المرصاد نت - متابعات
منذ أسابيع وضعت دمشق بالتعاون مع حلفائها خارطة «جيب إدلب» على الطاولة مثّل تحرير البوكمال وفتح الطريق نحو العراق الصفحة الأخيرة ما قبل «بند» إدلب.
ساعد فشل أنقرة في تحجيم «النصرة» وفرض أدواتها المحلية في المحافظة في تسريع ما رُسم سورياً على الورق. اتجهت وحدات متمرّسة من الجيش نحو ريف حماة مطلقة صفارّة المعركة من هذا المحور.
بعيداً عن أعين المتابعين المشغولين جنوباً كان «الحلفاء» في ريف حلب يستعدون بدورهم لملاقاة الجيش في عملياته. ظهر أنّ المعركة ليست موضعية بل حسب المعلومات، فإن المنطقة متجهة في الأسابيع المقبلة نحو تصعيد ضخم تسهم فيه «القوات الرديفة» مجدداً على نحو واسع لنكون أمام معركة على طول خط طريق «حلب ــ دمشق» بعد تحرير شرق «سكة الحجاز»
منذ سقوط مدينة إدلب ومحيطها في يد «جيش الفتح» في ربيع عام 2015 لم يتحرّك الجيش السوري وحلفاؤه في سبيل استعادتها أو استعادة أجزاء منها. كانت الصدمة أكبر من الاستيعاب، والخطر الجاثم حول العاصمة أشد وطأة من نصر «قاعدي» كبير كانت الأولوية حماية العاصمة وتثبيت خطوط تماس «ما بعد إدلب».
خلال أقل من ثلاثة أعوام تغيّرت معادلات الميدان إثر التدخّل الروسي وشكّل تحرير مدينة حلب تحوّلاً مفصلياً كرّس في ما بعد تعاوناً روسياً ــ تركياً ــ إيرانياً حول ما عرف بمناطق «تخفيف التصعيد». الهدن «المضمونة» تركت للجيش وحلفائه الأفضلية لقتال تنظيم «داعش» واستعادة الشرق ووصله بالعراق. وبالتوازي كانت «جبهة النصرة» تعزز نفوذها في إدلب على حساب باقي الفصائل ومستمرة في سعيها احتكار المؤسسات الإدارية والمدنية.
عملياً بعد تحرير البوكمال كانت بوصلة المعارك تشير إلى «بقعة سوداء» متمثلة في محافظة إدلب (ما عدا كفريا والفوعة) وجزء مهم من ريفي حلب وحماة المتصلين. أما معظم مناطق المعارضة المتبقية فجرى ويجري التعامل معها على نسق تسوية بلدة بيت جن ومحيطها. فوّهة النار انتقلت نحو «القاعدة» وملحقاتها حيث يشكّل «تجمع إدلب» الهدف الطبيعي لكل اللاعبين بعد «أفول» تنظيم «داعش».
من جهتها كانت دمشق تعدّ العدّة لحراك عسكري في إدلب ومحيطها فيما كانت موسكو أولاً وطهران ثانياً يتلقّيان من أنقرة خريطة طريق للتخلص من الوجود «القاعدي» في تلك المنطقة. وفي سبيل هذا الهدف حاولت تركيا أولاً عبر أدواتها المحلية من المجموعات المحسوبة عليها تحجيم «هيئة تحرير الشام» عسكرياً وخلق واقع خدماتي ولجان إدارة محلية بعيدة عن بصمات «القاعدة» واستتبعت نشاطها بإدخال مجموعات من القوات الخاصة شمال المحافظة جنوب عفرين . همّها الأوحد تمثّل في العمل على تجنيب إدلب عملاً عسكرياً من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه.
حسب المعلومات كانت إدارة الرئيس رجب طيب أردوغان تعلم جيداً أن بدء المعركة مسألة وقت بعد فشلها الذريع في ضرب «النصرة» ومنع تمددها والفشل أيضاً في جمع الفصائل المشتتة في «جيش واحد».
دمشق بدورها لم يكن استياؤها من التحركات التركية خفياً إذ أعلنت مراراً أن ما يحدث ليس ضمن أجندة اتفاقات أستانا وأنها ترى في الأتراك محتلين وأنها مصمّمة على «متابعة القتال حتى طرد جميع الإرهابيين». بعد هذه المحصلة أوصلت موسكو رسالتها لحاكم أنقرة: التحرك العسكري سيبدأ.
المرحلة الأولى من العمليات انطلقت سريعاً وكان خط سير المعارك ممتداً على طول شرق «سكة قطار الحجاز» التاريخي انطلاقاً من محيط أبو دالي نحو أبو الضهور مروراً ببلدة سنجار الاستراتيجية. «شرق السكة» انتزع من التركي
بالسياسة قبل الميدان إصرار دمشق وفشل أنقرة في تغيير الواقع في إدلب أفضيا إلى ما نشهده اليوم من سيطرة واسعة خلال وقت قصير نسبياً على أراضٍ مندرجة أصلاً ضمن اتفاق «تخفيف التصعيد».
إذاً حرّك الجيش العربي السوري ماكينته العسكرية وأطبق على «المنطقة الأولى» ومع تصعيد الفصائل المسلحة المعاكس على جبهتي أبو الضهور وغرب بلدة أبو دالي تحرّكت قوات من «الحلفاء» من ريف حلب الجنوبي لتحرر منطقة واسعة في محيط جبل الحص وتقلصت المسافة التي تفصلها عن أبو الضهور من الشمال الشرقي.
وضاعف تقدم الجيش من ريف حلب الجنوبي من فرص السيطرة على مطار أبو الضهور وهو ما سيحقق عزل جيب كامل يمتد من شمال الرهجان (ريف حماة) حتى أطراف تل الضمان (ريف حلب) كما سيؤمن وصل الجبهات بين حلب وحماة، من دون عقدة خناصر.
بلْع «الموسى» تُركياً بحكم الأمر الواقع لن يقتصر على «شرق سكة الحجاز»؛ فالجيش وحلفاؤه يستعدون لإعادة عقارب الوقت إلى عام 2015 حين اشتعلت جبهات ريف حلب الجنوبي المتصلة بطريق دمشق ــ حلب الاستراتيجي.
خط التماس في بلدة الحاضر حالياً حسب مصادر متابعة لن يبقى على حاله لتعود في الفترة المقبلة بلدة العيس وتل العيس وجوارهما إلى الواجهة. وعبر هذا التوجه تضمن دمشق حصر «الإمارة» داخل مدينة إدلب والبلدات المجاورة وصولاً إلى الحدود التركية ما يكسبها في الجغرافيا والسياسة والميدان،
إذ تعدّ هذه المنطقة مفتاحاً لتقييد التحركات العسكرية في أهم مدن وبلدات وسط إدلب. وبقدر ما سيؤثّر إنهاء المرحلة الأولى والسيطرة على أبو الضهور وكامل شرق سكة الحجاز على المصالح التركية في إدلب، سيكون للمرحلة الثانية أهمية أكبر من سابقتها وستضع أنقرة أمام خيارات حساسة للتعامل معها.
التعقيدات التي تواجه تركيا في معارك إدلب تتشابك في نقاط كثيرة مع أيّ تحرك مرتقب في عفرين إذ لا تبدو التهديدات المتصاعدة لشن هجمات هناك مجرد تصريحات هذه المرة؛ فإن كان الأتراك يخشون «موجة غضب كردية» داخلية (في حال الهجوم على عفرين) إلا أنهم يعتبرون استمرار الوجود الكردي العسكري على حدودهم خطراً قومياً.
لذلك تفيد المعطيات بأن يلجأ الأتراك إلى دعم عملية برية باتجاه بلدة تل رفعت في الريف الشمالي لحلب وبعض القرى القريبة من جبل سمعان لإثبات جديتهم في تغيير المعادلة على الأرض وإجبار «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي على التفاوض عن طريق الجانب الروسي.
فأنقرة تريد التزام موسكو وطهران بما تعتبره تعهدات قطعتاها إبان التحشيد التركي في محيط عفرين خففت من تداعياته لقاءات جمعت الجانبين الإيراني والروسي مع مسؤولين كرد في عفرين.
حينها طرح الروس أن يتم إخلاء كامل عفرين من المقاتلين والسياسيين غير السوريين والسماح للجيش العربي السوري بالانتشار على الشريط الحدودي مع عفرين مع إعادة حضور الدولة السورية في كل من منبج والطبقة، مقابل ضمانات روسية بمنع أي هجوم على عفرين هذا السيناريو قد يعود إلى الواجهة بعد تصريح الناطق باسم «التحالف الأميركي» أمس بأن «حماية عفرين ليست من مهام التحالف».
فهذا التصريح الذي يقابله حتّى الآن غياب أيّ تعليق روسي تجاه ما يحصل في عفرين وأيضاً غياب للدوريات الروسية التي كانت فاعلة في خطوط التماس بين الجانب التركي في الغزاوية ومحيط جبل سمعان وباصوفان يرجّح فرضية وجود ضغط روسي على الجانب الكردي للعودة إلى تفاهمات سابقة بين الطرفين.
أما بعيداً عن لغة التفاوض فتركيا تعوّل على مشاركة الفصائل المحسوبة عليها في إدلب في المعارك لكونها تفضّل هذا الخيار على الزجّ بجنود جيشها في مواجهة «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وتنقل مصادر أن فصائل موجودة في إدلب مستعدة للقتال ضد الأكراد إذ رغم التجربة التركية في استخدام فصائل «درع الفرات» في ريف حلب الشمالي فإن المعارك على جبهات عفرين ستكون مختلفة فتلك الفصائل لا تملك الخبرة القتالية والقوة اللازمة لمواجهة «الوحدات» الكردية، وخاصة في منطقة مثل عفرين.
«القاعدة» يرتّب أوراقه: القحطاني يرث الجولاني؟
يعود اسم أبو ماريا القحطاني إلى التداول في كواليس إدلب بنحو متزايد. وترى كثير من المصادر أن القحطاني بات أبرز المرشّحين ليكون «رجل القاعدة» الجديد في سوريا ليرثَ بذلك رفيقه أبو محمد الجولاني
وضعت معارك إدلب الأخيرة فاصلةً في صفحة الخلافات بين تنظيم «القاعدة» و«جبهة فتح الشام/ النصرة». غير أنّ «البيت الجهادي» يبدو على موعدٍ مع إعادة ترتيب قريبة، يُرجَّح أن تدور عجلتُها مع أول التقاطة للأنفاس يتيحُها الميدان. وإذا كان طرفا الخلاف لا يستعجلان حسمَه فإنّ الأمر مختلفٌ في حسابات أطراف أخرى ولا سيّما الطامحون إلى «وراثة» أبو محمد الجولاني في رأس هرم «القاعدة» في سوريا.
ويبدو مفهوماً أن يتريّث زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري في إلقاء «الحرم الجهادي» على رجله (السابق؟) لأسبابٍ يفرضها «الوقار الشرعي» الذي يحرص الظواهري عليه حرصاً كبيراً.
وعلى نحوٍ مماثلٍ لا يبدو الجولاني مستعدّاً في المرحلة الراهنة لأخذ الأمور نحو تصعيد جديدٍ مع «أهم رموز الجهاد». في الوقت نفسه تعجّ كواليس إدلب بـ«الجهاديين» الساخطين على الجولاني والساعين إلى كسر «كبريائه».
ومع أنّ شكل حسم الخلاف بين الظواهري والجولاني لا يبدو واضحاً بعد، فإنّ الرأي الراجح عند معظم الرموز «القاعديّة» في سوريا هو أنّ عودة «النصرة» إلى حضن التنظيم الأم باتت مسألة مُستبعدة إلى حد كبير وأن الحاجة صارت ملحّة إلى هيكلة جماعة قويّة تضمّ تحت جناحها كل الأذرع «القاعدية».
ويدرك هؤلاء أنّ بلوغ هدفهم ليس أمراً يسيراً لكنّهم يرون في عقد راية «القاعدة» في سوريا بيد زعيمٍ جديد «يستخلفه» الظواهري خطوةً أولى وشديدة الفاعليّة. وكان اسم حمزة بن لادن قد طُرح بقوّة في المراحل السابقة استناداً إلى رمزيّة يمنحه إيّاها اسم والده غيرَ أنّ افتقاد الشاب للخبرة عموماً والعلم بالسّاحة السورية على وجه الخصوص يجعلُ من توليه مسؤوليةَ «الفرع الشامي لتنظيم القاعدة» مهمّة أكبر من قدراته.
وتشير مصادر «جهاديّة» إلى «وجود طروحات عدّة يجري تدارسُها في هذا الشأن». وفي انتظار بتّ قيادة «القاعدة» مصير جناحها السوري تجري المفاضلةُ بين خيارين رئيسيين جارٍ اعتماد أحدهما حالَ انقطاع آخر خيط مع الجولاني: اختيار شخصيّة أخرى تمتلك الخبرة اللازمة أو اعتماد تسمية حمزة بن لادن مع «مجلس شورى» مكوّن من أصحاب الخبرة. وفي كلتا الحالين يبرز اسمٌ بعينِه للعب دور محوري في المرحلة القادمة هو أبو ماريّا القحطاني.
ويُحاجج المتحمّسون للقحطاني بأنّه كان من أوائل الداخلين إلى سوريا في «المرحلة التأسيسيّة» وقد عايشَ جميع أحداثها ما عزّز خبراته السابقة التي كان قد حصّلها في العراق تحت إمرة أبو مصعب الزرقاوي (فاضل نزّال الخلايلة 1966 – 2006 مؤسس جماعة التوحيد والجهاد ومجلس شورى المجاهدين في العراق) ثم أبو عمر البغدادي (حامد داود الزاوي مؤسس تنظيم الدولة الإسلامية) فأبو بكر البغدادي (إبراهيم عوّاد البدري الزعيم الحالي لداعش).
في الوقت نفسه تبرز آراء أخرى ترى أنّ «المنصب قد يكون أكبر من القحطاني بسبب وجود مجموعات كبيرة مبايعة للقاعدة لم يسبق لها العمل معه، وخاصة الحزب الإسلامي التركستاني». ويظهر أصحاب هذا الرأي حماسة أكبر لشخص حمزة بن لادن حتى ولو كان زعيماً صوريّاً «يملك ولا يحكم».
وبرز اسم القحطاني في خلال معارك إدلب الراهنة بوصفه «أباً روحيّاً» لمجموعة «قاعديّة» انخرطت في المعارك قبل نحو أسبوع وهي «جيش الباديّة».
وخلافاً لما تداولته مصادر عدّة من أنّ المجموعة المذكورة حديثة التأسيس، وأنّ ولادتها ترجع إلى عام 2015 وكان من أبرز قادتها أبو تراب الحموي وهو واحد من «قادة النصرة» الذين قُتلوا في أيار 2016 إثر غارةٍ استهدفت مطار أبو الضهور العسكري. وكان الحموي يشغل حينها منصب «الأمير العسكري لقطاع البادية». وشُكّل «جيش البادية» بوصفه واحدةً من المجموعات التابعة لـ«جبهة النصرة» وخاض كثيراً من المعارك تحت رايتها بدءاً بمعارك ريف حلب الجنوبي أواخر عام 2015 مروراً بمعارك «الكليّات» في حلب.
وإبّان حملة الاعتقالات التي شنّتها «النصرة» على عدد من «القادة القاعديين» في تشرين الثاني الماضي، علّق «جيش البادية» عمله مع «هيئة تحرير الشام». وبعد كلمة الظواهري الأخيرة التي نقلَت سخطَه على الجولاني إلى العلن سارع «جيش البادية» إلى الانشقاق عن «الهيئة» وتجديد «البيعة» لتنظيم «القاعدة».
واتّخذت مجموعات أخرى الخطوة ذاتها ومن أبرزها جماعة «جند الملاحم» (المتشكّلة على أنقاض «جند الأقصى») التي كان أميرها أبو عبد الرحمن مكّي (سعودي الجنسية) أحد معتقلي حملة الجولاني. ودخل «جيش البادية» و«جند الملاحم» على خط المعارك الأخيرة في إدلب وريف حلب الجنوبي التزاماً لتوجيهات تنظيم «القاعدة».
وتشير مصادر «جهاديّة» إلى أنّ «الطرفين قد يعلنان اندماجهما رسميّاً في أي لحظة». ويقاتل الطرفان في الوقت الراهن باسم «تنظيم القاعدة» بعد أن عُقد اتفاق بينهما وبين «هيئة فتح الشام» قضى بإطلاق الجولاني سراحَ مُحتَجزيهما وردّ أسلحة كان جنوده قد صادروها من مخازن المجموعتين. ويؤكد مصدر «جهادي» لـ«الأخبار» أنّ «الأولوية في الوقت الراهن هي لصدّ العدوان عن إدلب وقد اتُّفق على إرجاء أي خطوة أخرى».
وثمّة مصادر معارضة تقلّل من شأن «جيش البادية» وتؤكد أنّ عديد مقاتليه لا يتجاوز العشرات. ومع ذلك لوحظ في خلال الأيام الماضية تكثيف النشاط الإعلامي لهذا الكيان الذي أصدر مقاطع مصوّرة عدّة منجزة بحرفيّة. وتقول معلومات متقاطعة إنّ «أبو ماريا القحطاني هو القائد الفعلي له» رغم عدم إعلان ذلك رسميّاً.
من هوا أبو ماريّا القحطاني ؟
ميسر علي الجبوري من مواليد حزيران 1976، ينحدر من بلدة هرارة العراقية (محافظة نينوى)، انضمّ إلى تنظيم «قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين» بعد الغزو الأميركي للعراق، وتحديداً في عام 2004 تحت إمرة الزعيم «الجهادي» البارز أبو مصعب الزرقاوي. تسلّم منصب «شرعي الموصل» إبّان إعلان «دولة العراق الإسلامية عام 2006». لعب دوراً أساسيّاً في اجتذاب «البيعات العشائرية» للتنظيم الوليد، وتقلّد مناصب عدّة فيه أبرزها «إمارة الحسبة في الموصل».
اعتُقل عام 2008 في العراق وأطلق سراحه في أواسط عام 2010. دخل سوريا برفقة الجولاني للمساهمة في «تدشين شرارة الجهاد في الشام».
وضعته الولايات المتحدة على «لائحة الإرهاب» بموجب الأمر الرئاسي التنفيذي رقم 13224 الصادر في 11 كانون الأول 2012. اعتباراً من منتصف عام 2012 أصبح القحطاني «أميراً عاماً لجبهة النصرة في المنطقة الشرقية» من خلال «مجلس شورى مجاهدي الشرقية» الذي خاض معارك عنيفة مع تنظيم «داعش» حُسمت لمصلحة الأخير.
انتقل القحطاني بعدها إلى الجنوب السوري حيث حاز منصب «الأمير العام لجبهة النصرة» هناك. في أواخر عام 2015 انتقل من درعا إلى إدلب بطريقة اكتنفها الغموض ويُرجح أنها حصلت مروراً بمناطق سيطرة الدولة السورية.
الفصائل المسلحة تطلب تفعيل برنامج «CIA»... لمواجهة إيران
نجحت واشنطن في استفزاز الأطراف الفاعلة في الشمال السوري عبر خططها لإنشاء «حرس حدود» على مناطق نفوذها هناك وتوحّدت مواقف دمشق وأنقرة وطهران وموسكو، على رفض التوجه الأميركي.
وبالتوازي كانت الفصائل المسلحة السورية تطرق أبواب البيت الأبيض لإعادة تفعيل برنامج التدريب والتسليح الخاص بوكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، بحجّة مواجهة النفوذ الإيراني
فتح إعلان «التحالف الدولي» تشكيل «قوة أمنية» جديدة في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» لتولي مهمة «حراسة الحدود» الباب أمام مرحلة جديدة من التوتر في الشمال السوري بعد فترة هدوء نسبي ضبطته تفاهمات بين الأطراف الفاعلة هناك.
فالجانب الأميركي ــ عبر «التحالف» ــ الذي حاول طويلاً توفيق خططه بين حليفته تركيا وشركائه الأكراد السوريين خطا في مسار حسّاس تجاه «جيران» المناطق التي ورثها عن «داعش».
وكما دُفعت أنقرة سابقاً إلى التفاهم مع روسيا وإيران عبر أستانا قد تحثّها هذه الخطة الأميركية إلى تعميق تفاهماتها معهما، لدرء «الخطر الكردي» على الحدود وجاء هذا التوجه الأميركي ليذكي الخلاف القديم مع دمشق التي اعتبرت أن «تشكيل ميليشيا مسلحة في شمال شرق البلاد... يُعَدّ اعتداءً صارخاً على سيادة الأراضي السورية ووحدتها وسلامتها».
ولفت مصدر في وزارة الخارجية إلى أن بلاده «ستعتبر أن كل مواطن سوري يشارك في هذه الميليشيات برعاية أميركية خائن للشعب والوطن وستتعامل معه على هذا الأساس».
وأعاد التوجه نفسه رئيس مجلس الشعب حموده صباغ خلال لقائه رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني في طهران حيث توافق الطرفان على عدم شرعية أي وجود أميركي على الأراضي السورية.
وحمل موقف دمشق إشارة واضحة إلى عدم استبعاد خيار المواجهة العسكرية مع «المشاريع» الأميركية في الشمال والشرق. وهو ما يلاقي التصعيد التركي الذي هدد بالتحرك المباشر لـ«وأد» هذا المشروع.
ورأى الرئيس رجب طيب أردوغان أن «أميركا أقرت بتشكيلها جيشاً إرهابياً على حدودنا والمهمة التي تقع على عاتقنا هي وأده في مهده» وأضاف في كلمة في أنقرة: «نقول دائماً لحلفائنا: لا تحولوا بيننا وبين الإرهابيين... أزيلوا أعلامكم الموجودة في قواعد المنظمة الإرهابية (الوحدات الكردية) حتى لا نضطر إلى تسليمها لكم» ولفت إلى أنه «في أي لحظة قد تبدأ العملية في عفرين ومن بعدها سيأتي الدور على مناطق أخرى... القوات المسلحة ستحل مسألتي عفرين ومنبج بأسرع وقت».
وبالتوازي مع التصعيد السياسي دفع الجيش التركي أمس بتعزيزات عسكرية إضافية لوحداته المنتشرة على الحدود وتضم التعزيزات التي شملت محيط عفرين والمناطق المحاذية لولاية «شانلي أورفة» وغيره من النقاط الحدودية دبابات وقطعاً مدفعية وأعداداً من المدرعات والجنود والعربات وكما أنقرة ودمشق رأت موسكو أن تشكيل «قوة أمنية» في مناطق سيطرة «قسد» يضر بوحدة سوريا.
وأوضح وزير الخارجية سيرغي لافروف أن بلاده طلبت من واشنطن «توضيحاً مفصلاً» لهذه النقطة. ولفت إلى أن هذا المشروع «قد يخلق مشاكل في العلاقات بين الأكراد وتركيا، ولن يساعد في التخفيف من وطأة الوضع القائم في عفرين» مضيفاً أن من شأنه «عزل منطقة كبيرة على حدود سوريا مع تركيا والعراق وهو أمر يبعث على القلق».
ويأتي التوتر الجديد الذي حرّكته واشنطن مع ما يبدو أنه محاولة أميركية لتوسيع النفوذ على مجريات الأحداث في منطقة إدلب ومحيطها إذ يزور وفد عسكري وسياسي معارض عدداً من المسؤولين والسياسيين الأميركيين في جولة تهدف إلى إعادة تفعيل برنامج وكالة الاستخبارات المركزية لتدريب فصائل المعارضة وتسليحها. ويراهن الوفد على تركيز التوجه على احتواء النفوذ الإيراني في سوريا، الذي يعد أحد أهداف إدارة الرئيس دونالد ترامب البارزة.
وضمن هذا السياق نقلت وكالة «رويترز» عن رئيس المكتب السياسي في «لواء المعتصم» مصطفى سيجري قوله إن «حديث الرئيس ترامب والمسؤولين الأميركيين عن وجوب مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة كلام جميل ونحن في الجيش الحر ندعمه لكن من الضروري الانتقال من مرحلة الأقوال إلى الأفعال إلا أن الحقيقة على الأرض تقول إن إيران ما زالت تتمدد في سوريا دون أي تحرك جدي».
وأضاف أن «الجيش الحر» طلب «استئناف المعونة» وشرح «مخاطر ترك قواته من دون دعم» موضحاً أن الوفد التقى أعضاء في الكونغرس ومسؤولين في البيت الأبيض وأنه يأمل عقد لقاءات مع مسؤولي وزارتي الدفاع والخارجية.
ومع محاولات الفصائل إحياء خطوط دعمها المالي والعسكري التي زادت أهميتها مع توسع الجيش العربي السوري وحلفائه شرق إدلب تواصلت الاشتباكات في الميدان في غرب قرية أبو دالي وعلى أطراف جبل الحص باتجاه مطار أبو الضهور. وتمكن الجيش من التقدم على محور بلدة عطشان وصد هجوم الفصائل المسلحة انطلاقاً من الخوين كذلك سيطر على قريتي هوبر والشيخ خليل وتلة أبو رويل الشرقي، في المنطقة المحصورة بين جنوب شرق بلدة الحاضر وتل الضمان.
واقترب الجيش خطوة إضافية من الوصول إلى محيط مطار أبو الضهور من الشمال الشرقي وهو ما سيعزل جيباً واسعاً من المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة وتنظيم «داعش». وانطلاقاً من محيط الرهجان والسعن في ريف حماة الشمالي الشرقي سيطر الجيش على قرية حجيلة وتلة مشرفة على حساب «داعش» الذي يحاول توسيع مناطق سيطرته هناك شمالاً نحو مطار أبو الضهور.
إيلي حنا - صهيب عنجريني -الأخبار
المزيد في هذا القسم:
- تحذير أممي من كارثة انسانية ضد مسلمي الروهينغا المرصاد نت - متابعات قالت الأمم المتحدة إن نحو ستين ألفا من مسلمي الروهينغا فروا من أعمال العنف -التي تشهدها ميانمار- إلى بنغلاديش بينما قالت الحكومة اليوم ال...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد السوري! المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها استكملت مع نظيرتها الروسية تسيير الدورية المشتركة الخامسة في شمال شرق سوريا رغم ما وصفته بـ«الاستفزا...
- "اسرائيل" تستشيط غضبا بعد تصريحات السيد نصرالله المرصاد نت - متابعات التصريحات التي أطلقها السيد حسن نصر الله بخطاب الامس مهدداً كيان العدو بضرب أهداف حساسة أغاضت كيان العدو وتركت حالة من الارتباك لدى المسؤ...
- مصر حبلى بالغضب.. فهل تنتظر ثورة أم تكتفي بزفرات مواقع التواصل؟ المرصاد-متابعات تبدو مصر حبلى بغضب يملأ أرجائها، ويمكنك أن تلاحظ ذلك بسهولة في مواقع التواصل الاجتماعي وحديث الناس في الشوارع، لكن هل ينتج عن هذا الغضب...
- «البنتاغون» يضاعف قواته في الصومال... ويتوسع في الساحل الأفريقي المرصاد نت - محمد دلبح توسيع جديد وطفيف على عديد القوات الأميركية العاملة في أفريقيا وتحديداً في الصومال حيث تشتكي عادة قيادة «أفريكوم» من نقص في ...
- الدوحة تستعد لـ«حصار» طويل... والرياض: لا ضير لو استمر عامين المرصاد نت - متابعات افتتحت قطر «ميناء حمد» أكبر موانئها وأحدثها، في خطوة جديدة على طريق مواجهة آثار المقاطعة المفروضة عليها والتي يبدو أن جميع أط...
- واشنطن تمدّد عمل قواتها في سوريا حتى «نجاح جنيف» المرصاد نت - متابعات بينما يشهد الشرق السوري جولة جديدة من التوتر بين موسكو وواشنطن حول البوكمال خرجت الأخيرة لتربط سحب قواتها العسكرية خارج سوريا بالتقدم على...
- عام حلب: قبضة الجيش وحلفائه أقوى ... وكلمة موسكو هي الأعلى المرصاد نت - صهيب عنجريني بخريطة ميدانيّة تعكس تقدّماً كبيراً لمصلحة الجيش العربي السوري وحلفائه تودع الحرب عام 2016 العام المنصرم حمل عناوين بارزة كثيرة لكن أ...
- شكراً للعراقيين على إلحاقهم الهزيمة ب"داعش" المرصاد نت - شفقنا المراقب لردات فعل بعض الحكومات الاسلامية والعربية وكذلك وسائل الاعلام التابعة لها ازاء تحرير الفلوجة وهزيمة “داعش” ، سيش...
- الحرب العالمية الثالثة إلى العلن أم إلى النهاية ! المرصاد نت - سبوتنيك يزداد المشهد السوري تعقيدا يوماً بعد يوم دون تحقيق أدنى خطوة نحو الحل السياسي ويزداد المشهد السوري تعقيدا في ظل مجريات الأحداث الميدانية ...