المرصاد نت - متابعات
على رغم ما تثيره المطالب المرفوعة في الشارع العراقي راهناً من تعاطف تلقائي، ربطاً بأحقّيتها وبإرث من الفساد والمحاصصة أَلِفه العراقيون إلا أن ما يدور في هذه الأيام في بغداد والمحافظات الجنوبيّة يبدو أقرب إلى ترجمة لمخطّط أميركي يسعى إلى الاستثمار في تلك المطالب. مخطّطٌ يبدو أن الدولة واعية له وهي تعمل انطلاقاً من ذلك على مواجهته وفق أربعة مسارات متوازية.
خُتمت ثلاثة أيام من الحراك المطلبي في العراق بسقوط 19 قتيلاً وأكثر من 600 جريح. التظاهرات التي أخذت منحى عنفياً أشبه ما يكون بـ«الفوضى الهدّامة» وفق ما يقول مصدر عراقي رفيع أُريد من خلالها تكريس أمر واقع جديد تحت لافتة مطالب مشروعة بمحاربة الفساد والبطالة وتحسين الواقع المعيشي. تلفت مصادر أمنية إلى أنه «منذ اللحظات الأولى عجز المتظاهرون عن تحديد توجّه/ هدف صريح» مفرّقةً بين «السلميّين منهم الذين خرجوا للتعبير عن سخطهم من الواقع المعيش وبين المخرّبين أصحاب الأجندات المشبوهة»، مضيفة إن هؤلاء «يتحمّلون المسؤولية الرئيسة عن تحويل المشهد السلمي إلى مشهد عنفي ــــ تخريبي ــــ فوضوي».
من جهتها تبيّن مصادر حكومية مقربة من رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي أن ثمة «حدّاً فاصلاً للتفريق بين المجموعتين» يمكن تبيانه من خلال «تحديد الطرح وتقديم البديل». حدٌّ ثمة مسعى حكومي إلى تثبيته بتكليف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الاجتماع بممثلي المتظاهرين لمناقشة مطالبهم. لكن المحتجين المندّدين بسوء الخدمات (يُذكر هنا أن ثمة تحسّناً في خدمات القطاعين الكهربائي والمائي) والذين يرفضون «الحلول الموضعية»، يطالبون بالرجوع إلى جذر المشكلة أي تفشّي الفساد في مؤسسات الدولة وأجهزتها، عدا عن المحاصصة الحزبية والطائفية، معربين عن اعتقادهم بأنه ليس هناك مكافحة حقيقية للفساد في عهد عبد المهدي على رغم إعلانات الأخير المكررة عن تحقيق تقدم في هذا السياق. كل تلك التعقيدات والتي هي امتداد لـ«عراق 2003» تمثل اليوم ــــ على ما يبدو ــــ بيئة ملائمة لتشكيل جبهة من ضباط وسياسيين ونخب وإعلاميين تعمل وفق الأجندة الأميركية وتُحرَّك من قِبَل سفارة الولايات المتحدة عند الطلب.
يبرز هنا الحديث عن «انقلاب» أو «حكومة إنقاذ» أو «حاكم عسكري». حديث يعتبره البعض «سردية حكومية تقليدية»، أو نظريات مؤامرة لتخدير الشارع. لكن مصادر أمنية رفيعة تؤكد صحته مشيرة إلى أن «مشروعاً كُشف منذ ثلاثة أشهر بالتعاون مع عدد من الأجهزة الاستخبارية، يقضي بتحريك تظاهرات مطلبية، واستثمارها وخرقها ودفعها تالياً باتجاه العنف، وخلق حالة من الفوضى والبلبلة في البلاد، ما يؤدي ــــ بطبيعة الحال ــــ إلى صدام كبير بين الشعب والقوات الأمنية إلى جانب تغطية إعلامية مكثفة وتفلّت أمني كبير في عموم أنحاء البلاد». وتضيف المصادر إنه «في نهاية الأمر، تخمد الأزمة المفتعلة بخروج قائد عسكري محبوب جماهيرياً بالتعاون مع الأميركيين ليتصدّر المشهد ويكون قائداً لحكومة إنقاذ أو أمر واقع، وبذلك تعيد الولايات المتحدة إحكام سطوتها على العراق».
مصادر أمنية قالت مطلع العام الجاري أن صيف 2019 سيكون حامياً على مستوى الشارع العراقي إلا أن اللافت كان ــــ وفق مصدر عراقي رفيع ــــ أن الأميركيّين حذّورا منتصف صيف 2019 من «مشروع سيقلب الطاولة على الإيرانيين» وحرصوا أيضاً على إيصال الرسالة إلى طهران عبر عدد من الشخصيات السياسية العراقية التي التقت مسؤولين أميركيين داخل العراق وخارجه. عملياً، صحّت «النبوءة»: صيفٌ حامٍ على مستوى التحضير يليه خريف حامٍ أيضاً على مستوى التنفيذ. في المقابل سارع عبد المهدي بحسب المصدر طوال الأسابيع الماضية إلى وضع خطّة لاستيعاب أي نقمة شعبية وقد فُعّلت مطلع الشهر الجاري عبر المسارات الآتية:
1- ضبط المؤسسات العسكرية والأمنية و«تطهيرها» من أي وجه مشبوه.
2- ضبط الميدان العراقي على طول محافظاته الـ 18، بوصفه «خطاً أحمر» يُمنع المساس به.
3- إطلاق مبادرات وخطط حكومية من شأنها تنفيس احتقان الشارع، والنزول عند مطالبه.
4- حماية المتظاهرين السلميين وصون حقّهم في التعبير، تحت سقف القانون وتحت طائلة المكافحة والمحاسبة.
على ضوء ذلك فإن توجيهات عبد المهدي بالإبقاء على حظر التجوال وحجب الاتصالات مستمرة بالتوازي مع تعزيز حضور القوات الأمنية في الشارع ورفض العودة إلى «ما قبل 1 تشرين الأول/ نوفمبر». هذه الخيارات المفتوحة ليست وفق المصدر ضد المتظاهرين بل ضد التحركات التي من شأنها إحداث البلبلة. ويؤكد المصدر أنه ــــ حتى الساعة ــــ تم «ضبط» معظم المحافظات الجنوبية التي شهدت احتجاجات في الساعات الـ 72 الماضية مع بعض الخروقات في العاصمة بغداد، ومحافظة ذي قار.
إلى ذلك أعلن ممثل المرجعية الدينية في مدينة كربلاء العراقية السيد أحمد الصافي أن الاعتداءات الأخيرة التي مورست بحق المتظاهرين السلمين والقوات الأمنية والممتلكات "مرفوضة". وفي خطبة اليوم الجمعة دعا السيد الصافي السلطة إلى القيام بإجراءات لمكافحة الفساد وأن تتجاوز المحاصصات واستكمال محاسبة المتلاعبين بالأموال العامة، معتبراً أن الإصلاح ضرورة لا مناص منها وعلى السلطات الثلاث اتخاذ خطوات عملانية.
السيد الصافي حمّل البرلمان العراقي المسؤولية الأكبر عبر كتله النيابية الكبيرة "التي عليها أن تغير منهجها" مؤكّداً أن لا أمل في وضع حد لاستشراء الفساد في البلاد إذا بقيت الأوضاع على ما هي عليه. ممثل المرجعية الدينية في كربلاء كشف أنّ المرجعية اقترحت سابقاً تشكيل لجنة من الأسماء المتخصصة من خارج قوى السلطة وتحظى بالمصداقية والكفاءة طالباً السماح لأعضاء اللجنة الاطلاع على مجريات الأوضاع بدقة والاجتماع مع الفعاليات المؤثرة.
وتعم العراق تظاهرات واسعة شهدتها العاصمة ومدن عراقية أخرى للمطالبة بمحاربة الفساد، وأعلنت رئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان تشكيل لجنة رسمية للتعامل مع مطالب المتظاهرين وإطلاق حوار وطني شامل. وأفاد مصدر أمني في وقت سابق بـ إحراق مبنى قائمقامية التاجي ومبنى المجلس البلدي لمنطقة سبع البور شمالي بغداد كما سمع صوت إطلاق نار متقطّع في مركز بغداد عندما كانت قوات الأمن تحاول تفريق متظاهرين رغم حظر التجوال المفروض منذ فجر اليوم الخميس.
بالتزامن قال محافظ النجف في جنوب العراق إن القوات الأمنية العراقية ألقت القبض على مجموعة دخلت الى المدينة القديمة بهدف إسقاط المرجعية الدينية. وشدد محافظ مدينة النجف الأشرف لؤي الياسري اليوم الجمعة للميادين، أنّه "على الجميع أن يعلم أن المرجعية في العراق خط أحمر". الياسري أشار إلى أنّنا "لم نتطرق الى محاولة اسقاط أو اغتيال المرجعية بل جرت محاولات لتجاوزها".
وفيما يتعلّق بالمظاهرات التي يشهدها العراق حالياً أكد الياسري للميادين دعمه سلميتها، مضيفاً: "لكن تبيّن أن هناك متظاهرين لديهم أجندات ومآرب" الياسري أوضح أنّ "التظاهرة في النجف كانت سلميّة في البداية وأمنّا حماية المتظاهرين"، مؤكداً امتلاكهم "كافة عن المتورطين في عمليات الحرق والشغب".
محافظ مدينة النجف الأشرف تحدث عن أنّه "تمّ حرف التظاهرات عن مسارها في اليوم الثاني حيث توجه المتظاهرون الى البلدة القديمة"، مبرزاً أنّ "بعض المتطرفين إلحاق الأضرار بمكاتب المراجع في البلدة" وشدد الياسري على أنّه تمّ تأمين البلدة القديمة في النجف الأشرف بشكل كامل.
من جهته دعا زعيم التيار الصدري في العراق السيد مقتدى الصدر كتلته النيابية إلى تعليق عملها البرلماني إلى حين تقديم الحكومة برنامج يخدم العراقيين.
رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي كان قد قال إن البلاد اليوم بين خياري الدولة واللا دولة وحذر من استغلال التظاهرات السلمية وعسكرتها كما أكد أن للمتظاهرين الحق في المطالبة بوضع حد للفساد لكنه أضاف أن إحداث التغيير يستغرق وقتاً. عبد المهدي رأى أن توّسع عمليات إحراق المقار الحكومية وتخريبها يضع علامات استفهام على محاولات استغلال التظاهرات السلمية لتسييسها وتضييع مطالبها.
وفي السياق دعا رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي المتظاهرين إلى الحذر ممن يريد الاساءة إلى حراكهم، مؤكداً على "ضرورة الانتباه من حرف مسار الحراك ومراقبة الذين يثيرون الفتنة ويستهدفون المؤسسات".
كما شدد على "ضرورة الحفاظ على الاحتجاج من خلال طرد الذين يثيرون العنف ويربكون الأمن"، داعياً الاجهزة الأمنية إلى توفير الأجواء الملائمة للمحتجين والحفاظ على الأمن.
إزاء ذلك إصدار «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) موقفها في شأن التطورات الأخيرة لما قد تكون له من تداعيات مباشرة على الحراك وشكله ورقعة انتشاره. ووفق مصادر مطّلعة على أجواء النجف فإن «المرجعية سبق أن عبّرت عن تضامنها مع المتظاهرين أصحاب المطالب المحقّة إلا أنها لا تؤيد أي حراك بلا هدف... حراك فوضوي تخريبي لا يمكن ضبطه بل يعيد البلاد إلى دوامة العنف والدماء».
المزيد في هذا القسم:
- أوروبا والصين: إجراءات في مواجهة عقوبات ترامب المرصاد نت - متابعات أعلنت المفوضية الأوروبية أمس اليوم إجراءات وُصفت بـ«الإنقاذية» تهدف إلى حماية الصناعات المعدنية الأوروبية من الصلب الأجنبي ال...
- اعتداء إسرائيلي على قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية تردّ! المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر أمني أنّ طائرات الاحتلال الإسرائيليّ أغارت على مواقع للمقاومة شمال قطاع غزة مساء السبت. ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين في حركة ...
- مخاوف أمريكية من تزايد السلاح الروسي في المنطقة المرصاد نت - متابعات بعد التطورات الأخيرة وزيارة الملك سلمان إلى روسيا سجّل البيت الأبيض إعتراضه على بيع الصاروخ الروسي "إس 400" للسعودية في موقف مبرّر ناجم ع...
- «مؤتمر روما» يخفف عجز «الأونروا»... وواشنطن «تبكي» على غزة المرصاد نت - متابعات بينما قدّم مؤتمرٌ للمانحين عُقد في روما 100 مليون دولار من أصل عجز قدره 446 مليوناً تعاني منه «الأونروا» كانت واشنطن تجمع عشر...
- أي رسائل تنقلها عُمان بين واشنطن ودمشق؟ المرصاد نت - متابعات حينما يُسأل الرئيس نبيه بري عن انه وراء شرارة السجال العالي النبرة الذي لم يتوقف منذ اكثر من اسبوعين قبل جلسة مجلس الوزراء الاربعاء وبعده...
- مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين والمحتلين في الضفة! المرصاد نت - متابعات اندلعت اليوم مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الصهيوني في مخيم العروب قرب الخليل وشمال مدينة بيت لحم في "يوم الغضب الفلسطيني". وانط...
- تظاهرات في بغداد دعماً للسلمية ورفضاً للتدخلات الأميركية ! المرصاد نت - متابعات أفاد مصدرأمني مطلع في بغداد أن هناك قناعة تامة لدى بيئة المقاومة بأن أميركا تسعى لنسف النظام السياسي في العراق. هذا وقال مدير المكتب الا...
- مصر : مداهمات وعمليات استباقية ضد التنظيمات الإرهابية وإحباط مخططاتها المرصاد نت - متابعات 25قتيلاً على الأقل هي حصيلة خمس مداهمات قامت بها وزارة الداخلية خلال الأيام الماضية الحملة التي شملت مدن أكتوبر الإسماعيلية وأسيوط أ...
- الاحتلال يعتدي على المشاركين في "جمعة الوفاء للجرحى" بغزة المرصاد نت - متابعات نجح شبّان فلسطينيون بإزالة السلك الفاصل على الحدود شرق خان يونس بالتزامن مع بدء توافد المواطنين الفلسطينيين إلى سياج غزة في إطار مسيرات ا...
- مقتل 10 عسكريين مصريين بينهم ضباط وسط سيناء المرصاد نت - متابعات لقي عشرة عسكريين مصريين مصرعهم بينهم 3 ضباط اليوم الخميس في انفجار عبوتين ناسفتين استهدفتهم وسط سيناء. وقال المتحدث العسكري للقو...