متابعات :
مضى 68 عاما على مجزرة دير ياسين التي راح ضحيتها عدد كبير من أهالي القرية عقب الهجوم الذي نفذته جماعات يهودية متطرفة
مضى 68 عاما على الجريمة ولا زال السيناريو يتكرر في أكثر من منطقة وإن اختلفت المسميات.
مضى 68 عاما على الجريمة ولا زال السيناريو يتكرر في أكثر من منطقة وإن اختلفت المسميات.

وتبقى مجزرة دير ياسين، شاهدةً على فضاعة تلك الجريمة التي نفذتها عصابات “أرجون” و”شتيرن” الصهيونية، بدعم من “بالماخ” و”هاغاناه”، في الـ9 من أبريل عام 48، إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم.
كثيرة هي المجازر التي ارتكبها الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربيه منذ ما قبل النكبة الى يومنا هذا، فهي مجازر لا تعد ولا تحصى, والمفكرة الفلسطينية مليئة بأيام المجازر، ولكن مجزرة دير ياسين كانت الأكثر بشاعة ، حيث دفن ابنائها أحياء، كما في الدروس المستفادة منها في حاضر ومستقبل الصراع التاريخي المتواصل مع الاستعمار الاستيطاني العنصري الصهيوني ورعاته على جانبي الأطلسي، الأمر الذي يستدعي التذكير إن مجزرة دير ياسين لم تكن مجرد صدفة إنما هي مجزرة نكراء خطط لها العدو الصهيوني رغم بعد المسافة بين مجزرة واخرى , وبالتالي إن المجتمع الدولي الذي عاقب النازيين على جرائمهم لا يجوز أبداً أن يكيل بمكيالين ولا يعاقب قادة كيان العدو وقادته على جرائمهم تجاه العرب , بل يجب أن يعاقبهم تماماً كما عاقب النازيين على مكانة المفاهيم والمبادئ التي ترسخت في العهود والمواثيق الدولية.
وامام هول المجازر لا تزال الصهيونية العالمية تعمل على تشويه وقائع وحقائق مجزرة دير ياسين الجماعية ، وما أعقبها من ابادات جماعية ومجازر كثيرة ، لا تعد ولا تحصى، تزخر بأيام المجازر في “خربة خزعة” والصفصاف واللد والرملة والطنطورة وعيلبون والدوايمة وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا وقانا ومخيم جنين وغزة ويوم الأرض والاعدامات الميدانية بحق الشابات والشباب وحرق العائلات وغيرها.
ومن هنا لم يتوقف نهج الإرهاب الصهيوني ضد الفلسطينيين خاصة والعرب عامة وحتى وقتنا الحاضر، ففي كل يوم يشن الكيان الصهيوني الحروب العدوانية ويرتكب المزيد من المذابح والمجازر هنا وهناك في أرجاء الوطن العربي وبالأخص داخل فلسطين المحتلة والأقطار العربية المجاورة لها، ولا يُعتقد أن هذا النهج سيتوقف ما دام هذا الكيان العنصري موجوداً فوق أرض فلسطين وبعض الأراضي العربية المحتلة، فالمذابح والمجازر الجماعية التي تحدثت عنها “التوراة” في أكثر من موضع، لم تكن أكثر من نماذج استخدمتها العصابات الصهيونية الإرهابية ومن بعدها قوات العدو الصهيوني، لتحقيق هدف واحد، وهو إبادة الشعب العربي الفلسطيني وتصفيته بالقتل أو إجباره على النزوح والهجرة من خلال ترويعه وتخويفه من هذه الإبادة .
لقد عانى الشعب الفلسطيني منذ قيام الكيان الصهيوني العنصري على انقاض الشعب الفلسطيني في عام 1948 ألوانا وصنوفاً شتى من الكوارث التي أنزلتها بهم الصهيونية بدعم من الامبريالية العالمية وتماهٍ من الغرب وتواطؤ من الرجعية العربية وتم التعبير عنها بالحروب العدوانية والمذابح والمجازر والاغتيالات والأشكال الإرهابية الأخرى. ومن المعروف أن أدوات التنفيذ اختلفت بين حرب وحرب ومذبحة ومذبحة ومجزرة ومجزرة وشكل وآخر من أشكال الإرهاب، ولا شك أن مجزرة دير ياسين التي أكتب عنها اليوم كانت واحدة من أبرز محطات الإرهاب الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.
ثمانية وستون سنة مرت على مجزرة دير ياسين التي ارتكبتها قوات الإرجون، لتلبي رغبة المنظمات العسكرية الصهيونية من خلال هجوم وعمليات الذبح والإعلان عن المجزرة التي مثلت مجتمعة حالة من نمط صهيوني الهدف منه تفريغ فلسطين من سكانها عن طريق الإبادة والطرد ، ما زال المجرمون الصهاينة يحاولون خداع وإيهام أنفسهم والعالم بطهارة أياديهم وأسلحتهم التي تطلق القذائف والرصاص فتتطاير في الفضاء باحثةً عن مكان تستقر فيه فلا تجد غير صدور العرب لتكون محطاتها الأخيرة، وما زال الشعب الفلسطيني يدفع الثمن تلو الثمن من دمائهم الطاهرة وكل مقدرات حياتهم.
اليوم في الذكرى الثامنة والستون لمذبحة دير ياسين لا زال الجرح الفلسطيني مفتوحاً على مصرعيه،وما زال الدم الفلسطيني ينزف بغزارة،ينزف على مذبح الحرية والعودة،ولكن رغم كل هذا الشلال الغزير من الدماء والتضحيات الجسام والأثمان الكبيرة،لم نستطع ان نحقق اهداف شعبنا في وطن حر ومستقل،بل ما زلنا مستمرين في النضال والكفاح،هذا النضال والكفاح لن يوصلنا الى هدفنا،إذا استمرت حالة الانقسام ، فالمحتل يمارس زعرنته وبلطجته وعربدته على كل طول وعرض جغرافيا الوطن، يقتل ويعتقل ويغتال ويهدم ويصادر ويقيم المستوطنات، ويتحكم في كل مداخل ومخارج حياتنا من الألف الى الياء.
في ذكرى مجزرة دير ياسين من حقنا أن نسأل:أليست هذه إبادة جماعية ووحشية تفوق ما قام به هتلر, أليست هذه الجريمة تستحق ولو جزءاً بسيطاً من الاهتمام الدولي الذي فقد مصداقيته, هذه الجريمة الصهيونية وغيرها الكثير يعلم المجتمع الدولي بحقائقها، وما يحدث على مدار الساعة من وحشية بحق الشعب الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه.
ألا تستحق هذه الجريمة وغيرها من الجرائم الصهيونية التي لا تقل عنها فظاعة إحياء العالم لذكراها، باعتبارها “أم المجازر”,وواحدة من أروع وأبشع الإبداعات في القتل والهمجية، وهي ستبقى على لوحة لم يستطع غبار الزمن إخفاءها ولم يستطع التاريخ طمس معالمها، رغم القهر، رغم المعاناة، رغم الألم مازالت دير ياسين شاهدة لم تستطع النسيان، رغم الجرح النازف جرح شعب مازال يجمع أشلاءه، جرح أرض مازالت تئن وتصرخ كما هي الحال في دير ياسين ولكن ستبقى ذكرى دير ياسين حية وخالدة في ذاكرة الأجيال الفلسطينية.
ان الكيان الصهيوني والذي نجح في البقاء و الإستمرار طوال هذه الفترة, لم يأت نجاحه من فراغ, بل جاء حصيلة الإعداد والتخطيط واللذان جعلا من إسرائيل كياناً يشكل خطراً وتهديداً حقيقياً ليس على الشعب الفلسطيني وحده بل على الأمة العربية بأسرها, وبما يهدد الأمن القومي العربي ويجعل هذا الكيان لاعباً ذو أهمية إستراتيجية لدى صناع القرارات الدولية.
إن ضعف الموقف العربي لعب دوراً أساسياً في تقدم و نجاح المشروع الصهيوني…وإن السبب يكمن في غياب سياسة واستراتيجية عربية ذات رؤية واضحة ومحددة للقدرات والإمكانات العربية تُوظف لحل التناقض الرئيسي ما بين الأمة العربية والكيان الصهيوني وبما يجنب الأمة العربية الإستهدافات الخطيرة للمشروع الصهيوني الاستعماري.
إن الصراع الشامل والمفتوح والتاريخي مع الاحتلال الصهيوني وكيانه البغيض لن يتوقف إلا بتحقيق الحقوق التاريخية والعادلة للشعب الفلسطيني, وأن قضية فلسطين بكل تجلياتها وأبعادها المحلية والإقليمية والدولية ستبقى جوهر الصراع العربي الصهيوني حتى تزال الأسباب الحقيقية لهذا الصراع بضمان كامل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وفي المقدمة منه حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
وفي ظل هذه الظروق التي يواجه بها الشعب الفلسطيني عدواً صهيونياً عنصرياً واحتلالياً, يصادر الأراضي الفلسطينية ويقيم عليها مستوطناته اليهودية, ويعزل السكان الفلسطينيين عبر جدران الفصل العنصري, ويقيم الحواجز ويمارس الإرهاب بارتكابه المجازر ، يستنهض الشباب الفلسطيني بانتفاضته الباسلة ودماءه ويرسم خارطة فلسطين حتى تكون نبراسا يرى من خلاله جيل الغد كيف يكون التحرير والنصر.
لهذا نؤكد في الذكرى الثامنة والستين لمجزرة دير ياسين”أم المجازر”, ان جرحنا الذي لا يزال ينزف ويقدم الشهداء يقول للعالم , ان النصر ات لا محالة, وان غدا لناظره قريب.
ختاما : لا بد من القول ان الدماء الزكية الطاهرة الذي يقدمها الشعب الفلسطيني منذ مجزرة دير ياسين حتى هذه اللحظة والتي امتزجت بثرى أرض فلسطين، ستبقى لبّ قضية الصراع والوجود الفلسطيني العربي بمواجهة الاحتلال الغاشم ودولته العنصرية، حيث عانى شعبنا الويلات تلو الويلات، من قتل وتعذيب وتشريد وتهجير، من أجل طمس الهوية الوطنية الفلسطينية ، الا ان الشعب الفلسطيني يسطر اليوم ملحمة نضالية يكتبها بالدم العربي الفلسطيني عبر انتفاضته الباسلة التي يقودها شابات وشباب فلسطين ، وان حلقات النضال الوطني لا يمكن لأحد أن يفصلها ويباعدها وخاصة أنها تحمل في طياتها التصدي للمشاريع العدوانية والاستيطانية للاحتلال الصهيوني وادواته ، فهذا الشعب وهذه الانتفاضة تؤكد حقيقة قضيته وتأصيل مشهده الوطني ليعيد للقضية الفلسطينية حضورها على الساحتين العربية والعالمية على طريق تحرير الارض والانسان.
اليوم وبعد مرر68 عاما على المجزرة، لم يزل السيناريو عينه يتكرر كل يوم في سوريا والعراق واليمن وفلسطين، وإن اختلفت المسميات خدمة للمشروع الصهيو أميركي.
كتب : عباس الجمعة
المزيد في هذا القسم:
- تحذير من تقلب الأسواق.. النفط يبلغ أعلى مستوياته في 7 سنوات بفعل توتر أوكرانيا المرصاد-متابعات جرى تداول النفط، اليوم الخميس، عند أعلى مستوياته في 7 سنوات بنحو 90 دولارا للبرميل، إذ دعمت أزمة أوكرانيا الأسعار رغم إشارات إلى أن مجلس الاحتي...
- خروج مئات الآلاف من الجزائريين في مسيرات تحت شعار«لا للعهدة الخامسة» المرصاد نت - متابعات خرج مئات الآلاف من الجزائريين أمس في مسيرات جابت كلّ محافظات البلاد تأكيداً لرفض استمرار عبد العزيز بوتفليقة في الحكم تحت أي ظرف من الظرو...
- الإمارات.. فوضى وتطبيع وتجسس على المعلم الأميركي! المرصاد نت - متابعات يمكن القول انه منذ اكثر من عشر سنوات بدات تتغير ملامح الدول القيادية على الساحة العربية بعد الاحتلال الأميركي للعراق والحرب على سوريا وغي...
- الذكرى الثانية على الرحيل: «نبوءات» هيكل المرصاد نت - متابعات على غير عادته في بدء كل حديث لم يسأل عن جديد الأخبار ودخل إلى ما كان يشغله في ذلك الصباح من نهايات عام ٢٠١٥. كانت قد مضت عشرون سنة على مح...
- الوسيط بين الإمارات وإسرائيل: بن سلمان مستعد للتطبيع لكنه يخشى الفوضى في بلاد الحرمين المرصاد-متابعات نقل الملياردير اليهودي الأميركي حاييم سابان عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قوله إنه يخشى من مهاجمة القطريين والإيرانيين في حال أقام...
- "حوار الاستانة" .. هل انتهت الحرب في سوريا؟ المرصاد نت - متابعات لم تفلح كافّة المؤتمرات الدوليّة السابقة في وقف النزيف السوري القائم منذ أكثر من خمس سنوات لكن التبدّلات الدوليّة والإقليمية والميدانية ا...
- الأردن يستقبل ٧٢ لاجئًا سوريًا خلال الـ٢٤ ساعة الماضية أفادت مديرية التوجيه المعنوي التابعة للقوات المسلحة الأردنية اليوم الخميس بأن قوات حرس الحدود استقبلت خلال الـ(٢٤) ساعة الماضية ٧٢ لاجئا سوريا جديدا دخلوا من عد...
- مطالبات للأمم المتحدة بتعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان المرصاد نت - رويترز طلبت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش من الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء تعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان التاب...
- البراغماتية ذاتها بين ترامب وأوباما: السيسي حليف اليوم على حساب حلفاء الأمس! المرصاد نت - متابعات حظيت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعناية خاصة أمريكية. وكأن واشنطن تريد أن تُقفل ملفها الأسود في المنطقة من خلال إزالتها كل ما ي...
- في ثاني ظهور علني خلال ساعات ..السيد حسن نصر الله يشارك شخصياً في مسيرة بيروت المرصاد نت - متابعات في ثان حضور علني له خلال أقل من 12 ساعة حضر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله شخصياً بين الحشود في مسيرة العاشر من محرم في الضاحي...