كتب: عبدالباسط الحبيشي
هرولت العديد من الأنظمة ومليشياتها العربية وغير العربية وادواتها الإعلامية بالتعاطي مع الرئيس الأمريكي الغير شرعي جو بايدن وكأنه يمتلك زمام كل الحلول لمشاكلهم السياسية والإقتصادية والعسكرية والحروب المفتعلة وذلك منذُ الإنتخابات الرئاسية في الثالث من نوفمبر الماضي ناهيك بعد إكماله لمراسيم التنصيب الإفتراضي في العشرين من يناير هذا العام.
وبالمقابل لم يتوانئ بايدن من التصانع تجاه هذه الحملات مدّعياً إمتلاكه الحل والعقد والربط في قضايا العالم بينما يعتبره مُعظم الشعب الأمريكي ولأول مرة على مدى تاريخ رئاسة السلطات التنفيذية فاقد للشرعية فضلاً عن الأهلية لإدارة أمريكا بإستثناء طبعاً عشاق عالم الفانتازيا.
يستند هذا الطرح ببساطة، بالإضافة الى المعلومات التي نشرتها في نفس السياق في مقالاتي السابقة، على ان واشنطن دي سي العاصمة ماتزال مغلقة وان البيت الأبيض مايزال مُطفأ الأنوار منذُ خروج دونالد ترمب القائد العام للقوات المسلحة منه وذلك بواحد وعشرين طلقة مدفعية كتحية عسكرية على غير العادة لرئيس يخرج من البيت الأبيض بينما الرئيس الجديد لم يحضى بهذه المراسم مثل اي رئيس جديد، إلا اذا كان غير شرعياً إضافة الى ادلة وقرائن أخرى عديدة فضلاً عن الأدلة الدامغة بتزوير الإنتخابات وتهكيرها من قِبل بعض الدول وشركات عالمية.
قد تكون هذه المسألة صعبة على فِهم المتابع المتخصص جداً ناهيك عن الجمهور العادي الذي يشاهد كل الفضائيات تطبل وتزمر كالعادة وكأن شيئاً لم يحدث ناهيك عن متابعة القرارات التي يصدرها رئيس الفانتازيا الإفتراضي والأخبار التي تُبث عن إدارة الفانتازيا الأمريكية الجديدة. لذا دعوني اضع مثالاً سريعاً بهدف التوضيح:
في الأيام القليلة الماضية حدث إنقلاب عسكري في بورما سببه هو إنتهاك الدستور البورمي وتزوير الإنتخابات وفي مثل هذه الحالات تخول دساتير الدول للجيش بالتدخل وإعادة الأمور إلى نصابها بصرف النظر عن الإنتماءات السياسية للأطراف المتنازعة. وهذا ماقام به الجيش في العاصمة ماينمار الذي أعلن حالة الطوارئ وأنزل قواته الى الشوارع وزج بقيادات الحكومة الجديدة في السجن ووضع بعضها تحت الإقامة الجبرية وقطع الكهرباء وكل وسائل الإتصالات واقفل البلاد إلخ إلخ.
نفس السبب للإنقلاب العسكري في بورما حصل في أمريكا بل وعلى نطاق أكبر واوسع، الفرق هو ان الجيش الأمريكي لم يقم بما قام به جيش بورما لأن مثل هذا الإجراء من حيث الشكل لا يتناسب أبداً مع الوضع الأمريكي وأهميتها على مستوى العالم، ولو حدث لوقف العالم بقضه وقضيضه بالصراخ والعويل والولولة ولم يقعد. لكن رغم ذلك قام الجيش الأمريكي فعلاً بإنقلاب .. لكنه إنقلاب من نوع مُختلف ومغاير .. إنقلاب ناعم يليق بحجم الدولة الكُبرى ومكانتها في العالم حتى يُجنب البلاد والشعب الأمريكي الإضطرابات او الحرب الأهلية في الداخل وكذلك يُجنب العالم من زلازل وكوارث إقتصادية وعسكرية او حرب عالمية وغيرها .. قام بإنقلاب ناعم يستطيع من خلاله نقل السلطة والنظام والإقتصاد ونظام السوق والنقد إلخ إلخ بسلاسة متناهية ليس فقط على مستوى أمريكا بل على مستوى العالم بأسره. ولذلك ترك بعض الممثلين يستمرون بلعب ادوارهم على خشبة المسرح كأن شيء لم يكن حتى ينتهي من هذه المهمات الضخمة والخطيرة التي لا تخص امريكا فقط بل كل دُول العالم .. وأهم هذه المهمات وأدقها هي إعادة بناء القصة الدرامية/السياسية/الإعلامية في وعي الشعب الأمريكي من زاوية مُختلفة غير الصورة النمطية الذهنية التي ترسخت في عقله على مدى العقود الماضية.
وبناء على ذلك فإن مايحدث في أمريكا اليوم ليس مجرد إنقلاب ناعم وحسب بل ثورة ناعمة بكل ماتعنيه الكلمة من معنى ليس على الداخل الأمريكي بل على النظام العالمي برمته .. ولذا ستسقط رؤوس كبيرة جداً في أمريكا وفي العالم وستزال أخرى وإن كان بعضها قد سقط وأزيل فعلاً ولكن بصمت .. إن العالم يرى اليوم إستقالة مدير السي إن إن الفضائية وإستقالة رئيس اكبر شركة في العالم وهي شركة أمازون .. بل ان الكثير من الرؤوس الكبيرة قد طاحت واختفت بهدؤ حتى الآن والحبل على الجرار.
من الجدير بالذكر أن الإنقلاب الأمريكي لم يبدأ بعد إنتخابات نوفمبر ٢٠٢٠ بل أنه قد بدأ عملياً منذُ تنصيب الرئيس دونالد ترمب عام ٢٠١٦ - وقد تم تفكيك قضايا عسكرية وإقتصادية عديدة على مستوى العالم منذُ ذلك الوقت تمهيداً لتصفير العداد بالكامل لولادة عالم وعصر جديد قريباً إن شاء الله.
المزيد في هذا القسم:
- الرجل الانقلابي في زمن الوصاية المعولمة ! بقلم : عبدالملك العجري المرصاد نت عندما يقول السيد عبدالملك الحوثي لا للزمن السعودي ولا للزمن الامريكي وعندما تقول ثورة 21 سبتمبر لا لتوصيات صندوق النقدي والبنك الدوليين للإصلاح الا...
- خطورة الحكومات التشاركية ! بقلم : محمد محمد المقالح المرصاد نت الجماعة الطائفية او المناطقية او العرقية هي وحدها من لديها إحساس داخلي يقيني إنه لايحق لها أن تقود وحدها الوطن بمختلف تياراته ومناطقه وإنها لذلك...
- إنَّ ربنا قد غلب ربكم ! بقلم : د.أسماء الشهاري المرصاد نت لقد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً... فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ نعم.. لقد صدقنا الله وعده.. و من أصدق من الله قليلاً.. عندما توكلنا عليه وحده.. و انقط...
- مؤشرات اللحظة ! بقلم : محمد المنصور المرصاد نت يتكشف كل يوم ويتضح أن رهانات الشعب اليمني على الله وعلى الصمود والصبر والتضحية في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي كانت صائبة، وصحيحة. وثمار ذلك ...
- الرياض توقف نفطها المتوجه غربا.. جهد العاجز المرصاد نت السعودية التي دخلت في عدوان همجي على اليمن تحت ذريعة حماية وإنقاذ الشرعية وإعادتها الى صنعاء وأنهاء ما سمته الإنقلاب وكانت تامل حينها أن تحقق أهداف...
- جرائم العدوان وواجب الرد البالستي! المرصاد نت ما نكاد ندفن ضحاياء جريمة سعودية بحق ابناء اليمن إلاّ ويعبث من جديد العدوان السعودي بالإنسانية ويرتكب جريمةً أفظع من سابقتها متجاوزاً الاّ م...
- صناعة القداسة ! بقلم: أ. عبدالباسط الحبيشي المرصاد نت لست من المهتمين بمشاهدة الفضائيات الا فيما ندر لاسيما تلك الفضائيات المعادية لليمن والمساندة للعدوان وبالأخص تلك الفضائيات اليمنية التابعة للإصلاح ...
- التسويات الجديدة لتحالف العدوان على اليمن! المرصاد نت التسويات الجديدة لتحالف العدوان على اليمن كتب: أ .عبدالباسط الحبيشي* تأتي اللقاءات والإتفاقات والتربيطات الحالية التي تدور رحاها هذه الأيام بين آ...
- من ذاكرة الاغتيال والاحتيال .. حلفٌ وصالهُ زورا وفصالهُ بهتاناً ! في خضم الثورة الشبابية الشعبية في اليمن التي لم تكتمل فاستحقت بامتياز مع مرتبة الشرف وصف (نصف ثورة) لتنتظم مع جملة عديدة ومتعددة من الأنصاف في حياتنا .. أنصاف أ...
- هل تملك السعودية مؤهلات قيادة الإقليم ؟ بقلم : عبدالملك العجري المرصاد نت ليس للسعودية ودول الخليج الإرث الحضاري التاريخي ولا أي اسهام في النهضة العربية الحديثة يؤهلها لخلافة العواصم الثلاث(القاهرة ,بغداد دمشق)التي كانت ت...