ترفيع التمثيل الدبلوماسي هل ينهي مشاكل الخرطوم وواشنطن؟

المرصاد نت - مي علي

زيارة لافتة في عنوانها ونتائجها لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك للولايات المتحدة هي الأولى في نوعها لمسؤول سوداني بهذا المستوى منذ عام 1985م. حمدوك التقى هناك عدداً من Hamdoak2019.12.7Usaالمسؤولين على مستويات أقل من الوزراء في مقدمهم مساعد وزير الدفاع الأميركي ومديرة وكالة الاستخبارات ورئيس اللجنة المعنية بأفريقيا في مجلس النواب إضافة إلى رئيسة كتلة النواب الأفارقة في الكونغرس.

ووفق مصادر جملة ما أجمع عليه الأميركيون خلال هذه اللقاءات هو «دعم الحكومة الانتقالية في السودان» و«إزالة العقبات التي تعترض التطبيع الكامل بين الدولتين وتعزيز التعاون في قضايا الإقليم». لكن «الثمرة الأهم» هي «ترفيع التمثيل الدبلوماسي» بين الخرطوم وواشنطن إلى مستوى السفراء بعد تخفيض الأميركيين التمثيل منذ 23 عاماً وهو ما وصفه مصدر دبلوماسي بأنه «معالجة للخلل في العلاقة». يرى هذا المصدر في الشخصيات التي التقاها رئيس الوزراء أن الأميركيين «يُبدون قدراً كبيراً من التفهم للأوضاع في السودان وضرورة مساعدته بشتى السبل، وأهمها رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب حتى يتسنى له العودة إلى المؤسسات المالية والتنموية العالمية».

يقول الدبلوماسي نفسه: «رئيس الوزراء يضع ملف رفع العقوبات على رأس أولوياته لأن الاقتصاد في أزمة مستمرة وأي جهود لإنعاش الاقتصاد لن تؤتي أكلها في ظل العقوبات الأميركية التي تمنعنا من الاستفادة من فرص كثيرة»، لكنه ذهب أبعد من ذلك ورأى أن «وجود سفير أميركي في الخرطوم سيكون له دور رئيسي في إسداء النصح لحكومتنا». أما عن السفير الذي يمكن للخرطوم انتدابه فتوقّع أن يُدفع بـ«أحد السفراء المهنيين من ذوي الخبرة غير المرتبطين بالنظام السابق... يجب على من يقع عليه الاختيار أن يكون من ذوي الحنكة والإلمام التام بعلاقة البلدين وبما يريده السودان من أميركا في هذه المرحلة».

وسريعاً رحب «المجلس السيادي» بترفيع التمثيل الدبلوماسي واصفاً إياه بـ«خطوة إيجابية» لأن «العلاقة مع الولايات المتحدة مهمة واستراتيجية... في كل الملفات». كما حمّل المجلس النظام السابق مسؤولية «تدمير علاقات السودان مع دول العالم خلال ثلاثين عاماً مضت. مع ذلك لا يبدو أن رفع العقوبات الاقتصادية كلياً أمر قريب ولا سيما أن إدارة دونالد ترامب سبق أن رفعت في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 بعض العقوبات والحظر التجاري الذي فرضته منذ 1997م فيما تريد الخرطوم إلغاء الأحكام الصادرة بحق الحكومة السودانية والتعويضات المالية الضخمة في قضية تفجير السفينة «كول» عام 2000م إضافة إلى تفجيرات السفارة الأميركية في نيروبي وكينيا في 1998م.

إذ إنه وفق أحكام قضائية أميركية، على السودان دفع أكثر من 300 مليون دولار تعويضات لضحايا الهجوم على «كول» ونحو 2,1 مليار تعويضات لأسر أميركية من ضحايا تفجيرات السفارات. وهنا تحدث نواب أميركيون عن «أهمية التوصل إلى تسوية مع أهالي ضحايا السفينة والسفارتين» وهو ما دفع حمدوك إلى التحدث علناً عن مطالب بلاده خلال استضافته في «منتدى المجلس الأطلسي في واشنطن» كاشفاً عن «تشكيل فريق من الخبراء السودانيين للتواصل مع أهالي الضحايا». وقال: «نتقدم بصورة مقبولة في ملف ضحايا النظام السابق من الأميركيين... نحن أيضاً كأمّة كنا ضحايا للإرهاب الذي مارسه علينا النظام».

من جهة أخرى تحدث الأميركيون عن شروط تتعلق بإنجاز «السلام» في السودان ومخاوف من عرقلة الحكم المدني بواسطة العسكر ولذلك أرسل حمدوك من واشنطن رسائل مخاطباً الداخل فيها: «لن ننجز سلاماً بين النخب والسياسيين بل سنستصحب النازحين واللاجئين في كل مراحل التفاوض حتى يشاركوا برؤاهم في الاتفاق الذي سيكون معبّراً عنهم» مضيفاً في رسالة أخرى إقليمية: «عانينا في السابق من كثرة منابر التفاوض ومن التدخلات الإقليمية في قضايانا» ومشيراً في الوقت نفسه إلى أن أهم أعمدة السلام هو ملف الترتيبات الأمنية ودمج حاملي السلاح في الحركات المسلحة داخل الجيش السوداني. وقال: «نودّ نحن السودانيين العمل على بناء جيش قومي على أساس المواطنة لأن الفشل في ذلك فيه خذلان للضحايا والنازحين في دارفور».

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية