مختار الضبيري ..المتواري في مملكة الظل


alwan algaylani1-2-2014كان الشاعرمختار الضبيري رحمة الله عليه يشكل حالة شعرية ووجودية مميزة ، دشن حضوره في جامعة صنعاء سنة 1990م بدراسة علم الاجتماع وفي المشهد الأدبي بنشر كثيف لقصائده ونصوصه المختلفة التي كان من بينها كتابات قصصية .. فكان ينشر في ملحق الثورة وصفحتها الثقافية كما كان ينشر في صحف أخرى مثل الثوري والجمهورية والوحدة واليمن الجديد كما في بعض المجلات العربية ...وقد تجلى جزء من ابداعه الشعري في ديوانه ( حوارية أخيرة مع مملكة الظل)الصادر عن الهيئة العامة للكتاب سنة 1999م 
.،عرفته ممرات وحديقة كلية الآداب في النصف الأول من تسعينيات القرن العشرين شاعرا متفجر الأحاسيس ، وعاشقا يذوب في معشوقته حد الخروج على المنطق ..وكانت رهافة مشاعره وعفويته الريفية التي لا تعرف التلون أو المداورة تجعل حالة الحب التي يعيشها جرحا داميا ومفتوحا على الأسى طوال الوقت ..
وهو جرح لم يكن مختار يجد له من دواء أو سلوى سوى الشعر الذي كان مرآة وجوده وسيرة وجدانه المعذب ....به وعبره كان يهتف كلما تكالبت عليه المرارات :
قلت هذا المساء ..,.

سأخلع نعل القصيده

سوف أخاصم قلبي

وأهجر صنعاء ..

سوف أصعد هذا الفضاء

وأصنع لي شرفة في الغيومِ..

لأشرف منها عليّ ,

وأضحك مني,

أقيس المسافة بيني,

وبين الطفوله

وأسأل ظلي :

علي أي بعد

أُرى

من ديار الحبيبه ?!

.. كتبت عن الضبيري واحدة من أولى الدراسات التي أنجزتها عن الشعراء التسعينيين ..كان ذلك عند مطلع سنة 1994 م وقد نشرت على ثلاث حلقات في صحيفة الوحدة بين منتصف إبريل ومنتصف مايو من ذلك العام .. كنا وقتها نرسل كتاباتنا إلى الصحف أو نسلمها مكتوبة بخط اليد ..فلم تكن الوسائل الالكترونية قد حضرت في حياتنا .. لكني برغم حرصي على تصوير موضوعاتي قبل تسليمها ..فقد كنت بعض المرات لا أفعل ذلك .. لهذا السبب فقدت حلقتين من تلك الدراسة التي كتبتها عن قصيدته اللافتة آنذاك ..( قلت هذا المساء) ( المقطع السابق منها)،

..وحين كنت أجهز كتابي (أصوات متجارورة ) وهو الكتاب الذي تموضع تجارب جيل الشعراء التسعينيين في اليمن .. رحت أبحث عبثا في أعداد صحيفة الوحد ة لكني لم أظفر إلا بالجزء الأول من الدراسة الذي نشر قبل تفجر حرب 1994 م وقد اكتشفت أن العددين التاليين المنشور فيهما بقية الدراسة لم يتم تو ثيقهما في المكتبات لسبب لا أفهمه حتى الآن ..وهذا ما جعلني أشعر بالحزن لغياب تلك الدراسة عن الكتاب .. كونها ترصد أطواري الأولى في الكتابة النقدية .. ثم لكونها مقاربة لنص ابداعي متميز يمثل جانبا من تجربة مختار التي كانت تتصف بخصوصيتها كما اتصف هو بوجوده الحياتي وحضوره المفارق ..
ومن أسف أن رهافة مختار الضبيري كانت عاملا حاسما في وصوله إلى حالة من التعب قبل أن يوغل في الشوط ، شوط العمر وشوط الإبداع ..و حين صدر ديوانه ( حوارية أخيرة مع مملكة الظل) لم يجد الالتفات اللائق به من النقاد ..ختى مختار نفسه لم يعره الانتباه الكافي..فقد كانت معاناته من متاعب الوجود قد استأثرت به حتى رحل في صمت جارح للقلوب مطلع دسمبر عام 2006م عن سبعة وثلاثين عاما..
أدين لصديقي الشاعر أحمد الزراعي الذي أشعل الحنين في ليلتي لمختار من خلال تفكيره فيه وتذكره النبيل له علي صفحته في فيس بوك
رحم الله مختار وشكرا لك أيها الزراعي البديع

المزيد في هذا القسم:

  • روح القصيدة ! المرصاد نت لن يطفئوا روحي ....لأن بداخلي روح القصيدة...تتساقط الأحجار ..والأشعار مازالتمكابرة عنيدة..حملوا اليها الموتفانبعثت بأعمارٍ عديدة ..أن القصيدة مثلما... المرصاد الثقافي