المرصاد نت - متابعات
حظى إنجاز الجيش العربي السوري وحلفائه في فك حصار دير الزور بأهمية استثنائية لأسباب تتجاوز فك الحصار في حدّ ذاته وترتبط بمعطيات يتداخل فيها العسكري بالسياسي.
في أرض المعركة يُنتظر أن يفضي نجاح الجيش إلى استقطاب قوى عشائريّة جديدة، كما إلى الإفادة من القوّات الخارجة من الحصار في مراحل العمليات التالية. أما في المشهد العام، فيبدو إنجاز دير الزور بمثابة «بيضة» تضاف إلى كفة دمشق في رهانات الفصول الحاسمة من معركة «سوريا الموحّدة»
معركة فك حصار مدينة دير الزور ليست أوّل معركة تتطابق فيها النتائج الميدانية مع الخطط المرسومة سلفاً، لكنّها الأسرع. كثيرة هي المعارك التي خاضها الجيش وحلفاؤه في سبيل تحصيل هدفٍ استراتيجي واستدعت مراجعة حسابات وتعديل خطط وتغيير مسارات، قبل أن تفضي إلى الخواتيم المنشودة.
معركة «طوق حلب» واحدة من أشهر الأمثلة في هذا السياق، تماثلها في ذلك معارك فك حصار نبل والزهراء، وفك حصار مطار كويرس العسكري، وسجن حلب المركزي، وغيرها. وفي كل الأمثلة المذكورة شهدت مؤشرات العمليات العسكرية صعوداً لمصلحة الجيش حيناً، وهبوطاً معاكساً حيناً آخر، وصولاً إلى النهاية المتوخّاة. أما معركة دير الزور، فقد حقّقت تطابقاً فريداً بين الخطط النظرية والتنفيذ العملي، وهذا ما تمكن تسميته ببساطة «إنجازاً» في حسابات العسكرة كما في حسابات السياسة. وباستثناء التعديل الذي أرجأ استخلاص معدان الاستراتيجية ومحيطها في ريف الرقة الجنوبي الشرقي إلى مرحلة تالية، يمكن القول إن المعارك سارت بدقّة فريدة من ألفها إلى يائها. ورغم أن التوجه نحو دير الزور حضر كثيراً في حسابات المخططين العسكريين، كما في وسائل الإعلام، غير أنّ الساعة الصفر لم تكن قد دقّت فعليّاً حتى مطلع آب الماضي
. وتكفي مقارنة خرائط السيطرة بين آب وأيلول للوقوف على حجم الإنجاز الذي تحقق، وهو علاوة على ما تقدّم، غير مسبوق في سياق معارك تقويض نفوذ «داعش» في سوريا. وستكون المقارنة بين معركة الرقة ومعركة فك حصر دير الزور كفيلة بتوضيح الصورة أكثر. ورغم أن القتال في معركة الرقة يدور داخل مدينة (ما يجعله أصعب من القتال في مساحات مفتوحة)، غير أن تباين حجم الإنجاز بين المعركتين يبدو هائلاً بحساب الزمن (مضت قرابة ثلاثة أشهر على بدء معركة مدينة الرقة، في مقابل شهر استغرقته معركة فك حصار دير الزور).
وثمة تفصيل بالغ الأهميّة يجب أخذه بالاعتبار لدى الحديث عن أسباب نجاح معركة «الدير»، وهو إرجاء المعركة إلى ما بعد فتح «قوات سوريا الديمقراطية» ذراع «التحالف» البرية معركة مدينة الرقة وما ضمنه ذلك من تشتيتٍ لقوى التنظيم المتطرّف. ويقول مصدر عسكري سوري إنّ «ما يسمى التحالف لم يكن ليقدم على مهاجمة التنظيم في الرقة لو فتحنا معركة دير الزور في وقت سابق». ويؤكد المصدر أنّ «فك الحصار ليس سوى خطوة في مسار لن يتوقّف قبل وصول قواتنا إلى آخر نقطة حدوديّة»، مشيراً إلى «دور مؤثر سيلعبه بواسلنا المتمركزون أصلاً في دير الزور، وزخم إضافي ستقدمه خبرتهم الكبيرة في مجابهة التنظيم الإرهابي». ولا يمكن فصل معركة «عروس الفرات» عن سياق أشمل يتمثّل في معارك البادية التي انطلقت في حزيران الماضي لتكون بمثابة تمهيد حتمي لمعارك الشرق
ويبدو تكامل المعركتين أشبه بمرآة تعكس موازين القوى في الميدان، كذلك يقدّم في الوقت ذاته معطيات سياسية شديدة الأهميّة في ما يتصل بمواقف اللاعبين المؤثرين في المشهد السوري. ولا يمكن القفز فوق التسليم الأميركي على وجه الخصوص في شأن معركة دير الزور، وسواء كان هذا التسليم نابعاً من توافقات خفية بين موسكو وواشنطن أو من انعدام وسائل التأثير في المعركة أو عرقلتها في ظل عدم وجود «شريك» قوي على الأرض من بين المجموعات المسلحة. ويجدر التذكير بأن التسليم الأميركي هو سلوكٌ مستجد إذا ما قورن بقصف طيران «التحالف الدولي» مواقع الجيش السوري في جبل ثردة قبل عام، ما هدّد وقتها بقلب الموازين جذريّاً وتمكين «داعش» من محافظة دير الزور بأكملها. إلا أنّ إحجام واشنطن عن محاولة عرقلة فك الحصار لا يعني بالضرورة وقوفها موقف المتفرج في كل المراحل القادمة من معارك المحافظة، ولا سيّما ريفها الشرقي. وحتى الآن تخلو مناطق «شرق الفرات» من أي حضور للجيش السوري، الأمر الذي ينطبق إلى حد كبير على مناطق «شمال الفرات» التي يقتصر حضور الجيش فيها على نقاط سيطرة تتداخل مع سيطرة «قسد» في الحسكة والقامشلي. ويمكن النظر إلى «شرق الفرات» بوصفه التحدي الأبرز في حسابات الجيش السوري المقبلة، والمقياس الحقيقي للموقف الأميركي. ومن المرجّح أن يركز الجيش وحلفاؤه في المدى المنظور على استكمال بسط السيطرة وتثبيتها في دير الزور المدينة ومحيطها الغربي والجنوبي، ولا سيما جبل ثردة وتلّي ثردة وكروم، علاوة على استدراك السيطرة على نقاط التفّ عليها بين الشولا وكباجب بغية تثبيت السيطرة وتأمين محيطهما بالكامل. كذلك، تحظى الآبار النفطية بأولوية دمشق وحلفائها، مثل حقول التيم والشولا والمزرعة. في الوقت نفسه، يحتفظ الجيش وحلفاؤه بفرص تحريك جبهات أخرى تمرّ بمرحلة «ستاتيكو» مؤقتة، ولا سيما أقصى ريف دير الزور الجنوبي الغربي (انطلاقاً من الدويخيلة نحو مطار T2 وسد معيزيلة). ويبدو تحريك الجيش للعمليات على هذا المحور من جديد أشبه بتحدٍّ جديد لواشنطن التي تولي أهمية خاصة لمدينة البوكمال الحدودية >
صهيب عنجريني - الأخبار
المزيد في هذا القسم:
- الخارجية الكازاخستانية .. تأجيل اجتماع أستانا إلى ظهر الخميس المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الخارجية الكازاخستانية اليوم الأربعاء تأجيل موعد انطلاق الجولة الثانية من اجتماع أستانا بشأن تسوية الأزمة في سوريا إلى يوم غد...
- استئناف الحرب التجارية عبر الأطلسي: واشنطن تبتزّ حلفاءها! المرصاد نت - متابعات بقرارها السماح لواشنطن فرض رسوم جمركية على سلع أوروبية بقيمة 7.5 مليارات دولار رداً على دعم الاتحاد الأوروبي شركة «إيرباص» تكون «منظمة ال...
- التحالف الدولي يقر: قتلنا 1300 مدني في سوريا والعراق بـ "الخطأ"! المرصاد نت - متابعات أقرّ التحالف الدولي بقيادة واشنطن بمقتل أكثر من 1300 مدني في سوريا والعراق عن طريق الخطأ في غارات نفّذها من عام 2014 وحتى العام الحالي. ...
- اعتقال 600 فلسطيني خلال شهر وليبرمان وزيراً للحرب المرصاد نت - متابعات اعتقلت قوات الاحتلال الاسرائيلي اكثر من 20 فلسطينياً وذكرت مراكز حقوق الانسان ان الاحتلال اعتقل خلال الشهر الحالي اكثر من 600 فلسطيني....
- برلين تُشيد جدارا عازلا للإنسانية في ميونيخ المرصاد نت - متابعات في بلد اشتهر ببناء جدران الفصل بين الانسان وأخيه الانسان لدواع إما عنصرية أو دينية ليس غريباً أن نرى الحكومة الألمانية تقرّر بناء جدار "ع...
- مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لبحث تطورات قضية الجولان السوري المحتل! المرصاد نت - متابعات يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة مساء اليوم الأربعاء لبحث الوضع في المنطقة بما فيها قضية الجولان السوري المحتل. وأعلن رئيس مجلس الأمن ا...
- عام ترامبي .. ساخن أم ساخر؟ المرصاد نت - متابعات بالتزامن مع مرور عام على انتخاب دونالد ترامب لمنصب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الامريكية بعد فوزه على مرشحة الحزب الديمقراطي...
- سجون السلطة الفلسطينية: نسخةٌ من التعذيب الإسرائيلي ! المرصاد نت - متابعات لم تشفع الجنسيتان الأميركية والبنمية لسهى جبارة عند السلطة الفلسطينية التي اعتقلتها من بلدتها ترمسعيا شمال رام الله (وسط الضفة المحتلة) ف...
- افتتاح «القائم ــ البوكمال»: انتصارٌ لبغداد ودمشق! المرصاد نت - متابعات بعد أكثر من خمس سنواتٍ على إغلاقه، أُعيد افتتاح معبر القائم ــــ البوكمال الحدودي بين العراق وسوريا. سنوات الحرب ضد تنظيم «داعش» أجبرت كُ...
- الجيش العربي السوري يتقدم نحو مطار الطبقة بالرقة ويقطع طرق إمداد داعش المرصاد نت - متابعات تواصل وحدات الجيش العربي السوري عملياتها العسكرية باتجاه مدينة الطبقة في ريف الرقة الجنوبي الغربي حيث أعلنت إحراز تقدّمٍ بعمق 12 ...