فى ذكراك الـ 46 يا ناصر حذرتناواستهنّا بالتحذير فأسدلوا فى الجسد العربي السكين

المرصاد نت - خاص

سيذكر التاريخ أنك كنت العربى الشريف الطاهر اليد الفقير  لاتبغى اِلا انتشال الجماهير المقهوره والشعوب المحتلة المغدوره من براثن القهر والإحتلال وأن ترتفع بها من القاع الى الفضاءjamalabdulnasser2016.9.30


 تحلق بها فى السماء  فتذيب الفوارق بين الطبقات وتضع المحاذير لأصحاب رؤوس الأموال بإزالة صفة الإستغلال ليصيروا فى مصاف تحالف قوى الشعب العامل من اجل خير الوطن – مؤكدا على أن الدين لله والوطن للجميع .

سيذكر التاريخ أنك حين رفعت الثالوث “حريه – اشتراكيه – وحده ” كان بنمط محدد وترتيب لايجوز فيه التبديل  وكان ناقوس يدق فى عالم النسيان فالحريه عندك أولا وهى ليست حرية الأغنياء والمال السياسى الذى يَشترى أصوات الأفراد فى انتخابات البرلمانات فيعدم الإرادة ويقضى على حرية الإختيار كما يتباهى الغرب والأمريكان وحكامنا العرب الآن ببرلمانات مافيا رجال الأعمال وبارونات المخدرات  لكنها كانت الحريه السياسيه جنبا الى جنب مع الحرية الإجتماعية  وعندك من لايملك قوت يومه لايملك صوته فى الإنتخابات فَمَلكتَ صغار الفلاحين والأُجَراء حين حددت ملكية الأقطاع فكانت برلماناتك هى مجالس الشعوب لأنك فَعَلتَ القانون ليصون حقوق الشعب العامل ويحذر من التجاوز على حق الضعفاء فكانت ال 50% كحد أدنى لتشكيل برلمان الشعب من العمال والفلاحين ضمانا وأمانا للمستقبل وغد لجيل عامل قادر على البناء لايتحكم فيه رأس المال .

وأشتراكيتك العربيه كانت حتميه تاريخيه وليست نتاج أى قوميه  وانما انبثقت من واقع الأرض العربيه وتاريخها وحضارتها ودينها  فكانت لها جناحان من الكفايه والعدل  الكفايه فى الإنتاج والعداله فى التوزيع فغدت تطير بجناحيها فى مصر كميزان عدل اجتماعى وتغرد كالبلابل والعصافير حين بنت مصر أول قاعدة للصناعة الثقيلة فى الشرق الأوسط على يديك .

أما عن الوحدة العربية فهى ساحة نضالك وترابها تِبرُ تتباهى به بين أقرانك وتذود عنه بدمائك فى مواجهة أعدائك وحسادك وفى عصرك أصبحت مسؤلية الجمهورية العربية المتحدة فى صنع التقدم وفى تدعيمه وحمايته تمتد لتشمل الأمة العربية كلها، إن الأمة العربية لم تعد فى عصرك في حاجة إلى أن تثبت حقيقة الوحدة بين شعوبها لقد تجاوزت الوحدة هذه المرحلة، وأصبحت حقيقة الوجود العربى ذاته وفى عهد ناصر صارت وحدة الهدف شعار الوحدة العربية فى تقدمها من مرحلة الثورة السياسية إلى الثورة الاجتماعية وبدى نضالك يا ناصر متجسداً فى الدعوة السلمية لكى تكون هى المقدمة والتطبيق العلمى لكل ما تضمنه الدعوة من مفاهيم تقدمية للوحدة .

وسيذكر التاريخ انك خضت كل الحروب من اجل الوحدة العربيه وساهمت فى تحرير معظم بلدان الامة العربيه من الإستعمار وناضلت حتى توقف قلبك من اجل فلسطين وشعبها كخطوه لابد منها لتحقيق الوحدة العربيه .

على مر تاريخ قيادتك لنا كنت المرشد الذى يحدد الطريق وكنت من يمد اليد للصديق ومن يحذر من العدو اللدود  حذرتنا أبو خالد من الإستعمار والرجعية العربيه ومن الرأسمالية المحليه ومن الفاشية الدينية ومن “اسرائيل” العنصريه ومحاولتها النفاذ الى داخل نظمنا الحاكمه , لكننا لم نأخذ تحذيراتك موضع الجد ولم نضعها فى اليقين أنما عملنا ” أذن من طين وأخرى من عجين” , حتى وقعنا فى المحظور وسيطر مافيا رجال الأعمال على حكومات الأمة العربيه وباتوا ينهبون أموال الشعب الفقير ويبيعون أملاكه من المصانع والقطاع العام التى بنيتها بأبخس الأثمان – وضاقت بنا الدنيا بعد أن أشعل اعداء العروبة هؤلاء النيران فى معظم البلدان وبدوا يسدلون السكاكين فى كل مكان لقتل الإنسان العربى وازهاق روح العروبة جمعاء.

ومازالت أصداء تحذيراتك ترن فى الأذان وتندم على الهوان وعدم الزود عن مبادئك والحفاظ على أنجازات ثورتك فأنت القائل فى ميثاقك وليس من شك أن الثورات الأصيلة تستفيد من حركات خصومها فى مواجهتها، وتكتسب منها قوة دافعة إن الاستعمار كشف نفسه، وكذلك فعلت الرجعية بتهالكها على التعاون معه وأصبح محتماً على الشعوب ضربهما معاً، وهزيمتهما معاً؛ تأكيداً لانتصار الثورة السياسية فى بقية أجزاء الوطن العربى وتدعيماً لحق الإنسان العربى فى حياة اجتماعية أفضل لم يعد قادراً على صنعها بغير الطريق الثورى – ليبقى التساؤل لشعبنا العربى.. لماذا سكتنا على الإستعمار والرجعية العربية حتى تمكنت من دولنا وقد كان محتما علينا ضربهما وهزيمتهما كما قال لنا ناصر ؟ لماذا تركناهم يسدلوا السكين فى أحشائنا ولم نعى كتاب الناصريه ؟!!.

قبل أن يغادر الحياة وفى خطاب له احتفالا بعيد ثورة يوليو الـ 16 حذرنا ناصر من أن “اسرائيل” تريد أن تغير الأنظمة العربيه الحاليه لكى تأتى بأنظمه جديده تقبل الصلح مع “اسرائيل”  جاء ذلك بعد أن قال شيمون بيريز أن “اسرائيل” عرضت الصلح مع مصر 5 مرات لكن عبد الناصر رفض  وحمل وزير الخارجية الأمريكيه وليم روجرز ما بدا انه تنازلا أسرائيليا ضخما تمثل من عودة سيناء كلها فى مقابل الصلح مع مصر لكن عبدالناصر كرئيس قومى عربى قال أن العملية ليست سيناء أنما العمليه مصير العرب وكان فى شرعه أن الصراع مع “اسرائيل” هو أن نكون اولا نكون فهو صراع وجود لذلك كانت لاءاته الثلاث لاصلح لاتفاوض لا اعتراف .

ويبقى السؤال لشعبنا العربى لماذا لم نضع نصب أعيننا الرؤية الثاقبه لجمال عبد الناصر  وتركنا “اسرائيل” تغير الأنظمه العربيه وتوقع اتفاقات الصلح معها الى الحد الذى أوصل تلك الأنظمه أن تجعل من “اِسرائيل” صديق وحليف ومن أصدقائنا أعداء لأنهم يعادون “اسرائيل” والى الحد الذى جعلنا نعتبر قوى المقاومه التى تجابه “اسرائيل” أرهاب لنعتبر الإرهاب الصهيونى وإرهاب الجماعات التكفيريه التى تمولها الرجعيه العربيه و “اسرائيل” وتتبناها أمريكا مقاومة ونتركها تدمر سوريا والعراق واليمن وليبيا وجيوشها التى طالما تصدت لـ”أسرائيل” ؟!
لماذا نترك نظم الحكم السعودى” رأس حربة الرجعية العربية” التى حذرنا منها ناصر تعيث فسادا فى أمتنا العربيه ومعها دول مجلس التعاون الخليجى المرتبطه بالصهيونيه ؟

وأخيراً فإن عبد الناصر حذرنا من أن الجامعة العربية تحت أى ستار وفى مواجهة أى ادعاء لا يجب أن تتخذ وسيلة لتجميد الحاضر كله وضرب المستقبل به  لذلك أوجب علينا أن نبذل جهوداً عظيمة وواعية يجب أن تتجه إلى فتح الطريق أمام التيارات الفكرية الجديدة حتى تستطيع أن تحدث أثرها فى محاولات التمزيق وتتغلب على بقايا التشتت الفكرى، كما أوجب قيام اتحاد للحركات الشعبية الوطنية التقدمية فى العالم العربى.

فيا شعبنا العربى حذرنا عبدالناصر ولم نع نصائحه ولم ندرك رؤيته الثاقبه فأسدل الجبابرة السكين فى جسد الشعب العربى وبات واضحاً عربدة نظم الرجعية العربية فى الخليج مع الصهيونية والاستعمار فى سوريا واليمن والعراق وليبيا فهيا نفعل ما اوجبه علينا جمال عبد الناصر من قيام أتحاد الحركات الشعبية التقدميه فى عالمنا العربى لننزع السكين من يد الرجعية العربية الخليجية والنظم التى أتت بها “اسرائيل” وعقدت صلحاً معها لنسدلها فى قلبها وعقلها ومن حركها من الإستعمار والصهيونية .

وسلام عليك يوم ولدت “أبا خالد”وفى ذكرى رحيلك ال 46 نأسف على عدم أخذ تحذيراتك مأخذ الجد ونقسم أن نعيد أمجادك فى الغد.

ومع تغريد الشاعر نزار قباني لن نذرف الدموع لكن نستعيد لحظة الشموخ

“زمانك بستانٌ وعصرك اخضرُ وذكراك عصفورٌ من القلب ينقرُ دخلتَ على تاريخنا ذات ليلةٍ فرائحةُ التاريخِ مسكٌ وعنبرُ تضيق قبورُ الميتين بمن بها وفي كل يومٍ انت في القبر تكبرُ أبا خالدٍ اشكو اليك مواجعي ومثـلي له عذرٌ ومثـلك يـعذرُ.”


محمود كامل الكومى - كاتب ومحامى – مصرى

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية