عندما ينافس رجل الدين رجل السياسة في الكذب ويتفوق عليه ! بقلم : عبد الملك العجري

المرصاد نت

تحرج معظم سياسي العالم في الشرق والغرب في ابداء موقف من كذبة استهداف الكعبة بصاروخ ليقينهم انها مجرد كذبة بايخة ,,في حين اندفعت مؤسسات دينية ورجال دين لادانة الحادثة الكذبة alagrai2016.10.30بشكل يبعث على الاستفهام حول الدور المشبوه لهذه الفئة التي تحسب نفسها على الله ولا تتحرج عن التكسب باسمة وبهذه المناسبة اعيد نشر مقالة كتبتها في 2011 بعنوان
حتى لا تضطر الشعوب لتعريب شعار( اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس)

*المؤسسة الدينية وصناعة الطغيان
إدراكا منها لأهمية الدين في تدجين المجتمع المتدين حرصت الدولة الاستبدادية قديما وحديثا على احتواء المؤسسة الدينية واحتكار تمثيل الدين واستغلال تأثيرها الروحي في عملة الضبط الاجتماعي وإنتاج إيديولوجيا دينية للقهر والاستبداد تصيب المجتمع المدني بالشلل السياسي والاجتماعي والموت المعنوي وتجرم الثورة والمعارضة وأسفر ذلك عن قيام تحالف بين الفقيه والسلطان لاستلاب الجماهير سياسيا ودينيا وفي إطار هذا التحالف لعب الفقيه دورا ذيليا تبعيا أدى في النهاية إلى تقويض استقلالية المؤسسة الدينية وتبعيتها بالكامل للمؤسسة السياسية وجنوحها للتبرير
بالتمجيد الدائم والمستمر والمتواصل للسلوك السياسي للسلطة وتجريم الثورة والمعارضة والتغيير وإرهاب الجماهير وإخافتها من التغيير بحجة تهديد الأمن والاستقرار والسلم الأهلي والفوضى والوقوع في الفتنة "سلطان غشوم
خير من فتنة تدوم "والاهم من ذلك التعرض لغضب الرب بعد توحيده بغضب السلطان .


*رجال الدين ومسؤولية الهزيمة الحضارية للإسلام*
.الواقع أن تراجع مكانة ومصداقية العلماء واهتزاز الثقة بهم لم تعد قصرا على أوساط معينة عرفت تاريخيا بمواقفها المناهضة لثقافة السمع والطاعة فهي من الظواهر التي برزت بقوة على الساحة الإسلامية والعربية منذ بدايات ما يسمى بالنهضة العربية .
الخطير في الأمر إن التراجع الذي شهدته مكانة العلماء امتدت إلى الدين نفسه لان ممارساتهم تنعكس بشكل أو بآخر سلبا على الدين بتحميله تبعات ما يرتكبونه من أخطاء مصيرية تتعلق بحاضر الأمة ومستقبلها مستفيدين من المكانة التي يختلها الدين في قلوب الناس وما له من قدسية في نفس الإنسان المتدين تنعكس على رجال الدين. ونتيجة للتأثير المتعاظم الذي يتركه الدين على الحياة العامة والدور الذي يلعبه في تنظيم حياة الإنسان وتوجيه وترشيد سلوكه وفي تشكيل منظومة القيم والمعتقدات وصياغة النظم الاجتماعية والسياسية,فان دائرة تأثير رجال الدين تمتد إلى حيث يمتد تأثير الدين.
ومن هنا تأتي حساسية وخطورة الدور الذي يمارسه العلماء و إلى هذا يشير الإمام الثائر زيد بن على في رسالته إلى علماء الأمة"انتم أيها العلماء عصابة مشهورة وبالورع مذكورة والى عبادة الله منسوبة وبدراسة القران معروفة ولكم في أعين الناس مهابة وفي المدائن والأسواق مكرمة يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ..الخ"
ولذلك لا نبعد عن الحقيقة إذا قلنا إن الهزيمة الحضارية للإسلام والانحطاط الثقافي الذي شهده العالم الإسلامي يتحمل مسؤوليته العلماء بسبب من جمودهم وتصلبهم وضيق أفقهم الذي افقد الإسلام القه وحشره في زاوية من الطقوس والخرافات وجعلت منه شكلا بلا روح ,وبسبب من علاقتهم المشبوهة بسلاطين الجور وما أنتجته من ثقافة الصمت وثقافة القهر والاستغلال واستخدام الدين ضد مصلحة الأمة ومصلحة الجماهير التي وجدت نفسها في الأخير مضطرة للإقبال على مصلحتها وان أدى ذلك إلى التضحية بالدين
يشير السيد خاتمي رئيس إيران السابق في كتابه (الدين والفكر في شرك الاستبداد )إلى القلق الذي كان ينتاب الغزالي بشان الانحراف الديني والعقدي الذي اخذ يتفشى في المجتمع الإسلامي آنذاك وبدلا من تقصي أسبابه في العمق الاجتماعي والسياسي والديني- كما يقول خاتمي -يحمل الغزالي الفلسفة مسؤولية هذا الوضع ويرد خاتمي بان ضعف الإيمان والانحراف الحاصل كان سابقا لدخول الفلسفة ويضيف بان تعبير كثير من الناس عن سخطهم باللادينية والطعن بالدين بسبب الظلم السياسي و ممارسات الساسة والحكام التي كانت تحظى بمباركة رجال الدين ممن قضوا أعمارهم في خدمة السلاطين وأعوانهم مع أن تحلل هؤلاء الديني والأخلاقي وعبثهم بالنساء وشربهم الخمور وقتلهم الأبرياء لم تكن لتخفى عليهم ما حمل أولئك على الاعتقاد بان هذه الممارسات نابعة من الدين نفسه وأدى إلى استشراء النفاق الديني لدى طيف واسع من الناس والى تزلزل الأساس الديني لدى البعض حتى اعتبروا التخلي عن الدين طريقا للخلاص ,كما أن الفهم السطحي والنظرة القاصرة والفكر الجاف لدعاة الشريعة كانت تقلق طيفا واسعا ممن يتمتعون بنظر ثاقب ومع تزايد الشبهات تعمقت الأزمة أكثر في ظل العجز الذي يبديه أصحاب الفهم الظاهري والسطحي للدين عن الإجابة عن الأسئلة التي تشغل الساحة الفكرية والدينية ولجوءهم إلى الأساليب العنيفة والإرهاب الفكري .
وبانتهاء عصر المأمون العباسي دشنت الثقافة العربية والإسلامية مرحلة جديدة اتسمت بالتراجع والانحطاط وسيطرة النصوصيين وأهل الظاهر على الساحة وإقصاء ومحاصرة العقل وتجريم كل أشكال التفكير النقدي والإبداعي ,ويعتبر الغزالي بطل هذه المرحلة فقد نجح في تسديد ضربة قاضية للعقل العربي والإسلامي , يذكر الباحث المصري /نصر حامد أبو زيد إن العصر الذي شهد خطاب الغزالي وأنصت إليه هو عصر الانهيار السياسي والتفكك الاجتماعي ,ويذكر المفكر الفرنسي المسلم روجيه غارودي "إن الغزالي لم يتسبب في فقدان الثقة بالفلسفة عموما بل وفي كل تفكير نقدي "
وعن الهزيمة الحضارية للإسلام في الغرب يحمل غارودي الفقهاء مسؤولية هذه الهزيمة" بعد أن تحول الإسلام على أيديهم إلى إسلام النساك المستخذي للسلطة الداعي إلى الجبرية والخضوع العاجز عن تكوين فكرة قوية قادرة على الإشعاع والتألق ..."
وبسبب جمود العلماء الفكري وتصلبهم تم تحميل الإسلام وزر الانحطاط الحضاري للشعوب الإسلامية في العصر الحديث وكانوا وراء انصراف الشباب وعزوف النخبة عن التفكير في شؤون الأديان قرينة التخلف والخرافة العاجزة عن الإجابة عن أسئلتهم الملحة التي فرضتها المواجهة بين الشرق الإسلامي المتخلف والغرب المتفوق علميا وتقنيا وعسكريا فيتجهوا نحو الغرب حيث الحقيقة والعلم .
مكمن الخلل في أداء العلماء يعود إلى تلك العلاقة المشبوهة بينهم وبين الملوك والسلاطين وهي علاقة تقوم على التبعية المطلقة للسلاطين وفي أحسن الأحوال المداهنة لهم .
فالملوك عادة يرون أن تميزا تكوينيا غير عادي يقف وراء ما هم عليه من سطوة وسلطة أو أن يد العناية الإلهية هي من اختارتهم, ما يدفعهم إلى الاعتقاد بان كل شيء يجب أن يخضع لإرادتهم
وليس هناك ما هو أفضل من الدين لتحقيق هذه الغاية ولتهيئة الجماهير نفسيا وخلق بيئة مواتية لتمرير ما يريده الملك لا بالخضوع للدين وإنما بإخضاع الدين لرغباته وأهوائه وتشكيله بالكيفية التي تجعل ما بريده ويرضاه هو عينه ما يريده الله ويرضاه ,وخير من يقوم بهذه الوظيفة العلماء ومن يرفض يتعرض للمطاردة والتضييق والتصفية الجسدية والمعنوية وعلى امتداد التاريخ يشكل هؤلاء(الرافضين) حالة استثنائية وأقلية في مقابلة الكثرة الهائلة التي قبلت أداء هذا الدور.
و إذا كان الأمر كذلك ليس غريبا أن نرى الحاكم يحتل- في الفكر الديني الإسلامي - قطب الوجود ومداره الذي عليه يدور وظل الله في أرضة وان نرى سلطته تشكل امتدادا لسلطة الله وان الاعتراض عليه إنما هو نوع من الاعتراض على القضاء الإلهي
وهكذا أصبح العلماء يكاد ينحصر دورهم في شرعنة الحروب المقدسة التي يخوضها الحكام بحق أو بغير حق وإضفاء الشرعية على كل ممارساتهم و تحركاتهم فاذاما تحرك احدهم باتجاه الشرق أفتى هؤلاء بوجوب التحرك شرقا وإذا تحرك باتجاه الغرب فان التحرك غربا يصبح من اوجب الواجبات .
على علمائنا أن يستفيدوا من تجربة الكنيسة والانتكاسة المدوية التي تعرضت لها في أوربا والغرب عموما بسبب الممارسات (السيمونية )التي انتشرت على نطاق واسع بين رجال الكنيسة وجريهم وراء الملذات وإتباع الشهوات في تناقض صارخ مع الروحية التطهيرية للكنيسة بعد أن أصبحت من اكبر ملاك الأراضي التي أدارتها وفقا لنظام الإقطاع ,وموقفها اللامسؤول المناهض للعلم والعلماء ,ومبالغتها في الحط من شان الإنسان ودفاعها عن ما تسميه بالحق الهي للملك ,ودعوتها إلى الاستكانة لظلم النظم الإقطاعية والرأسمالية ...الخ فتدير أوربا ظهرها للدين وتثور على الكنيسة وتنصرف عنها الجماهير رافعين شعار (اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس)
إذا لم يستطع العلماء الاستفادة مما جرى للكنيسة فان الجماهير العربية والإسلامية ربما يضطر لتعريب شعار الثورة الفرنسية

المزيد في هذا القسم:

  • وطن الشهيد!  المرصاد نت كتبت : اخلاص القرشي  ماذا ألمَّ بكَ يا وطن كلُّ جميلِِ فيكَ يَنكَسِرُ وكل عالمِِ فيك يَحتضِرُ عَجزَ الحُلمُ أن يرسُمَ فيكَ صورتَهُ وكلُ... كتبــوا
  • ماذا بعد ! بقلم : على عبده فاضل المرصاد نت ماذا بعد الاتفاق المبرم بين انصار الله وحلفاؤهم والمؤتمر الشعبي العام و حلفاؤه والذي تمخض عنه تشكيل المجلس السياسي الأعلى للقيام بدوره الوطني في ظل... كتبــوا
  • ( المطيع حمار المُفسِد ... )  المرصاد كتب: عبدالجبار الحاج ..   من فصول مظلمة المجاهد جلال الصبيحي ..   على قاعدة المطيع حمار المفسد في المثل الشعبي وعلى قاعدة تناقض ... كتبــوا
  • سبحان الذي اسرى بهم ليلاً في منتصف خمسينيات القرن العشرين قام اليمنيون باول خطوة عملية نحو اعادة تحقيق الوحدة اليمنية وهي تاسيس رابطة موحدة لطلبة اليمنين في مصر وكان عمر الجاوي احد ابرز ... كتبــوا