تونس: تصاعد الاحتجاجات يسعّر الجدل السياسي

المرصاد نت - متابعات

تجددت ليل الثلاثاء - الأربعاء الاحتجاجات الشعبية في المدن التونسية مترافقة مع أعمال عنف أدت إلى اعتقال عشرات الأشخاص ومسبّبة احتدام الجدل السياسي بين المعارضةTunias2018.1.11 والائتلاف الحكومي.


وشهدت نحو 20 مدينة فجر الأربعاء، تجمعات رافضة لرفع الأسعار وزيادة الضرائب، تخللتها مواجهات مع عناصر الأمن وهجمات على مقارّ حكومية ومراكز شرطة ومتاجر.

وأعلنت وزارة الداخلية التونسية على لسان الناطق باسمها خليفة الشيباني إصابة 58 عنصراً من الحرس الوطني والشرطة خلال الاحتجاجات وتضرر 57 سيارة إدارية. كذلك أعلن اعتقال 237 شخصاً بتهمة «التخريب والسرقة والاعتداء على ممتلكات خاصة وعامة» موضحاً أن من بين المعتقلين «تكفيريَّين اثنين» تورطا في مهاجمة مركز للشرطة في منطقة نفزة شمالي البلاد الأمر الذي يشي بدخول «جماعات دخيلة» على خط الاحتجاجات بهدف استغلال حالة الفوضى لمصلحتها.

يعزّز الاحتمال المتقدم الاعتداء الذي طاول مدرسة دينية يهودية في جزيرة جربة، والذي رأى فيه المتحدث باسم الجالية اليهودية في جربة، بيريز الطرابلسي محاولة لـ«خلق الفتنة بين المسلمين واليهود» ولم يؤدّ الهجوم الأول من نوعه منذ 16 عاماً الذي استُخدمت فيه القنابل الحارقة إلى وقوع إصابات لكنه سبّب أضراراً مادية طفيفة داخل المدرسة. واتهم الطرابلسي بعض المحتجين بأنهم «يريدون تخريب البلاد»، لافتاً إلى أن «التونسيين الحقيقيين لا يقومون بمثل هذه الأمور أبداً ومن رمى المولوتوف فقد يكون تلقى أوامر من جهات معينة».

وإلى جانب تلك الجهات التي لمّحت إليها الداخلية في إعلانها اعتقال «إرهابيَّين»، تحدثت السلطات عن «عصابات إجرامية تظهر ليلاً للتخريب والسرقة ولا علاقة لها بالاحتجاجات المطالبة بالتشغيل والتنمية» مشيرة إلى أن عناصر هذه العصابات «يستهدفون أعوان الأمن وينهبون المستودعات البلدية والبنوك، ويخربون الموزعات الآلية ويسرقون محتوياتها».

ولم يمنع تحميل «التكفيريين» و«العصابات الإجرامية» مسؤولية «أعمال العنف» من إلقاء التهم على المعارضة ولا سيما أن الأخيرة كانت قد أعلنت اعتزامها توسيع نطاق الاحتجاجات حتى إسقاط قانون المالية.

ووصف رئيس الحكومة يوسف الشاهد «الجبهة الشعبية» المعارِضة بأنها «غير مسؤولة» متهماً إياها بـ«التحريض على الفوضى». وقال الشاهد خلال زيارته بلدة طبربة التي شهدت أعنف المواجهات إن «نواب الجبهة الشعبية يصوتون لقانون المالية ويتظاهرون ضده» مجدداً دعوته المواطنين إلى تقبل «الإصلاحات»؛ لكونها «تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي».

هذه التصريحات استثارت غضب «الجبهة الشعبية» التي اعتبرت أن مواقف الشاهد تعكس «عقلية الهروب إلى الأمام وتزوير الواقع والوقائع» مذكّرة بأنها نبهت إلى أن «هذا القانون سيقود إلى تفجير السلم الاجتماعي».

في المقابل واصل طرفا الائتلاف الحكومي هجومهما على المعارضة متهمَين إياها بـ«توفير الغطاء السياسي لأعمال العنف والتخريب». واعتبرت حركة «النهضة» في بيان أن «بعض الأطراف السياسية تشجع على توسيع أعمال العنف لحسابات انتخابية مبكرة».

مشهد سياسي واقتصادي واجتماعي مضطرب يسم الدولة التي انطلقت منها شرارة «الربيع العربي» وهي تعيش في أجواء الذكرى السابعة لانتفاضة «الحرية والكرامة». ولئن كان شهر كانون الثاني/يناير موعداً سنوياً متجدداً لاضطرابات تتخذ في الأغلب طابعاً اقتصادياً اجتماعياً بالنظر إلى الضائقة التي يعيشها سكان المناطق الداخلية والأرياف في هذا الشهر من كل عام إلا أنه هذه المرة يبدو أكثر خطورة كونه يعقب إقرار «خطوات إصلاحية» يشترطها صندوق النقد الدولي ويتزامن مع اشتداد التجاذبات السياسية بين الحكومة والمعارضة وحتى داخل الائتلاف الحكومي نفسه وذلك على أبواب الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في السادس من أيار/مايو من العام الحالي.

وتحولت الموجة الاحتجاجية الجديدة التي بلغت ذورتها ليل الإثنين ــ الثلاثاء بمقتل متظاهر في منطقة طبربة جنوب العاصمة إلى مادة تراشق حادّ داخل البرلمان وعلى منابر وسائل الإعلام. ووجد نواب المعارضة وخصوصاً منهم ممثلي «الجبهة الشعبية» و«الكتلة الديمقراطية»، في الاحتجاجات فرصة سانحة لتصعيد انتقاداتهم ضد الائتلاف الحكومي إذ اتهموا الأخير بممارسة «سياسة تجويع وتفقير واضطهاد وقهر وذل» داعين إلى التراجع عن «البنود الموجهة ضد الشعب» في «موازنة 2018» التي تم إقرارها في 9 كانون الأول/ديسمبر الماضي والتي تضمنت رفع أسعار البنزين وزيادة الضرائب المفروضة على السيارات والاتصالات الهاتفية والإنترنت والإقامة في الفنادق فضلاً عن خصم ما نسبته 1% من رواتب الموظفين بهدف سد العجز في تمويل الصناديق الاجتماعية.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية