المرصاد نت - متابعات
في 8 أكتوبر/ تشرين الأول تبادلت روسيا من جانب والولايات المتحدة وحلفاؤها من جانب آخر تعطيل مشروعي قرار تم طرحهما بمجلس الأمن من قبل الطرفين حول مدينة حلب والمساعدات الإنسانية.
وفي نفس ذلك اليوم أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن إرهابيي "داعش" استهدفوا مروحية روسية تنقل مساعدات إنسانية بمنظومات دفاع جوي محمولة في محافظة حماة السورية. وأوضحت الوزارة أن المروحية من طراز "مي ٨" كان يرافقها ضباط من القاعدة الروسية في حميميم. غير أن المهم هنا أن الجانب الروسي أعلن أن "الدواعش" أوصلوا، في 6 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، من أراضي العراق منظومتين محمولتين للدفاع الجوي لتوفير الغطاء الجوي لما يسمى بـ "الفصائل المسلحة" المتواجدة في ريف حماة، التي تسعى إلى فرض السيطرة على طريق حلب.
في 3 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي تعرَّض مبنى السفارة الروسية في دمشق للقصف بقذائف الهاون. وحسب المعلومات المتوافرة فقد تم تنفيذ القصف من حي جوبر الخاضع لسيطرة فصائل "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقا) و"فيلق الرحمن" وانفجرت إحدى القذائف في حرم السفارة قرب المجمع السكني فيما انفجرت قذيفتان قرب مبنى السفارة، دون إصابات. ومن جانبها، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها في مجلس الأمن الدولي، في 4 أكتوبر الحالي بتعطيل بيان يدين استهداف السفارة الروسية من قبل الإرهابيين المنتشرين في حي جوبر والغوطة الشرقية. واعتبرت موسكو أن ذلك جاء بنتيجة تصرفات الولايات المتحدة وبعض حلفائها، الذين يؤججون باستمرار النزاع الدموي في سوريا "بمغازلتهم الإرهابيين والمتطرفين من مختلف الأطياف". بل وذهبت موسكو إلى أن هذا القصف ما هو إلا مقدمة لتنفيذ تهديدات الولايات المتحدة بشأن إمكانية تعرض روسيا لضربات في سوريا.
الكثير من الأحداث إن لم يكن كلها تقريبا، يشير إلى أن الترحيب الأمريكي – الأوروأطلسي بالوجود العسكري الروسي في سوريا لم يكن من قبيل المصادفة. فبداية من قيام القوات الجوية التركية بإسقاط المقاتلة الروسية في نهاية عام 2015، إلى ضرب القوات الأمريكية مواقع للجيش السوري في دير الزور وتهديد الولايات المتحدة روسيا بإمكانية تعرض ليس فقط جنودها وطيرانها في سوريا إلى ضربات عسكرية بل وأيضا مدنها الداخلية، وإرسال 3 طرادات حربية روسية إلى البحر المتوسط مع منظومات صواريخ (إس – 300)، ومصادقة البرلمان الروسي على نشر قوات جوية في سوريا بشكل دائم .. كل ذلك يذكرنا ببدايات حرب أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي.
هذه المقارنة ليست ميكانيكية أو تقليدية بمعنى أن الخطوط العريضة لسيناريو أفغنة سوريا تسير تقريبا على نفس النسق وربما نتذكر التقارير التي أشارت إلى قيام الولايات المتحدة بدعم ليس فقط ما يسمى بـ "المعارضة المعتدلة"، بل وفتح قنوات مع التيارات والقوى الدينية اليمينية المتطرفة التي تحمل السلاح في سوريا وغيرها من الدول الأخرى غير أن الخطير هنا هو أن كل المؤشرات تشير إلى إصرار واشنطن على إبقاء الأوضاع كما هي عليه بالنسبة لتنظيم "داعش" الإرهابي على الرغم من اعترافها وتاكيدها بأن هذا التنظيم إرهابي. بمعنى أن واشنطن وحلفاءها يوزعون الأدوار في التعامل مع "المعارضة المعتدلة" و"جبهة النصرة" و"داعش" ومن حيث المبدأ لا تمانع الولايات المتحدة ودول كثيرة أوروبية وعربية أن تنشأ دولة ما لهذه "التشكيلات" التي باتت تحتاج إلى تعريفات حقيقية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أقر بأن الولايات المتحدة لا تقوم بمواجهة جبهة النصرة وذلك بهدف استخدامها فيما بعد. وحذَّر من "اللعب" مع الإرهاب لأنه غير محمود العواقب. وبالتالي يتضمن كلام لافروف الفكرة الأساسية لما يجري، وللسيناريوهات المقبلة للولايات المتحدة وحلفائها.
المواجهة الحالية في سوريا وحولها يتكرر فيها الكثير من عناصر الحرب الأفغانية ولا شك أننا نرى الآن سيناريو دعم "النصرة" والتنظيمات والجماعات الدينية ليس فقط ضد القوات الحكومية السورية بل وأيضا لتهديد مصالح روسيا، والاعتداء على قواتها الموجودة في سوريا وهذا تقريبا ما حدث في نهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي عندما بدأت حرب "الجهاد المقدس ضد الكفار والملحدين السوفيت" بدعم مباشر وواسع النطاق من جانب الغرب والدول العربية والإسلامية للتنظيمات الدينية المتطرفة ضد الاتحاد السوفيتي. ومن الواضح أن المسألة تتكرر الآن في سوريا مع اختلاف بعض التفاصيل إذ أن الولايات المتحدة وحلفاءها العرب والأوروبيين يحافظون على شعرة معاوية مع "جبهة النصرة" وبقية التنظيمات والمجموعات الدينية اليمينية المتطرفة من جهة، ويدعمون المعارضة المسلحة والجيش السوري الحر بشكل مباشر وواسع النطاق.
على الجانب الآخر تواصل الولايات المتحدة الحشد الدولي والإقليمي لمواجهة روسيا في سوريا وعلى الرغم من التوقعات الكثيرة بإمكانية وقوع احتكاكات مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا إلا أن الوقت لا يزال مبكرا على وقوع ذلك. وقد يحدث بطرق مختلفة من بينها السيناريو الأفغاني بعد أن اجتمعت 5 دول كبرى في وزارة الخارجية الألمانية يوم 5 أكتوبر الحالي لصياغة "شروطها" من أجل ما أسمته بالتعاون مع روسيا في سوريا وفي الحقيقة لا يوجد أي تعاون لأن وزير الخارجية الفرنسي جاء إلى موسكو في اليوم التالي لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي ولكن لا نتائج وبعدها بيومين تأكدت كل التوقعات عندما صممت فرنسا على طرح مشروعها بشأن سوريا على الرغم من أن موسكو دعت باريس بأن تأخذ الملاحظات الروسية على هذا المشروع بعين الاعتبار.
إن روسيا تكثِّف من وجودها ونشر قواتها في سوريا، بينما تتواجد قوات التحالف الأمريكي في المنطقة بقوة، سواء في تركيا الأطلسية أو في العراق أو في القواعد الأمريكية في الخليج هذا إضافة إلى تواجد القوات التركية في كل من سوريا والعراق. وهناك أيضا محاولات أمريكية لترطيب الأجواء في أفغانستان بين الحكومة وطالبان، وضغوط أمريكية على دول إقليمية من أجل إجبارها ربما على ممارسة نفس أدوارها في حرب أفغانستان ومع التحولات والتطورات الأخيرة وبعد تعرض السفارة الروسية في دمشق للقصف، والمروحية الروسية أيضا للإسقاط، والدعم الغربي – الإقليمي للمعارضة، والحفاظ على شعرة معاوية مع التنظيمات الإرهابية، فإن المؤشرات تتجه نحو مواجهات من نوع آخر تذكِّرنا بجانب ملموس للحرب في أفغانستان في ثمانينيات القرن العشرين فهل فعلا يمكن أن تكون النصرة وداعش معادلا تاريخيا لطالبان والقاعدة؟ وهل يمكن أن ينجر بعض الدول الإقليمية إلى نفس اللعبة الأفغانية السابقة، ثم ينقلب السحر على الساحر، لتتكرر مآسي مشابهة لمأساة 11 سبتمبر/ أيلول 2001؟!
شفقنا
المزيد في هذا القسم:
- فلسطين : شهيدان في رام الله وإسرائيل تخشى الضفة! المرصاد نت - متابعات بينما أفاقت الضفة على خبر استشهاد شابين في حادث لم تُعرف تفاصيله الدقيقة بعد حذّرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حكومتها من «استفزاز ...
- وفد أمني إسرائيلي يزور السعودية والإمارات وقطر المرصاد نت - متابعات كشفت مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع لـصحيفة المنار المقدسية أن وفدا أمنيا إسرائيليا على مستوى عال قام في الأسبوع الأول من الشهر الجاري بزي...
- بلومبرغ الامريكية : زعيم طالبان كان يزور بن زايد وملك البحرين سرا بجواز سفر باكستاني المرصاد نت - متابعات كشفت وكالة «بلومبرغ» الأميركية أن زعيم حركة طالبان أفغانستان المقتول الملا اختر منصور أجرى على مدار السنوات العشر الماضية ...
- موقع أوروبي: رؤية 2030 مجرد سراب والوضع الاقتصادي قد يعجل بالفوضى في السعودية المرصاد نت - متابعات ذكر موقع أوروبي أن الوضع في السعودية سيتغير في الأشهر أو في السنوات المقبلة وأن العديد من الشركات في جميع أنحاء المملكة أصبحت تناضل من أج...
- سوريا : موسكو تكثّف لقاءاتها في شأن إدلب المرصاد نت - متابعات تشهد القنوات الديبلوماسية الروسية نشاطاً كبيراً ــ كما جرت العادة خلال العامين الأخيرين قبل كل استحقاق هام على الساحة السورية ــ يُترجم ع...
- لماذا يغضب آل سعود من العرب ويبتلعون إهانات واشنطن؟ المرصاد نت - متابعات عجيب أمر هذه الأسرة الحاكمة في الجزيرة العربية تشمر عن ساعديها وتطلق قذائفها وإرهابها الإعلامي والديني تجاه كل ما يمت إلى العروبة والإسلا...
- أنقرة تبدأ تسلّم «إس 400»: سؤال «التموضع» مجدداً ! المرصاد نت - متابعات «أنهينا الأمر» هذا ما قاله الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل شهر من اليوم قاطعاً جدال الأصدقاء والخصوم في مصير صفقة «إس 400 تريومف» الروس...
- «مؤتمر روما» يخفف عجز «الأونروا»... وواشنطن «تبكي» على غزة المرصاد نت - متابعات بينما قدّم مؤتمرٌ للمانحين عُقد في روما 100 مليون دولار من أصل عجز قدره 446 مليوناً تعاني منه «الأونروا» كانت واشنطن تجمع عشر...
- الجيش السوري يتقدم في الغوطة الشرقية ويحبط محاولات تسلل في القلمون افاد مصادر ميدانية سوريا للمنار ان الجيش السوري يحبط محاولة تسلل مسلحين لمنطقة وادي الصهريج في جرود عسال الورد بالقلمون ويوقع اصابات في صفوفهم. وفي الغوطة الشر...
- حرب لبنان الثالثة ..28 يوما كحد أقصى المرصاد نت - متابعات أعلن محلل الشؤون العسكرية في “القناة الأولى” اليران طال ان “الجيش “الإسرائيلي” يعمل على تقليص أيام الحرب (ا...