إنهيار العولمة والرأسمالية في عام 2016

المرصاد نت - الوقت

تواجه العولمة عوائق عديدة وضعها أمامها النظام الرأسمالي ولم يعد أي منهما قادرا على إزالة هذه العوائق التي أخذت تتسبب بتصدعات وانفلات اقتصادي في النظام المالي العالمي.

وفي هذا الصدد كتب المفكر والناشط السياسي النرويجي، بول ستيغان مقالا تطرق فيه الى أفول نجم الامبراطورية الأمريكية حيث رأى أن عام 20165 يجب أن يُسمى بعام سقوط العولمة وهوية النظام الرأسمالي وكتب ستيغان: عادة ما يصعب التنبؤ بالمنعطفات التاريخية وغالبا ما نعجز عن رؤية هذه المنعطفات عند مراجعة أنفسنا مرة أخرى، رغم ذلك أستطيع ان أقول موقناً إن عام 2016 كان عام سقوط العولمة وانهيارها.

ويتابع: إن العوملة ليست مجرد مسار سياسي وحسب بل هي بالدرجة الاولى هوية النظام الرأسمالي الحالي إنها ظاهرة عالمية حيث تفتح الشركات متعددة الجنسيات العالم والبلدان بينما يسحق المواطنون تحت عجلاتها.

وفي جانب آخر من مقاله كتب: أثبت التاريخ أن القمع الطبقي يؤدي الى زيادة التحديات بين الطبقات فيما أن الرأسمالية ليست بالمسار الثابت نحو الازدهار، فبينما يعلو نجم بعض البلدان الرأسمالية تنهار بلدان رأسمالية أخرى وقد أدت التجاذبات بين هذه البلدان الى حربين عالميتين حتى الآن.

وراى الكاتب أن أمريکا كانت القوة العالمية الوحيدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وحاولت استغلال هذا الموقف للتغلب على القوى العالمية الأخرى وتم لها ذلك عن طريق عقد الاتفاقيات التجارية غير المتقارنة والتي تصب بصالح الرأسماليين الأمريكان وتم لها ذلك عن طريق الحروب الانقلابات العسكرية الاغتيالات التهديدات وتقديم الهدايا غير الشرعية واستخدمت امريكا الدولار الذي تم تسعيره بما يفوق سعره الحقيقي لتحارب به الدول الأخرى.

أما الصين فإنها ومن دون أن تفعل الكثير في هذا المجال استطاعت أن تركب موجة العولمة وتحولت الى مصنع عالمي وقامت بتطوير منظم للبنى التحتية ومراكز الدراسات والعلوم التقنية وقد حققت الصين جزءا من هذا بالاعتماد على الاستثمارات الأمريكية الكبيرة في الصين ويعود جزء كبير من العلاقات الأمريكية الصينية الى حاجة امريكا للسلع الصينية الرخيصة ولكن هذا المسار الاقتصادي أدى الى تعزيز موقع الصين على حساب أمريكا.

سقوط الاتحاد الأوروبي

في عام 2015 وضع خمسة من قادة دول الاتحاد الاوروبي خطة لإلغاء الديمقراطية المالية في البلدان الأعضاء حتى عام 2050. وإذا تمكن هؤلاء من متابعة خطتهم فإن البرلمانات الأوروبية لن تكون قادرة على اتخاذ القرارات بشأن الموازنات الوطنية. وهؤلاء الخمسة هم رئيس اللجنة الأوروبية، رئيس اجتماعات الاتحاد الأوروبي، رئيس المجموعة الأوروبية، رئيس البنك المركزي الأوروبي ورئيس البرلمان الأوروبي، ولا يملك أي من هؤلاء قاعدة ديمقراطية داعمة، بل اعتادوا على اصدار التوجيهات والأوامر وأن يطاعوا من قبل 500 مليون شخص.

ومن دون شك بعد 18 شهرا لن يتبقى أي أثر للاتحاد الأوروبي، ولن يكون الاتحاد الاوروبي كما عرفناه والإتحاد الأوروبي لن يكون فيه تقارب دائم بل تزايد دائم.

حروب بالوكالة

شنت امريكا الغرب تركيا والديكتاتوريات النفطية حربا على سوريا باستخدام جهاديين مرتزقة (دور النرويج في هذه الحرب هو تأمين قسط من الموازنة غير العسكرية والمساهمة في الحرب الاقتصادية على سوريا) واقتربت هذه الحرب من النصر في عام 2015 ولكن يبدو الآن أن الجهاديين والغرب يخسرون المعركة ويعد هذا تراجعا كبيرا لأرباب الحرب ويعكس أهمية الاوضاع الداخلية في السياسات الخارجية.

ومنذ صيف عام 2014 حاول المحافظون الجدد في أمريكا اشعال حرب في أوكرانيا وقاموا بانقلاب في كييف خلال فبراير عام 2014 مقدمين للشعب الأوكراني وعودا بالثروة والرفاه ولكن ما حصلوا عليه كان الفقر والفاشية والحرب وافلاس الحكومة وحتى لو لم يجرؤ زعماء الناتو على الاقرار بذلك، إلا أنهم يعلمون أنهم قد هزموا في هذه المعركة. ووقع عبء هذه الحرب وتكاليفها على دافعي الضرائب في أوروبا (والنرويج).

ونصح دينج شياو بينج زعماء بلاده أن يعملوا في المجال الدولي بالخفاء او أن يبتعدوا عن الاضواء غير المرغوب بها. وقد عملوا بذلك، فحقق الاقتصاد الصيني اكبر نمو على مستوى العالم في الأعوام الجارية ويبدو أن الصين تعيد تأسيس طريق الحرير من جديد وقد استثمرت مئات ميارات الدولارات في هذا المجال وإذا لم تحصل حرب كبيرة فإن الاقتصاد الصيني سيتفوق على نظيره الأمريكي في السنوات المقبلة.

وقبل فصل تدوين الاحداث يمكننا وصف عام 2016 بالعام الحاسم، نحن نعلم الآن أن هذا العام سيدخل التاريخ ولكنه سيبقى مجهولا، لقد دخلت الولايات المتحدة الامريكية ومنذ مدة طويلة في حرب غير مباشرة ضد "حلفائها" والآن من الممكن أن تطفو هذه الخلافات الى السطح وتصبح واضحة للعيان. وقد يصل العالم الى حالة "الجميع ضد الجميع". وفي ظل هذه الأحداث ستنهار الائتلافات القديمة وتتشكل ائتلافات جديدة، ونادرا ما تحدث هذه الأمور عبر المسار السلمي ولكن في أيام الانفلات والفوضى توجد فرص أيضا، وستتاح الفرصة للشعوب المظلومة المناضلة لمواجهة أعدائهم بعد أن يتفرقوا حيث ان هذا أسهل من مواجهتهم متحدين.