المرصاد نت - متابعات
لم تمضِ ساعات قليلة على توقيع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز صفقة "اس-400" من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتّى أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن وزارة الخارجية وافقت على صفقة محتملة قيمتها 15 مليار دولار لبيع نظام ثاد الدفاعي المضاد للصواريخ للسعودية.
ورغم أنّ الصفقة الروسيّة - السعوديّة أثارت خشية أمريكية غير مسبوقة عبّرت عنها وزارة الدفاع في بيان لها، حيث قالت المتحدثة باسم "البنتاغون": "نشعر بقلق من شراء بعض حلفائنا منظومة إس 400 لأننا شددنا مرارا على أهمية الحفاظ على التطابق العملياتي لأنظمة الحلفاء مع أنظمة الأسلحة الأمريكية إلا أن الوزارة نفسها سارعت لتدارك الأمر عبر بيان آخر تحدّث فيه عن موافقة الخارجيّة على بيع نظام ثاد الدفاعي.
بصرف النظر عن الفروقات التقنية بين منظومتي "اس-400" الروسية و"ثاد" الأمريكية أو مدّة التسليم التي قد تطول كثيراً والأهداف السعوديّة من ابرام هذه الصفقة إلا أنّ هذه القضيّة وما أحاط بها من تطوّرات تستدعي الإشارة إلى جملة من النقاط:
أولاً: تأتي الصفقة السعوديّة بعد أقلّ من أسبوع على تأكيدات روسيّة حول تسديد تركيا قيمة صواريخ "إس-400" الروسية للدفاع الجوي الأمر الذي يشكّل اختراقاً روسيّاً واضحاً لدائرة النفوذ العسكري الأمريكي. في الحقيقة، تشكّل الصفقة نجاحاً للسعودية التي لجأت إلى روسيا بعد مماطلة أمريكية حيال طلب تقدّمت به الرياض لشراء منظومة ثاد الدفاعيّة، الأمر الذي يعزّز أوراق السعوديّة في التعاطي مع واشنطن. لطالما أخطأت السعوديّة في وضعها لكل البيض في السلّة الأمريكية، فزيارة الملك سلمان إلى موسكو أنتجت صفقتين لأحدث منظومات الدفاع الجوّي في العالم. هذا الأسلوب الذي يتوجّب على السعوديّة اتباعه مع واشنطن، بصرف النظر عن موقفنا السياسي منها. إن توجه كل من تركيا والسعودية نحو التعاون العسكري التقني مع روسيا يعكس سعيهما إلى تنويع علاقاتهما الخارجية والحصول على أوراق قوية في العلاقات مع أمريكا وفق المحلل السياسي والعسكري ورئيس قسم العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة "بليخانوف" الاقتصادية الروسية أندريه كوشكين.
ثانياً: إن هذه الصفقة تفضح السياسة الأمريكية تجاه حلفائها، فلماذا كانت منظومة ثاد محرّمة على السعودية في الصفقة الكبرى التي أبرمت بين البلدين بأكثر من 100 مليار دولار أثناء زيارة ترامب إلى السعوديّة؟ ولماذا وافقت عليها الخارجيّة بعد يوم واحد فقط من ابرام الصفقة الروسيّة؟ لم تكتف وزارة الدفاع بالموافقة فقط بل اعتبرت في بيانها أن "هذا البيع يدعم الأمن القومي الأمريكي ومصالح السياسة الخارجية من خلال دعم أمن بلد صديق ويدعم الأمن طويل الأمد للمملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج في مواجهة إيران والتهديدات الإقليمية الأخرى" بعد أن كانت قبل ساعات من الصفقة تهدّد الأمن القومي الأمريكي هناك تخوّف أمريكي واضح من توسع الصادرات العسكرية الروسية لحلفائها، الأمر الذي قد ينكس سلباً على علاقاتها العسكريّة والاقتصاديّة مع الحلفاء من ناحيّة ويحدّ ممن الصفقات العسكريّة التي تقدّر بمئات المليارات من ناحية أخرى.
ثالثاً: بناءً على النقطة السابقة، يبدو واضحاً كيف زجّت واشنطن باسم ايران في بيانها رغم أنّها لم تكن موافقة على الصفقة قبل الصفقة الروسيّة-السعودية فهل يعني أنّ ايران لم تكن تهديداً قبل الصفقة السعوديّة الروسيّة وغدت تهديداً بعده؟ لو صحّت المزاعم الأمريكية لكانت واشنطن وافقت على الصفقة منذ أشهر بل سنوات. في الحقيقة يرسّخ البيان الأمريكي حقيقة استخدام أمريكا لسياسية ايران فوبيا بغية ابرام المزيد من الصفقات العسكرية التي تدرّ على شركات السلاح الأمريكية مئات المليات من الدولارات. تكشف نتائج أحدث استطلاع رأي نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وصف بأنه "فريد من نوعه" تكشف فشل الدعاية السعودية بالترويج لايران على أنها عدو للمجتمع السعودي.
رابعاً: حقيقة أخرى يرسّخها بيان وزارة الدفاع الأمريكية وهي طبيعة النظام الأمريكي النفعي ففي حين كانت تعترض بعض أروقة الحكم الأمريكي على بيع بعض الأسلحة لأسباب تتعلّق بالأمن القومي الأمريكي إلا أنه عندما وصل الأمري إلى اختراق دائرة النفوذ الأمريكي الاقتصادية، ارتفع عائق "الأمن القومي" وسارعت واشنطن خلال ساعات قليلة إلى معالجة الخلاف الذي يبدو أنّه شكلياً والموافقة على صفقة بقيمة 15 مليار دولار أمريكي حاولت واشنطن التذرّع بأسباب تقنيّة تتعلّق بالتطابق العملياتي (لأنظمة الحلفاء) مع أنظمة أسلحة أمريكا في المنطقة إلا أن الساعات التي تلت بيان القلق ورسّخت بيان الصفقة أكّدت الازدواجيّة والنفعيّة الأمريكية.
أرادت السعوديّة من خلال هذا التنوّع التسليحي تعزيز أوراقها إلا أنها قد تتجه نحو حافّة الهاوية الأمريكية نظراً لامتلاك واشنطن من أوراق القوّة ما يكفي لإخضاع الرياض ولكن رغم ذلك لا نستبعد عرقلة أمريكية لاحقة للصفقة السعوديّة الروسيّة بغية عدم فتح باب الصفقات العسكرية الضخمة، خاصّة أن كل من روسيا واالسعوديّة تمتلكان سجلاً حافلاً من فشل المفاوضات على مشاريع كبرى مثل مفاوضات حول صفقات عسكرية بمليارات الدولارات أو تولي روسيا مد سكة حديدية في المملكة ولاسيّما أن المعايير الدقيقة للصفقة ستجري مناقشتها نهاية الشهر الحالي.
المزيد في هذا القسم:
- "إسرائيل" تحترق وتطلب المساعدة من تركيا واليونان وإيطاليا وقبرص المرصاد نت - متابعات اجتاحت موجة واسعة من الحرائق الضخمة "إسرائيل" امس الأربعاء حيث أرغمت تل ابيت على طلب المساعدة من دول تركيا واليونان وقبرص وإيطاليا بتزويد...
- إسرائيل تبحث عن ضمانات روسية... قبل معركة الجنوب المرصاد نت - متابعات تتقاطع المعطيات الميدانية والسياسية حول التسليم بعودة الجيش العربي السوري إلى المنطقة الجنوبية لتبقى النقاشات الدائرة حول المرحلة التالية...
- بعد أزمة الإساءة للنبي محمد.. هل تحتوي الهند غضب العالم الإسلامي؟ المرصاد-متابعات بإجراءات عاجلة سعت الهند لاحتواء موجة غضب في العالم الإسلامي بعد إطلاق مسؤولين في الحزب الحاكم تصريحات مسيئة. وفي رد فعل سريع رحبت دول وازنة ف...
- السر بين بريطانيا والدول الخليجية: من البترو - دولار الى البترو - استرليني! المرصاد نت - متابعات دخلت بريطانيا بوابة الشرق الأوسط من خلال الدول الخليجية بوابة تسعى لندن لجعلها حلفاً يعوِّض عليها خسائر خروجها من الإتحاد الأوروبي في ...
- تل أبيب تدعو رسميا "بن سلمان" لزيارتها بعد مؤامرة ترامب المرصاد نت - متابعات بعد الكشف عن تطبيع غير مسبوق بين الرياض وتل أبيب كشفت جريدة "هآرتس" العبرية اليوم الأربعاء أن وزير الاستخبارات الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" ...
- موسكو: سنسلّم دمشق نظام «إس ـ 300» خلال أسبوعين المرصاد نت - متابعات أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو اليوم أن موسكو ستسلم منظومات الدفاع الجوي «إس-300» إلى سوريا خلال أسبوعين على خلفية سقوط ...
- بين وعدَي بلفور وترامب ... فلسطين عصيّة! المرصاد نت - متابعات ربما لا يعدّ الفلسطينيون سنوات نكبتهم في ظلّ عيشهم إياها واقعاً حاضراً لا مجرد ذكرى لكنهم مضطرون إلى إحصاء ما انتهى إليه واقعهم بعد هذه ا...
- «اتفاق الخرطوم» ينتظر الإعلان: رعاية غربية ترجّح كفة العسكر ! المرصاد نت - متابعات قبل أن تنتهي لجنة فنية مشتركة من قانونيين وبمشاركة أفريقية من صياغة الاتفاق السياسي النهائي بين المجلس العسكري وتحالف قوى «إعلان الحرية وا...
- وبدورها ستعيد بيعها لليمن، الإمارات تستقبل اول شحنة بضائع إسرائيلية المرصاد-متابعات أعترفت الامارات باستقبال أول شحنة بضائع تجارية قادمة من الكيان الصيوني في أول خطوة للتطبيع الاقتصادي بصورة معلنة.وقالت وكالة الأنباء ...
- قراءة في نتائج الانتخابات التشريعية البريطانيّة المرصاد نت - متابعات فوز بنكهة الخسارة. عبارة توصّف واقع المحافظين في بريطانيا الذين يعيشون أجواء من خيبة الأمل بعد نتائج الانتخابات لمجلس العموم. فقد أفضت...