الغزو التركي في شمال سوريا مستمر : تجدّد مأساة النزوح!

المرصاد نت - متابعات

واصل الجيش التركي عدوانه شمال سوريا مدعوماً بفصائل ما يُسمّى «الجيش الوطني» محاولات التقدم البري في منطقتَي تل أبيض ورأس العين في ريفَي الحسكة والرقة مع استمرار القصفTalabiath2019.10.12 الجوي والمدفعي على مناطق عدة من الشريط الحدودي الشمالي لسوريا. وفي وقت تحدثت فيه مصادر عن السيطرة على قرى العزيزية وأصفر نجار وتل حلف وصوامع الحبوب وحاجز الدويرة في رأس العين وكذلك قرى الكنيطرة والناصرية ودويرة وحلاوة في تل أبيض نفى مصدر كردي وجود «أيّ تقدم بري للاحتلال التركي ومرتزقته» واصفاً الوضع الميداني بأنه «ما بين كرّ وفرّ» مؤكداً أن «قواتنا تستنزف القوات المهاجمة وتقتل منهم الكثير».

يأتي ذلك مع استمرار القصف المدفعي والجوي المكثف على مناطق في رأس العين وتل أبيض والمالكية والقامشلي. ووفقاً لمصادر «قسد»، فإن المدفعية التركية استهدفت سجناً يضمّ معتقلين خطيرين من «داعش» غرب القامشلي. كما استهدف القصف المدفعي حي الزيتونية شمال القامشلي ما أدى إلى مقتل مدنيَّين اثنين توازياً مع مصرع ثلاثة آخرين جراء قصف طاول آليات لمدنيين في قرية البديع في ريف تل أبيض. وعلى مستوى القوات المقاتِلة تحدثت «قسد» في بيان عن «مقتل 262 من القوات المهاجِمة» و«فقدان 22 مقاتلاً من قواتنا خلال الـ 48 ساعة الماضية من الهجمات». في المقابل أعلن مكتب الحاكم المحلي في محافظة ماردين التركية أن ثمانية مدنيين قُتلوا فيما أصيب 35 آخرون، بقصف كردي بقذائف «هاون» استهدف بلدة نصيبين في المحافظة.

وفي بلدة سوروش قبالة كوباني السورية قُتل شخصان أيضاً جراء سقوط قذيفة على منزلهما ومقتل جنديين وإصابة ثلاثة أمس بقصف كردي لقاعدة عسكرية تركية قرب مدينة أعزاز في شمال غرب سوريا في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع التركية مصرع جندي الجمعة وقَبْله واحد الخميس في إطار العملية العسكرية الدائرة في شرقي الفرات ليرتفع بذلك عدد العسكريين الأتراك القتلى منذ بدء العملية إلى أربعة.

وولّدت الهجمات التركية على الشريط الحدودي الشمالي مع سوريا موجة نزوح كبيرة في ظلّ تضرّر منشآت حيوية وانقطاع مياه الشرب عن أكثر من نصف مليون مدني. وتُعدّ موجة النزوح هذه والتي يُتوقع أن تطاول ما يزيد عن مليون مواطن نتاجاً للسعي التركي إلى تهجير أهل المنطقة الحدودية وإحلال اللاجئين السوريين من تركيا وأوروبا بدلاً منهم ويكتظّ الطريق الذي يربط مدينة رأس العين بالحسكة بمئات السيارات المتنوعة التي تنقل آلاف الأسر من مدينة رأس العين وقراها، باتجاه مدينة الحسكة.

 دفع اليومان الأولان من الهجوم التركي آلاف المدنيين إلى مغادرة مدنهم وبلداتهم في الشريط الحدودي الذي يمتدّ على أكثر من 480 كم وتنتشر فيه 10 تجمعات سكنية كبرى. ويتركّز النزوح في مدينتَي تل أبيض ورأس العين اللتين يقطنهما أكثر من 200 ألف مدني بالإضافة إلى القرى الحدودية في ريف الرقة وريفَي الدرباسية ورأس العين في الحسكة. وتنبّه منظمات دولية معنية بالشأن الإنساني إلى أن الهجوم قد يتسبب بموجة نزوح هي الأكبر منذ بداية الحرب في سوريا.

وفي هذا السياق تفيد مصادر كردية تعمل في الجانب الإغاثي بأن «أكثر من 200 ألف نزحوا في الـ48 ساعة الأولى لبدء الغزو التركي» لافتة إلى أن«أعداد النازحين تتزايد مع استمرار القصف وارتفاع وتيرته وامتداده إلى مناطق جغرافية واسعة». وتحذر المصادر من كارثة إنسانية ستؤدي إلى «نزوح أكثر من مليون مدني من سكان الشريط الحدودي من المالكية وحتى عين العرب في ريف حلب الشمالي». من جهته يؤكد محافظ الحسكة جايز الموسى أن «المؤسسات الحكومية المعنية بالشأن الصحي والإنساني، مع الهلال الأحمر استنفرت كل الفرق لتلبية احتياجات السكان الفارّين من منازلهم» متابعاً أن «ورشات المياه والكهرباء والاتصالات جاهزة على مدار الساعة للتدخل، وضمان استمرار تقديم الخدمات الحكومية».

frarsoreen34334
كما شهد اليوم الثاني من الهجوم التركي قصفاً مركّزاً على محطة الكهرباء المغذّية لآبار مياه علوك والتي تعتبر المصدر المائي الوحيد لأكثر من نصف مليون مدني في مدينة الحسكة والقرى والأرياف التابعة لها. وأدى الاستهداف إلى خروج آبار المياه عن العمل وانقطاع مياه الشرب ما يهدّد بأزمة مياه حقيقية، في ظلّ عدم وجود مصدر بديل لمياه الشفة. وفي هذا السياق يقول مصدر في مديرية مياه الحسكة إن «الهلال الأحمر السوري بالتعاون مع منظمات دولية يعمل على إيجاد آلية لإيصال ورشات الصيانة إلى المحطة وتشغيلها وإعادة ضخّ مياه الشرب من جديد».

على المستوى السياسي أعلن وزراء خارجية جامعة الدول العربية في بيان مشترك عن قرارهم النظر في اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة العدوان التركي، وخفض العلاقات الدبلوماسية ووقف التعاون العسكري مع تركيا. وأضاف البيان "قررنا مراجعة مستوى العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية" لافتاً إلى أن العدوان التركي يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي وللأمن والسلم الدوليين وشدد على أن كل جهد سوري للتصدي لهذا العدوان والدفاع عن الأراضي السورية هو تطبيق لحق مبدأ الدفاع الشرعي عن النفس ودعا البيان تركيا إلى وقف العدوان والانسحاب الفوري وغير المشروط من كافة الأراضي السورية.

وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط قد قال إن العملية العسكرية التي "تقوم بها تركيا في سوريا ليست سوى غزو" ولفت أبو الغيط إلى أن استخدام ورقة النازحين في الأيام الأخيرة يعكس "انحداراً غير مسبوق" مضيفاً أن "العدوان التركي على سوريا سيفضي إلى أزمات جديدة ويعد خطراً حقيقياً على الأمن والسلم الدوليين" وحث أبو الغيط مجلس الأمن الدولي على تحمل مسؤولياته من أجل التوصل لموقف دولي موحد يدين العدوان التركي ويوقفه محملاً تركيا المسؤولية الكاملة عن التبعات الإنسانية والأمنية التي ستترتب عن عدوانها على سوريا.

بدوره قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن تركيا تدشن عدواناً على سيادة سوريا مشيراً إلى أن "تركيا تدعم وتحتضن الجماعات الإرهابية" كما لفت شكري إلى أن النظام التركي يريد التعمية على استخدامه الإرهاب ضد دول المنطقة، مضيفاً أن "العدوان التركي على سوريا محاولة للتخفي بذريعة محاربة الإرهاب". كذلك اعتبر شكري أن "العدوان التركي على سوريا يمثل تهديدا للأمن القومي العربي والسلم العالمي ومحاولة لإجهاض الانتصارات التي كلفت الكثير من التضحيات في مواجهة داعش".

أما وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل قال "حان الوقت لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية"، مشيراً إلى أن "إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية يجب أن يكون أول رد على العدوان التركي".وأضاف باسيل أنه يجب عقد قمة عربية طارئة تكرس المصالحة.

يذكر أن اجتماع مجلس جامعة الدول العربية يعقد بناءً على العملية العسكرية شمال شرق سوريا التي أعلنها الرئيس التركي أردوغان والذي أشار إلى أن بلاده ستقضي في هذه العملية على التهديد الإرهابي الموجّه ضدّها. في وقت أكّدت فيه سوريا تمسكها بسيادتها وشددت على استعدادها احتضان "أبنائنا الضالين إذا عادوا إلى جادة العقل والصواب".

إلى ذلك دعا وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر خلال مؤتمر صحافي في «البنتاغون» تركيا إلى العودة إلى «الآلية الأمنية» مؤكداً أنهم «طلبوا من تركيا إيقاف العملية». ورأى إسبر أن «بالإمكان التوصل إلى حلّ يفصل بين القوات التركية والأكراد» محذراً من أن «الغزو التركي لشمال وشرق سوريا يضع علاقتنا مع تركيا على المحك». وأشار إلى أنه «ليس هناك أيّ مؤشرات لنيات تركية لإيقاف العملية» لافتاً إلى أن «قسد لا تزال تحرس معتقلات داعش وتسيطر عليها».

وحول انسحاب الأميركيين من الشريط الحدودي قال الوزير الأميركي إن «قواتنا أعادت توزعها في سوريا لضمان عدم وقوع اشتباكات مع القوات التركية». وهدّد وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين بدوره بأن الولايات المتحدة قادرة على «شلّ» الاقتصاد التركي بـ«عقوبات شديدة جداً إذا اضطررنا إلى ذلك» معلِناً في مؤتمر صحافي أن «الرئيس دونالد ترامب يعتزم توقيع مرسوم لردع تركيا عن مواصلة هجومها. من جهته ذكر رئيس هيئة الأركان في الجيش الأميركي مارك ميلي أن «معلوماتنا عن العملية التركية محدودة» مُجدِّداً رغبة واشنطن في «وجود منطقة آمنة تفصل بين الكرد وتركيا» مستدركاً بأن قواتهم «ليست موجودة في سوريا من أجل حلّ الخلاف الطويل بين الطرفين».

في المقابل رد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مساء أمس على سيل الانتقادات التي تلقّتها أنقرة على خلفية عمليتها العسكرية في شرق الفرات قائلاً إنه «إذا عجزت دولة ما عن منع التنظيمات الإرهابية من مهاجمتنا، فعلينا القيام بذلك بأنفسنا» معتبراً أن «الغرب يكيل بمكيالين في ما يتعلق بتصنيف التنظيمات الإرهابية التي تستهدف أمن ‎تركيا». وأكد «(أننا) لن نوقف عملياتنا مهما قيل وننتظر من جميع أصدقائنا دعمها» مضيفاً «(إننا) لن نتراجع... سنواصل هذه المعركة حتى يبتعد جميع الإرهابيين مسافة 32 كلم عن حدودنا وهو الحدّ الذي تحدثت عنه مع ترامب نفسه».

 

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية