المرصاد نت - متابعات
انتصر المشير عبد الفتاح السيسي في صراعه الطويل ضد الفريق سامي عنان. يجلس السيسي اليوم في قصر الرئاسة في القاهرة متطلعاً إلى ولاية جديدة فيما يقبع عنان الذي حاول منافسته قيد الاحتجاز قريباً من سنوات عدة قد يقضيها في السجن بعدما رُفضت وساطات لإنهاء الأمر ودياً
«المشير يسجن الفريق»... هكذا جاء ملخص المشهد في المحروسة يوم أمس. الرئيس عبد الفتاح السيسي أغلق صفحة العداء التاريخية بينه وبين الفريق سامي عنان، مدى الحياة. لم ينسَ السيسي رفض عنان توليه منصب مدير المخابرات الحربية إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ولم يغفل محاولات رئيس الأركان الأسبق لإطاحته أثناء تولي المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية الأولى.
انتظر المشير خطأً إجرائياً غاب عن ذهن الفريق، أو ربما قلل من تداعياته، فانقضّ عليه في الوقت المناسب، في خطوة لم تقتصر نتائجها على إجهاض الطموح السياسي لعنان والمعروف عنه منذ سنوات، بل تجاوزتها إلى محو تاريخه، وأكدت، في الوقت نفسه، وقوف المؤسسة العسكرية إلى جانب السيسي في الانتخابات الرئاسية التي تجرى في آذار المقبل، والتي باتت نتيجتها، بعد ما جرى أمس، محسومة أكثر من أي وقت مضى، لتصبح بحق «انتخابات الرجل الواحد».
هكذا نفذ السيسي عهده بمنع ترشح من وصفهم بـ«الفاسدين» لانتخابات الرئاسة. فعنان الذي تولى منصب رئيس الأركان لمدة سبع سنوات، وتحوم حوله شبهات كثيرة بالفساد والتربح المالي، بات قاب قوسين أو أدنى من مواجهة عقوبات بالسجن تصل إلى المؤبد، وفق التهم الموجهة إليه، علماً بأن الأحكام يمكن أن تصدر سريعاً لكون القضية باتت تحت مقصلة القضاء العسكري، الذي يتولى رئيس الجمهورية التصديق النهائي على أحكامه، بعد درجتين من التقاضي، ويمكن إنجازها في غضون أسبوع إذا كانت الدعوى عاجلة ــ من وجهة نظر المحكمة ــ وهو ما حدث بالفعل مع العقيد أحمد قنصوة، الذي سبق عنان في إعلانه الترشح للرئاسة أيضاً مرتدياً البذلة العسكرية.
المفارقة التي ذكرها مصدران أن الفريق عنان كان أحد الداعمين لإصدار هذه القواعد الاستثنائية، والتي كانت تضمن حماية أعضاء المجلس العسكري، بعد خروجهم، وعدم محاكمتهم إلا أمام القضاء العسكري، وبالتالي ضمان معاملة مختلفة في أسوأ الأحوال عمّا حدث مع الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد تنحيه عن الحكم علماً بأنه جرى العرف أن تكون رتبة القاضي الذي ينظر بالقضية أكبر من رتبة من يحاكمه وبالتالي تبقى الرتبة الوحيدة الأكبر من رتبة الفريق التي حصل عليها سامي عنان لسنوات هي رتبة المشير التي لم يحصل عليها في الأعوام الثلاثين الماضية سوى كل من حسين طنطاوي وعبد الفتاح السيسي. وسيحصل ذلك في حال عدم اعتماد مبدأ الأقدمية من الرتبة ذاتها وهو العرف المتبع في معظم جيوش العالم.
إذاً انتهى الصراع بين المشير والفريق بصدام علني حاول كثيرون تجنبه خلال الفترة الماضية وهو صراع حاول السيسي ومقربون منه أن ينتهي في الظل حفاظاً على هيبة القوات المسلحة ودخلت فيه وساطة المشير طنطاوي، الذي يعتبر الأب الروحي للسيسي، ورئيس عنان السابق حيث أقال الاثنين الرئيس الأسبق محمد مرسي بعد مذبحة رفح الأولى، لكن عنان تمسك بالترشح وبحقه الدستوري في منافسة المشير على أن يترك الحكم للجماهير التي أكد أنها لم تعد مرحبة بوجود السيسي في الحكم.
فشلت وساطة طنطاوي التي طلبها السيسي من أستاذه تجنباً للصدام، وهذا الفشل استبق مؤتمر حكاية وطن الذي أعلن السيسي في ختامه ترشحه للانتخابات الرئاسية.
وفي وقت حاول فيه المشير تهديد رئيسه السابق بقضايا الفساد، فإنّ إبراء الذمة الذي حصل عليه الفريق من القضاء العسكري قبل فترة كان كفيلاً بإغلاق هذا الملف.
صحيح أن السيسي كان يرغب في نهاية أكثر هدوءاً إلا أنّ تصريحات المتحدث باسم عنان وما نشرته صفحة الفريق عن تيران وصنافير وسدّ النهضة عجلت بإنهاء الأمر بنحو صدامي قبل أن يكتسب عنان موقفاً قانونياً مع تزايد أعداد توكيلات التأييد الشعبي التي بدأ بالحصول عليها من المواطنين والتي كادت تمكنه حال سيرها بذات الإيقاع في مضيّه قدماً للترشح رسمياً للانتخابات الرئاسية مع اقتراب غلق باب الترشح الأسبوع المقبل.
وبإلقاء القبض على عنان وتحقيق القضاء العسكري معه توقفت حملته الانتخابية، على نحو لم يقتصر على إعلان رسمي بذلك «حتى إشعار آخر»، بل امتدّ إلى التخلي عن المقارّ المحتملة للحملة الانتخابية على مستوى الجمهورية، بما يعكس انتهاء المعركة الانتخابية، قبل أن تبدأ عملياً.
المؤكد أن ما حدث مع عنان هو ترصد مقصود لا يقبل التأويل من أجل إقصائه عن المنافسة في وجه السيسي في الانتخابات المقبلة، فرغم أن حالة الاستدعاء موجودة منذ إحالته على التقاعد في عام 2012، إلا أن القيادة العامة للقوات المسلحة لم تتحرك ضده عندما أعلن اعتزامه الترشح في انتخابات عام 2014، قبل أن يتراجع عن الترشح دعماً للسيسي، وحفاظاً على وحدة الصف في تلك المرحلة الحرجة.
ولم تتحرك القيادة العامة عندما شوهد عنان وهو يدلي بصوته في الانتخابات، في وقت سابق، ولم يهتم أحد بمحاسبته، بالرغم من أهمية منصبه السابق. ولكن عندما أعلن الترشح ومواجهة السيسي، وطلب الحياد من الجيش، انتفضت القيادة العامة ضده ورصدت مخالفاته للقوانين والقواعد العسكرية الراسخة.
تحرك يوم أمس من القيادة العامة أكد بما لا يدع مجالاً للشك دعم المؤسسة العسكرية للسيسي رئيساً بانتخابات المرشح الواحد لولاية رئاسية جديدة، وهي انتخابات حوّلها القبض على عنان إلى مسرحية هزيلة نتيجتها محسومة مسبقاً، بعدما انتفت منافسة كان يتوقع أن تكون قوية بين السيسي وعنان.
القيادة العامة التي انتفضت ضد عنان لم تنتفض ضد السيسي عندما أعلن اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية في عام 2014 بالبذلة العسكرية، عبر شاشة التلفزيون وهو يغادر منصبه وزيراً للدفاع، وهو مشهد لا يزال يواجه انتقادات بسبب اعتماد حملته الرئاسية على عسكريين كانوا في الخدمة آنذاك.
توقيت القبض على عنان بعد أكثر من ثلاثة أيام على إعلان اعتزامه الترشح لم يكن مصادفة، فثمة هدف آخر يتمثل في إهدار أية فرصة لتصعيد المستشار هشام جنينه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المقال، ليكون مرشحاً رئاسياً خلفاً لعنان، في حال توقيفه، وتلك فرصة جديدة أهدرت بسبب ضيق الوقت الذي يجعل من شبه المستحيل الانتهاء من جمع 25 ألف توكيل شعبي من 15 محافظة، وبحد أدنى ألف توكيل للمحافظة الواحدة، وفق القواعد المعمول بها للترشح، بعدما حصل السيسي على نحو 90 في المئة من توقيعات أعضاء مجلس النواب.
وبرغم وجود تلاميذ لعنان في المؤسسة العسكرية، إلا أنه لا يتوقع أن يكون هناك تأثير لذلك بمجريات الأحداث. التأثير الوحيد في الفترة الحالية هو أن يستجيب عنان للمطالب المطروحة عليه للخروج بتسوية قانونية تضمن عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية، واعتذاره عمّا بدر منه، بالإضافة إلى الإشادة بالنظام الحاكم في كلمة مسجلة قبل العودة إلى منزله، وهي مطالب قد لا يستجيب لها الفريق العنيد، الذي أجرى قبيل القبض عليه اتصالات مع السفارة الأميركية في القاهرة، وبعض المسؤولين الأجانب داخل مصر وخارجها، ولم يسعفه الوقت لإعلان تفاصيل ما جرى أو ما كان سيجري في الكواليس.
المزيد في هذا القسم:
- سيارة مفخخة تستهدف قاعدة جوية أمريكية شرق أفغانستان المرصاد نت - متابعات استهدفت سيارة مفخخة اليوم الاثنين مرفق سري تديره القوات الأمريكية تابع لقاعدة جوية شرق أفغانستان. وقال المتحدث باسم حاكم المقاطعة محمد...
- عملية رام الله : هشاشة الهدوء في الضفة الغربية ! المرصاد نت - متابعات قتلت مجندية اسرائيلية وأصيب مستوطنان بجروح خطرة بتفجير عبوة ناسفة قرب مستوطنة دوليب القريبة من قرية الجانية غرب رام الله وهي منطقة مليئة ...
- مصدر عراقي: قوة من الجيش قامت بعملية اسفرت عن مقتل ٦ من داعش أكد مصدر في قيادة عمليات الانبار العراقية، أن قوة من الجيش التابعة لفرقة التدخل السريع الأولى قامت بعملية "تعرضية" على مواقع تمركز عناصر تنظيم "داعش" اسفل جسر ا...
- صراع (جديد) فرنسي ــ بريطاني على العراق؟ المرصاد نت - متابعات بالتوازي مع إعلان بغداد انتصارها على «داعش» واستعداد الحكومة الاتحادية لإنجاز الاستحقاق الانتخابي ثمّة صراع سياسيّ يلوح في ال...
- داعش تتصدر الجماعات الإرهابية الأكثر فتكا في العالم المرصاد نت - متابعات وفقا لتقرير صدر عن جامعة ميريلاند الأمريكية فإن الجماعة الإرهابية التابعة لتنظيم "داعش" على الرغم من أنها فقدت الكثير من قواتها وأراضيها ...
- التحالف الدولي يعلّق أنشطته العسكرية في العراق! المرصاد نت - متابعات علّق التحالف الدولي أنشطته العسكرية ضدّ داعش عقب استهداف إيران للجناح الأميركي في قاعدة عين الأسد الأميركية بما فيها تدريب الشركاء ودعم ع...
- نيبينزيا: المتطرفون الأوكرانيون يتشبثون بماريوبول لأن هناك آثارا كثيرة لجرائمهم المرصاد-متابعات صرح مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بأن "المتطرفين الأوكرانيين يتشبثون بمدينة ماريوبول لأنها تخفي الكثير من الأدلة على جرا...
- نوبل السلام تقيل رئيسها بعد أن منح جوائز لشخصيات لا يستحقونها على رأسهم توكل كرمان توكلاقالت لجنة نوبل للسلام رئيسها المثير للجدل ثورنبيورن ياغلاند من هذا المنصب واعادته الى رتبة عضو عادي فيها الثلاثاء، في خطوة لا سابق لها في تاريخ الجائزة الت...
- فاسدون ضد الفساد ... بن سلمان نموذجاً.. المرصاد نت - متابعات فاسدون ضد الفساد وأغبياء ضد الجهل ومنحرفون ضد الرذيلة ؛ مقولة للصحفي المصري أحمد مسلماني تختصر معالم مشهد بات يتكرر بانتظام مع ولي العهد ...
- الإمارات ليكس: ترامب يطلب تخريب العراق بأموال السعودية المرصاد نت - متابعات ليست دولة الإمارات التي باتت الجاسوسية صفة ملازِمة لسفرائها في البلدان العربية والأجنبية بعيدة من المخطط الأميركي - الخليجي المعمول عليه ...