السودان : خطوة ثالثة على طريق استرضاء واشنطن!

المرصاد نت - متابعات

وافقت الحكومة الانتقالية السودانية على دفع تعويضات مالية بلغت نحو ثلاثين مليون دولار لأهالي الجنود الأميركيين من قتلى المدمّرة «كول» التي أصابها زورق ملغوم قبل أكثر من عشرين US Soudan2020.2.14عاماً لدى تزوّدها بالوقود في ميناء عدن اليمني. منذ ذلك الوقت وضعت واشنطن بعد اتهامها للخرطوم بالتورّط في الهجوم، دفع تعويضات مالية كشرط أساسي لإزالة اسم السودان من «قائمة الدول الراعية للإرهاب».

يقول مصدر دبلوماسي رفيع إن الحكومة الحالية «استفادت من نصائح قدّمها أعضاء من الكونغرس خلال تبادل للزيارات بين الجانبين في أعقاب نجاح الثورة التي أطاحت الرئيس المعزول عمر البشير» مضيفاً: «من أبرز تلك النصائح أهمية التوصل إلى تسوية في قضية المدمرة كول، لأن قبول التسوية سيقوّي موقف الإدارة الأميركية أمام الرأي العام المحلي إذا قررت رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب لأنه لا يمكن للرئيس اتخاذ قرار مثل هذا ولا يزال هناك ضحايا لم يتمّ تعويضهم». ويلفت المصدر إلى أن أعضاء الكونغرس ظلّوا على اتصال بأُسَر القتلى من جهة وبالحكومة من جهة أخرى قائلاً: «بذلوا أقصى جهدهم لحصول الضحايا على تعويضاتهم المالية، وأفلحوا في تقليص المبلغ إلى ثلاثين مليوناً بعدما كان أكثر من 300 مليون وقدّموا نصائح إلى الخرطوم حول كيفية سداد المبلغ».

ورأى السفير السوداني الأسبق لدى واشنطن، الرشيد أبو شامة أن التسوية المالية «تعني شطب القضية من أمام المحاكم الأميركية في حال قَبول الطرف الآخر العرض الحكومي... هذا تفكير جيّد من الحكومة (السودانية) التي تواصلت مع أصحاب المصلحة وتوصّلت معهم إلى هذا الاتفاق، وتمكنوا من تقليص التعويض إلى مبلغ مقدور عليه». وعلى رغم موافقة الخرطوم على دفع التعويضات في خطوة رآها البعض اعترافاً ضمنياً بارتكاب الجرم فإن وزارة العدل قالت في اتفاقية التسوية التي تَبيّن أنها مبرمة في السابع من الشهر الجاري إن الحكومة (السودانية) «غير مسؤولة عن هذه الحادثة أو أيّ أفعال إرهابية أخرى»، لكنها دخلت هذه التسوية «انطلاقاً من حرصها على تسوية مزاعم الإرهاب التي خَلّفها النظام البائد ولاستيفاء الشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية».

وبينما فاق عدد المدّعين خمس عشرة عائلة اتَّهمت الخرطوم بتقديم الدعم لتنظيم «القاعدة» للقيام بتفجير السفينة نفى السودان أيّ علاقة له بتفجير المدمّرة إلى أن نال حكماً من «المحكمة الأميركية العليا» في نيسان/ أبريل من العام الماضي لمصلحته وهو ما عدّته الحكومة السابقة انتصاراً لها، لكن القضية بقيت ماثلة أمام محاكم أميركية أخرى، الأمر الذي رأى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أنه لا فكاك منه إلا بدفع التعويضات. ولذلك أعلن في زيارته واشنطن نهاية العام الماضي أن السودان «على بعد أسابيع من تسوية مع ضحايا العملية الإرهابية»، معتبراً أن على الحكومة تحمّل المسؤولية ليس في مطالبات «كول» وحدها، بل في تفجير سفارتَي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، مضيفاً إنه توصّل إلى اتفاق في شأن تلك المسائل كلّها بعد نقاشات مستفيضة مع المسؤولين الأميركيين حول الخروج من «قائمة الإرهاب».

لكن بالنسبة إلى كثيرين فإن «تسوية كول» قد لا تكون كافية لدى إدارة دونالد ترامب لإزالة السودان من «لائحة الإرهاب» المدرج عليها منذ 1993م إذ لا تزال هناك عناوين أخرى يمكن لواشنطن أن تتذرّع بها من أجل فرض مزيد من الشروط على الخرطوم ومن بينها «التعاون في ملف الإرهاب ومحاربة الجماعات المتطرفة» و«التزام متطلبات التحول الديموقراطي والانتقال السلمي للسلطة».

ويوم أمس الخميس علنت وزارة العدل السودانية أنها وقّعت اتفاقاً في واشنطن مع أُسَر البحّارة الأميركيين الذين قتلوا في تفجير «المدمرة كول» التي تعرّضت لهجوم قبالة ميناء عدن اليمني عام 2000م في إطار جهود السودان لشطب اسمه من قائمة أميركية «للدول الراعية للإرهاب». وأكدت الوزارة في بيان وزعته على وسائل الإعلام أن الاتفاق تمّ توقيعه في السابع من شباط/ فبراير الحالي مشيرة إلى أن الاتفاق جزء من جهود السودان لشطب اسمه من قائمة الولايات المتحدة لـ«الدول الراعية للإرهاب».

وقالت الوزارة: «في إطار جهود حكومة السودان الانتقالية لإزالة اسم السودان من القائمة الأميركية الخاصة بالدول الراعية للإرهاب، تم التوقيع على اتفاق تسوية بتاريخ 7 شباط/ فبراير مع أسر ضحايا حادثة المدمرة كول». وأضاف البيان: «تم التأكيد صراحة في اتفاقية التسوية المبرمة على عدم مسؤولية السودان عن هذه الحادثة أو أي حادثة أو أفعال إرهاب أخرى... وأنها دخلت في هذه التسوية بغرض استيفاء الشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب».

وفي 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2000م انفجر زورق مفخخ بالمتفجرات في جسم المدمرة، ما اضطر إلى سحبها إلى ميناء عدن اليمني لإصلاح الدمار الذي أحدثه التفجير في جسمها. وقتل جراء التفجير 17 بحاراً أميركياً، إضافة إلى اثنين من المهاجمين. واتهمت واشنطن الخرطوم بالضلوع في الانفجار وهو ما تنفيه الخرطوم. وفي عام 1993م وضعت واشنطن السودان على «قائمة الدول الراعية للإرهاب» لصلته المفترضة بجماعات إسلامية متشددة. وقد أقام زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في السودان في الفترة من 1992 إلى 1996م.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية