المرصاد نت
لا أحد يكره الربيع إلا أعداء الحياة ودُعاة الموت والقتل وسفك الدماء من المجرمين والسفاحين وقطاع الطُرق وطواغيت الفناء.. لأن الربيع يُمثل رمزاً لإستمرارية الحياة وتجددها وإعادة دورتها الأبدية بينما هم يعشقون الظلام والفناء والموت والدماء لأن في سفكها تجدد لحياتهم الشيطانية وإرواء لعطشهم الإجرامي المريض ...
قبل الربيع العربي المنصرم في ديسمبر 2010م وفي أحد الأقبية بالعاصمة الأمريكية واشنطن أرادت الإستخبارات المركزية أن تستوثق من معلوماتها لتعزز من مكانتها المهنية لدعم تقاريرها {الثاقبة} بأن الأمة العربية في حالة سبات عميق وخريف دائم تسير حثيثاً عبر العقود والقرون نحو الأندثار والتلاشي وتنصهر مكوناتها "الإنسانية والإجتماعية والثقافية الحيوية" بالطبع ليس كما تنصهر حُمم البركان المتفجر الذي يعاود تفجره بين حين وآخر ولكن كما تذوب الخضار في وعاء الشُربة {المرقة} وتموت إلي الأبد .. وبأن ماحدث من قلاقل في بعض دول ومناطق الشرق الأوسط ماهو إلا مجرد فقاقيع في فنجان تؤخر ولا تُقدم ..
فقامت بالتحضير لإجتماع يضم كبار علماء وجهابذة السياسة في أمريكا وأعضاء مؤسسات الفكر{الثِنك تانك} ومحللي الإستخبارات وخبراء غير حكوميين وثلاثة أو أربعة من محاضري الجامعات ومثل هذا العدد من الأكاديميين والباحثين وكذلك عدد من الموظفين الحكوميين من مختلف التخصصات المتقدمة في السياسة والإقتصاد والإجتماع والتأريخ وقالت لهم جميعاً: أفتوني في أمر مايحدث في الشرق الأوسط؟
فكان جوابهم بالإجماع هو التأكيد الصارم بأن الأمور مستتبه للغاية وتحت السيطرة لأن الأنظمة العربية هناك متجذرة جداً- و{أقوى} من خيوط العنكبوت - من أن تهتز من قبل شعوبها المقموعة والمحرومة والجائعة . وقد قام بشكل أساسي مسؤلي الإستخبارات الأمريكية بالدعوة إلى هذا الإجتماع بعد أن تصاعدت إحتمالات عدم الإستقرار في الشرق الأوسط فارتائ هؤلاء التأكد من هذه المزاعم وكشف حقيقتها إن كان ثمة جديد مايمكن معرفته.
فخلص هذا الإجتماع الذي دام يوماً كاملاً إلى إن السمة البارزة لوضع الشرق الأوسط كما كان عليه في العقدين الماضيين وهو- إستقرار سياسي- خلال المستقبل الغير منظور . بيد أنهم أستدركوا إلى أن الحدث الوحيد المهم والأبرز الذي قد يحدث في المنطقة هو موت أحد الزعماء العرب وذلك في إشارة إلى حسني مبارك المريض ..
بعد مرور أسابيع قليلة على هذا الإجتماع أنفجر الربيع العربي بما لم يسبق له مثيل على الأرض فأنتفض من الفزع كل من لايروق له فصول الربيع .. فرنت في تلك الأثناء أجراس التلفونات وطرقعت أزرار {الكيبوردات} لمختلف الإجهزة الإكترونية في مكاتب وأروقة وزارة الخارجية الأمريكية والمؤسسات الأخري في العاصمة الأمريكية ومثيلاتها في إسرائيل وغيرها من عواصم وأقبية ودهاليز قيادات عصابات المافيا التي تحكم العالم لتبادل الرسائل الإلكترونية {الإيميل} والإشارات المشفرة بأنواعها في حالة ذهول وأستغراب وكلها تتساءل في دهشة عن مايحدث في تونس ومصر ومن ثم سوريا واليمن وليبيا والسودان والبحرين والجزائر وغيرها على مدي أشهر ناهيك عن فضول وكالات الأنباء والصحافة وبقية الوسائل الإعلامية والتواصل الإجتماعي التي لم تتوقف عن بث الأخبار..
ماحصل في أقل من أسبوع وأحد فقط من هذا الإجتماع المذكور هو أن الشاب التونسي محمد البوعزيزي أضرم النار في نفسه قرباناً لبزوغ براعم الربيع العربي الذي مايزال يتورق أحمراراً حتي كتابة هذا المقال ومابعده .. فتوال سقوط الرؤساء الواحد تلو الآخر وحتى اليوم وذلك ماهو إلا دليل على إستمرار هذا الربيع الذي لم يصل بعد حتى اللحظة لسحق الإنظمة..
سقط بالأمس عبد العزيز بوتفليقة وغداً سيسقط عمر البشير والقادم أعظم . طبعاً كل هؤلاء ماهم إلا أوراق تعفنت في زمن شتاء قارس طويل جثم على أمتنا العربية والإسلامية بينما أشجارها السرطانية ماتزال جاثمة على أرضنا وهي الأنظمة العميلة التي لم تتغير سوي جلودها المتقشبة..
أخذ النهر الربيعي الجارف تدفقه بعد هروب بن علي من تونس وعودته لمرضعته السعودية حتى أطلقت السناتور دايان فينشتين التي كانت ترأس حِينَئذِ اللجنة المُعَينة لمجلس الشيوخ للإستخبارات التي تشرف على سبعة عشر وكالة أمريكية إستخبارية وأسعة الإنتشار أطلقت تساؤلها {المشروع} الذي يتلخص في كيفية عدم معرفة أحد مسبقاً أن {الإنتفاضة} في الشرق الأوسط قادمة رغم تجارب الولايات المتحدة حول هذا الشأن وعلى سبيل المثال إستشراف وقوع الثورة الإيرانية ومآلاتها.
لكن لم يلبث هذا الربيع أن يدفع بنهره الهادر المتدفق لتنظيف الأرض من الأوساخ المتعفنة حتى قفز عليه أعداؤه من كُلِ جُحر في كل بلد عربي على حِده وبما يلائمه.
في اليمن على سبيل المثال أول من قفز عليه هو العجوز الصهيوني علي محسن الأحمر فوثب على قاربه أتباعه من العملاء . ثم تم بعد ذلك تقسيم وتبادل الوظائف والأدوار الصهيونية بإمتياز بين خلاياها العاملة والنائمة .. وللسخرية فأن المتبادلون لهذه الأدوار دون إستثناء يرفعون شعار الدفاع عن الوطن وذلك من أجل إستقطاب كافة أبناء وشرائح المجتمع اليمني طائفياً وعرقياً وجرجرتهم إلى محارق الموت تحت شعارات ملتبسة ومتناقضة ومتضادة لتأجيج جذوة الصراع الداخلي..
إن الشئ العجيب والغريب إنه يتم تقطيع وتمزيق اليمن وإبادة إبنائه راهناً من قبل أعداء اليمن لكن بآيادي يمنية باتت تعمل مباشرة لدي الصهاينة العرب وأصبحت جزء تابع وأجير ومرتزق لدي هؤلاء مهمتهم هو التغرير على اليمنيين بعناوين وشعارات إنقسامية إنفصالية وطائفية مختلفة تحثهم جميعاً لقتل بعظهم وتقسيم أرضهم والقبول بالمحتل وماينقص من ذلك يكمله التحالف الصهيوني بالقصف على المدنيين العزل بالإبادات الجماعية دون آي مبرر بعد مزاعم أن اليمن بكل شرائحه كان يصد عدواناً خارجياً غاشماً ...
إن اليمن يواجه أكبر مؤامرة عرفها التأريخ القديم والحديث لتدمير نسيجه الوطني والإجتماعي بعد أن مر بتجارب عديدة من الإحتلال والإرتهان والإنفصال والأنظمة القمعية والديكتاتورية والحروب الأهلية على مدي قرون من الزمن وكلها بائت بالفشل ولم يعد أمام العدو سوي أن يخلق أكثر من حكومة شكلية وأكثر من مجلس إنتقالي شكلي وأكثر من جيش مليشوي وأكثر من عصابة إرهابية مجرمة متعصبة وأكثر من مجموعة تجار سلاح ونفط وفساد وحروب وأكثر من حرب بالوكالة بيتما العدو وأحد هو نفسه لم يتغيير..
نخلص مما سبق في هذا المقال المقدمة لسلسلة طويلة من مقالات توضيحية لاحقة.
بأنه جرت ثمة محاولات قوية لشيطنة الربيع العربي وتجييره أو موضعنه نسبةُ لصناعات صهيونية كي لا يستمر أو لا يستأنف مسيرته مرة أخري لأنه خرج دون سابق إنذار من حسابات الماتركس الصهيوني بينما الحقيقة ليست كذلك نهائيا.....
الحقيقة هي أن الربيع العربي لا فرق في أن نختلف على تسميته ثورة أو ربيع لأن الثورة هي ربيع والربيع هو ثورة طبيعية لو أمعنا النظر بشكل أدق...
كتب : أ .عبدالباسط الحبيشي - المنسق العام لحركة خلاص اليمنية..
المزيد في هذا القسم:
- ما أسفرت عنه العاصفة ! بقلم : علي جاحز المرصاد نت يبدو ان العاصفة انقشعت على واقع يختلف كليا عن ما كان يطمح ويطمع ملوك الصحراء و أمراء الغبار انقشعت ليظهر اليمن شامخا شموخ شعبه وجباله و قيعان...
- "المبعوث الأممي" جاء يكحلها أعماها ! المرصاد نت مثل شعبي ينطبق على المبعوث الأممي البريطاني الجنسيه الذي حول العمليه السياسيه إلى صراع محتدم ومناوشات إعلاميه أكثر منها جديه والتي أشعل من خلالها ال...
- الإبتزاز التاريخي لممالك الشر ! بقلم : عدنان قاسم قفلة المرصاد نت التنافس على إبتزاز الخليج ... المضحك في التنافس عندما ننظر للإنتخابات الأمريكية أن المتنافسين يروجون لأكبر عملية إبتزاز لدويلات الخليج الأعراب...
- المسودة السوداء لا تشير إلى أن بنت الشيطان ستوقف عدوانها .. بقلم : محمد عايش لم أجد في المسودة السوداء ما يشجع أو ما يثبت أن بنت الشيطان ذاهبة إلى إيقاف عدوانها فعلاً وبدون أية نوايا للتحايل. تخيلوا اتفاقية لوقف إطلاق النار لا يرد...
- الطريق الى الكويت مسار منبطح تحت سقف سعود ! بقلم : عبدالجبار الحاج المرصاد نت سواء سافر الوفد ام لم يسافر ؟ اكان سفره الغد او بعد شهر ؟ وسواء حلق الطيران ام توقف؟مادامت الوان الحرب متعددة وقائمة وطعم المذلة بسلام الاستسلام...
- عدن والذكرى السنوية الأولى لاحتلالها ! بقلم : أ٠د .عبدالعزيز صالح بن حبتور المرصاد نت غادرت مدينة عدن قبل عام تقريباً في أثناء بدء الاجتياح الغاشم لها من قبل قوات المملكة السعودية والإمارات وفيلق الجنجويد من السودان والشركة الأمنية ا...
- معركة الحديدة والساحل وصفقة القرن ! المرصاد نت العملية البحرية النوعية الكبيرة التي نفذها أبطال القوة البحرية على ميناء المخا المحتل أمس الأول ستكون لها نتائجها المباشرة في قادم الأيام .نظرا لظر...
- «الشرعية» اليمنية: اسمٌ من دون مُسمّى ! المرصاد نت تآكل مع مرور الوقت الدور الوظيفي لما يُسمّى «الشرعية» اليمنية مُمثلةً في الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي إلى الحدّ الأدنى حتى...
- بالمختصر المفيد.. اليمن بين القلوب والجيوب! المرصاد نت شغلونا شعارات زائفة وهتافات صورية ومواقف مصطنعة تتغنى بالوطن وتشيد به وتتشدق برفع رايته وتعليق الأنواط التي تحمل العلم الوطني والطير الجمهوري سمعنا...
- خادم الحرمين من يخدم من الملك فهد او من سمى نفسه خادم الحرمين الشريفين, في الثمانينات ,ولما مات اخذ التسمية منه الملك عبدالله ,لكني تأملت للتسمية ,والفعل المطابق لها فوجدتها بعيدة كل ا...