المرصاد نت - متابعات
لا ينحصر الصراع الإماراتي القطري في شكله المباشر كما حدث أخيراً من اتهامات متبادلة بخرق الأجواء وإرسال رسائل استفزاز من هذا الطرف أو ذاك بل إن ذلك الصراع امتد إلى الساحات الخارجية ليجعل منها ميداناً إضافياً.
والمثال هنا هو تونس التي بدأت فيها لعبة التجاذبات السياسية والاستقطابات الدولية في الاشتغال منذ كانون الثاني/يناير 2011. لا يخطئ المُلاحِظ وجود تيارين سياسيين كبيرين في تونس يتّهم كل منهما الآخر بتلقي الدعم السياسي والإعلامي والمالي من خارج البلاد.
بل إن هناك مَن يتحدّث عن "أحزاب قطر" في مقابل "أحزاب الإمارات". والمقصود هو الاصطفافات الحزبية التي لا تتحرّك على أساس برامج ومشاريع داخلية تريد التعامل مع مشاكل البلد وأزماته من أجل إيجاد مخارج لها، بل على أساس أجندات خارجية تحكمها صراعات اقليمية ودولية.
لم تظهر تلك الاصطفافات بشكل حاد إلا بعد الأزمة الخليجية التي تفجّرت بعد زيارة الرئيس الأميركي ترامب إلى الرياض وحصوله على صفقات أسطورية قيل حينها إن الدوحة رفضت الانخراط فيها فتمّت معاقبتها بضرب حصار عليها.
استغلت قطر تحوّلات "الربيع العربي"، ودعمت على نطاق واسع الحكومات التي جاء بها في تونس ومصر بشكل خاص. فبينما وفّرت منبراً إعلامياً لحركة النهضة وحزب الرئيس السابق منصف المرزوقي، كانت الدولة القطرية تقدّم لهما كل أشكال الدعم إلى الحد الذي كان تصريح النهضة أن قطر كانت شريكاً في "ثورة تونس".
الدعم القطري لزعيم حركة النهضة الذي كان يتردّد على الدوحة تسري بموازاته تأكيدات جريئة حول وجود علاقات تمويلية بين الطرفين أوردها تقرير صدر في آب/أغسطس 2012 عن محكمة المدققين التونسيين. وقد ساعد تعيين صهر رئيس النهضة رفيق عبد السلام، وزيراً للخارجية على تعزيز تلك العلاقات، فقد عمل قبل ذلك في "مركز الجزيرة للدراسات" في الدوحة.
وفي المقابل فإن الحزب المنافس حركة نداء تونس استطاع أن يربط علاقات قوية مع الإمارات العربية المتحدة قبل أن تتوتّر تلك العلاقات بشكل كبير. لم يكن خافياً على أحد أن الإمارات كانت تكن كثيراً من الود لقائد السبسي قبل فوزه بالانتخابات، كما وصفت الصحافة الإماراتية نداء تونس بأنه "حزب علماني" في مواجهة "حزب إسلامي".
لكن شهر العسل بين الطرفين انتهى قبل أن يبدأ، وتم إلغاء زيارات كانت مبرمجة أن يقوم بها السبسي للإمارات، واستمر التوتّر في التصاعد إلى أن تم وقف منح تأشيرات دخول للإمارات للمواطنين التونسيين بذريعة أمنية ثم منع التونسيات من صعود الطائرات الإماراتية بالذريعة نفسها.
لم يكن الأمر يتعلق بقضية اختلاس في القطاع العقاري، تردّد أن حاكم دبي أحد المتهمين بها بل الأرجح أنه كان يتعلق برفض الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي تنفيذ قرار محاربة "الإسلاميين" الصادر من الإمارات حسب اتفاق سابق بين الطرفين عندما دعمت الإمارات ترشّح السبسي في مواجهة المرزوقي.
قرار الرئيس السبسي، ربما كان السبب في تصدّع حزب نداء تونس وانشقاق أكثر من مجموعة لتتكوّن أحزاب جديدة. لكن أبرز المنشقين كان مستشار الرئيس حينها محسن مرزوق القريب من الإمارات والذي كوّن لنفسه حزباً جديداً سمّاه حزب "مشروع تونس".
أصبح الرئيس السبسي مصطّفاً على جانب حركة النهضة التي يرأسها راشد الغنوشي باعتبارهما ممثلين للسلطة، وفي المقابل وردت قائمة طويلة من المعارضين سواء كانوا أحزاباً أو منظمات نشرت جريدة الفجر التابعة لحركة النهضة قائمة لهم استناداً إلى "وثيقة" نشرها موقع الصدى القريب منها.
تتحدّث تلك الوثيقة عن "المخطّط الرهيب لتخريب المشهد السياسي والإعلامي في تونس"، وعن الجهات والشخصيات التي تدعمها الإمارات مثل محسن مرزوق وحزبه "مشروع تونس" واتحاد الشغل وأمينه العام نور الدين الطبوبي واتحاد الأعراف ورئيسته، قبل الانتخابات الأخيرة داخل المنظمة، وداد بوشماوي، وشخصيات سياسية ورجال أعمال نافذين ووسائل إعلام وجمعيات ثقافية..
وأمام هذا التجاذب بين تيارين أحدهما يحكم والآخر يعارض، وسوء الخيارات الاقتصادية والاجتماعية، اندلعت الاحتجاجات في بداية هذا الشهر ومثّلت فرصة بالنسبة لحركة النهضة بشكل خاص لتوجيه الاتهامات إلى دولة الإمارات بدعمها وتأجيج عمليات التخريب التي صاحبتها وهو ما دفع الكثيرين إلى الحديث عن وجود مخطّط خارجي ينفّذ بأياد داخلية لإرباك الوضع العام في البلاد.
قاسم شعيب - كاتب وباحث تونسي
المزيد في هذا القسم:
- خطاب «كَسر القيود»: رسائل السيد نصرالله وصلت إلى تل أبيب ! المرصاد نت - يحيي دبوق الرسائل التي وجّهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى كيان العدو يوم الجمعة الفائت وصلت إلى تل أبيب. فرضت نفسها أولوية على ...
- غلوبال ريسيرش: تنظيم داعش يقاتل بالوكالة عن أمريكا والدول الخليجية المرصاد نت - متابعات قال موقع غلوبال ريسيرش الكندي على لسان الكاتب "توني غارتالشي": إن تنظيم داعش الإرهابي يهزم في سوريا بفضل عمليات الجيش العربي السوري والدع...
- إصابة ثلاثة مدنيين بهجوم مسلح في كركوك أفاد مصدر أمني في محافظة كركوك، الجمعة، بأن ثلاثة مدنيين بينهم امرأة أصيبوا بهجوم مسلح وسط المحافظة. وقال المصدر إن "مجموعة مسلحة تستقل سيارة حديثة نوع (BMW) ه...
- خبير روسي يكشف الاساليب الاميركية لضرب الجيش السوري نفسيا نشر موقع روسي يدعى " كازنيوز" ما قال انه مقتطفات من مقابلة اجريت مع خبير بشؤون الحرب النفسية رفض الموقع ذكر اسمه كونه يشغل موقعا رسميا في قاعدة مقرها طرطوس ويتب...
- الجيش العربي السوري يحرر 13 قرية في ريف الرقة وحماة المرصاد نت - متابعات واصل الجیش العربي السوری تقدمه في ريف الرقة وأحكم سيطرته على كامل المنطقة الممتدة من الرصافة في ريف الرقة الجنوبي حتى بلدة أثريا في ريف ح...
- واشنطن : احتدام المواجهة بين الديموقراطيين وترامب! المرصاد نت - متابعات تتجه الأمور إلى المزيد من التصعيد بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والديموقراطيين في مجلس النواب إثر سعي هؤلاء إلى المضي قدماً في إجراءات ...
- إصابة 8 جنود أتراك في تفجير عبوة ناسفة شرقي تركيا المرصاد نت - متابعات أصيب 8 جنود أتراك، جراء انفجار عبوة ناسفة، اليوم الأحد، استهدفت عربة للجيش شرقي تركيا. ونقل مراسل قناة “سي إن إن ترك” عن م...
- لافروف: داعش يتراجع ولا بد من قتال "النصرة" التي يتجنبها تحالف واشنطن المرصاد نت - متابعات قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إن تنظيم داعش يتراجع في سوريا والعراق وأضاف "هناك حاجة لجهود إضافية لمكافحته ومكافحة جبهة النصرة"....
- في عيدها الـ 40 .. كيف تحمي الثورة الإيرانية تراث حركات التحرر؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين ثورات حركات التحرر التي أفلت قبل 40 عاماً ضاع تراثها الثوري في مهب الانتقال من المشاريع الكبرى والطموح لتغيير أسباب الظلم والعبودية ...
- الشارع الإسرائيلي و"كاريزما" السيد حسن نصرالله ! المرصاد نت - متابعات منذ تسعينات القرن الماضي بدأت صواريخ المقاومة تخلق ما هو جديد في مفاهيم الردع من خلال التأثير على صانعي القرار في "اسرائيل" وعلى "الجمهور...