المرصاد نت - متابعات
لم يصدر بعد عن مجموعات الحراك الشعبي قرار يكشف ما هي الخطة التي ستعتمد لمواكبة الإستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الإثنين المقبل. الأكيد هو أن كل المجموعات التي تتظاهر على الأرض منذ ١٧ تشرين الأول الفائت أكانت حزبية كالقوات والكتائب والإشتراكي وحتى تيار المستقبل ضمناً أو مدنية يسارية وشيوعية هي ضد تكليف سمير الخطيب تشكيل الحكومة لكن الأمر غير المؤكد بعد هو شكل التحركات التي ستواكب هذه الإستشارات على الأرض. فهناك من يريد قطع الطرقات لتطييرها هي والخطيب معاً وهناك من يقول لا يجوز قطعها ونحن نطالب رئيس الجمهورية منذ شهر بتحديد موعدها.
من جهة أخرى، أي في مقلب القوى العسكرية والأمنية، القرار واضح وخطوطه العريضة بحسب مصدر أمني بارز هي على الشكل التالي:
أولاً- التظاهر في الساحات حق مشروع وواجبنا أن نحميه كما فعلنا منذ بداية الحراك.
ثانياً– قطع الطرقات ممنوع.
ثالثاً- أي تعطيل للإستشارات النيابية في القصر الجمهوري هي من ضمن الخطوط الحمر غير القابلة لأي خرق أو تجاوز.
هذه الخطة الأمنية قد تفرض بحسب المعلومات عقد إجتماع تنسيقي بين الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة كما حصل في تظاهرات أخرى. إجتماع إذا كانت هناك من حاجة له قد ينعقد قبل الإثنين المقبل، وإذا انتفت حاجته سيتم الإكتفاء بالإتصالات التنسيقية بين الأجهزة الأمنية.
قبل كل ذلك، تتركز الجهود الأمنية والعسكرية في اليومين المقبلين على رصد ومتابعة مجموعات الحراك لمعرفة ما هو شكل التحرك الذي ستنظمه المجموعات الشبابية يوم الإثنين المقبل وبناء عليه يتخذ القرار المتعلق بالتنفيذ ويتم تنسيقه مع باقي الأجهزة الأمنية.
وكي لا يتحول مشهد الإثنين عنفياً بإمتياز عممت الأجهزة الأمنية على قيادات الحراك عدم اللجوء الى قطع الطرقات أمام النواب وعدم القيام بأي خطوة من شأنها أن تطيّر الإستشارات وإلا فالجيش اللبناني سيضطر الى إستعمال القوة والعنف والأوامر صارمة على هذا الصعيد أكانت تلك التي اعطيت للواء الحرس الجمهوري أم للأفواج والوحدات الأخرى.
أما بعد إستشارات التكليف ومعرفة هوية رئيس الحكومة المكلف فالوضع سيختلف لناحية التشديد الأمني على الأرض لأن الإستشارات خطوة دستورية يجب أن تنجز وعلى القوى الأمنية والعسكرية تأمين الأجواء المناسبة لها "هذا ما كان يحصل عبر التاريخ وهذا ما يجب أن يحصل اليوم" تقول المصادر المتابعة.
إذاً كما الشارع تتحضر الأجهزة الأمنية والعسكرية لمواكبة الإستشارات النيابية الملزمة. تحضير سقفه الأعلى ضمان إجراء الإستشارات والأدنى منع قطع الطرقات أولاً لأن التعرض لحرية تنقل المواطنين لم تعد مقبولة وأثبتت بعد حادثة الرينغ الأخيرة أنها قد تجر البلاد الى الفوضى وثانياً لأن كلام قائد الجيش العماد جوزاف عون كان أكثر من واضح عندما تحدث عن أن قطع الطرقات ممنوع بعد اليوم.
شجاعة المتظاهرين والتسوية المنتهية الصلاحية
يؤكد المسار الذي بدأ مع طرح اسم المهندس سمير الخطيب مرشحاً لرئاسة الحكومة أن حالة الانفصال التام بين السلطة السياسية والمنتفضين ومؤيديهم باتت أمراً واقعاً ولا لبس فيه ويكاد الكلام عنه يصبح ممجوجاً. كل المؤشرات السياسية والتفاصيل المتعلقة به وبخلفيات طرح اسمه وكل ما يدور حوله في اللقاءات السياسية تشي بأنه لا يمكن ان تُجمع القوى السياسية على تسميته لألف سبب وسبب. لكن الوقائع السياسية في لبنان تدل دائماً على أن المؤشرات شيء والاتفاق السياسي الذي يهبط من فوق على القوى السياسية، في ربع الساعة الأخير، هو شيء آخر. محاسن هذا الاتفاق المبدئي أنه وضع جميع هذه القوى على المشرحة لجهة إظهار واقعها السياسي بعد 17 تشرين الاول، في مقابل حقيقة الشارع.
لا يمكن نكران شجاعة اللبنانيين الذين تظاهروا ولا يزالون منذ أقل من شهرين. للمرة الاولى يظهر اللبنانيون شجاعة في الكلام والتصرف والتظاهر، بعيداً عن أي تغطية سياسية لهم، كما حصل سابقاً في تظاهرات 14 آذار التي غطّتها الكنيسة المارونية ومرجعيات روحية ودول غربية وعربية وكما حصل أيضاً في تظاهرات 8 آذار بكل الثقل السياسي الذي أعطي لها. من الطبيعي أن تحصل تجاوزات وأن يتم ركوب موجة التظاهر من جانب سياسيين وغيرهم، وأن يجري الحديث عن تدخلات غربية وأميركية تحديداً في ما يجري على الارض.
لكن القوى السياسية تدرك في المقابل أن المتظاهرين الحقيقيين ليسوا على تماس مع أيّ من التدخلات الاميركية وأن واشنطن نفسها وإن حاولت التدخل فسرعان ما تتخلى عن دعمها ما إن يلوح شبه اتفاق سياسي على حكومة جديدة وستعلن حتماً نيّتها التعاون معها والترحيب بها. هذا يؤدي الى حقيقة تخطّي المتظاهرين الخط الوهمي الذي كان مرسوماً في عدم معارضة السلطة والاحزاب بتلاوينها كافة. هي شجاعة تترجم في النقاشات وفي التعبير، سواء على الارض أم بالشعارات لكسر المحظور، وفي الدخول الى المصارف والاعتصام أمامها وفي تحويل ساحات كانت عصيّة على غير الحزبيين الى حضور شعبي يومي، في مواجهة مهاجميهم أو القوى الامنية.
كذلك الامر في التضامن الشعبي المتفلت من أيّّ غوغائية أو حملات دعائية حيال أزمات معيشية. هذه نقطة مضيئة في مسار حركة لم تقتصر على الجيل الجديد بل على جيل عايش الحرب ولم تكن لديه أي شجاعة في الوقوف في وجه الميليشيات مع الاعتراف باختلاف الظروف. لعل هنا ميزة الإقدام على انتخاب نقيب المحامين ملحم خلف في هذا التوقيت خصوصاً بعد ما أنجزه بقيادته منذ سنوات ثورة بيضاء تأخر الكثيرون في التلاقي معها والتعامل معها بالجدية نفسها التي تعاملوا فيها خلال الحرب وبعدها مع الاحزاب السياسية والعسكرية.
في المقابل يبدو الاتفاق على تسوية حكومية وكأنه استعجال لضبط هذه الحركة التي «تمادت» في عرف بعض السياسيين وإن تبدّل إيقاعها، لكنها توسعت لتشمل عشرات المناطق اللبنانية. وهذا في حدّ ذاته يرصد محلياً وخارجياً. لكنّ هذه المحاولة منتهية الصلاحية، لأنها مجرد نفخ الروح في تسوية رئاسية ميتة. محاسنها معطوفة على حركة الشارع أنها كشفت كما طرق المعالجة منذ 17 تشرين الاول ثغرات أساسية في أداء الاحزاب الرئيسية، وطريقة إخراجها للحل وانعكاس ذلك على الحلفاء أو الخصوم.
لا يمكن القفز فوق واقع حزب الله بصفته أول هذه الاحزاب وأكثرها قدرة على التأثير المباشر في مجريات الحدث. رغم معرفة واقع الحزب واعتراضه على كثير من الاخطاء التي حصلت إلا أن الخلاصة الاخيرة هي أنه في مكان ما حمى هذه الطبقة السياسية التي كان هو نفسه يعترض عليها وعلى أدائها وفسادها. بعيداً عن اتهامات خصومه له بأنه أنجز تسوية سريعة تحسّباً لعدم تكرار سيناريو العراق ومراضاة لدور إيران في ساحات نفوذها كان الحزب أكثر الذين تحدثوا عن محاربة الفساد، في منظومة عمرها سنوات طويلة لم يكن هو من ضمنها. وهو حوّل دوره في وزارة الصحة وملف الدواء الى سلاح في مواجهة مكامن الفساد في هذا القطاع. لكن تحدّيه الحقيقي هو أن يتمكن من التماهي مجدداً مع هذا الخطاب إذا تشكلت الحكومة التي يريدها ولو لم تكن حكومة طرف واحد.
التيار الوطني الحر في المقابل انكشف كواقع شعبي لأن قيادته تعرف تماماً وقائع ملموسة عن التحول في نظرة الرأي العام المسيحي واللبناني تجاهه. وهذا الامر يتعدى الشعارات أو الانتقادات الشعبية أو الحزبية من خصومه. هذا ليس قليلاً ولو أن التيار لا يزال يحيط نفسه ببطانة من المطبلين والمنتفعين لمصالح متنوعة نتيجة وجوده في السلطة. ثمّة ما انكسر في الهالة الرئاسية والحزبية للتيار ووضعيته داخل مجتمعه وفي النظرة المحلية والخارجية إليه، بصرف النظر عن استمراره عددياً في المجلس النيابي أو تمثيله الحكومي. وما فُقِد من الصعب استرداده في مسار المكابرة الحالية.
الطرف الثالث هو الرئيس سعد الحريري. ثمة سياسيون مصرّون على القول إن الحريري لا يزال يعقد تحت الطاولة تفاهماً سياسياً واقتصادياً ومالياً مع الوزير جبران باسيل مهما كان رأي الرئيس ميشال عون به ومهما حصل من تباعد سياسي علني واتهامات متبادلة. لأن الحريري في هذه الازمة، الطرف الذي يريد أن يحول نفسه إلى ضحية في حين أنه يتساوى مع شركائه في منظومة الفساد. وهو يتلطّى خلف أكثر من ستار شعبي من خلال التظاهرات وقطع الطرق وأكثر من ستار سياسي عبر تسليط الضوء على موضوع صلاحيات رئاسة الحكومة وستار ديني من خلال دار الفتوى يمكّنه من تحييد نفسه والبقاء في الوقت ذاته مرجعية العقدة والحل معاَ. هذا يعني أن أي تسوية حكومية بتسميته أو تسمية من يؤيد تحافظ على تعويم دوره كمرجعية ليلتقي بذلك مع الاطراف الآخرين الذين يستعجلون تسوية بأي ثمن، ولو لم ترضهم الشخصية المرشحة ولا تاريخها ولا حيثيتها، ولا كل ظروفها بمن فيهم ،كما يقول سياسي، الرئيس عون بنفسه.
في مقابل هذه القوى الثلاث ثمة أيضاً ثلاثة أطراف تفاوتت أدوراهم في نتائج هذه الازمة الرئيس نبيه بري الذي استهدف مراراً وترسم علامة استفهام حول مدى رضاه عن تسوية لم يكن فيها وسيطاً أساسياً. ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي شارك بقوة في جانب من التحرك الشعبي وقُصَّ بعض أجنحته في الاتفاق على رئيس جديد للحكومة. والقوات اللبنانية التي أخرجت نفسها مبكراً من الحلبة السياسية في إطارها العام ما أعادها الى لعبة الثنائية المسيحية وانتظار استثمار خسارة التيار شعبياً لتحويلها زيادة في رصيدها الشعبي.
المزيد في هذا القسم:
- توافقات إدلب والدستورية في رباعية إسطنبول: رهان على تعويم «أستانا»! المرصاد نت - متابعات افتتحت «قمة إسطنبول» الرباعية بهدايا «سيبيرية» حملها فلاديمير بوتين إلى نظرائه لتنتهي بتوافقات خجولة حول «ا...
- السعودية في العام 2017.. أحداث ساخنة وتطورات متلاحقة المرصاد نت - متابعات بين أزمة خليجية وحملة اعتقالات لأمراء، وسير في ركب التطبيع مع الاحتلال وتعرض الداخل السعودي للنيران اليمنية وغيرها من الأحداث شكّل 2017 ف...
- الصين ترفض المشاركة في محادثات «خفض النووي»! المرصاد نت - متابعات بعد يوم من توجيه واشنطن دعوة لبكين للانضمام إلى الجولة الثالثة من مفاوضات خفض الأسلحة النووية التي ستجرى في موسكو، ردت الصين بالرفض على ا...
- بوتين يلتقي أردوغان في أنقرة وأنباء عن وقف لإطلاق النار شمال سوريا المرصاد نت - متابعات استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالقصر الرئاسي في أنقرة الذي وصل تركيا في زيارة رسمية الخميس تتخللها لقا...
- مناورات «زاباد 2017» الروسية تقلق الغرب المرصاد نت - متابعات بدأت روسيا أمس تدريبات عسكرية دورية بمشاركة بيلاروسيا ينظر إليها «حلف شمالي الأطلسي» على أنها تحتوي على تهديد «عدواني&r...
- الحزب الجمهوري التركي : اردوغان متورط مع الجماعات الإرهابية ومشروعه فشل المرصاد نت - متابعات أكدت نائبة رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي والمتحدثة الرسمية باسم الحزب “سالين بوك” أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان متور...
- منظمات المجتمع المدني: أدوار مشبوهة في الوطن العربي المرصاد نت - متابعات تخترق المنظمات "غير الحكومية" أو ما يطلق عليها اصطلاحاً "منظمات المجتمع المدني" مجتمعاتنا العربية والشرق أوسطية بكل سلاسة وانسيابية وكأنه...
- اجتماع روسي- ايراني -تركي في أنطاليا والتأكيد على إعادة الاستقرار لسوريا المرصاد نت - متابعات عقد اليوم الأحد في مدينة انطاليا التركية اجتماع روسي – ايراني – تركي على مستوى وزراء الخارجية لبحث الازمة السورية وذلك تمهيدا...
- «بريكست»: الفوضى مستمرّة... وأوروبا تتمسك بِخيار ماي! المرصاد نت - متابعات وضعت مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي البلاد في مأزق عصيب بينما لم يبقَ على موعد الخروج إلا حوالى 70 يوماً. وفي آخر التحركات السيا...
- الرئيس عون يرفض ربط عودة النازحين السوريين بالحل السياسي! المرصاد نت - عباس الصباغ لا يترك الرئيس اللبناني العماد ميشال عون مناسبة إلا ويؤكّد فيها على ضرورة عدم ربط عودة النازحين السوريين إلى بلادهم بالحل السياسي. بَ...