خطط بن سلمان تفشل وحلقة جديدة من مسلسل القمع!

المرصاد نت - متابعات

يصطدم طرح «أرامكو» السعودية في البورصة المحلية بعراقيل كثيرة حتى بات يمكن القول إن الخطوة تمثّل عبئاً على المملكة وسط غياب المستثمرين الأجانب وبَحْث الرياض المتواصل عن Ksa Soudia2019.11.26مستثمرٍ رئيس كبير لطرحها العام الأوّلي. لهذه الغاية، لجأت إلى أبو ظبي حيث التقى مسؤولو مجموعة «أرامكو» التنفيذيون مع مسؤولي «جهاز أبو ظبي للاستثمار» لبحث فرص الاستثمار في بيع أسهم عملاق النفط، في اكتتاب تراوح قيمته بين 24 و25.6 مليار دولار ويهدف إلى تمويل البرنامج «الإصلاحي» لولي العهد محمد بن سلمان.

وبعدما ألغت جولات ترويجية لطرحها خارج الخليج نظراً إلى عدم اهتمام مؤسّسات الاستثمار الأجنبية، تبذل «أرامكو» جهوداً كبيرة لجذب مستثمرٍ رئيس كبير لطرحها العام الأوّلي الذي قد يصبح الأكبر في العالم، وهي خاطبت لهذه الغاية «الهيئة العامة للاستثمار» في الكويت و«جي آي سي» السنغافورية ضمن جولتها المتواصلة. وفي هذا الإطار أشارت مذكرة لمؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» المالية في لندن إلى وجود مؤشرات تفيد بأن الإقبال على شراء أسهم عملاق النفط «لن يكون على الأرجح بالضخامة التي كانت تتوقّعها المملكة» إذ «يبدو أن خطط اتباع هذا البيع بإدراج دولي لاحق قد فقدت زخمها».

وأفادت ثلاثة مصادر مطّلعة وكالة «رويترز» بأن الاجتماع بين مسؤولي «أرامكو» و«جهاز أبو ظبي للاستثمار» أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم يوم أمس كان منفصلاً عن جولة ترويجية للمستثمرين في أبو ظبي المحطة الثانية بعد دبي في مسعى المجموعة ومستشاريها التسويقيّ في الخليج. ولم يُبدِ بعض المستثمرين، الذين حضروا جولة «أرامكو» الترويجية في أبو ظبي يوم أمس موقفاً حاسماً إزاء الاستثمار في أسهم الشركة إذ قال مدير أحد الصناديق بعد الجولة الترويجية إن وزن الشركة مستقبلاً على المؤشرات القياسية في المنطقة يعدُّ سبباً مقنعاً بالنسبة إلى مديري الصناديق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للاستثمار في السهم لكن مدير صندوق آخر رأى أن عائد توزيعات أرباح الشركة البالغ 4.4 في المئة عند سقف التقييم يُعدّ أقلّ جاذبية مقارنةً بشركات نفط أخرى مثل «شل» التي يبلغ عائد توزيعات أرباحها نسبة 6.48 في المئة وفق بيانات «رفينيتيف».

وقال مستشار مجموعة من كبار المستثمرين في أبو ظبي: «ما زال نهجنا هو الترقّب في أكبر طرح عام أوّلي في التاريخ من حيث كيف سيكون الأداء ومن سيصنع السوق»، مضيفاً أن «(أننا) لم نكوِّن بعد رأياً محدّداً في ما يتعلق بالتقييم الكبير والهجمات الأخيرة وسعر النفط والتوتّر في المنطقة». وتخطّط «أرامكو» في هذه الصفقة التي تُعدّ حجر الزاوية في خطة ابن سلمان لتنويع موارد اقتصاد المملكة لبيع 1.5 في المئة من الشركة التي حُدِّدت قيمتها بـ1.6 إلى 1.7 تريليون دولار قبيل بدء تداول أسهمها في السوق المحلية. وهو تقييم يقلّ على ضخامته بـ15% عن عتبة التريليونَي دولار التي كان يتطلّع إليها ولي العهد السعودي. وبلغ اكتتاب المستثمرين الأفراد في الطرح العام الأولي 21.77 مليار ريال سعودي (5.8 مليارات دولار) يوم أمس وفقاً لمدير الاكتتاب «سامبا كابيتال» التي أوضحت أن شريحة المستثمرين الأفراد غطّت 680 مليوناً و254 ألفاً و540 سهماً حتى الآن.

وفي سياق متصل أقدمت السلطات السعودية أخيراً على اعتقال تسعة أشخاص بينهم أكاديميون وكتّاب، ضمن حملة توقيفات جديدة في المملكة. وقالت منظمة «القسط لحقوق الإنسان» إن الحملة بدأت في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري وتواصلت خلال الأيام الماضية موضحة أن بين الموقوفين ناشطين ومدوّنين وصحافيين ذكوراً وإناثاً. وبيّنت منظمة «سجناء الضمير» بدورها أن المعتقلين الجدد يشملون الكاتب سليمان الناصر والمدوّن فؤاد الفرحان في حين أورد حساب «معتقلي الرأي» على تويتر - إلى جانب الناصر والفرحان - أسماء كلّ من: الصحافيين مها الرفيدي وزانة الشهري وبدر الراشد، والكاتبَين عبد المجيد البلوي ووعد المحيا، والمدوّن عبد العزيز الحيص مضيفاً أن من بين المعتقلين أيضاً المدوّنَين م. ف. وع. ش. وتمثل حملة الاعتقالات هذه حلقة جديدة من مسلسل بدأ في أيلول/ سبتمبر 2017 (بعد ثلاثة أشهر من تسلّم محمد بن سلمان سدّة ولاية العهد) واستهدف كتاباً وأكاديميين ورجال دين إلى جانب ناشطات نسويات لا تزال عشر منهن يحُاكَمن منذ الـ13 من آذار/ مارس الماضي أمام محكمة جنائية في الرياض بالاستناد إلى اتهامات بالاتصال بوسائل إعلام أجنبية ودبلوماسيين ومنظمات دفاع عن حقوق الإنسان.

وتشهد السعودية منذ أكثر من عامين اعتقالات مستمرة استهدفت مئات من الدعاة والنشطاء والحقوقيين وذلك بتهمة التعبير عن رأيهم ومعارضة ما تشهده مملكة الرمال من تغييرات تحت ما يسمى اصلاحات وسط مطالبات حقوقية بالكشف عن مصيرهم وتوفير العدالة لهم. وتبادر سلطات بني سعود بشكل دوري على تنفيذ حملات اعتقال تطال ناشطين وحقوقيين وأكاديميين ودعاة وحتى رجال أعمال ويتم توجيه اتهامات لهم بالتآمر على نظام بني سعود والتواصل مع جهات خارجية لهذا الغرض.

وكانت أبرز الحملات تلك التي حدثت في مطلع سبتمبر/أيلول 2017م والتي شملت مئات من رموز ما يسمى "تيار الصحوة" المحافظ من أكاديميين واقتصاديين وكتاب وصحفيين وشعراء وروائيين ومفكرين. وفي 2018م اعتقلت السلطات ناشطات تصدرن حملات حقوقية للمطالبة بتحسين أوضاع النساء في مملكة الصمت وفي مقدمتها منح المرأة حق قيادة السيارة وتخفيف ولاية الرجل عليها في شؤون أخرى أبرزها السفر والتنقل. وفي أبريل/نيسان 2019م شنت السلطات حملة اعتقالات جديدة استهدفت مؤيدين لحقوق المرأة وكتابا ومثقفين وذوي ارتباط بالناشطات المعتقلات بالمملكة.

ويرقد في سجون المملكة العشرات من المعارضين السعوديين السلميين الذين يقضون أحكاماً قاسية بسبب عملهم الحقوقي فقط، والتعبير عن رأيهم.وتشهد السعودية تغييرات غير مسبوقة على المستوى الاجتماعي والثقافي والديني منذ صعود ولي العهد محمد بن سلمان لسدة الحكم، والذي سجن كل من عارضه وترك فقط من يطبل منهم لسياسته بل ويفصل الدين والفتاوى بما يناسب أوامره.

ويرى مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "رايتس ووتش": "إسكات المعارضة السلمية بأحكام مشينة يُظهر عدم التزام الحكومة السعودية بإصلاحات سياسية ومدنية جادة" وتحاول السلطات السعودية رسم صورة وردية من المجتمع السعودي أمام الرأي العام العالمي من خلال الترويج للعالم بأن السعوديين مشغولون بالترفيه ويستمتعون بحضور الحفلات الفنية ومتابعة الفعاليات المتنوعة ورؤية المشاهير القادمين من مختلف أنحاء العالم.

وفي الواقع سلك محمد بن سلمان هذا الاتجاه بعد فضيحة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول والتي هزت العالم بوحشيتها وبشاعتها، في محاولة منه لتغيير صورة بلاده المشوهة لدى الرأي العام العالمي بانشاء ما يسمى هيئة الترفيه وجلب الفنانين والمطربين الأجانب الى المملكة ومنح بعض الحريات التي كانت ممنوعة مسبقا، الى النساء والشباب، وكل ذلك في إطار اصلاحاته المزعومة.

ومن المفارقات أن كل ذلك القمع والترهيب يحدث في الوقت الذي يحاول فيه بن سلمان الترويج لنفسه كرائد للانفتاح ويسعى لتجاوز تبعات جريمة اغتيال خاشقجي بينما يتجاهل حقيقة أن أوضاع الحقوق والحريات في المملكة قد بلغت من السوء في عهده مبلغا لم يعرفه السعوديون في كل العهود السابقة.

وبحسب المحللين فان سياسة ترويج الترفيه لن تنجح في مملكة يحكمها نظام يرفع شعار القمع والترهيب والاعتقال والسجن في الداخل ويتجسس على المواطنين ويرسل فرق الموت والخطف لإخراس معارضيه في الخارج ويبدد مقدرات الشعب في شراء الذمم والتعاقد مع شركات العلاقات العامة واللوبيات في محاولات بائسة لتحسين صورته أمام العالم ومن أجل تقديم صورة مزيفة لا تعكس حقيقة الأوضاع على أرض الواقع.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية