عقوباتها ضد إيران. لكن حتى الآن لم يجد الأميركيون ما يكفي من التجاوب مع...
- بشار الاسد: مؤججو الارهاب في سوريا يواصلون دعم الارهابيين سرا وعلنا المرصاد نت - دمشق استقبل الرئيس بشار الأسد مستشار قائد الثورة الاسلامية في ايران علي اكبر ولايتي الذي بدأَ زيارة امس الى سوريا قادماً من لبنان. وتم خل...
- ترامب يواجه العزل.. كيف بدأ الأمر؟ وما هي الإجراءات؟ المرصاد نت - بتول دياب أعلنت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي بدء تحقيق رسمي بهدف عزل الرئيس دونالد ترامب بتهمة انتهاك الدستور على خلفية المكالمة الهات...
- في الذكري 51 لحرب قد تتكرّر: 1967 هل كانت نكسة أم هزيمة؟ المرصاد نت - متابعات في مثل هذه الأيام قبل 51 عاماً وقعت حرب دامية أفقدت العرب الأرض والبشر والدور وهُزِم عبد الناصر.. ذلك الزعيم الاستثنائي في تاريخ العرب بع...
- عشرات القتلى والجرحى بانفجار سيارة مفخخة في مقديشو! المرصاد نت - متابعات قتل 90 شخصاً وأصيب العشرات بجروح اليوم السبت إثر سيارة مفخخة استهدفت نقطة تفتيش وجمارك جنوب العاصمة مقديشو. وقال شهود عيان إن عربة صغيرة...
- الحرب الروسية الأوكرانية: تحويل أنظار العالم للهروب بجرائم كوفيد واللقاحات المرصاد-متابعات الحرب الروسية الأوكرانية : تحويلأنظار العالم للهروب بجرائم كوفيد واللقاحات وإعادة تلميع القيادات الحرب تجعل الشعوب تلتف حول قيادتها وتقف خ...
- الظمأ يدفع الغزيين الى الحفر بعد اسبوعين بلا ماء، وبعد معاناة استمرت خمسين يوما خلال الحرب الاسرائيلية على غزة، قرر أبو اسامة، مثل المئات من سكان القطاع، حفر بئر في حديقة منزله. ...