المرصاد نت - رآي اليوم
اربعة تفجيرات تهز السعودية في يوم واحد واخطرها في الحرم النبوي الشريف.. ما هي الرسالة التي تريد “الدولة الاسلامية” ايصالها؟
وهل الهدف الاكبر هو “موسم الحج” المقبل؟ وما الذي يجب على القيادة السعودية فعله؟
هزت اربعة تفجيرات انتحارية المملكة السعودية (اليوم) الاثنين اثنان منها في مدينة القطيف ذات الاغلبية الشيعية، وثالث امام القنصلية الامريكية في مدينة جدة اثناء احتفالها بذكرى يوم الاستقلال بينما كان الرابع، وهو الاخطر في اعتقادنا امام حاجز امني قرب الحرم النبوي الشريف ساعة الافطار في المدينة المنورة.
هذه التفجيرات جاءت بعد اخرى مماثلة في حي الكرادة في مدينة بغداد، ادت الى مقتل اكثر من 210 اشخاص، واصابة المئات، وبعد اربعة ايام من اقتحام ثلاثة انتحاريين من منطقة القوقاز مطار اتاتورك في اسطنبول، اطلقوا النار على المسافرين والمستقبلين قبل تفجير احزمتهم الناسفة، وجاءت النتيجة مقتل 43 شخصا.
اصابع الاتهام تشير الى “الدولة الاسلامية” وخلاياها الانتحارية بالوقوف خلف جميع هذه التفجيرات التي ارادت “الدولة” من خلالها توجيه “رسالة دموية” واضحة الى التحالف الدولي الذي يشن حربا شرسة للقضاء عليها واستئصالها، في العراق وسورية، بانها ما زالت قوية، وقادرة على الرد بنقل الحرب الى قلب الدول التي تحاربها، والمسلمة منها على وجه الخصوص، مهما بلغ عددها ومهما بلغت قوتها.
وعندما وصفنا التفجير الارهابي الذي وقع لحظة الافطار، واستهدف مقرا لقوات الامن السعودية في الحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة، بأنه الاخطر، فإننا تقصدنا ذلك، انطلاقا من الاهمية الدينية والقدسية الخاصة لهذا المكان بالنسبة لمليار ونصف المليار مسلم في القارات الخمس، وفي مثل هذا الشهر الفضيل، وقبل عبد الفطر المبارك.
استهداف المملكة السعودية بأربعة انفجارات في يوم واحد، وفي اماكن مختلفة في شرقها وغربها، جرى اختيارها بعناية فائقة، وتتدرج من مساجد شيعية، الى قنصلية امريكية، وصولا الى الحرم النبوي الشريف، الهدف منه زعزعة استقرار هذا البلد وامنه قبل اسابيع معدودة من موسم الحج، حيث يتدفق اكثر من مليوني حاج من مختلف انحاء العالم لاداء هذه الفريضة، وتوحيه انذار او تهديد واضح بان هذا الموسم قد يكون الهدف المقبل.
ندرك جيدا ان قوات الامن السعودية، او غيرها لا تستطيع، مهما اؤتيت من قوة وكفاءة، وتسلحت بأحدث الاجهزة والاسلحة، لن تستطيع منع هذه التفجيرات، فمن يلفون وسطهم بالاحزمة الناسفة، ويريدون “الشهادة”، ويؤمنون في اعماق وجدانهم ان هذه التفجيرات هي اقصر الطرق للوصول الى الجنة، لا يمكن منعهم، او السيطرة عليهم، واجهاض افعالهم الارهابية الدموية هذه، ولكن هناك استراتيجيات قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، يمكن تطبيقها واتباعها لتقليص هذه الاخطار تميهدا لمنعها.
هناك عدة قراءات ممكن الوصول اليها واستخلاص عبرها من هذه التفجيرات الارهابية المدانة وركامها، ونحن نتحدث عن تلك التي وقعت في القطيف وجدة والمدينة المنورة تحديدا:
اولا: ان قوات الامن السعودية وما تملكه من ميزانيات واجهزة امنية استخبارية فشلت في رصد هذه الخلايا التابعة لـ”الدولة الاسلامية” والقضاء عليها بالتالي، لكنها اعتمدت الحلول الامنية بمعزل عن الحلول الفكرية والايديولوجية والسياسية والاجتماعية.
ثانيا: ان “الدولة الاسلامية” ما زالت تملك خلايا نشطة في الداخل السعودي، وفي اوساط الشباب خاصة، وبأعداد كبيرة يصعب حصرها، قادرة على التحرك عندما تأتيها التعليمات، بذلك وفي الوقت المحدد.
ثالثا: ان الخطر على امن المملكة واستقرارها لا يكمن بالدرجة الاولى في الحوثيين في اليمن ولا الجار الايراني الشيعي او النظام السوري وانما في الداخل السعودي وان الحرب الحقيقية التي يجب ان تخوضها ليست في اليمن، ولا في سورية ولا في العراق ولا في ليبيا وانما داخل حدودها حرب لا يمكن خوضها بطائرات “عاصفة الحزم”، ولا بالدبابات الحديثة الامريكية الصنع، وانما حرب فكرية، حرب للقضاء على الفساد، والاصلاحات السياسية والاجتماعية، وتوفير فرص العمل للشباب، واستيعابهم في مشاريع منتجة.
رابعا: تغيير كل السياسات التي تتبعها المملكة حاليا، وتتمثل في محاولة اصلاح وترتيب بيوت الآخرين، والتدخل في شؤونهم الداخلية عسكريا، وتغيير انظمتهم، بينما البيت السعودي هو الذي يحتاج الى ترتيب واصلاحات جذرية، والاولى بالعناية والاهتمام.
خامسا: الالتفاف الى قضايا الامة المركزية والبعد عن الشبهات، وابرزها التواصل سرا او علنا مع اعدائها، واسرائيل على رأسها، وعدم ترك هذه القضايا للآخرين، مثل ايران وحلفائها وميليشياتها، وكسب الاصدقاء وتقليص الاعداء في الداخل والخارج.
اللواء ابراهيم التريكي المتحدث باسم زارة الداخلية السعودية كشف عن جهل حقيقي بالخطر الذي يستهدف بلاده عندما تسرع محاولا تبرئة المواطنين السعوديين من الوقوف خلف هذه التفجيرات، والتأكيد على ان من نفذ الهجوم الانتحاري الاول على القنصلية الامريكية في مدينة جدة كان من المقيمين، اي ليس سعوديا، وينسى ان الارهاب الذي يضرب المملكة، واماكن اخرى في العالم، ارهاب عابر للقارات والجنسيات، ومن هو ارهابي مواطن في السعودية مقيم في سورية او العراق او اليمن، والعكس صحيح.
“الدولة الاسلامية” ربما تتراحع جغرافيا، وتخسر بعض المدن في حرب يخوضها ضدها تحالف من مئة دولة، بينها دولتان عظميان، برا وجوا، ولكنها ما زالت قادرة على التمدد عنفا وارهابا، وتضرب في عمق دول خصمها، والسعودية من بينهم، ومن اغرق في التفاؤل واحتفل مبكرا بهزيمتها، ربما يكون تسرع، فالحرب ضدها ما زالت طويلة، وهي حرب عقول وايديولوجيات، قبل ان تكون جرب امنية وعسكري.
السياسات السعودية التي تتبنى مبدأ التدخل عسكريا وسياسيا في شؤون الآخرين، وتغيير انظمة، وزعزعة استقرار دول وتفتيتها، وتبني الفكر الطائفي، وتصديره خارج حدودها، هذه السياسات باتت تعطي نتائج عكسية تماما، ولا بد من تغييرها بأسرع وقت ممكن ليس لانها اثبتت فشلها، وانما لانها بدأت ترتد على اصحابها دمارا، في وقت نجح الآخرون في امتصاصها والتعايش معها، وتقليص اخطارها، اذا لم يتم تحييدها بالكامل، ونحن نتحدث هنا عن اليمن والعراق وسورية تحديدا.
حروب السعودية الخارجية فشلت كلها، وجاءت نتائجها كارثية عليها وعلى الآخرين، وحروبها الداخلية ليست افضل حالا، وحان وقت المصارحة، والمكاشفة، والتغيير الجذري، والاستمرار في المكابرة والغرور مثلما يحدث حاليا يصب المزيد من الزيت على نيران الفشل، ولا بد من عملية “انقاذ” سريعة وهذه مسؤولية العقلاء والحكماء الذين يجب ان يتصدورا الصفوف ويصححوا.
عبدالباري عطوان
المزيد في هذا القسم:
- إستهداف آليات لـ"داعش" وإنضمام البشمركة للمقاومة بكوباني دمرت طائرات التحالف الدولي اليات تابعة لتنظيم "داعش" في شمال سوريا كانت في طريقها الى مدينة عين العرب، في وقت تقوم قوات البشمركة بقصف تجمعات التنظيم في اطار مسا...
- سوريا : جلسة طارئة لبحث «اللجنة الدستورية» ودي مستورا يقدم «إحاطة» المرصاد نت - متابعات فشل الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا خلال زيارته دمشق الأربعاء في الحصول على موافقة الحكومة السورية على اللجنة الدستورية ا...
- العدو يُفشل مفاوضات القاهرة.. والمقاومة ترد: ليس للمهزوم فرض أي شروط مسبقة حذر المفاوضون الفلسطينيون من أنهم سيغادرون العاصمة المصرية القاهرة، ما لم يحضر وفد تفاوضي اسرائيلي الى العاصمة المصرية اليوم الأحد لاستئناف المفاوضات غير المباش...
- الجزائر: المجلس الدستوري يعلن استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل! المرصاد نت - متابعات أعلن المجلس الدستوري في الجزائر استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية في الرابع من تموز/ يوليو المقبل وأفاد مصدر بأن المجلس رفض ملفَّي الترشّ...
- إنهاء المقاطعة الجوية مقابل «كامب ديفيد» مبعوث أمريكي إلى الخليج مجدداً المرصاد نت - متابعات تبحث إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقترحات لتخفيف حدة الأزمة بين الخليجيين توطئة لجمعهم مجدداً في كامب ديفيد. لكن تلك المقترحات ا...
- أردوغان يخلط أوراق سوتشي من حميميم وترامب . المرصاد نت - متابعات الحرب الكونية على سورية تتجه نحو نهاياتها المحتومة كما أراد لها أهل الحق من شعب وقيادة ومقاومة سورية وعربية وإسلامية. وهذا ما يتأكد يومياً...
- اليوبيل الفضي لـ«وادي عربة»: الباقورة والغمر خارج المعاهدة! المرصاد نت - متابعات في مثل هذه الأيام من العام الماضي غمر الفرح الأردنيين عندما اتُّخذ قرار بألّا يجري التجديد لملحقَي اتفاق «وادي عربة» بين الأردن والعدو ال...
- إسرائيل تعمل لضم مناطق جديدة من الضفة الغربية إلى القدس المرصاد نت - متابعات صادق وزراء الحكومة الإسرائيلية على ضم مناطق جديدة من الضفة الغربية الى القدس قريباً. وينصّ مشروع القانون المطروح الذي يحظى بدعم نتنياه...
- أكثر من 180 شهيداً وجريحاً معظمهم من الأطفال حصيلة التفجير الإرهابي غربي حلب المرصاد نت - سانا افاد مصدر عسكري ان الحصيلة الجديدة لشهداء الفوعة وكفريا في الراشدين بلغت نحو 58 شهيدا منهم 38 طفلا فيما بلغ عدد الجرحى قرابة 123جريحا جراء ا...
- الرئيس هادي يغادر الكويت بعد زيارة قصيرة .. والمرصاد ينفرد بنشر أهم تفاصيل مباحثات الزيارة... غادر الرئيس هادي دولة الكويت ظهر اليوم الأثنين وذلك بعد زيارة رسمية قصيرة استمرت لعدة ساعات لدولة الكويت اجرى خلالها مباحثات رسمية مع أمير الكويت الشيخ صب...