المرصاد نت - متابعات
يزداد التوتر بشكل ملحوظ في محافظة المهرة (شرقي اليمن) بعد التصعيد الذي قامت به السعودية هناك. قابل خطوة الرياض تلك تصعيد نفذه مواطنون بدعم من بعض القبائل هناك التي ترفض التواجد السعودي. وسبق أن شهدت المهرة اشتباكات بين قبائل وقوات مدعومة من السعودية رفضا لبعض تحركات الرياض هناك والتي تحظى بدعم من السلطة المحلية بقيادة محافظ المهرة راجح باكريت. وهناك مخاوف كبيرة من أن تفقد المحافظة الأمن والاستقرار فيها خاصة أنها تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لسلطنة عمان التي ترتبط معها بحدود واسعة وتعتبرها كذلك جزءا من أمنها القومي.
في ذلك السياق يقول الباحث في الشؤون السياسية عدنان هاشم إن العمل السلمي الذي يستخدم الاحتجاج يحتاج إلى برنامج تصعيد مع كل تطور أو زمن يمر دون الاستجابة للمطالب أو تنفيذها.ورأى أن الاستجابة لمطالب المتظاهرين هي السبيل للخروج من حالة التوتر وأن تتعامل السعودية مع الحكومة الشرعية في موضوع مشروع ميناء نفطي في المهرة. وبدون ذلك -يتوقع هاشم- أن يستمر السكان في اعتبار الوجود السعودي قوة "احتلال" يجب مواجهته حتى بالسلاح.
ومع التوتر في المنطقة وموقع المهرة الحدودي سيجد السكان طريقة للنضال المسلح وستدخل الرياض في معركة استنزاف على الأرض ومعركة دبلوماسية دولية للبقاء على حد قوله.
وأمام ذلك - يذكر هاشم - أنه لن يكون أمام السعودية والسلطة المحلية خيار سوى الاستجابة أو التوصل مع قادة الاعتصام لحلول جذرية تنهي حركة الاحتجاج، مستبعدا حدوث ذلك في الوقت الحالي. وأكد أن من المخاطرة للسلطة المحلية والسعودية اللجوء إلى العنف والقمع، لأن ذلك سيولد غضبا متزايدا قد يفجر الأوضاع بشكل سريع وتتحول المهرة إلى نقطة اشتباك جديدة.
بدأت الاحتجاجات في المهرة قبل أكثر من عام بمطالب كان أبرزها: عدم السماح لأي قوات غير رسمية بالقيام بالمهام الأمنية في المهرة فضلا عن حماية السيادة الوطنية ودعم الشرعية. تلك المطالب وغيرها لم يتم تنفيذها مما أدى إلى تصعيد الاحتجاجات واستمرارها، وتأكيدهم على ضرورة رحيل القوات السعودية وإقالة المحافظ باكريت المقرب من الرياض.
بالتزامن مع ذلك شهدت المهرة في يوم واحد خمس وقفات احتجاجية تركزت مطالبها على رحيل السعودية من المحافظة استجابة لدعوة اللجنة المنظمة للاعتصامات. سالم بلحاف رئيس اللجنة الإعلامية المنظمة لاعتصام أبناء المهرة السلمي، أكد أن المحافظة ستشهد مزيدا من التصعيد حتى الاستجابة وتحقيق مطالبهم.
وكان الشيخ عيسى بن سالم بن ياقوت السقطري شيخ مشايخ جزيرة سقطرى أكد أن السعودية لديها أكثر 20 معسكرا تتمركز طول الشريط الساحلي للمهرة. وأوضح السقطري أن سيطرة القوات السعودية على المنافذ الحدودية أدت إلى تراجع إيرادات هذه المرافق من ثلاثة مليار ريال في السنة إلى مليار ريال بفعل سوء الإدارة والتعطيل المتعمد من قبل القوات السعودية التي تتحكم بهذه المنافذ.
وأفاد بأن التحالف انحرف عن مسار الأهداف التي تدخل من أجلها وبدل أن يعمل على دعم الشرعية أصبح يعمل على تقويض مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أن محافظة المهرة لم تعد تدار من قبل السلطة المحلية بل من قبل الضابط السعودي الذي أصبح يتحكم في كل الأمور داخل المحافظة. وطالب السقطري هادي وحكومتة بالخروج عن الصمت تجاه ما يحصل في المهرة من قبل التحالف السعودي الإماراتي وعدم الرضوخ للضغوطات التي تمارس عليهم.
وكانت السعودية قد دخلت المهرة أواخر العام 2017م بحجة مكافحة علميات التهريب للسلاح والمخدرات وهو ما نفاه مؤخرا وزير الدولة محمد كدة وبدأ عقبها التوتر بين تلك القوات وأبناء المحافظة. وتحاول السعودية مد أنبوب نفطي من صحراء الربع الخالي إلى بحر العرب وذلك للالتفاف حول مضيق هرمز الذي تشرف عليه سلطنة عمان وإيران وهو الأمر الذي يواجه بانتقادات لأنه يتم في الوقت الذي يعاني فيه البلد من ضعف ولن يستفيد من ذلك المشروع العملاق.
وتعتبر سلطنة عمان أي اضطراب بالمهرة بأنه يشكل خطرا على أمنها القومي نظرا لأنها حدودية معها. وترتبط كذلك السعودية بحدود مع المحافظة لكنها أقل من مسقط.
عام على إقصاء الشيخ الحريزي من محافظة المهرة.. ما الذي تغير؟
بحلول يوم أمس الأحد يكون عام كامل قد مر على قرار تغيير الشيخ علي سالم الحريزي من موقعه كوكيل لمحافظة المهرة لشؤون الصحراء. صدر القرار العام الماضي في مثل هذا اليوم من هادي الذي استبدل الحريزي بشخصية أخرى. وجاء صدور القرار عقب تصدر الشيخ الحريزي للجموع الشعبية التي تطالب بوضع حد للسلوك السعودي في محافظة المهرة بعد أشهر من وصول قوات سعودية للمهرة.
وعمل الحريزي في منصبه بقرار للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وظل فيه لسنوات، إضافة لعمله في القوات المسلحة كقائد لكتيبة عسكرية تتولى حراسة الحدود اليمنية المتصلة بالحدود السعودية.
كان قرار إقالة الحريزي من موقعه أعلى تصعيد للنظام السعودي في وجه من وقفوا بطريقها منذ وصولها المهرة، وتبعه قرارات أخرى أقيلت على ضوئها شخصيات أخرى من المهرة، مثلما سبقه إقالة العديد من المسؤولين الذين تعتقد السعودية أنهم لن يعملوا ضمن دائرة أجندتها كالمحافظ السابق محمد علي كدة والذي أكد هذا الأمر .
ويعد الحريزي أحد أبرز الشخصيات الاجتماعية في محافظة المهرة، ويحظى بتأييد واسع في المحافظة، قبليا وشعبيا وأدى قرار إقالته إلى تفرغه التام لقيادة الاحتجاجات المناهضة للوجود السعودي وأتاح له التفرغ لهذه المهمة واستطاع أن يحقق الكثير خلافا لما كان يعتقد بتأثره بهذا القرار.
بعد عام من قرار إقالته تمكن الحريزي ومن معه من مشايخ المحافظة ووجهائها من تغيير المعادلة فقد أدت الاحتجاجات التي نظموها في المهرة إلى تعزيز خطورة التواجد السعودي في المهرة، وتأكيد صوابية ما رفعه هؤلاء من فساد وعبث بالمال العام لمحافظ المهرة الحالي راجح باكريت.
توسعت رقعة الاحتجاجات بدرجة كبيرة في محافظة المهرة وشهدت المحافظة تغيرا نوعيا في هذا السياق وصل حد تنظيم الاعتصامات المتزامنة أمام المعسكرات السعودية مباشرة مثلما حدث الأسبوع الماضي حين نظم أبناء المهرة اعتصامات أمام خمسة معسكرات في أكثر من مديرية وتعرض المعتصمون لضرب النار بشكل مباشر من تلك القوات.
كان لافتا هذا النوع من التصعيد إذ إنه يضع القوات السعودية في مأزق ويجعلها في واجهة الرفض المباشر من السكان ويؤكد رفضها شعبيا بعكس ما تدعيه الآلة الإعلامية المحلية التابعة للمحافظ باكريت وللمملكة السعودية بوجود قبول لها في المهرة.
عززت الاعتصامات الشعبية حضورها الجماهيري أيضا بوصولها لأكبر الشرائح في المهرة وانضمام شخصيات جديدة لها، وهو ما دفع السعودية لمنع دخول حاملي جنسيتها من أبناء المهرة إلى المحافظة عبر المنافذ الرسمية مخافة انخراطهم مع المعتصمين في مناوئة بقائها داخل محافظتهم.
كما رفع المعتصمون درجة التصعيد الشعبي والنوعي بشكل أرفع عندما نظموا وقفات احتجاجية أمام المنافذ البرية للمهرة كما حدث أمام منفذ صرفيت عندما بقي المعتصمون هناك لأكثر من ثلاثة أيام بلياليها معلنين رفضهم للتدخل السعودي في المنفذ وأسفر عن ذلك توقف القوات السعودية عن تدخلها.
بل إن قرار إقالة الحريزي أكد فشل السعودية وقواتها في محافظة المهرة فعقب قرار الإقالة سربت تلك القوات مذكرة من قيادة التحالف تطالب بالقبض على الحريزي وتحت ضغط الشعبية الجارفة للحريزي في المهرة سارعت قيادة قوات التحالف لإعلان عدم صلتها بتلك المذكرة عقب دخول الحريزي في موكب شعبي إلى مدينة "الغيضة" عاصمة المحافظة.
لقد كشف قرار الإقالة أيضا كيف تتعامل السعودية مع مختلف المسؤولين الحكوميين والشخصيات الاجتماعية التي تعارض أجندتها في المحافظات اليمنية وداخل الحكومة، وكيف تسعى لإبعادهم من مناصبهم مع كل موقف معلن يقف في وجهها. وتعكس هذه التطورات كيف فشل القرار السعودي بتقزيم الدور الذي اضطلع به الحريزي منذ قرار إقالته وكيف ساهم خروجه من منصبه الرسمي في تفرغه للاحتجاجات الشعبية، وتمكنه من تطويق الأجندة السعودية، وتحجيم الدور الداخلي للسلطة المحلية.
بل إن تلك الاحتجاجات بتمسكها بسلميتها وصمودها أمام مختلف وسائل الترغيب والترهيب التي استخدمتها السعودية في المهرة استطاعت أن توصل قضية المهرة إلى الوسط المحلي والرأي العام الدولي بعد أن ظلت مغيبة عن الجميع، وخلال عام ظهر الحريزي متحدثا وشارحا للوضع في المهرة في عدة وسائل محلية وأجنبية وأبرز الواقع الذي تعيشه وتصرفات وأجندة القوات السعودية هناك.
وأدى تفرغ الحريزي لقيادة الاحتجاجات المناهضة للوجود السعودي والمطالبة بالسيادة اليمنية على المهرة إلى ظهور الطرف المحلي المؤيد للقوات السعودية في المهرة أكثر هشاشة، وتعززت جدية المطالب التي يرفعها المعتصمون وبانت مصداقيتها أكثر، من خلال تأكد عملية الفساد التي يمارسها محافظ المهرة، ومخاطبة عدة جهات حكومية بالتحقيق معه بقضايا فساد مالية ومخالفات إدارية كان المعتصمون قد رفعوها في مختلف الاعتصامات التي نفذوها.
وساهم وجود الحريزي في صدارة الشخصيات التي تقود الاحتجاجات المناوئة للسعودية في المهرة إلى تطويق التمدد السعودي في المحافظة باستثناء بعض الخطوات التي تنفذ بخجل شديد وسقوط الدعايات التي بثها إعلام الطرف الآخر حول الحريزي ومن معه من المحتجين باعتبارهم متورطون في عملية تهريب السلاح والمخدرات في المهرة وخارجها.
إن عاما كاملا يمر على قرار إقالة الحريزي يكشف في جردة حساب سريعة ما حققه الرجل والوضع الذي وصل إليه خصومه في المهرة وهي تجربة جديرة بالوقوف أمامها ونموذج يستحق التكرار والاستنساخ في محافظات أخرى تتواجد فيها القوات السعودية والقوات الإماراتية أيضا.
المزيد في هذا القسم:
- «الوساطة» السعودية لا تفلح: تصعيد متواصل بين حكومة هادي و«الانتقالي» ! المرصاد نت - لقمان عبدالله على رغم الجهود المكثّفة التي يبذلها المسؤولون السعوديون للتقريب بين حكومة الرئيس هادي و«المجلس الانتقالي الجنوبي» فإن المعلومات الم...
- بعد التآمر على تدميرها.. “حكومة هادي” تحيل طيران اليمنية إلى التقاعد وهذا هو البديل المرصاد-متابعات قال رئيس مجلس إدارة طيران الإسكندرية المصرية، هاني عثمان، “إن طيران الإسكندرية سوف يدشن أولى رحلاته المباشرة “القاهرة ـ عدن ـ س...
- إنجازات هادي والعدوان في تدمير الأقتصاد الوطني المرصاد نت - متابعات الدمية هادي ومن خلفه تحالف العدوان بقيادة أمريكا منذ بداية عدوانهم استهدفوا البنك المركزي بهدف تعطيله عن العمل من خلال أجراءات قاموا بها ...
- اليمن.. التحالف يعلن شن غارات جديدة وأنباء عن سقوط عشرات القتلى المرصاد-متابعات أعلن التحالف عن تنفيذ 28 عملية جديدة في اليمن، مشيرا إلى أن العمليات استهدفت الحوثيين في مأرب، في حين تحدث الحوثيون عن سقوط العشرات بين قتيل وج...
- المستشار السياسي لرئيس الجمهورية صالح الصماد لـ«الجمهورية»:معالجة القضايا الوطنية تبدأ ببن... قال المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الإستاذ صالح الصماد في مقابلة أجرتها صحيفة ” الجمهورية ” أن بعض القوى الداخلية والخارجية التي تضررت من ثورة الـ21 من سبتمبر...
- النازحون في تعز من الموت قتلاً الى الموت جوعاً المرصاد نت - متابعات يعيش النازحون اليمنيون في مدينة تعز أوضاعا انسانية صعبة فرضت عليهم العيش بالعراء.. ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة في أماكن نزوحه...
- لماذا همشت دول العدوان هادي وحكومته ؟ المرصاد نت - رآي اليوم القى جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية قنبلة شديدة الانفجار في بركة الازمة اليمنية الملتهبة عندما اعلن في ختام مباحثاته م...
- " الخمري " تحت حصار الحوثيين .. في أعنف المواجهات على الإطلاق.. ضيق مقاتلوا أنصار الله " الحوثيين " الخناق على منطقة الخمري التي يتمركز فيها حسين الأحمر ومسلحية وتعد معقل ال الأحمر .. حيث يسيطر مقاتلوا انصار الله على ثلاث ...
- توتّر في سقطرى بعد التعزيزات الإماراتية... وغريفيث يواصل «استطلاعاته» المرصاد نت - متابعات يتجدد التوتر بين الإمارات وحكومة هادي من بوابة سقطرى بعدما تجاوزت الأخيرة ــ على ما يبدو ــ الخطوط الحمر التي ارتفع بموجبها الحظر عن عودت...
- السياسي الدكتور ناصر العرجلي: وحدة الجبهات الوطنية لتحقيق الاستقلال دليل على وحدةالهدف و... حوار / أسماء حيدر البزاز الصراعات أهدرت النضالات الثورية ويجب على القوى السياسية ردم الماضي وإعادة رؤيتها المستقبلية ينبغي على اليمنيين الاستفادة من ال...