تشييع مهيب للجواودة :الشارع الأردني يستنفر ضد نظامه والتطبيع مع تل أبيب!

المرصاد نت - متابعات

مرة أخرى يسقط النظام الأردني في اختبار الثقة شهيد جديد برصاص إسرائيلي دون إثبات أي نية للمطالبة بردّ اعتبار إذ جهد ثلاثة وزراء أمس في تبرير صمت عمان وتخاذلها فيما natanyahoo2017.7.26وارى الأردنيون الثرى جثمان شهيد من أصل اثنين .


مفارقة جديدة تسجلها الصور والمشاهد يوم أمس بين استقبال رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو سفيرته لدى الأردن عينات شلاين، العائدة أول من أمس وطاقم سفارتها من العاصمة الأردنية ومعها موظف الأمن الذي أطلق الرصاص على مواطنين أردنيين فقتلهما وبين جنازة جماهيرية حاشدة في عمّان خلت من أي ممثلين عن الحكومة.

وشيّع عدد كبير من الأردنيين بعد صلاة الظهر جثمان الشهيد محمد زكريا الجواودة (17 عاماً) إلى مقبرة أم الحيران جنوبي عمان وذلك بعدما توصلت عائلة الجواودة إلى اتفاق مع الحكومة يقضي بملاحقة الجاني عبر القنوات القضائية الرسمية فيما كانت الهتافات التي علت أثناء الجنازة تطالب بإسقاط اتفاق وادي عربة وإغلاق السفارة الإسرائيلية وهي دون سقف الواقع الرسمي كما يرى كثيرون هنا.
والجواودة أحد الشهيدين اللذين قضيا بنيران الحارس الإسرائيلي في مبنى سكني تابع لسفارة تل أبيب يوم الأحد الماضي، في حين أنه لا تفاصيل واضحة عن تشييع جثمان الشهيد الثاني، الطبيب بشار الحمارنة، وسبب تأخر ذلك.
في السياق نفسه ساد الغضب جلسة مجلس النواب الصباحية أمس بعدما قدم وزير الداخلية غالب الزعبي تقريره عن الحادثة وهو ما أثار استياء عدد من النواب الذين غادروا الجلسة فيما قرر رئيس المجلس عاطف الطراونة رفع الجلسة. وفي بيان صادر باسمه قال الطراونة: «الموقف الحكومي لم يكن بمستوى خطورة الحدث وتأثيراته الكبيرة فكان متأخراً على نحو غير مبرر أو مفهوم ما ترك الباب مفتوحاً أمام التأويل والأقاويل الأمر الذي أسهم في توتر الرأي العام وترك الشارع رهيناً للإشاعة والمعلومة المغلوطة».

وشكلت حادثة السفارة الإسرائيلية سخطٍ شعبي أردني حول التعاطي الرسمي مع مقتل أردنيين على يد حارس أمن سفارة الكيان الإسرائيلي. وهو ما لحقه العديد من نتاج وصولاً الى المطالبة بإلغاء اتفاقية وادي عربة. وهنا فإن توقيت الحدث وكونه يتزامن مع حادثة المسجد الأقصى أدت الحادثة الى توتر شعبي داخلي بين السلطة والشارع الأردني والذي عبَّر عن رفضه سياسات الأردن الرسمية في التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ونسج التحالفات على حساب الحقوق السيادية. فماذا في قصة السفارة الإسرائيلية؟ وكيف تدخل الكيان الإسرائليي لسحب الحارس؟ وما كانت ردة الفعل الأردنية الشعبية؟ وما هي دلالات ذلك؟

القصة كما بدأت

منذ وقوع حادثة السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية عمان، والتي أدت إلى مقتل أردنيين وإصابة إسرائيلي، بادرت تل أبيب بممارسة جميع الضغوط على الأردن، لمنع محاكمة حارس أمن السفارة الإسرائيلية المتورط في إطلاق النار على الأردنيين. خصوصاً بعد أن وردت أنباء ذكرها الإعلام حول وجود رغبة أردنية باستجواب مطلق النار.

الكيان الإسرائيلي تدخَّل!

أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن حارس أمن إسرائيلي في سفارة الكيان بالعاصمة الأردنية عُمان، قَتل بالرصاص أردنياً هاجمه بمفك براغي في مجمع السفارة. كما توفي أردني ثانٍ تصادف وجوده في موقع الحادثة. وأضاف البيان أن بنيامين نتنياهو تحدث إلى حارس الأمن وإلى السفيرة الإسرائيلية في الأردن "عينات شلاين" حيث تم التأكيد على أن الحارس لديه حصانة دبلوماسية من الإستجواب والمحاكمة بموجب اتفاقية فيينا.

ردة الفعل الأردنية الشعبيةgordan2017.7.26

أثارت مسألة إفلات الحارس الإسرائيلي من العقاب قلق العديد من الأدرنيين الذين طالبوا بالتحقيق مع حارس السفارة ومحاكمته. فما كان من الحكومة الأردنية إلا أن اتخذت طابع تحقيق صوري لتهدئة الغضب الشعبي وحفظ ماء الوجه للقيادة الأردنية حيث خرج الأمن العام الأردني ليعلن الإثنين، انتهاء التحقيقات الأولية في حادثة السفارة بعد سماع أقوال الحارس والأمر الآن بيد القضاء. لكن ما زاد السخط الشعبي هو تبرير الجريمة عبر اعتبار أنها نتجت عن تهجم نجل صاحب محل أثاث على الموظف الإسرائيلي. الأمر الذي نتج عنه سماح عمّان لحارس السفارة الإسرائيلية بالمغادرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد ذلك. وطالب  الشارع الأردني لإغلاق السفارة الإسرائيلية وطرد سفيرها من البلاد.

الدلالات والتحليل

يمكن الخروج بما يلي فيما يخص التحليل والدلالات:

أولاً: على الرغم من عمق العلاقات بين الكيان الإسرائيلي والأردن، فإن الحادث أدى الى توتر داخلي أردني، حيث أصاب القرار الأردني بالتخلي عن التحقيق مع الحارس والتحفظ عليه خذلان الشعب الأردني، حيث اعتبر الشعب الأردني أن الدولة ارتهنت للكيان الصهيوني كعادتها.

ثانياً: أثبتت الدولة الأردنية أنها عاجزة عن حماية شعبها. كما اعتبر الأردنيون أن الدولة لم تحترم القانون الأردني والسيادة الأردنية خصوصاً في قضية تتعلق بالمواثيق والعهود الدولية.

ثالثاً: فجرت حالة الغضب الشعبي المكالمة الهاتفية التي دارت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي وسفيرة كيان الاحتلال الإسرائيلي في الأردن، والتي عادت مع طاقم السفارة إلى تل أبيب، ومن بينهم رجل الأمن الإسرائيلي المتورط في عملية القتل الأمر الذي اعتبره الأردنيون استفزازاً متعمداً لهم في الوقت الذي يسعو فيه لمحاسبة رجل الأمن الإسرائيلي.

رابعاً: أكدت حالة السخط الشعبي وجود تناقض بين خيارات الشعب الأردني وخيارات النظام. وهو ما عبَّر عنه الشارع الأردني مراراً لا سيما اتفاقيات الغاو الأخيرة، والتي جاءت كمثال لحجم الرفض الأردني للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

خامساً: أعادت الحادثة التذكير بعدم جدوى اتفاقية سلام "وادي عربة" والتي وقعها الطرفين، والتي تضمنت بنود تعاون اقتصادية وثقافية بين البلدين. حيث اعتبرت قوى المعارضة الأردنية أن هذا االتطبيع الذي تمارسه الدولة الأردنية لا جدوى له، وأثبت أنه لا يحفظ ولا يصون سيادة وحرية واستقلال الأردن.

إذن لا يختلف خيار الشعب الأردني عن خيار الشعوب العربية والإسلامية. في حين يسير الأردن رسمياً على خطىً لم تعد محط قبول الشعب الأردني الذي باتت أطياف المعارضة فيه فعَّالة لا سيما في القضايا التي تخالف أسس الصراع العربي الإسرائيلي. لنقول أن خيارات النظام، لا تتوافق خيارات الشعب، الذي بات يعتبر تغيير هذه التوجهات الرسمية، أحد أهم تحدياته الأساسية.!

الفلسطينيون يرفضون الاتفاق الأردني ــ الإسرائيلي حول الأقصى

اتفقت عمّان وتل أبيب بعد استشهاد أردنيين بنيران حارس إسرائيلي على إزالة الأبواب الإلكترونية من محيط الأقصى والاستعاضة عنها بكاميرات حرارية. الاتفاقية أعطت بنيامين نتنياهو مخرجاً للرجوع عن إجراءاته وسمحت للملك الاردني بالظهور كمدافع عن المقدسات لكن الفلسطينيين رفضوا الاتفاق

تراجعت إسرائيل عن فرض إرادتها على الفلسطينيين في محيط المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة إذ جاء قرار إزالة البوابات الإلكترونية نتيجة فشل الرهان على تطويع الجمهور الفلسطيني ودفعه إلى التكيف مع الإجراءات الجديدة بعد «عملية الأقصى» التي أدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين منتصف الشهر الجاري.

ولمست القيادة الإسرائيلية إصراراً فلسطينياً لم يكن بالإمكان مواجهته أو احتواؤه بل أكد لها أنه متواصل بما ينبئ بإمكان اندلاع انتفاضة جديدة قد لا تقوى تل أبيب على تحمل تبعاتها.
وكانت واضحة إرادة التسويف لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وانتظاره مرور يوم الجمعة الماضي وصَلاتها مراهناً على إمكان تقلص الحراك الشعبي في أعقاب ذلك، ثم إعادة الأمل بإمكان استئناف التمسك بالموقف والإبقاء على البوابات الإلكترونية، التي باتت عنوان انكسار إسرائيل أو انتصارها على الفلسطينيين.
مأزق نتنياهو، وإمكان التصعيد، كما حذرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ومن بينها «الشاباك» و«الاستخبارات العسكرية» في الجيش، دفع نتنياهو إلى البحث عن مخارج بلا طائل. لكن حادثة السفارة الإسرائيلية لدى عمان، وإرادة الخروج الثنائي الإسرائيلي ــ الأردني من المأزق بعد تململ الشارع الأردني وردّ فعله الشاجب على إطلاق حارس إسرائيلي النار على أردنيين وقتلهما أوجد لنتنياهو مخرجاً لمأزق الأقصى، عنوانه تلبية طلب المملكة الأردنية، عبر التوصل إلى تسوية مزدوجة (أقرّ بها ابتداءً ثم نفتها مصادر مقربة منه) لملف السفارة وقتل الأردنيين وكذلك ملف الأقصى، وهي إطلاق سراح القاتل مقابل فكّ البوابات الإلكترونية.
رواية نتنياهو لم تلق رواجاً في إسرائيل وتعرّض في أعقابها لانتقادات حادة ليس على أصل المقاربة الإسرائيلية وتركيب البوابات التي وصفتها بالساذجة بل أيضاً لرواية التسوية مع الأردنيين صحيفة «يديعوت أحرونوت» التي هاجمت نتنياهو ووزراءه أشارت إلى أن أزمة السفارة في عمان وفّرت لنتنياهو مخرجاً عن الشجرة التي تسلقها وكذلك من مأزق «غباء تنصيب البوابات الإلكترونية»، مشيرة إلى أنه (نتنياهو) «زرع ريحاً وحصد عاصفة».

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية