المرصاد نت - متابعات
تمكّن معسكر الحركة الاحتجاجية في هونغ كونغ من تحقيق فوز ساحق في انتخابات محلية اكتست طابعاً سياسياً نتيجة التجاذبات التي رافقت الحراك المناهض للحكومة والمتواصل منذ ستة أشهر. ولا يمكن قراءة النتائج هذه بمعزلٍ عن تكتيك رفض التنازل الذي اتّبعته حكومة كاري لام في التعامل مع الشارع، بدليل أنها سحبت فتيل الاحتجاج المتمثِّل في مشروع قانون تسليم المطلوبين إلى الصين متأخرةً ثلاثة أشهر بعدما كان المتظاهرون تجاوزوا هذا المطلب إلى المطالبة بوقف التدخل المتصاعد من قِبَل بكين في شؤون هذه المدينة التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي. من هنا، فإن النتيجة قُرئت على أنها تشكّل دعماً شعبياً للحراك المناهض للصين، ورفضاً واضحاً لإدارة وسياسة الأخيرة تجاه هونغ كونغ، وهو مؤشّر قد يطيل أمد الأزمة التي باتت مفتوحة على مآلات غير واضحة.
وفي ما يمكن أن يمثّل ضربة لجهود الصين في احتواء الحراك المتواصل حاز المرشّحون عن الحركة الاحتجاجية الغالبية العظمى من المقاعد البالغ عددها 452 في مجالس المدينة الـ18 والتي سيطرت عليها تاريخياً المؤسّسات الموالية لبكين. ووسط إقبال غير مسبوق على صناديق الاقتراع بلغ 71% من مجموع 4.13 ملايين ناخب تمكّن معسكر الحراك في هونغ كونغ من الفوز بـ388 مقعداً (80% من المقاعد المُتنافَس عليها) في مقابل 59 مقعداً للمرشّحين المؤيّدين لبكين وخمسة مقاعد لمستقلِّين وتالياً السيطرة على 17 من أصل 18 مجلساً محلياً.
وعلى رغم أن الانتخابات ترتبط بمسائل محلية على غرار مسارات الحافلات وجمع القمامة إلا أن النتيجة عُدَّت بمثابة تعبير عن رفض الناخبين للحكومة بعد أشهر من الاحتجاجات التي اتّسمت غالباً بالعُنف. تعليقاً على هذا التطوّر غير المُتوقَّع تعهّدت حاكمة هونغ كونغ، كاري لام، التي قالت مراراً إن غالبية صامتة من السكان تدعم إدارتها وتعارض حركة الاحتجاج، «الإصغاء بتواضع» إلى الناخبين، عازيةً نتائج الانتخابات إلى «عدّة تحليلات وتفسيرات في المجتمع، قلّة منها فقط تشير إلى أنها تعكس عدم رضى الناس عن الوضع الراهن والمشكلات المتأصلة في المجتمع».
وفي حين لم تقدّم الرئيسة التنفيذية تفاصيل عن أيّ خطوات تالية يمكن أن تعتمدها حكومتها سارع المعارضون إلى دعوتها للاستجابة إلى قائمة المطالب المكوّنة من خمس نقاط والتي تشمل: إجراء انتخابات مباشرة للهيئة التشريعية والقيادة في المدينة والتحقيق في ما يعتبرونه «وحشية» الشرطة في التعامل مع المحتجين.
في هذه الأثناء كانت الصين تؤكّد دعمها للام والشرطة والقضاء في هونغ كونغ في «معاقبة التصرفات العنيفة وغير المشروعة» وفق الناطق باسم وزارة الخارجية، غينغ شوانغ الذي شدّد على كون «عزم الحكومة الصينية على حماية السيادة الوطنية والأمن ومصالح التنمية لم يتزعزع. ولم يتزعزع عزمها على مواصلة العمل بناءً على بلد واحد بنظامين». في الإطار ذاته أكد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أن هونغ كونغ هي جزء من الصين «مهما يحدث» مضيفاً أن «أيّ محاولة لإحداث فوضى في المدينة أو حتى إلحاق الضرر بازدهارها واستقرارها لن تنجح».
ورأى المحلّل السياسي ويلي لام أن النتيجة «لا شيء أقلّ من ثورة» واعتبرها أيضاً «رفضاً واضحاً لإدارة (هونغ كونغ) وسياسة بكين تجاه المدينة» موضحاً في حديث إلى وكالة «فرانس برس» أن النتيجة يمكن أن تسرّع من إقالة بكين لكاري لام لكنها قد تمدّد أيضاً أزمة المستعمرة البريطانية السابقة. كذلك اعتبر أن «المتظاهرين سيرون هذا الانتصار المذهل بمثابة تفويض قدّمه الشعب لهم، لذلك سيقاتلون بقوة. لكن في الوقت ذاته لن تكون هناك أي تنازلات من بكين وبالتالي سيتصاعد الإحباط».
وفي سياق متصل استدعت وزارة الخارجية الصينية السفير الأميركيّ لدى بكين تيري برانستد احتجاجاً على إقرار الكونغرس الأميركيّ مشروع قانون حقوق الإنسان والديمقراطية في هونغ كونغ، واصفةً الخطوة الأميركية بأنها ترقى إلى حدّ التدخل في شأنٍ داخليٍّ صينيّ. وشدد نائب وزير الخارجية الصيني تشنغ تسىوانغ على أن "شؤون هونغ كونغ شأن صيني محض لا يحق لأي دولة أجنبية التدخل فيها، واعتماد الولايات المتحدة هذا القانون يعد تدخل صارخ في الشؤون الداخلية للصين".
كما رأى تسىوانغ أن "تجاهلهم للواقع وإقرار الأسود، أبيض، وتغاضيهم ودعمهم لقوى الجريمة لخلق فوضى مناهضة للصين ينتهك بشكل خطير القانون الدولي والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية" داعياً "الولايات المتحدة إلى تصحيح أفعالها الخاطئة والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للصين بما في ذلك في هونغ كونغ".
ومن المتوقع أن يوقّع الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب على مشروع القانون ومشروع قانونٍ آخر يرتبط بهونغ كونغ. وكان الكونغرس الأميركي قد تبنى الخميس الماضي بغالبيّة ساحقة قراراً يدعم "حقوق الإنسان والديموقراطيّة" في هونغ كونغ في مواجهة بكين.
المزيد في هذا القسم:
- مصر : السيسي يبحث عن «محرم» رئاسي! المرصاد نت - متابعات عبثاً يحاول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تجميل المسرحية الانتخابية بـ«منافس» تتم التضحية به في التراجيديا الهزلية التي بات...
- صحيفة فيلت الألمانيه.. الإمارات مستنقع كحول ودعاره ومدنها معالم غربيه المرصاد نت - متابعات دوله طارئه في التأريخ .. عمرها لأيتجاوز الأربعين عام .. كانت مجرد ساحل يعود ملكيته لسلطنة عمان ... ظهرت بأوائل العشريه السابعه من القرن ا...
- إعلان حرب مفتوحة بين ترامب والإعلام الأمريكي المرصاد نت - متابعات في خطوة تصعيدية جديدة لاأحد يستطيع أن يتنبأ بإنعكاساتها على الداخل الأمريكي، منع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دخول أبرز وسائل الإعلام الأ...
- نذر التصعيد من خليج عمان.. أميركا تتهم إيران: سنحمي الملاحة والتجارة العالميتين! المرصاد نت في وقت كانت فيه طهران تعلن رفضها الوقوع في تجربة الحوار تحت الضغط عاد التوتّر الأمني في منطقة الخليج إلى مستوى خطير أمس، على اثر استهداف ناقلات نفط...
- مستمرون.. شعار معركة إعلامية مستمرة حتى الانتصار الكبير المرصاد نت - متابعات يلعب الإعلام دوراً كبيراً في أي معركة وربما كان دوره في بعض الأحيان موازياً لدور القوى المتصارعة في الميدان. وهناك العديد من المعارك التي...
- أردوغان يتوعّد بعملية شرقي الفرات : استئناف الاجتماع الأميركي التركي بأنقرة! المرصاد نت - متابعات عاد الجانب التركي إلى التلويح بتحرك عسكري ضد «الوحدات» الكردية شرقي الفرات فيما تنتظر منطقة «خفض التصعيد» في إدلب إن كانت الأيام التي تسب...
- نابلس تنتفض والمطلوب ينجو: «المهمة أخفقت» المرصاد نت - متابعات لم تكن «الجولة» الإسرائيلية في نابلس موفّقة أمس ليس لأن السلطة قررت تخفيف «كرمها» في التنسيق الأمني بل لأن مئات ا...
- «ثلاثية سوتشي»: توافق على التنسيق في إدلب وشرق الفرات المرصاد نت - متابعات إلى جانب ما أكدته جميع البيانات الختامية للقمم التي جمعت قادة روسيا وإيران وتركيا ضمن صيغة «أستانا» عن التزام وحدة واستقلال و...
- الاحتلال يقطع المياه عن الفلسطينيين في اشد الايام حرارة المرصاد نت - متابعات تتفاقم ازمة المياه في الضفة الغربية نتيجة موجة الحر التي تضرب الاراضي الفلسطينية. وزارد من معاناة الفلسطينيين قرارات سلطات الاحتلال ال...
- الهدنة الملغّمة في ليبيا : مسارات وتساؤلات ! المرصاد نت - متابعات لم يكن هناك نجاحٌ في قمة برلين يخترق الأزمة الليبية بخريطة طريق سياسية لها آليات معلنة وجداول زمنية ملزمة. ومع ذلك، يصعب وصفها بـ«الفاشلة...